يوم البيئة الوطني (20 فبراير).. قراءة للواقع وتحدياته

مجيب أحمد اليمني
يعد اليوم العشرون من فبراير من كل عام تاريخ ميلاد لليوم الوطني للبيئة فهو اليوم الذي تم فيه الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتي من ضمنها المادة رقم (35) التي تعنى بالشأن البيئي وتنص على أن “الحفاظ على البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع وهي واجب ديني ووطني على كل مواطن”، وبحسب قرار مجلس الوزراء رقم (105) لسنة 2002م فإن هذا اليوم يعد يوماً وطنياً للبيئة في اليمن وذلك على غرار الأيام الوطنية المعمول بها في كثير من البلدان فبعضها محلي والآخر عالمي، مثل يوم البيئة العالمي 5/يونيو والذي من خلاله تسن المعاهدات والاتفاقيات والتشريعات والهدف من إقامته نشر المعرفة والتوعية والتثقيف البيئي وسط مختلف فئات المجتمع.
ثمانية عشر عاماً مضت على إعلان يوم البيئة الوطني كدلالة وطنية، فالمسؤولية مشتركة بين الدولة وأفراد المجتمع وهي واجب ديني ووطني، يطل علينا هذا العام حاملاً بين دفتيه الكثير من التحديات التي تستوجب الوقوف أمامها للتقييم الشامل لوضع البيئة اليمنية ومعرفة الأسباب والمسببات لتدهور الوضع البيئي في بلادنا، خاصةً في ظل العدوان الظالم والحصار الجائر، والتعرف على مواطن الخلل لكي نستطيع الخروج برؤية واضحة المعالم والأهداف وفق منهجية علمية تمكن صناع القرار في بلادنا من القيام بدورهم في مواجهة المشاكل البيئية ووضعها في الاعتبار لمعالجتها أو الحد منها قبل أن يستفحل خطرها.
فاليوم الوطني للبيئة 20فبراير والذي تحتفل به بلادنا هذا العام للمرة الثامنة عشرة على التوالي تحت شعار “سقطرى تنوع وجمال” يمثل دعوة للإنسان اليمني للعمل أكثر من غيره على إعادة النظر في كيفية تعامله مع بيئته والعمل على التخطيط السليم لكيفية استغلال موارده الاستغلال الأمثل، والعمل على تفادي العواقب المحتملة لاستغلال الموارد الطبيعية استغلال غير علمي وغير منظم.
واعتمادنا كبير على الإنسان اليمني فعليه تقع المسؤولية في الحفاظ على بيئته فهو المتضرر أكثر من غيره بسبب التدمير الممنهج لبيئته، خاصة وقد أصبح للآسف مهتماً بقوت يومه نتيجة الأحداث التي تمر بها بلادنا، إلاّ أن دورنا هنا هو التذكير بأن هناك مشاكل بيئية جمة تواجه بيئتنا اليمنية متمثلة بالاستنزاف الجائر للموارد الطبيعية والتدمير المنهج من قبل تحالف العدوان على بلادنا اليمن خاصة في ظل العدوان الظالم والحصار الجائر حتى المحميات الطبيعية والتنوع الحيوي لم يسلم من النهب والتدمير، وكذا التنبيه إلى التحولات الكبيرة في المناخ والطقس التي بدأنا نستشعرها وندرك مخاطرها، فهل آن الأوان أن نحد من الآثار التي ستترتب على هذه التحولات مالم فإن بيئتنا حياتنا ستتجه نحو تدهور محتوم ونحن من سنتحمل حين ذلك المسؤولية الكبرى في دفع بيئتنا نحو هذا المصير البائس …!! وفي الغد سننظر كيف تكون عاقبة المفسدين قال تعالى (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين) صدق الله العظيم ( الزخرف /76) .
لذلك فأن هذا اليوم يعد محطة هامة في طريق حماية البيئة وصيانة مواردها الطبيعية ففي هذا اليوم يتم الإعداد لهذه المناسبة بالتعاون والشراكة مع كل الجهات المعنية ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني لتشمل الفعاليات بعد ذلك أغلب محافظات الجمهورية، من أجل توسيع المشاركة الشعبية في العمل البيئي، وتشكيل رأي عام حول البيئة والمحافظة عليها وحسن استغلال مواردها الاستغلال الأمثل.
