"الثورة" تلتقي مسؤولي وزارتي الصحة والمياه

وباء الكوليرا يسجل مليوناً و450 ألف إصابة ويقتل 2900

الثورة / أحمد السعيدي
في ظل ما يعانيه الشعب اليمني من عدوان غاشم يدخل عامه الخامس وحصار خانق كدر حياتهم تزداد اليوم معاناتهم بتفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة بعدما تلاشى لفترة وها هو اليوم يعود بشراسة ليحصد الأرواح ويهدد حياة ملايين اليمنيين ويبلغ هذه الأيام ذروته بتسجيل نسبة اصابة كبيرة مقارنة بالعام الماضي وتكتظ المستشفيات بالمرضى وتزداد الاحتياجات الطبية في ظل صمت اممي مخز ودور منظماتي محدود..
“ٹ” في هذا التقرير عبر مسؤولين في وزارتي الصحة والمياه تستعرض الارقام المسجلة منذ تفشي هذا الوباء وايضاً الحلول والخطط التي قدمتها الجهات الحكومية لمكافحة هذا الوباء ، فإلى التفاصيل:
ناطق وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري تحدث لـ”الثورة” عن الارقام المخيفة منذ انتشار هذا الوباء القاتل وقال: لمن لا يعلم فقد دخلت الكوليرا مرحلة الموجة الثالثة ابتداء من العام 2019م فالموجة الأولى كانت في 27 ابريل 2017 والموجة الثانية في اغسطس 2018م وهذه الموجة الثالثة وللأسف الشديد بدأت باكراً ونحن في فترة برد والمفروض تقل نسبة الاصابة بالكوليرا مع عدم وجود أمطار وقد تم في هذه الموجة ابتداء من 1/1 /2019 رصد أكثر من تسعين ألف حالة إصابة واشتباه توفيت منها 120 حالة.
وأضاف: وتلك الارقام ونحن لم ندخل بعد الموجة الثالثة باعتبار أن موسم الأمطار لم يأت بعد فبمجرد أن يأتي موسم الأمطار والوضع كما هو عليه من تدمير البيئة المائية والصرف الصحي لأنها الاسباب الرئيسية الكوليرا وهي عدم وجود مياه آمنة واختلاط مياه المجاري مع مياه الشرب والمطاعم غير المراقبة ومياه الآبار ونحن في وزارة الصحة نعالج فقط النتائج أما الاسباب فهي على وزارة المياه ووزارة الاشغال والبيئة والمجالس المحلية الذين يجب عليهم القيام بدورهم على أكمل وجه رغم صعوبة ذلك بسبب تدمير البنية التحتية والمائية جراء الحصار والعجز المالي.
وتابع: كما يجب على الشركاء من المنظمات كاليونيسف ان يقوموا بدورهم وينفذوا الشيء الذي يجمعون الاموال من الخارج من اجله، فهم من يحذرون بأن في اليمن مأساة صحية وطبية لكي يجمعوا الاموال التي لابد ان تذهب الى مسارها الصحيح وهي مكافحة الكوليرا.
وكشف ناطق وزارة الصحة د. يوسف الحاضري عن إجمالي الإصابات بالكوليرا في اليمن منذ موجتها الأولى، وقال: وصل عدد الذين تمكن منهم الكوليرا منذ بداية انتشاره في 2017 الى مليون وأربعمائة وخمسين الف حالة اصابة واشتباه توفي منها الفان وتسعمائة حالة حتى الآن ونحن في وزارة الصحة نعالج النتائج فلدينا اكثر من 450 مركزاً وأماكن معالجات في كل مديريات اليمن بلا استثناء.
احتياجات عاجلة
وبالنسبة للاحتياجات قال الدكتور الحاضري: من الطبيعي مع زيادة الحالات تزداد الاحتياجات، فمثلاً في مستشفى السبعين اضطررنا امس وقبل امس إلى اخراج أسرَّة للأطفال المصابين داخل الخيام لكي نتمكن من استقبال الحالات فهم يستقبلون يومياً كما حدثتنا مديرة المستشفى ماجدة الخطيب اكثر من 80 حالة، وتقوم المنظمات بتوفير الأدوية ومحاليل الارواء وتقوم الوزارة ايضا بتوفير الطواقم الطبية في جميع المراكز والذين يعملون على مدار الساعة ويقدموا الخدمات مجاناً.
