على أعتاب العام الخامس من العدوان – الأخيرة

من رفوف الذاكرة

 

أحمد يحيى الديلمي

•اليمن مقبرة الغزاة
بعد انقضاء أربع سنوات من العدوان البربري على اليمن الأرض والإنسان وبعد أن ظهرت إلى العلن الكثير من الحقائق التي عرت دول العدوان المباشرة أو الداعمة والمساندة ممثلة في أمريكا وبريطانيا ودولة الكيان الصهيوني ها هي الحقائق تكشف زيف الادعاءات وتؤكد سقوط كل المبررات والذرائع التي سوقت من قبل إعلام العدوان وأبواق الدعاية المأجورة وفي ضوء الأدلة الواردة في الحلقات السابقة بالذات ما يتصل بملامح الاستراتيجية الأمريكية التي رسمت مستقبل المنطقة واعتبرت اليمن أهم محور لترجمة فصولها إلا أن السنوات الأربع التي توشك على الانقضاء فشلت تماماً في كسر إرادة الشعب اليمني وإعادة نظامه الوطني إلى بيت الطاعة رغم أن المعتدين لجأوا إلى كل الأساليب القذرة بقصد زيادة المعاناة وتضييق الخناق على المواطنين إضافة إلى ارتكاب المجازر البشرية بما اشتملت عليه من وحشية وقُبح وبشاعة .
ما لم يدركه الأمريكان والبريطانيون والصهيانة أن الشعب اليمني ابي ،جوهره الحضاري يرفض الذل والهوان، فقد افشل كل محاولات الغزاة ممن أطلقوا عليه مقبرة الغزاة وآخرها محاولات السعودية التي اغتالت الدولة فترة من الزمن وحاولت التأثير على الهوية من خلال النصوص الجامدة والتفسيرات الوثنية الملوثة بأفكار جاهلية أرادت اعتقال اليمنيين قسراً في زوايا الخرافة وفتاوى الضلال والتأويل النفعي للنصوص لكن الشعب أسقط كل المحاولات وتمسك بموروثه الحضاري ببعديه الإنساني والديني بما هو عليه من التسامح ورفض الغلو والتطرف ، وهذه المبادئ اليوم هي المعين للاصطفاف والتلاحم والصمود ومن تخاذل أو ضعف أو استكان وانحدر إلى مزبلة العمالة والخيانة أصبح يجرجر أذيال الخيبة ويعض أصابع الندم بالذات من يعانون من صلف وغطرسة وعنجهية المحتلين فيما يسمى بالمحافظات المحررة الذين يتعرضون لممارسات قمعية بشعة ويقبعون في أقبية سجون سرية يتلقون فيها كل أنواع التنكيل والتعذيب وحتى الاغتصاب الجسدي للرجال والنساء بحسب تقارير منظمات دولية أكدت ارتكاب الجرائم المنافية للأخلاق والقيم التي تتعارض مع تعاليم الإسلام وأبسط القيم الانسانية ، لأنها أعمال غاية في الوحشية تتجاوز كل شيء بما في ذلك المواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة ، مع ذلك قوبلت بصمت مريب من دول العالم وفي المقدمة الأشقاء العرب والمسلمين، لأن فرية إيران والشرعية المزعومة لا تزال معشعشة في أذهانهم والبعض استلموا ثمن الصمت مقدماً ويحالون إقناع شعوبهم أن ما تقوم به دول العدوان السبع عشرة في اليمن أعمال إنسانية هدفها إنقاذ اليمنيين ممن يسمونهم الانقلابيين وهي صورة غاية في البشاعة تدل على قبح النفوس وتكشف حالة التدجين المريب للشارع العربي وكيف أن أمريكا وبريطانيا أسهمتا في فرض قوة حضور نظام آل سعود البدوي المغرق في التخلف في الواقع واختزلت العروبة والإسلام في هذا النظام غير السوي ، هنا تكمن الاشكالية الكبرى، لأن امريكا استطاعت من خلال نفس النظام أن تتحكم في مسار الجامعة العربية وتشارك في صياغة القرارات التي تصدر عنها .
للأسف استطاع الأمريكان من خلال الهيمنة وقوة النفوذ السعودي أن يحولوا الجامعة من بيت العرب إلى كيان هُلامي يشرعن القرارات الدولية الموافقة للرغبة الامريكية كما حدث في العراق وليبيا وسوريا واليمن ويحدث اليوم باتجاه التآمر على الشعب الفلسطيني وإسكات أي صوت عربي أو إسلامي يعارض “صفقة القرن” بما هي عليه من إجحاف بحق الشعب الفلسطيني وبالتالي ندرك مدى خطورة النفوذ الجيوسياسي للسعودية ودور كل من أمريكا وبريطانيا والصهاينة في تحقيق هذه الغاية.
