خالد اليماني.. وضعت النقاط على الحروف

محمد عبد الكريم القليصي
قطار التطبيع العربي الإسرائيلي بات يتحرك بسرعة متجاوزاً المحطات الواحدة تلو الأخرى، فعلى الرغم من صعوبة إحصاء المجازر التي ارتكبتها القوات والعصابات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين،منذ ما يزيد عن نصف قرن، والتي وصل ضحايا بعضها إلى المئات من الشهداء والجرحى ، لتظهر تلك المآسي على شكل حلقات ضمن التقتيل المستمر الذي أودى بحياة آلاف الفلسطينيين.
بل إن ما يدعو للدهشة أن المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بدأت قبل إعلان قيام دولة إسرائيل، فقد ارتكبت العصابات الصهيونية في فترة الانتداب البريطاني، مذابح بشعة، تبقى من أكثرها هولاً، مذبحة دير ياسين التي شهدها غرب القدس يوم 9 أبريل 1948م.
إلا أن الشواهد تقول غير ذلك لاسيما وان العلاقات العربية الإسرائيلية في تطور مستمر ، وما التطبيع الجاري على قدم وساق إلا احد تلك المؤشرات التي توحي بأن لا خلاف بين العرب والكيان الصهيوني .
ما زاد الطين بله هو ما قام به المدعو خالد اليماني وزير خارجية حكومة مرتزقة الرياض وأبو ظبي وذلك بحضوره مؤتمر وارسو المنعقد في بولندا وجلوسه بين وزير الخارجية الأمريكي ورئيس وزراء الكيان الصهيوني ، لا لشيء وإنما للمواقف الكبيرة والكثيرة لليمنيين تجاه قضية القضايا قضية الأمة قضية فلسطين وهو ما لا يمكن تخيله أن تأتي تلك السقطة من شخصية تحمل الهوية اليمنية.
غير أن الواقع يقول إن المذكور لم يقدم شيئاً جديداً يزيد في مستوى عمالته وخيانته لقضايا الأمة العربية والإسلامية، وإنما أكد المؤكد ووضع النقاط على الحروف لا اقل ولا أكثر …
فمن يخون بلده ويسهم في قتل أبناء وطنه– إن كان يمنياً أصلاً – وتدمير بنيته التحتية من خلال شرعنته للعدوان وتبريره لكل السقوط الأخلاقي والقيمي الذي سقطته دول تحالف العدوان وحليفها الدويدار الأكبر عبدربه منصور هادي وذلك في جميع مشاركاته الدولية ولقاءاته السياسية في مختلف المحافل الدولية تبريراً قذراً مستفيداً من مال أسياده في ذلك والكم الكبير من الحقارة التي يمتلكها .
وبالتالي من باع شرفه وعرضه وخان الأرض التي ترعرع ونما عليها مقابل ثمن بخس دراهم معدودة ليس غريباً عليه عمالة هنا أو خيانة هناك !! لاسيما وان أسياده من آل سعود وأبناء زايد ممن لهم باع كبير في العمالة والمتاجرة بقضايا الأمة قد باعوا ولم يقبضوا الثمن بل دفعوا الثمن .
فلم يعد موضوع العمالة والتطبيع سراً بل أصبح علناً وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، حتى أصبح رؤساء وقادة الدول التي تسمى عربية يتسابقون للتطبيع مع الكيان الصهيوني في خطوة لا تجاريها خطوة في الخسة والحقارة والدناءة .
إن آل سعود ممن نتهمهم بالخيانة والعمالة والمتاجرة بقضايا الأمة وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين إنما نتجنى عليهم في ذلك، على اعتبار أن مرجعيتهم واحدة ومؤسسهم واحد، فالذي غرس الكيان الصهيوني وآل سعود إنما هو واحد ( بريطانيا ) وبالتالي لم يقوموا إلا ما يفترض أن يقوموا به كرد لبعض الجميل حيال الأب الروحي ( بريطانيا)
ومن هنا لا يجدر بنا كيمنيين وعرب ومسلمين أن نطلب أو نحمل آل سعود ما لا يحتملونه لا يمكن أن يحتملوه، ففاقد الشيء لا يعطيه ، وهو أيضاً خروج على النص.
كما ان انتهاج آل سعود لسياسة معادية للكيان الصهيوني إنما يعد خروجاً عن النص المحدد والطريق المرسوم لهم والذي لا ينبغي ان يخالفوه والذي يستدعي أصلاً الوقوف إلى جانب هذا الكيان الغاصب ، بل ان وجودهم ودعمهم من قبل البريطاني إنما كان مقابل ذلك الدعم وتلك الحماية للكيان الصهيوني في المنطقة وكبح جماح العرب من أي تطاول يمس هذا الكيان بسوء.
وهذا كله يقودنا إلى أن التطبيع والملاطفة التي أبداها ومارسها علانية وبدون أي مواربة المدعو خالد اليماني وزير خارجية حكومة مرتزقة الرياض وأبو ظبي في مؤتمر وارسو قد تفوق بها على أسياده في كمية الحقارة والتنازل الأخلاقي والقيمي ، وهو لا يدعو للرغابة بتاتاً على اعتبار أن الخادم بعد مولاه والمرتزق بعد من يموله ويدفع له ، ودائماً الخادم والمرتزق المطيع ينفذ ما يسر ويسعد ولي نعمته ، بل ويزيد في ذلك وهو ما كان مع المدعو خالد اليماني لاسيما وإن كان ولي نعمته ومن يدفع له مجرد حذاء ينتعله البريطاني والأمريكي.
ومادامت الأمور تجري بهذا الشكل فإن الأمة قادمة على سقوط أخلاقي كبير وعمالة على مستوى عال وتحت ذريعة ويافطة التحديات الإيرانية والتي أصبحت كمسمار جحا يمارس تحت لوائها عربان الخليج ومن لف لفهم ما يشاءون .

قد يعجبك ايضا