وأضاف: ولكن إلى متى سنظل نعالج النتائج لابد من مكافحة الأسباب، فعلى جميع الجهات القيام بدورها ويجب علينا في وزارة الصحة التوعية حول كيفية حماية الفرد نفسه بالغسيل واستخدام المياه الآمنة ووزارة المياه والمجالس المحلية يتحركون في الميدان وقد قاموا في الايام الماضية بإغلاق آبار وكلورة المياه وتنفيذ خطة الاصحاح البيئي ولا يوجد هناك تقصير لكن نأمل منهم التحرك والعمل اكثر والضغط على المنظمات اكثر ليبذلوا اقصى جهدهم في هذا الجانب للحد من هذه الموجة الثالثة ليتحقق بذلك الحفاظ على حياة عدد كبير من ابناء الشعب.
رسائل سريعة
ناطق وزارة الصحة د. يوسف الحاضري وجه عبر “الثورة” رسائل للمواطنين قائلاً:”رسالتنا التوعوية عبر صحيفتكم الرسمية انه يجب على المجتمع اليمني أن يدرك بأن بالوعي يستطيع أن يحمي نفسه من أي مرض والكوليرا تحديداً عبر النظافة التي يحثنا الدين الاسلامي عليها وغسل اليدين دائماً بالماء والصابون والتركيز دائماً على مصادر المياه التي يستخدمها لتكون آمنة ويستخدم الكلور واذا لا يوجد كلور فكمية قليلة من الكلوركس وهذه الرسائل التي نبثها دائما عبر الصحف والقنوات والاذاعات والنشرات ومواقع التواصل الاجتماعي ليتم اخذها بعين الاعتبار وألا يتعاملوا معها بهزل ولا مبالاة”.
وزارة المياه
وبالانتقال الى وزارة المياه ودورها في مكافحة الكوليرا والإجراءات التي تتخذها قال مدير مكتب وزير المياه / احمد الصلوي: نعلم جميعاً ان الكوليرا أحد الأوبئة التي تجتاح الدول والشعوب من دون حواجز، والتي تنتشر بسرعة كبيرة وتحصد الملايين، وتعتبر الهند الموطن الأصلي لهذا الوباء ومنها انتشرت إلى باقي أرجاء العالم حتى وصلت بلادنا وانتزعت ارواح اليمنيين.
أسباب الوباء
وأضاف: و يصاب الإنسان ببكتيريا الكوليرا عبر المياه الملوثة التي تعتبر العامل الأكبر لانتقال البكتيريا، إذ ترجع نسبة 90 % من الإصابات للمياه الملوثة، و10 % للطعام الملوث، ويمكن إجمال أهم الأسباب المؤدية للإصابة في شرب الماء أو تناول الطعام الملوثين ببكتريا الكوليرا المعدية والتعرض لبراز المريض في المناطق الموبوءة وأكل الأسماك النيئة أو الملوثة أو الأسماك الصدفية shellfish غير المطبوخة جيدا.
الصلوي تابع سرد أهم أسباب انتشار وباء الكوليرا قائلاً: ينتشر المرض بسرعة في الأماكن التي تنتشر فيها القاذورات والمخلفات، وفي الأماكن التي لم تعالج فيها شبكات الصرف الصحي (sewage) أو ماء الشرب مما يؤدي لحدوث تلوث و استعمال أدوات ملوثة بالميكروب وتناول الخضروات المغسولة بالماء الملوث أو بمياه الصرف الصحي والسفر إلى أماكن ينتشر فيها هذا الوباء ومياه الشرب الملوثة بالفضلات الآدمية التي تحتوي على الميكروب، ودخول الميكروب عبر الفم عن طريق استعمال أدوات طعام ملوثة بالميكروب و يساهم الذباب أيضا في نقل العدوى خاصة أثناء انتشار الوباء.
وأضاف: ولذلك لدينا نشرة توعوية أسبوعية عن الأعمال التي نقدمها ونرسلها الى وزارة الصحة مباشرة فقد اقيم الاسبوع الماضي في صنعاء اجتماع موسع برئاسة وزير المياه والبيئة المهندس نبيل عبدالله الوزير وضم رئيس قسم المياه والاصحاح البيئي باليونيسف نصار سيد وناقش عدداً من التقارير المرفوعة من غرفة عمليات طوارئ الوزارة بشأن التدخلات المنفذة في مجال مكافحة الكوليرا خلال الفترة 19- 25 من فبراير الماضي.
