عقدة الإسلام فوبيا

 

حسن سعيد الدبعي
جاءت مجزرة الإرهابي الأسترالي على مسجدين في نيوزيلندا التي خلفت حوالي 51 قتيلاً و34 جريحاً وهم يصلون الجمعة لتعيدنا إلى الوراء مسافات كبيرة حيث العنف والعنف المضاد في حين تتداعى أصوات من هنا وهناك مطالبة بحوار بين الأديان والتسامح الديني، فالإرهاب لم يكن بضاعة إسلامية كما تروج له الدوائر الغربية والأمريكية ومن دار في فلكهما من الأنظمة العربية التي باتت تسوق ضد الإسلام أكثر من الغرب والصليبيين مع الأسف، الإرهاب لا دين له ولا ملة وإنما هو آفة ابتلى بها العالم كعقاب على السياسات الخاطئة التي تمارس ضد الشعوب والهيمنة على مقدراتها بصلف وغرور وتعالٍ ووظفت الأديان لتكون مرجعية لهذه المظالم ونعرف نحن أن الأديان السماوية لم تكن داعية لظلم الإنسان لأخيه الإنسان وانما هي وسائط رحمة وتعايش بين بني البشر بمختلف أديانهم ومللهم وأجناسهم ولغاتهم مستظلين برحمة الله التي تشمل وتعم الجميع.
إذن فمجزرة الجمعة الماضية في نيوزيلندا هي تأكيد على أن ثقافة الكراهية ضد الإسلام تشتغل بويترة عالية في الأوساط الغربية وتعري الدوائر الغربية التي توصم المسلمين بالإرهاب أنها هي من تغذي الإرهاب في العالم وأعطى دليلاً واضحاً هنا على أن الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها من دول المنطقة هي من أرست مداميك الإرهاب وفرضت تنظيمات عدة ممولة من لدنها من هو الذي حشد المقاتلين من المسلمين لمحاربة النظام الشيوعي في أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي ومن استغل حماس الشباب المسلمين الذين اندفعوا لمحاربة الشيوعية وسلحهم أليست أمريكا والسعودية وبعض دول المنطقة ولما أتموا مهمتهم في أفغانستان وهموا بالرجوع إلى بلدانهم وجدوا الأبواب مغلقة في وجوههم بل وتم إيداع معظمهم في السجون بدلاً من ادماجهم في مجتمعاتهم مما ولد ردة فعل عنيفة ضد أمريكا وحلفائها واعلنوا حرباً عليها بقناعة أنهم ضحايا غدر وخيانة وأن مستقبلهم بات على كف عفريت فأعلنوها حرباً دينية لا تفرق بين أحد من بني البشر بل أعلنوها صراحة أنهم يخوضون حربا بين الإسلام والكفر مشبعين بعقائد قتالية تمرسوا فيها على جبال أفغانستان الوعرة.
وكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م أول ضربة قاصمة لقوى الكفر والاستعلاء كما يقول المهاجمون وبعدها واجه العرب والمسلمون العديد من المشكلات في الغرب من مشكلة الاندماج في هذه المجتمعات والتكيف مع الثقافة الغربية بما فيها العلمانية النظام المطبق في كل هذه الدول التي باتت تطالب المهاجرين إلهيا إعادة صياغة الإسلام عقب انفصاله عن ثقافته الأصلية بينما هذه الدول تعتبر نفسها منزهة تماماً من عقدة التعصب الديني وترمي الإسلام بمختلف التهم وتتخوف من انتشاره في مجتمعاتها حيث لاحظت أن الكثير ممن ينتسبون إلى القاعدة وداعش انما هم مواطنون أوروبيون وأمريكيون وفرنسيون وألمان وهذا يعني أن السحر انقلب على الساحر اما الإسلام فهو بريء مما يفعل المجرمون.
إن قضية المهاجرين العرب والمسلمين في الغرب تشكل هاجساً كبيراً للكثير من المهتمين والباحثين الذين يطرحون هذه الهواجس ومستقبل هؤلاء كمواطنين جدد في البلدان الأوروبية ومسألة الاندماج والهوية والثقافة الخ… والحقيقة إن هذه النظرة ذات ابعاد متداخلة لكنها تم اعطاؤها حجماً أكبر مما تستحق بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م فهؤلاء يعتبرون مواطنين في الغرب ويخضعون للقوانين السائدة في بلد الإقامة لكنهم يطلبون فقط أن تحترم ثقافتهم في هذه البلدان التي تعتبر نفسها ديمقراطية وعدم فرض قيم عليهم قد تكون قامعة لثقافتهم كمنع الحجاب مثلاً، فالتوجس ليس له مبررات تذكر إذا ما قسنا بالتقارب والتفاعل الذي يقدمه العدد الأكبر من المواطنين العرب والمسلمين في الغرب، ولذلك من المهم أن يكون الاقتراب أكثر من هذه الجاليات أو الأقليات المسلمة حتى يمكن ابعاد التوجس والإسلامفوبيا التي بدأت تطل برأسها في الغرب ويساهم اللوبي الصهيوني في تغذيتها لأهداف لا تخفى على المتابع الحصيف.. وعندما يدافع العربي أو المسلم في هذه المجتمعات على قيمه وثقافته سرعان ما يجد التهمة جاهزة أمامه “إرهابي” وأنا اجزم هنا وأقولها بالفم المليان أن الإرهاب الحاصل في عالمنا اليوم هو بضاعة أمريكية أوروبية مدعومة من أنظمة تنتمى إلى الإسلام بالاسم بينما هي خنجر مسموم في ظهر ديننا الحنيف.

قد يعجبك ايضا