أنشطة داخلية ومشاركات خارجية كسرت العزلة التي فرضتها جارة السوء

الشباب والرياضيون .. صمود أسطوري في وجه العدوان

 

الثورة/ خالد النواري

مرت أربعة أعوام من الصمود الأسطوري في وجه العدوان الغاشم بقيادة مهلكة آل سعود على بلد الإيمان والحكمة وشعبه الصابر والصامد الذي وقف شامخاً أمام آلة الحقد والتدمير التي طالت البشر والشجر والحجر.
ونحن ندلف العام الخامس من العدوان البربري يتواصل القصف الوحشي والتدمير الممنهج للبنى التحتية والمنشآت الخدمية والحيوية وإزهاق الأرواح البريئة من المدنيين الذين طالهم العدوان وهم آمنون في منازلهم وتم انتشالهم من تحت الأنقاض في مأساة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً.
أربعة أعوام لم يتوقف فيها طيران العدوان عن ارتكاب الجرائم الوحشية واستخدام القنابل التدميرية الفراغية والعنقودية المحرمة التي أهلكت الحرث والنسل وأحدثت دماراً هائلاً في التجمعات السكانية وألحقت أضراراً بالغة في البنى التحتية والمقرات الحكومية ومنازل المواطنين وتسببت في استشهاد الآلاف من المدنيين الأبرياء وفي مقدمتهم الأطفال والنساء الذين تصدروا قوافل الشهداء ، وهو ما يكشف بجلاء هوس وجنون آل سعود الذين سعوا منذ الوهلة الأولى لتدمير كل مكتسبات ومقدرات الشعب اليمني وطمس هويته وحضارته وموروثه التاريخي والثقافي الممتد لآلاف السنوات وتعمد إلى إلحاق الضرر بكل سبل الحياة ومقومات البقاء على التراب اليمني عبر تدمير المرافق الخدمية من مدارس ومستشفيات وملاعب وحدائق وطرق وجسور ومصانع ومزارع وغيرها من المنشآت التي طالها العدوان.

