التهريب آفة تلتهم الاقتصاد الوطني

 

محمد أحمد المؤيد

يعد التهريب من أخطر الوسائل والطرق التي تفتك بالأوطان , كون خطورتها لا تقتصر عند حد معين من الخطورة وكفى, وإنما تعدو خطورتها إلى ما يفوق الخيال, فهي ضرر فادح في حق البيئة وفي حق الإنسان وفي حق المال العام والسيادة الوطنية , وكل هذه الأشياء ليست بالأمر السهل الذي يمكن له أن يمر على كل عاقل مرور الكرام, لأن التهريب إن جثم على مجتمع بعينه فلا يظن أن تقوم له قائمة, وخصوصا عندما يستفحل خطر التهريب في جذور البلد وتسيره جماعات وأفراد لمصلحتهم الشخصية ضاربين عرض الحائط كل ما من شأنه صلاح البلاد والعباد الذي قال الشاعر عنه : ” لن يرتقي شعب إلى وهج العلى … ما لم يكن بانيه من أبنائه ” وهو الأمر الذي يستوجب وجود عامل الغيرة على مصلحة الوطن العليا وهو كحافز يشد الجميع بأن يكونوا العين الساهرة لحماية البلد من العبث بخيراته ومقدراته وخاصة آفة التهريب التي ليست في مصلحة أحد مثلما أنها تضر بالجميع من أبناء البلد الواحد.
يعتبر التهريب خطر على البيئة عندما يدخل المهربون بضائع مصنعة في بلد آخر ويتم إدخلها للبلد بطريقة معفنة تحدث الكثير من الأضرار البيئية وذلك من خلال عامل التعرية التي تمر بها المواد المهربة ووقوعها في أجواء وظروف غير مناسبة لضمان سلامة المنتج من عدمه وبذا فقد تتعرض للرص والحشو مع بعضها بطريقة غير سليمة وكذا فقد تمر بأجواء شديدة الحرارة أو شديدة البرودة والتي تعكس في ظروفها الكثير من المواد المهربة وهذا يؤدي بدوره إلى تلفها ناهيك عن حدوث تغير غير بسيط في نسبة المواد والعناصر المصنعة منها مما يؤدي إلى خلل في المنتج وهذا بدوره يشكل مواد كيميائية سامة تضر بالبيئة كحالة عامة وهو الأمر الذي لا يسلم الناس المستهلكون من أدنى الأخطار التي تبدأ بتسممات غذائية وتنتهي ببعض الحالات بحالة وفاة لا قدر الله ” ونسأل الله السلامة للجميع , أما من الوطن والاقتصاد الوطني والمال العام والخدمات التي يفتك بها التهرب فحدث ولا حرج , كون الأضرار التي تنتج عن التهريب في هذا المجال فعلاً تثير الدهشة خاصة عندما نعلم أن أي مواطن يستخدم أو يستهلك أي مواد مهربة فهو يضر بنفسه وصحته ما بالنا إن عرفنا أن شراءنا لمنتجات مهربة فقد ” جنت على نفسها براقش “وخاصة عندما نعلم أن التهريب يحرمنا من بناء للمدرسة وإنشاء الطرق والجسور وتحسين المدن وإعالة الحالات الخاصة كالمعاقين واليتامى وغيرها من الحالات التي تستدعي بل تستوجب على الدولة والمجتمع القيام بواجبها تجاههم وتقديم الخدمات الضرورية والأساسية على أكمل وجه والتي تكون الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن ذلك وهي المخولة بجباية الزكاة والضرائب التي تعمل على تصريفها فيما هو صلاح البلاد والعباد والذي يكون أكبر عدو للدولة والمجتمع ذلك الشيء الذي يدعى تهريباً.
من يفكر أن التهريب آفة حقيقية تلتهم الاقتصاديات الوطنية والمجتمعية , كونها لا تحرم شخصاً بعينه من أبسط الخدمات الرعائية والطبية والمجتمعية والتحضرية , فمن يعلم أن المهرب هو الشخص الذي يسرق علينا التعليم والصحة والمواصلات والخدمات بشتى جوانبها , كونه يضر بالاقتصاد الوطني مباشرة إما عبر حرمان الدولة من حق الرسوم الضريبية أو بالفتك بالمنتجات المحلية وضرب السوق المحلية بمواد مهربة وسامة ومعدلة تبدو رخيصة ولكنها مليئة بالأخطار والسموم رغم أن المنتجات المحلية هي الأجدر والأنسب للمستهلك المحلي من عدة جوانب أهمها تشجيع المنتج المحلي وجعله في موقع المنافسة القوية حتى ولو بدا منتجاً متواضعاً لكنه إن وجد مع الوقت طلب وتهافت من قبل المستهلك المحلي فلاشك ستسعى عدة شركات ومصانع للتنافس على المستهلك وتقديم الأفضل ناهيك عن أن كل شركة ستعمل ما بوسعها حتى تكتسح السوق المحلي عبر اتقان وتحسين منتجها بشكل مستمر وما شركات المياه المحلية وتزايد الشركات المعدنية للمياه الصحية إلا أنها بعد أن كان هناك احتكار للسوق المحلية من شركة بعينها والآن صار بوسع المواطن انتقاء ما يناسبه وبجودة عالية وأسعار مشجعة ومناسبة , وكذا بالنسبة لشركات التبغ الوطنية التي ما هي إلا نموذج من عدة نماذج يكتسحها عامل التهريب رغم أن السوق المحلية تعج بما هو منتج محلي في غاية الجودة والروعة مقابل المنتجات الأخرى حتى ولو كانت غير مهربة وهو بشهادة الكثير من ” الموالعة “.
ولله عاقبة الأمور.

قد يعجبك ايضا