لقد كان الاحتفال بهذه المناسبة لأول مرة عام 2003م وذلك تحت شعار “الطاقة المتجددة والنظيفة من أجل حماية البيئة” وهذا العام يتخذ الاحتفال نمطاً جديدا حيث يدشن يوم 20 فبراير 2019م تحت شعار “سقطرى تنوع وجمال” وعادة ما يختار لكل مناسبة شعار معين يرمز إلى قضية هامة بغية تحقيق نتائج معينة مرسومة ومخطط لها سلفاً.
فلماذا سقطرى بالذات…؟؟ لأن طبيعة الأرخبيل المعزولة عن المناطق القارية المجاورة في آسيا وأفريقيا أدت إلى مستوى مذهل من الاستيطان النباتي والحيواني فهي تعتبر متحفاً تاريخياً طبيعياً يتميز بتنوع بيولوجي ومعالم طبيعية وموارد نباتية وسمكية وفرص للسياحة البيئية ومرتع خصب للعلماء والباحثين حيث تتميز الجزيرة أكثر من غيرها بغطاءٍ نباتي وفير حيث تصل الأنواع النباتية فيها إلى حوالي (900 نوع منها 300 نوع مستوطن).
وفي الجزيرة ما يزيد على 300نوع من الأحياء الفطرية التي تتخذ منها المكان الوحيد للعيش في العالم مما جعل الجزيرة أحد أهم المواقع العالمية لصون التنوع الحيواني، كما يوجد بحدود 27 نوعاً من الزواحف بينها 24 نوعاً مستوطناً.
اما بالنسبة لطيور سقطرى فهي متعددة الأنواع بحيث تشكل أحد معالم بيئة التنوع في الطبيعة ويعتقد أنه يوجد في الجزيرة (190 نوعاً) من أنواع الطيور و(30 نوعاً) منها تتكاثر في الجزيرة كما تحتوي الجزيرة على 6 أنواع من الطيور المستوطنة.
كما تتميز الجزيرة بالكثير من الكهوف والمغارات الجبلية في مواقع عديدة من الجزيرة والجزر التابعة لها وتعتبر أحد أنماط السكن للإنسان السقطري، وللجزيرة شواطئ تمتد لمسافة (300 ميل) لها خصائص فريدة من حيث كثبان رمالها البيضاء النقية ومعظمها مظللة بأشجار النخيل.
كما يوجد في الجزيرة عدد من شلالات المياه الغزيرة تنتشر في مواقع مختلفة، ومعظمها تنبع من أعالي الجبال على مدار العام.
وللأسف الشديد فإن الجزيرة تتعرض الآن لتدمير ممنهج ونهب لكنوزها النباتية والنادرة على مرأى ومسمع من العالم ومنها منظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية التي لم تحرك ساكناً، جراء ما تتعرض له جزيرة الأحلام من تدمير لبيئتها النادرة.
ونحن إذ نتطرق إلى هذا الموضوع لا نحاول إخافة القارئ بقدر ما نريد أن نعرفه بالخطر الذي يتهدده نتيجة الاستنزاف الجائر وغير المرشد للموارد الطبيعية من ماء وهواء وتربة وتدمير ممنهج لبيئته على مرأى ومسمع العالم، ونحن هنا ندعو الجميع إلى العمل بروح الفريق الواحد والتكاتف لحماية بيئتنا، كما وندعو الجميع للعمل أيضاً بروح الفريق الواحد، لأنه في ظل هذا العالم المتغير والمتسارع والذي يتسابق فيه الجميع نحو التقدم الصناعي والتكنولوجي والممتلئ بالصناعات المتطورة والتي تعمل على إفساد موارد هذا الكوكب.
واستشعارا بهذا الخطر القادم دأبت الحكومة اليمنية على إعطاء أوضاع البيئة ومشكلاتها اهتماماً خاصاً، إلا أن الطريق أمامنا لايزال طويلاً لتحقيق الأهداف المنشودة والمرجوة، وما العيد الوطني الـ20 من فبراير إلا أحد تجلياته وإرادتها التي يراد لها أن تمضي بخطى حثيثة ومتسارعة في سبيل الحفاظ على البيئة وتقييم الجهود المبذولة، وهو أيضاً دعوة للضمير ودعوة للعمل الجاد والمثمر ليس فقط من أجل حياتنا بل من أجل رفاهية الأجيال التي من بعدنا لأن الأزمة البيئية لا تسمح بأي تأخير فنحن بحاجة إلى أن نصدق مع أنفسنا لكي نحمي بيئتنا.

* مدير وحدة الإنتاج والوقود الأنظف
في الهيئة العامة لحماية البيئة

قد يعجبك ايضا