عدوان المؤجرين ونزوح المستأجرين

 

عبدالفتاح علي البنوس

لم يعد بخاف على أحد الأوضاع التي يمر بها الوطن ، والظروف التي يعيش في ظلها السواد الأعظم من أبناء الشعب ، جراء العدوان الغاشم والحصار الجائر ، وزاد الأوضاع تفاقما وتدهورا الحرب الاقتصادية التي لجأ إليها العدو السعودي بضوء أخضر أمريكي ، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه عسكريا ، وعجز عن الحصول على أي نصر أو إنجاز أي تقدم يذكر ، حيث كانت أولى خطوات الحرب الاقتصادية الذهاب لنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن ، أعقبها قيام حكومة الفنادق بقطع مرتبات الموظفين وسحب الـ400مليار التي قام البنك المركزي اليمني بطباعتها في روسيا لمواجهة مرتبات الموظفين في مختلف محافظات الجمهورية لخمسة أشهر ، قبل أن يختتم حربه الاقتصادية بطباعة مبالغ هائلة من العملة المحلية بحجم جديد دون غطاء الأمر الذي انعكس سلبا على قيمة العملة المحلية ودفع بالعملات الأجنبية نحو الصعود والارتفاع الجنوني وهو ما ترتب عليه ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية .
في ظل هذه الظروف العصيبة يواجه السواد الأعظم من المواطنين الذين لا يمتلكون مساكن خاصة بهم ويعتمدون على بيوت الإيجار عدوانا من نوع آخر ، يقوده المؤجرون أصحاب العقارات الذين لم يستشعروا حتى اليوم بعد أربع سنوات من العدوان والحصار وبعد ما يقارب الثلاث سنوات من قطع المرتبات معاناة الموظفين المستأجرين أرباب الأسر ممن لا مصدر لهم للدخل غير مرتباتهم التي كانوا يعتمدون عليها في تلبية حاجيات أسرهم الضرورية وتغطية إيجارات مساكنهم ، حيث كان المتوقع منهم مراعاة هذه الظروف وتخفيض مبالغ الإيجارات تقديرا لظروف المستأجرين الصعبة للغاية ، أو أن تظل كما هي عليه والصبر عليهم إلى حين انفراج أزمة المرتبات ولا بأس في تسليم المستأجرين ما تسنى لهم من مبالغ حال توفرها للحيلولة دون تراكم الإيجارات عليهم ، ولكن جشع الكثير من المؤجرين نزع منهم روح الإنسانية وسلبهم مشاعر الشفقة والرحمة وذهبوا بكل جرأة لرفع الإيجارات لتصل إلى مستويات قياسية بحجة ارتفاع الدولار والريال السعودي ولا نعلم ما علاقة الإيجارات بالدولار الأمريكي والريال السعودي ؟! صحيح ارتفعت الأسعار ولكن ذلك لا يبرر لهم رفع مبالغ الإيجارات وخصوصا في ظل الظروف الراهنة .
وهو ما دفع الكثير من المستأجرين للنزوح من مساكنهم المستأجرة والذهاب لاستئجار دكاكين ، بعد أن طالهم عدوان المؤجرين والذي أجبرهم على النزوح القسري ، وهناك الكثير من المستأجرين يتحاكمون لدى القضاء مع المؤجرين بسبب الإيجارات وطلبات إخلاء العقارات المؤجرة ، وما أكثر مشاكل المؤجرين والمستأجرين والتي تحتاج إلى مراعاة وعناية خاصة ، فالمستأجر الموظف لا حيلة له غير المرتب ، وعلى المؤجر أن يراعي ظروفه ويضع نفسه في مكانه وسيدرك ويؤمن حينها بأنه لا يخلق المعدوم غير الله جل في علاه ، وأن بعد العسر يسرا ، وبعد الشدة فرجا .
بالمختصر المفيد، على المؤجرين أن يتقوا الله في المستأجرين ، وينظروا إليهم بعين العطف والرحمة ، الناس بدون مرتبات وأنتم ترفعون الإيجارات بلا رحمة أو شفقة ، الرحمة الرحمة نحن نتعرض لعدوان غاشم ، فلا تكونوا عونا له في التضييق على معيشة المواطنين ، راقبوا الله فيهم ، وتحلوا بالقناعة ولو مؤقتا ، مراعاة للظروف الراهنة التي تتطلب منا جميعا أن نتراحم ونتكافل ونتعهد بعضنا بعضا بالزيارة والاهتمام والرعاية ، وسيفرجها الله على الجميع ، فنحن نمر بحالة عسرة ، وإذا ما تراحمنا سيعجل الله لنا جميعا بالفرج واليسر ، تراحموا يرحمكم الله ، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله

قد يعجبك ايضا