وأشار الصلوي إلى مسوحات ميدانية لمعرفة مصادر الإصابة وقال: حسب مؤشرات الاستجابة الأسبوعي ووفقا لبيانات المسح الميداني المرفوعة من فرق الاستجابة السريعة RRT التابعة لوزارة المياه والبيئة فإن 55 بالمائة من المصابين بوباء الكوليرا قد أصيبوا بالوباء نتيجة شرب المياه، وأوضح تقرير غرفة عمليات طوارئ وزارة المياه بأن نسبة 38بالمائة ممن اصيبوا بالكوليرا خلال الفترة 19- 25 من فبراير الماضي كان عن طريق الأكل في حين أن 7 بالمائة قد أصيبوا بالكوليرا نتيجة العدوى.
توقعات تصاعد
مدير مكتب وزير المياه أحمد الصلوي أشار إلى توقعات بتصاعد انتشار الوباء وقال: تطرق التقرير إلى توقعات هطول الأمطار بحسب أجهزة الرصد ومستوى استهداف فرق الاستجابة السريعة لتلك المناطق وعلاقة نسبة انتشار الوباء بمعدل هطول الأمطار.
الوضع الوبائي
الصلوي أطلعنا على نتائج تقييم الوضع الوبائي على الصعيد المائي وقال: بالنسبة لتقرير الوضع الوبائي العام خلال أسبوع فقد أورد التقرير إجمالي عدد الحالات المشتبه بها والتي بلغت ثمانية آلاف و680 حالة، تم إجراء فحص مؤكد بالمختبر المركزي لعدد 59 حالة ، كما تم إجراء فحص تشخيصي ايجابي لعدد ألف و888 حالة وفحص تشخيصي سلبي لعدد ألف و967 فيما لم يتم فحص أربعة آلاف و766 حالة.
وأضاف: وذكرت غرفة عمليات طوارئ المياه في تقرير الاستجابة الاسبوعي في المديريات العشر الأكثر تأثرا بالوباء وهي مديريات السبعين، شعوب، بني الحارث، الصافية، معين، آزال بأمانة العاصمة، ومديرية الشرية بالبيضاء، وبني حشيش بصنعاء، وجهران بمحافظة ذمار.. مستعرضا عدد حالات الرصد المؤكدة والمشتبه بها، وكذا عدد الحالات التي تم استهدافها من الحالات المؤكدة والمشتبه بها والتدخلات الميدانية التي نفذتها وحدة الطوارئ عبر فرق الاستجابة السريعة.
وتابع: وشمل تقرير الاستجابة الاسبوعي التدخلات التي تم تنفيذها في مجال مراقبة جودة المياه في المديريات المستهدفة بأمانة العاصمة والحديدة ومحافظات عمران، المحويت، ذمار، حجة، إب، صنعاء.. كما تطرق التقرير الى الوضع الحالي لأنشطة المياه والصرف الصحي على مستوى أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية..مشيرا إلى أن اجمالي عدد المشاريع والتدخلات الجاري تنفذها بلغ 150 مشروعاً تم استكمال العمل في 61 مشروعاً في حين تم التخطيط لتنفيذ 45 مشروعاً.
تصاعد مستمر
مدير مكتب وزير المياه أحمد الصلوي لفت إلى تصاعد انتشار الوباء قياساً بالعام المنصرم وقال: أورد التقرير مقارنة للوضع الوبائي لشهري يناير وفبراير 2019م مع نفس الفترة من العام 2018م والذي أكد وجود مؤشرات خطيرة في ارتفاع معدلات الوباء بنسبة تجاوزت 28بالمائة عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضح التقرير الى انه سجلت 52 ألفاً و163 حالة اشتباه، منها ألف و362 حالة مؤكدة بالفحص السريع في عام 2018م بينما في هذا العام تم تسجيل أكثر من 67 ألفاً منها تسعة آلاف و927 حالة مؤكدة بالفحص السريع على الأقل 171 حالة مؤكدة مخبريا.
وأضاف: واستعرض التقرير الانشطة المنفذة لمواجهة ارتفاع حالات الكوليرا بما في ذلك الخطط الميدانية لمهام وأنشطة فرق الاستجابة للعام الحالي والتأكيد على ضرورة نشر فرق تقييم ومتابعة على مستوى المحافظات لمتابعة أداء الفرق وقياس مدى تأثير التدخلات التي تتم في خفض معدلات التفشي وتغيير السلوك في المجتمعات المستهدفة.