ورغم الإمكانات الهائلة والأسلحة الفتاكة التي تمتلكها دول العدوان إلا أن الصمود اليمني غيَّر المعادلة ومرَّغ أنوف المعتدين في التراب وكسر غرور آل سعود من خلال نقل المعركة إلى داخل العمق السعودي الذي بات مسرحاً لمواجهات مفتوحة داخل الأراضي اليمنية المحتلة في نجران وجيزان وعسير التي تحولت إلى مقابر جماعية لمن تبقى من الجيش السعودي الفرَّار ومرتزقتهم ممن باعوا أنفسهم للشيطان مقابل ثمنٍ بخس من المال المدنس بالعمالة والخزي والعار.
الصمود اليمني شكل مفاجأة صادمة للعالم حينما تصدى للعدوان بإمكاناته الذاتية ورفض الاستسلام والخنوع أمام العدوان وفضَّل الموت على الانكسار والعودة تحت الوصاية السعودية ، كما استبسل اليمنيون في الذود عن أرضهم وترابهم الطاهر وتشبثوا بها في الوقت الذي كان المعتدون يجهزون مخيمات للنازحين لكن أحلامهم تلاشت وتحولت إلى سراب حينما حدث العكس وتسابق أبناء الوطن في المهجر للعودة إلى أرض الوطن رغم العدوان والقتل والتدمير مجسدين عنفوان الشعب اليمني وكبرياءه وشموخه.
وكان الشباب ولا زالوا إيقونة التحدي وعنوان الصمود والاستبسال أمام آلة القتل والتدمير الذي طال كل ساكن ومتحرك على الأرض اليمنية التي تخضبت بالدم الطاهر الذي تحول إلى حبر يحكي قصة شعب أسطوري تفوق على قوى الكبر والغطرسة.
جيل الحاضر وقادة المستقبل كانوا عند مستوى التحدي واستشعار حجم المسؤولية حينما حملوا على عاتقهم مهام الذود عن حياض الوطن فافترشوا الأرض والتحفوا السماء واتخذوا من الثكنات والثغور مساكن لهم للتصدي لمخططات العدوان وتلقينهم دروساً في التضحية والفداء.
وكونهم الشريحة الأكبر حجما والأكثر سواداً في المجتمع فقد تسابقوا في مختلف ميادين الصمود سياسياً وعسكرياً وثقافياً ورياضياً واجتماعياً فتنوعت أنشطتهم التي صبت في مجملها ببوتقة واحدة عنوانها الالتفاف حول اليمن الواحد الذي تكالبت عليه قوى العدوان محاولة النيل من وحدته واستقراره ومكتسباته.
وفي ظل الإدراك والوعي بحجم المؤامرة التي حيكت تحت جنح الظلام ومآلات العدوان الممنهج للوطن ومقدراته ، انبرى شباب الوطن ليشكلوا ملحمة وطنية للوقوف أمام هذه الهجمة البربرية الشرسة والتسابق في ميادين الجهاد والعلم والثقافة والرياضة للتأكيد على صوابية القضية وبطلان مشروع العدوان وأعوانه ومرتزقته.
وكان لسان حال أبناء الشعب وفي مقدمتهم الشباب والرياضيون (لن ترى الدنيا على أرضي وصيا) ولن يسمح اليمنيون بتنفيذ مآرب قوى العدوان وأجندتهم المشبوهة التي تهدف إلى إركاع شعبنا العظيم ، وسيظل اليمن قوياً وموحدا وعصياً أمام كل المحاولات التي تستهدف أمنه واستقراره.
وبالرغم من الاستهداف الممنهج للمنشآت الرياضية من قبل العدوان منذ الوهلة الأولى للعدوان إلا أن النشاط الشبابي والرياضي استمر كأحد عناوين الصمود والتحدي للمعتدين، حيث تعرضت المنشآت الرياضية للعدوان ليكشف زيف ادعاءاته ، مؤكداً أن الهدف الحقيقي يتمثل في تدمير مقدرات الشعب من مؤسسات ومصانع ومستشفيات وطرق وجسور وملاعب وأندية رياضية ، حيث تم قصف استاد 22مايو الدولي بمديرية الشيخ عثمان بعدن وإلحاق أضرار بالغة بالملعب الذي كان يصنف كواحد من أجمل الملاعب اليمنية ويحتل مساحة كبيرة في ذاكرة الشباب والرياضيين باعتبار أنه احتضن منافسات بطولة خليجي التي أقيمت في بلادنا بمدينة عدن خلال الفترة (22 نوفمبر – 5 ديسمبر)2010م وبلغت تكلفة إعادة تأهيل الاستاد عشرة مليارات ريال.
