علاقة أصحاب رؤوس الأموال بالمجتمع والقبيلة

الشيخ/محمد بن علي صياد *
يحكى بأنه في قديم الزمان كان يوجد رجل أحمق ومتسرع قدر الله خراب داره فوق رؤوس أولاده وزوجته وماتوا جميعا” وكان ذلك في غيابه وليس عنده أي خبر بشأن ذلك وعندما التقوا به أناسا من جيرانه أخبره احدهم أن دارك يا جارنا العزيز تخربت برمتها فجأة فقاطعهم الكلام متهللا” وجهه قائلا”(( عال في الكتن ))
● كان ذلك تسرعه لكثرة حقده على الكتن التي كانت بكثرة وبصورة دائمة في داره ولم يخطر على باله أن يسأل أولاً” عن مصير أولاده وزوجته فردوا عليه بنبأ أن أولاده وزوجته كانوا هم ضحايا خراب داره وكلهم فارقوا الحياة فسقط على الأرض فورا” ودخل في غيبوبة من شدة ذلك النبأ المفاجئ .
وما أشبه ذلك ببعض المفكرين اليمنيين الذين عملوا على أن يحيا مسار نصوص وثيقة التشريع القبلي العام الموحد عندما يدركون جيدا” بأنها لم تنجم أضراراً على التجار وأصحاب رؤوس الأموال فحسب بل أنها شملتهم وشملت كافة الشعب اليمني بكل مستوياته ومختلف مشاربه ، فقد جلب ذلك الوبال على الشعب والدولة وجلب لليمن التفاعلات السلبية داخل المعادلة بمختلف جوانبها(السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية)
ثم أنه مهما كان التجار وأصحاب رؤوس الأموال هم الأكثر انتفاعا” من عملية إحياء مسار نصوص وثيقة التشريع القبلي فلا يجيز لنا ديننا الإسلامي بهكذا حسدا” للتجار وأصحاب رؤوس الأموال وتمني زوال النعمة عن الغير سلوكا” حرمه ديننا الإسلامي وكل الأديان السماوية وكيف يكون المفكر صاحب فكر ايجابي من يعمل على تحريض الفقراء أو الناس البسطاء والعامة أو المجرمين على التجار والميسورين وغرس الكره والحقد لهم في قلوب الناس، فإن الثروات موروثه ولا تأتي إلا بعمل وجهد ثم إن الزعزعة للتجار والميسورين وأصحاب رؤس الأموال لا تكون سلبيات وأضرار ذلك عليهم وحسب بل ينعكس سلبا” على كل الاقتصاد اليمني عموما” .
ثم إن مثل هؤلاء النوع من المفكرين الحاقدين على التجار والميسورين وأصحاب رؤوس الأموال الذين يعملون على تعطيل العمل بنصوص وثيقة التشريع القبلي العام الموحد الموروث حقدا” على التجار وأصحاب المال والميسورين مع أن الأضرار طالت وستطول كل الشعب اليمني والدولة .
فكيف نحرم الضعفاء والبسطاء من أن يستظلوا تحت ظل التشريع القبلي العام الموحد من بطش الظالمين وأصحاب الاعوجاج وذلك من خلال ما به من نصوص كفيلة بالردع والزجر والملزمة لأصحاب كل مغرم بالمسؤولية الجماعية بالمواجهة وبالمغرم المادي مع أي شخص من أبناء مغرمهم يكون صاحب حق طغى عليه طرف آخر في ماله أو عرضه أو دمه سواءً كانت مواجهة على نمط الداخل القبلي أو جمع التكلفة المادية عندما يكون المثول في القضية أمام القضاء الرسمي فلا بد أن يكون وفق المغرم حسبما نصت عليه نصوص وثيقة التشريع القبلي العام الموحد فلا يدفع صاحب الحق المظلوم إلا فقط غرمه كأي واحد من أبناء مغرمه سواءً تم تسوية النزاع عبر القضاء الشعبي القبلي أو عبر القضاء الرسمي. وكذا تكفل نصوص وثيقة التشريع القبلي العام سير المغرم أوتوماتيكياً بما من شأنه أن يضبط المجتمع بعضه بعضاً للولاء للدولة وتعزيزاً لسلطة الدولة وقوانينها الرسمية،
وحتى أن أبناء كل مغرم لكي يحموا ويقووا أنفسهم من تحمل الحق والحمولات الباهظة من حشم ودسم العيوب سيكونون رقابة وعيوناً ساهرة لرصد حركة كل فرد منتمٍ لمغرمهم أو قطير يسكن منطقتهم ويكونون مطلعين على طبيعة عمل كل شخص من أبناء مغرمهم وبذلك تلقائيا تغيب ظاهرة انخراط الأشخاص الشاذين التي بسبب اندثار مبادئ التشريع القبلي العام أصبحوا أحراراً في الانحراف وممارسة الاعوجاج على المجتمع في أي مكان. بعيداً عن أنظار أبناء مغرمه ومثل الانتماء والالتحاق بعصابات السرق أو السلب والنهب أو للسطو والبسط على أراضي الناس أو عصابات الاختطاف لكسب الفدية المالية أو العمل كعصابات للسطو على أموال الشركات المصرفية أو البنوك ومكاتب البريد ولجان الصرف أو حاملي فلوس متعلقة بالأعمال التجارية والاستثمارية أو قتل النفس التي حرم الله للاستيلاء على ما يحمل من فلوس أو سلاح ثمين وما شابه ذلك.