إجراءات مواجهة
وعلى صعيد إجراءات وزارة المياه لمواجهة انتشار الوباء قال مدير مكتب وزير المياه: أقر الاجتماع عدداً من الخطوات والإجراءات المطلوب تنفيذها كتدخلات عاجلة لمواجهة انتشار الوباء، وتم بهذا الخصوص إقرار تنظيم وإقامة العديد من الفعاليات والأنشطة المصاحبة لليوم العالمي للمياه ومن ذلك تنفيذ حملة نظافة ورش لمدة عشرة أيام في 38 مديرية تشهد ارتفاعاً في نسبة انتشار الكوليرا فيها.
وأضاف: وجه وزير المياه والبيئة وحدة طوارئ المياه والإصحاح البيئي بتكثيف الأعمال والأنشطة المتصلة بكلورة وايتات نقل المياه الخاصة لضمان وصول مياه نظيفة وآمنة للمواطنين وحث الجميع على مضاعفة الجهود في الإجراءات الميدانية لمكافحة الوباء وتعزيز الرقابة على سير عمل فرق الاستجابة السريعة.
وتابع: كما قام وزير المياه والبيئة المهندس نبيل عبدالله الوزير ومعه رئيس الهيئة العامة للموارد المائية هادي علي قريعة ورئيس الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف شهاب ناصر بإغلاق عدد من الآبار والمنشآت المائية بأمانة العاصمة وذلك لتلوث المياه فيها وتسببها في انتشار وباء الكوليرا وتمت إجراءات الإغلاق بناء على تقارير مؤكدة مرفوعة من فرق فنية تابعة للهيئة العامة للموارد المائية المعنية بفحص جودة المياه وكذا تقارير ميدانية مرفوعة من قبل فرق الاستجابة السريعة التابعة لوحدة طوارئ المياه والإصحاح البيئي RRT.
تلوث الآبار
وفي تفاصيل خطوة إغلاق آبار مياه ملوثة، قال مدير مكتب وزير المياه أحمد الصلوي: أكدت التقارير بأن أحد الأسباب الرئيسية في تفشي وباء الكوليرا وانتشاره يعود إلى تلوث المياه في عدد من الآبار ومحطات بيع مياه الكوثر وعدم التزام القائمين عليها وملاكها بالإجراءات الوقائية المتبعة منذ ظهور وباء الكوليرا والتي من ابرزها كلورة وايتات المياه التي تبيع المياه للمواطنين وهي في ذات الوقت بقصد أو بدون قصد تنقل الوباء للمواطنين دون وازع من ضمير وتجرد تام لمعاني الإنسانية والخوف من الله وغير مبالين بحياة الناس.
وأضاف: أكدت وزارة المياه والبيئة بأن الوزارة لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية في حق الآبار التي تمثل بؤرة ومصدراً رئيسياً ومباشراً في الإضرار بصحة وحياة المواطنين..وأن الوزارة ستكون بالمرصاد لكل من يتاجر بأرواح الناس مقابل جني المال الحرام في المتاجرة بالمياه الملوثة وبيعها للمواطنين. وحمل المهندس الوزير ملاك الآبار الملوثة ومحطات بيع مياه الكوثر مسؤولية اتساع نطاق تفشي وباء الكوليرا الذي يتوسع كالسرطان دون التزام تلك الآبار والمحطات بإجراء المعالجات الصحية للمياه بعد إجراء الفحوصات المخبرية.
وتابع: ومما سبق ونتيجة لتعرض بلادنا لجائحة مخيفة فإن إغلاق المنشآت المائية الملوثة يعد خطوة أولية وإجراء مهماً للبدء في حزمة من الإجراءات الوطنية التي تنفذها وزارة المياه والبيئة ووزارة الصحة العامة والسكان لاحتواء الوباء وقد حث المهندس الوزير المواطنين على عدم التعامل مع الآبار ومحطات الكوثر المغلقة من قبل الوزارة نتيجة تأكيد الفحوصات المخبرية تلوث المياه فيها، ووجه رؤساء الهيئات المائية وفروعها في جميع المحافظات النزول الفوري لإغلاق المنشآت المائية التي لاتتوفر فيها الاشتراطات الصحية بشأن نظافة وجودة المياه وخلوها من التلوث، كما وجه مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بأمانة العاصمة بالتحرك الفوري إلى المواقع التي تشهد إغلاقاً لمنشآت مائية ملوثة لوضع المعالجات والبدائل التي تمكن السكان من الحصول على المياه النظيفة.

قد يعجبك ايضا