وجهة نظر.. الصندوق صورة ورسالة

 

حسن الوريث

كانت تلك الصورة التي تم تداولها من قبل ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية عن عزوف الموظفين في وزارة الشباب والرياضة عن الدوام والعمل بمثابة رسالة إلى أولئك الذين قرروا وقف صندوق رعاية النشء والشباب، على اعتبار أن الحوافز والمواصلات للموظفين كانت تدفع لهم من الصندوق وبالتالي فإن وقفه تسبب في عدم تمكنهم من الوصول إلى الوزارة .
هذه الرسالة التي بعث بها الموظفون تعبِّر عن رقي في طرح القضية علَّ وعسى أن يلتقطها أصحاب الشأن ويعملوا على حل المشاكل التي تسبب بها قرار إغلاق الصندوق الذي جاء بدون أي دراسة واقعية بل كان مجرد قرار متسرع نتيجة بلاغات كيدية من قبل البعض، حيث تسببوا في حرمان الشباب والرياضة من ممارسة أنشطتهم المختلفة، وأنا هنا لا ألوم أولئك البعض لكن يجب أن يوجَّه اللوم إلى متخذي القرار، رغم أن هناك إشكاليات كبيرة يعاني منها الصندوق نتيجة غياب الآليات المناسبة لعمله وعدم وجود الإدارة الحكيمة التي تعمل على تنفيذ أهدافه التي أنشئ من أجلها .
لقد تحدثنا كثيراً عن الصندوق والفساد الكبير الذي كان موجوداً فيه – من زمان – ما تسبب في انحرافه كثيراً عن أهدافه ودوره المنوط به في خدمة الرياضيين والشباب والارتقاء بالرياضة في البلد، وتحوله في كثير من الأحيان إلى صندوق لتنمية الجيوب بدلاً من تنمية قدرات ومهارات الشباب والاهتمام بهم واكتشاف قدراتهم وتشجيعهم على الإبداع، ولكن لم يكن الحل في إغلاق الصندوق أبداً بل يجب علينا البحث في أسباب القصور والضعف في عمله وتحوله إلى مهام أخرى ووضع الآليات المناسبة الكفيلة بإعادته إلى الحياة بشكل جديد ومناسب بعيداً عن الشخصنة التي أضرت به كثيراً وتفعيل آليات الرقابة على نشاطه ودوره وفقاً لقانون إنشائه .
لم يعرف الذي اتخذ قرار إغلاق الصندوق أنه لم يتسبب فقط في عزوف الموظفين عن العمل وأداء دورهم لكنه تسبب في ركود الرياضة إضافة إلى ركودها الموجود، ولم يعرف متخذ القرار أنه سيجعل الشباب والرياضيين الذين كانوا يمارسون أنشطتهم المختلفة مجرد عاطلين وتربة خصبة للجماعات الإرهابية والإجرامية التي تلتقطهم من الشوارع والمقاهي إلى تلك الأماكن التي لا نتمنى أن نرى شبابنا فيها فعندما لايجد هؤلاء الشباب الأندية والمراكز الشبابية لقضاء أوقاتهم فيها بما يفيدهم ويطور قدراتهم فإنهم سيعودون إلى الشارع الذي يوجد فيه كشافون ولكن من نوع آخر حيث يتم استقطابهم إلى الجريمة والجماعات التكفيرية الإرهابية، وهنا نقطة نظام نسجلها على من اتخذ قرار إغلاق الصندوق .
رسالتي أنا إلى الجهات المعنية بدراسة وضع الصندوق بطريقة علمية وواقعية، وبالتالي إعادة فتحه بما يتناسب مع الحاجة إليه في خدمة الشباب والرياضة وليس خدمة أشخاص كما كان في السابق، كما أن على وزارة الشباب والرياضة والاتحادات والأندية دراسة مقترحات لتطوير عمل الصندوق وتنويع استثماراته وكذا البحث عن بدائل أخرى من خلال الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص وعدم الاعتماد فقط على الصندوق بوضعه الحالي الذي هو بالتأكيد بحاجة إلى إعادة نظر في آليات عمله ودوره ومهامه وعلاقاته مع الآخرين سواء الأندية والاتحادات أو حتى قطاعات الاستثمار التي يفترض تفعيلها، وأتمنى أن تكون تلك الصورة التي شاهدناها رسالة حتى لا تتكرر في الاتحادات والأندية المرشحة لإغلاق أبوابها في وجه الشباب والرياضيين، كما هي دعوة للجهات المعنية بضرورة تطوير آليات العمل الرياضي والشبابي للارتقاء به وأن لا يظل مسؤولونا مجرد هياكل فوق الكراسي.

قد يعجبك ايضا