فمن أجل أن يحموا أنفسهم أبناء كل مغرم من تحمل العقوبات العرفية القبلية الكبرى سيعمل تلقائياً أبناء كل مغرم على إرجاع كل شخص شاذ من أبناء مغرمهم إلى مسقط رأسه وضبطه وحصر العمل في الوظائف والأنشطة المشروعة وردع الطيش والتجوال الحر للعاطلين عن العمل والمنحرفين، هذا فيما يتعلق بواجب أبناء المغرم في ضبط كل شاذ من أبناء مغرمهم ،والجانب الثاني تحمل مسؤولية ضبط أي أبناء مغرم آخر يحصل من جماعة أو فرد ينتمي إليهم اعوجاج أو جريمة ضد شخص ينتمي إلى مغرمهم أو كان مشاركاً مع عصابة سطو أو سلب ونهب أو ما شابه ذلك من الانحرافات والمظاهر السلبية التي عصفت بالمجتمع اليمني طيلة العقود الزمنية المنصرمة لسبب تغييب مسار نصوص وثيقة التشريع القبلي العام الموحد حتى بلغ الأمر أن نلاحظ حالياً وجود مجموعات السطو والبسط على أراضي الغير ، فتجد كثيراً مجاميع مشكلين أنفسهم من عدة مناطق مختلفة مع أنه يجوز ذلك عرفاً بل ولا يجوز ذلك وإن كانوا العصابة من منطقة واحدة أومن أبناء قبيلة أو قرية واحدة فلا بد من أن يضبط المجتمع بعضه بعضاً تلقائياً خوفاً من تحمل عقوبات حشم ودسم العيوب والاعوجاج الممنهجة عقوباتها في نصوص وثيقة التشريع القبلي العام الذي يرى بعض من المفكرين ان لا يتم إحياؤها.
بحجة أن التجار وأصحاب رؤوس الأموال هم الذين سيكونون أعظم المنتفعين من عملية إحياء مسار نصوص وثيقة التشريع القبلي العام المؤرخة 1253 هجرية المنعقدة بين كافة القبائل اليمنية ومعمدة من علماء وحكام اليمن حينذاك وبصفتها نصوصاً مرجعية مستدامة بمختلف العصور والتي أصبحت غير موجودة في متناول المجتمع اليمني بسبب أنها قامت في عصر لم يكن الناس يمتلكون فيه ما يمتلكونه في عصرنا الحديث من وسائل نسخ وتصوير ونشر وتفسير ووسائل إعلامية مسموعة ومقروءة ومرئية ووسائل تدريب وتجسيد لو أن بعضاً من التجار والميسورين قاموا بدعم مجلس العرف القبلي الذي نترأسه بجزء من تلك المبالغ المالية التي يخصصونها تمويلاً للمشاريع الخيرية والوطنية وما شابه ذلك فإن التجار والميسورين هم المعول عليهم تقديم الدعم المالي لمجلس العرف القبلي، لأننا في عصر لا يمتلك فيه اليمن دولة حقيقية ومنذ عدة عقود تدرك بأنه من واجبها دعمنا بالدعم المالي بل إن الدولة اعتقدت وتعتقد انه ليس من مصلحة الدولة والمجتمع تنفيذ عملية إحياء مسار القضاء الشعبي القبلي وفق نصوص وثيقة التشريع القبلي العام الموحد وهذا الاعتقاد الخاطئ من الدولة بسبب أن بعض المفكرين اليمنيين خلال الستين السنة المنصرمة في انحطاط فكري قل نظيره .
والله الموفق……
* المرجعية العليا لكافة القبائل اليمنية
رئيس مجلس العرف القبل

قد يعجبك ايضا