كما تم قصف نادي اليرموك وتدمير نادي الصقر بتعز وملعبه المعشب بالنجيل الصناعي وصالته الرياضية المغلقة ، وقصف ملعب 22مايو والصالة الرياضية بإب ، كما تم استهداف استاد الوحدة الدولي بأبين الذي تم تشييده بتكلفة 13 مليار ريال ضمن مشاريع بطولة خليجي 20 ، وطال العدوان ملعب الحبيشي بعدن الذي يعد أقدم الملاعب في الجزيرة العربية حيث تم تشييده عام 1905م في عهد الاستعمار البريطاني تحت مسمى الملعب البلدي ، بالإضافة إلى قصف ملعب معاوية بلحج وملعب الضالع الرئيسي وتضرر ملعب نادي وحدة صنعاء من القصف الذي طال عدداً من أحياء منطقة حدة والسبعين وعطان ، وقصف الصالة الدولية المغلقة بصنعاء والتي كانت تشكل درة المنشآت الرياضية في بلادنا ، بالإضافة إلى صالة كرة الطاولة والمسبح الأولمبي بمدينة الثورة الرياضية ، وأقدم العدوان السعودي على قصف مبنى المركز الفني لكرة القدم الذي تم تشييده ضمن المرحلة الثانية من مشروع جول بتكلفة مليونين وخمسمائة ألف دولار وتمويل مشترك من الاتحاد الدولي لكرة القدم بمبلغ ستمائة وخمسين ألف دولار وصندوق رعاية النشء والشباب بمبلغ مليون وثمانمائة وخمسين ألف دولار ، بالرغم من أن المبنى كان حديث النشأة ولا يوجد فيه أي مظاهر مسلحة.
ومع استمرار قصف المنشآت الشبابية والرياضية في مختلف المحافظات بدا أنها باتت تحتل صدارة الأهداف العسكرية حيث طالت همجية القصف والتدمير أغلب البنى التحتية للقطاع الشبابي والرياضي من صالات مغلقة وملاعب رياضية معشبة وبيوت شباب وأندية رياضية ومكاتب شباب ورياضة والتي تكاد تكلفتها تقترب من المليار دولار في محاولة واضحة لكسر إرادة الشباب والرياضيين وإجهاض أحلامهم في مزاولة أنشطتهم ومسابقاتهم ، إلا أن شباب الوطن حطموا رهان العدوان وتغلبوا على كل المعوقات من خلال الاستمرارية في الأنشطة والمسابقات المختلفة التي كسرت العزلة التي حاول العدوان فرضها وتجاوزت كل المعوقات التي أوجدها ، حيث عمد الشباب إلى إعادة الحياة للمنشآت المدمرة وتنظيف ساحاتها من مخلفات القصف وإعادة الحياة إليها من جديد بمزاولة النشاط الشبابي والرياضي في رسالة قوية تؤكد الصمود في وجه العدو محطمين كل الهواجس الأمنية وتجاوز مخاوف التحليق المكثف لطائرات العدوان التي أصبحت أمراً اعتيادياً يرافقها إقامة المباريات والمسابقات في أجواء رياضية مفعمة بروح التحدي والإباء.
ولم يقتصر الحضور الشبابي والرياضي على المسابقات المحلية في زمن العدوان ، بل تجاوز كل المعوقات التي أوجدها التحالف الكوني من خلال الإصرار على الحضور في مختلف البطولات والتجمعات الشبابية والرياضية عربياً وآسيوياً وتحقيق نتائج إيجابية جسدت الإبداع اليمني من روح المعاناة في ظل الحرب والحصار والقصف والتدمير وإزهاق الأرواح البريئة ، ولم يكن حضور شباب الوطن في المحافل الخارجية لمجرد تسجيل المشاركة بل تجاوز ذلك إلى المنافسة وحصد نتائج إيجابية أبرزها تأهل المنتخب الوطني الأول لكرة القدم إلى النهائيات الآسيوية للمرة الثانية في تاريخه ، بالإضافة إلى مشاركات إيجابية في بعض الألعاب الفردية.
كما شهدت الساحة الرياضية حراكاً شبابياً فاق التوقعات وكان له وقع كبير لدى قوى العدوان التي أصيبت بالصدمة وخيبة الأمل وهي تشاهد شباب الوطن يحملون راية التحدي بعنفوان وشموخ غير مبالين بآلة الفتك والتدمير.
وبالرغم من الإمكانات المحدودة فقد تسابقت عدد من الاتحادات والأندية الرياضية في إقامة الأنشطة والمسابقات واستقطاب النجوم والمبدعين الذين وجدوا ضالتهم في إفراغ طاقاتهم وصقل مهاراتهم وإمتاع الجماهير التي واكبت تلك الفعاليات تحت شعار الصمود ومقارعة العدوان ، لتشكل الملاعب الرياضية مزاراً للشباب والمهتمين والمتابعين وهو ما أكسبها أهمية كبيرة خاصة أنها باتت لوحة ناصعة في إثبات الوجود وأحد جبهات الصمود في وجه العدوان الذي فشل في كسر إرادة الشعب اليمني.

قد يعجبك ايضا