هل النظام الأردني قادر أو راغب فعلياً بإعلان قرار بفك تحالفه مع واشنطن ومحورها “

 

هشام الهبيشان

من تابع مؤخراً تحركات ونهج وسياسة النظام الأردني الإقليمية والدولية ،سيصل “ظاهرياً” لنتيجة مفادها ان النظام الأردني قد ذهب “مرحلياً وتكتيكياً وليس استراتيجياً ” نحو مجموعة خيارات بهدف تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية ، في الوقت الذي تشهد به علاقة النظام الأردني مع النظام السعودي فتوراً ملحوظاً وبكافة صعدها ، وهذا الفتور ينسحب كذلك على علاقة النظام الأردني مع الكيان الصهيوني وساسة وجنرالات واشنطن “رغم الزيارات المستمرة من رموز النظام الأردني لواشنطن “، بعد شعور النظام الأردني بأن هناك مشروعاً ما يستهدف المنطقة بمجموعها وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتصفيتها على حساب الأردن ونظامه السياسي ، ومن اجل تنفيذ هذا المشروع قام المعسكر الذي يعتبر حليفاً للنظام الأردني “واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني ” بممارسة جملة ضغوط على الأردن ونظامه السياسي من اجل دفعه للقبول بهذا المشروع “صفقة القرن “، وهذا ما عجل بدوره من جعل النظام الأردني يذهب ومن باب المناكفة والمناورة مع محور “واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني ” نحو إعادة تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية ،لتجنيبه على الأقل أي تداعيات ستفرض عليه بسياق ما يسمى “بصفقة القرن ” ، ولكن هذا لا يعني أن النظام الأردني قادر أو راغب فعلياً بإعلان قرار بفك تحالفه مع واشنطن ومحورها في المنطقة العربية والإقليم ،فالنظام الأردني مازال يؤمن بحتمية استمرار علاقته مع واشنطن ومحورها في المنطقة ،نظراً لمجموعة تفاهمات وصفقات وملفات يعيها ويدركها النظام الأردني جيداً .
وبالتزامن مع هذا الضغط من محور “واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني “على النظام الأردني والأردن، يمكن القول أن النظام الأردني قد استثمر فعلياً بهذا الضغط لأخذ قرار”تكتيكي “لـ تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية وسط علاقات غير مستقرة بين النظام الأردني والكيان الصهيوني ،وأسباب عدم الاستقرار في العلاقات يعود بالأصل لمحاولة قادة الكيان الصهيوني تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن والنظام الأردني واستمرار تحجيم التأثير الأردني على القضية الفلسطينية ،من خلال تحجيم دور النظام الأردني بخصوص ملف رعاية الأماكن المُقدّسة في القدس المُحتلّة، وقيام قادة الكيان الصهيوني وبشكل مستمر بالسماح للمستوطنيين الصهاينة باقتحام الأقصى في الفترة الأخيرة عدّة مرّات ،وهذا يعتبر من وجهة النظام الأردني خطوة استفزازية .
وهنا اجزم ، أن الرد من محور “واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني “على هذه الخطوة “التكتيكية “من قبل النظام الأردني،وقرار تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية سيكون نحو تصعييد وتسخين أجواء حرب سياسية – اقتصادية جديدة مع الأردن “فلا يغر البعض المؤتمرات الدولية التي تعقد لدعم الأردن واقتصاده المنكوب والمحاصر “،وبالطبع هذا التسخين ،سيكون بجزء كبير منه نابع من واشنطن وحلفاء وأدوات واشنطن في المنطقة ، فهنا من المؤكد أن الأردن ستمارس عليه جملة ضغوطات اقتصادية – سياسية وربما أمنية ، ،وسنرى جملة ضغوط من واشنطن على الأردن ، ولهذا نحن مقبلون على تطورات وجملة ضغوط على الأردن ،سيتم تنفيذها بأدوات داخلية مرتبطة بأجندة خارجية،للحد من قدرة النظام الأردني على المناورة بما يخص رفضه لصفقة القرن ، وقرار تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية .
وهنا وليس بعيداً عن قرار النظام الأردني تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية وبما يخص بالتحديد الملف السوري،فـ من ينظر لأبعاد وخلفيات وما بعد ملف فتح معبر جابر – نصيب ،بعد تعثر فتحه لعدة مرات بسبب تعقيدات كان يفرضها السعودي والصهيوني والأمريكي على الأردن الرسمي ،سيدرك حقيقة أن دوائر صنع قرار النظام الأردني “بجزئها المحافظ “وكما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات باتت تقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج ومتغيرات بدأت تجري إقليمياً وعالمياً،فهذه المتغيرات بدأت تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي الأردني ، والواضح أكثر اليوم أن دوائر صنع قرار النظام الأردني “بجزئها المحافظ “قد قررت الذهاب “تكتيكياً ومرحلياً “نحو تفعيل مجموعة خيارات جديدة لها بالإقليم وبالعالم بمجموعه تتيح لها هامش مناورة جديد مع الكيان الصهيوني وبعض قوى الإقليم وهذا بالطبع ينسحب على واشنطن ،واليوم نرى أن النظام الأردني يحاول تشكيل معالم تقارب مع الروس من خلال البوابة السورية،ونجح بالتواصل مع السوريين عبر خطوط اتصالات عسكرية وسياسية واقتصادية وشعبية للعمل على انجاز تسوية شاملة لملف العلاقات الأردنية – السورية وعلى كافة صعدها ،وهذا الأمر ينسحب على العلاقات مع إيران من خلال البوابة العراقية ومع تركيا من خلال البوابة الفلسطينية ، فدوائر صنع قرار النظام الأردني “بجزئها المحافظ “تسعى لاستباق أي متغيرات عربية وإقليمية ودولية ، ولهذا تسعى “ظاهرياً “لانجاز مسار من التسوية مع الدولة السورية وتفعيل شامل للعلاقات معها وهذا ينسحب كذلك على علاقات النظام الأردني مع الروسي والتركي والإيراني .
ختاماً ،وبرأيي الخاص أن مسار انخراط النظام الأردني بمشروع لتنويع خياراته وتحالفاته مع قوى الإقليم والعالم ، مازال خطوة تكتيكية ومرحلية وتدخل من باب المناكفة والمناورة مع محور “واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني ” ،والسؤال هنا ،هل النظام الأردني وبكل أركانه قادر أو راغب فعلياً بإعلان قرار بفك تحالفه مع واشنطن ومحورها في المنطقة العربية والإقليم؟؟ ،الجواب بالنسبة لي أن النظام الأردني مازال يؤمن بحتمية استمرار علاقته مع واشنطن ومحورها في المنطقة ،نظراً لمجموعة تفاهمات وصفقات وملفات يعيها ويدركها النظام الأردني جيداً ،والسؤال الأهم هنا ،ماذا لو فشل مشروع النظام الأردني “التكتيكي “لتنويع خياراته وتحالفاته مع قوى الإقليم والعالم “فهذا المشروع مازال بطور اختبار النوايا وبحاجة لقرارات تفعيلية ملموسة وجريئة من النظام الأردني “؟،وبالتزامن تزايدت جملة الضغوط من محور “واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني ” على النظام الأردني والأردن ، عندها ماذا سيكون موقف النظام الأردني ،وما هي خطوته التالية؟؟.

قد يعجبك ايضا