أربعة أعوام من الموت والحياة !

عبد العزيز البغدادي
أربعة أعوام من الموت والحياة لم تمر ولكنها رسمت في الذاكرة وكتبت بدماء الشهداء في بطون أودية اليمن وجبالها وسهولها وصحاريها وكل شبر فيها ، كتبت ومرت ومع مرور كل يوم وكل شهر وكل عام زادت وتزداد حالة الصمود والإيمان ويكبر اليقين بالنصر، وتتكشف الحقائق ومعادن الرجال ، الذين يمتلكون كل هذا اليقين بانتصار الدم على السيف ، وحاشا لله أن يخلف وعده المتواصين بالحق والصبر .
أربعة أعوام من الإباء والشموخ والعظمة يسجلها أبطال الجيش واللجان الشعبية بصبرهم وعرقهم وعنفوان تحديهم ليس فقط للأتباع وإنما للمتبوعين المتخفين خلف كل الغباء والتصحر الذي ارتضاه التابع لنفسه بأن يكون أقذر أداة لأقذر عدوان لا نقول سيسجل في تأريخ البشرية وإنما هو عدوان تمت كتابته بالفعل في الوجدان والضمير العالميين ، ولا تستطيع كل مشاريع التزوير والتضليل محوه أو تحويره بأدوات السياسة المضلِّلَة التي تحكم العالم الغارق في محيط الضلال والقائم على تزوير الحقائق ونهش لحوم البشر باسم السياسة وما يسمونه لغة المصالح ، وهم يعلمون أن للمصالح وجهين وجهٌ ترى فيه صورة الإنسان الطبيعي الذي يرى مصلحته ورقة خضراء ضمن شجرة الإنسانية التي لابد للإنسان كي يكون إنساناً ان يدرك واجبه ودوره في رعايتها وحمايتها من أن تقتلع أو تجف وحينها ستجري المصلحة العامة في عروقها وينعم الجميع بثمارها ، هذه هي المصلحة المشروعة التي يتوجب على الجميع الحديث عنها ووضعها موضع الإحترام والتقدير أي التي يرى فيها الإنسان نفسه ورقة في شجرة الإنسانية .
أما أن يرى الإنسان نفسه كل الشجرة كأن يفكر شخص أناني أو عائلة أو حزب أو جماعة في تسخير معاناة الناس بل وموتهم حفاظاً على ما يدعي أنها مصلحته أو يزعم ويتخيل أن أشرار العالم يقتلون اليمنيين طوال أربع سنوات من أجل شرعيته الوهمية التي هندسوا لاختطافه ووضعه في قفص استثمار العدوان والمجازر فهذا هو الخطر الذي يتهدد بقاء الإنسان ويسوق الإنسانية إلى هاوية سحيقة ، وهو ما يصدق على الأنانية السلبية سواءً كانت من فرد داخل مجتمع أو من دولة في إطار المجتمع الدولي ،
ومع كل هذا أكاد أجزم أن ما جرى ويجري على اليمن منذ 26/ 3/ 2015 لا يستطيع شعب من شعوب الأرض تحمله وذلك بفضل جهود وتضحيات رجال لهم قلوب تسع الأرض كل الأرض لارتباطها بخالق الأرض والسماء وإيمانها بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة وهذا السر قلَّ من يملكه وهم المتشبعون بهذا الارتباط.
والغريب أن هذه الأرض الطيبة قد أنجبت إلى جانب هؤلاء العظماء النقيض من البشر الذين استغل العدو الجشع وظروف ضعف إيمانهم فزرع في نفوسهم الوهم والوهن وحبب إليهم البغضاء وعبأهم بالحقد والضغائن ثم ساقهم إلى منزلق خطير لا ينجو منه إلا من حاول مراجعة ضميره ومكاشفة نفسه وتحلى ببعض شجاعة مواجهة الحقائق.
أربع سنوات صارت أمامنا صفحة ناصعة من الفخار المملوء بالتواضع والعظة ،صارت أمامنا للعبرة والحساب ولكنها لا ولن تعيق مضينا نحو تحقيق الأهداف التي ضحى من أجلها أنبل الرجال وأزكى الأرواح ، الأهداف المتمثلة في الحرية والاستقلال والسيادة التي فرط فيها بعض المحسوبين على هذا الوطن المعطاء ،
بهذه الروح تنمو عزائمنا مع مرور الوقت وباشتداد المحن تتسع بصيرتنا ويتعاظم صمودنا ويتجدد ويكبر ويكبر معه النصر لأننا شعب على الله توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير ،
ولابد من القول بأن كلما يجري في اليمن من قتل وتدمير وخراب من 26/ 3/ 2015 تتحمل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وكل من ساهم في محاولة شرعنة العدوان وغض الطرف عن الجرائم والبشاعات على مدى الأربع السنوات، أوصمت عنها سوف يتحمل كامل المسؤولية القانونية والدينية والأخلاقية والأدبية مهما ظن أن صمته أو مخاتلته أو تدليسه يمكن أن يبعده عن المسؤولية فالوعي الإنساني يتزايد ضد الإجرام الذي يتلبس بأشكال اللبوس المختلفة ومهما طال الليل لا بد أن ينجلي .
دمُ الشهيد يُعَلِّمنا
ويضحك من خوفنا
يتحدى صلافتهم
ويسخر من بجاحتهم والغرور
يتلو علينا سورة الفجر والقارعة
يكتب النصر في جبهة الصادقين مع الله
ويلعن كل عميلٍ وكل مخادعْ
أو سارق للدماء
فاحذروهم
وارفضوا من يرى في السياسة سوقاً
إليه تشد الرحال .

قد يعجبك ايضا