بما يشير إلى أن هذا السلوك السياسي المريب صب في خدمة الرغبات المبيتة والمصالح المأمولة فأسقط الخطوط الحمراء للأعراف والتقاليد وحتى التعاليم الثابتة في منهج العقيدة.
الصورة قاتمة غاية في البشاعة تُفصح بجلاء عن أن ما يُسمى بالاستراتيجية الأمريكية المتصلة بمستقبل المنطقة لم تخرج إلى العلن إلا بعد ايجاد الدُمى غير المدركة لسلسلة المؤامرات التي تحاك ضد الأمة والعقيدة، فهي تشعر بالغبطة والسعادة الكاملة عندما تسهم في بلورة لحظة مفصلية عند استكمال مشوار التخاذل وتعريض الأمة لهزائم ماحقة لإشاعة الفوضى والتدمير وكل أنواع الظلم والاضطهاد بعد أن تعطلت الاحكام وجرى التغييب القسري للعدالة.
بالعودة إلى موضوعنا الأساسي، نسمع اليوم الكثير من الأصوات المنددة بالعدوان والمطالبة بالحلول السلمية إلا أن السعودية والإمارات مؤيدة بالرغبة الامريكية المبطنة تتعمد افشال جولات التفاوض وإحباط أي محاولة في هذا الاتجاه بما يترتب على ذلك من تناقض صارخ في موقف الامم المتحدة ودورها المأساوي في بلورة الحل السلمي وإذا كان هذا هو الحال فإننا نعول كثيراً على شعوب العالم الحر ، وفي المقدمة الأشقاء والأصدقاء، إذ من العيب أن يظل الجميع في نفس الغي والضلال وأقل ما نأمله أن تتحرك الشعوب لإجبار الأنظمة على اتخاذ مواقف مغايرة وأن تبادر الدول المشاركة في العدوان إلى سحب جنودها من الجبهات كما صنع رئيس وزراء ماليزيا محاضير محمد وهذا أقل ما نتوقعه من الأشقاء في الدم والعقيدة .
• التاريخ يعيد نفسه
عام 1920م سعى سعود بن عبد العزيز قائد حملة عبد العزيز إلى إجراء الصلح بين أبو نقطة أمير عسير وحمود أبو مسمار أمير أبي عريش نجران بعد حروب جرت بينهما كانت الغلبة فيها لأبو مسمار بعد أن تمكن سعود من استمالة ابو نقطة وأغراه بالمال ليصبح رأس حربة لأحداث التغيير الديمغرافي ونشر من يسمون بالدعاة لإحلال الفكر الوهابي والتأثير على الهوية الدينية بهدف استقطاب حمود أبو مسمار واغراقه بالذهب ليصبح مع مقاتليه -يد ابن سعود وسنده في الهجوم على صنعاء ، ومع أن الصلح تم إلا أن أبو مسمار رفض التبشير بالوهابية وخاطب شيخ الدعاة قائلا (نحن نعرف عن الإسلام أكثر مما تعرفونه أنتم ، الفكر الذي تحملونه ضيق يجهل تعاليم الدين وتسوقون الأقاويل والتأويلات الضالة لتأييد أعمال العنف والاجرام وقتل المسلمين بغياً وعدواناً).
وفي الجانب العسكري، رفض أبو مسمار تقديم أي مساعدة وأتبع حيلة لإفشال الرغبة المجنونة، أستلم المال وطلب مهلة للتفكير وخلال المهلة أوفد أحد رجاله لإبلاغ حكام صنعاء بما يخطط له ابن سعود ثم أعلن الرفض وكان للحركة دور هام في وأد طموحات ابن سعود وإحداث هزيمة نكراء بالغازي السعودي خارج أسوار صعدة رغم السلاح الفتاك والمساندة المباشرة من بريطانيا، إلا أن جيش ابن سعود منيّ بهزيمة ساحقة كانت المفاجأة أن أبو نقطة عميل السعودية تنكر لابن سعود وعاد إلى حضن الوطن يقاتل دفاعاً عنه ضد آل سعود .
واليوم نجد التاريخ يعيد نفسه، فأبناء اليمن الميامين يخوضون حربا شرسة ويسطرون بطولات خالدة ويصنعون ملامح كسرت قواعد الحروب ووضعت العلوم العسكرية أمام حقائق جديدة ، كما جاء على لسان سيد المقاومة في لبنان السيد حسن نصر الله حفظه الله ، وهي حقيقة ناصعة لا يمكن لأحد إنكارها أو الجدال حولها بعد أربع سنوات من الصمود أمام الفارق الكبير جداً في العدد والعدة وكل وسائل الدعم اللوجستي لم تتوقف الانتصارات عند ميادين المواجهة وصد جحافل الغزاة القادمين من اصقاع العالم لكنها امتدت إلى الإبداع والابتكار في التصنيع العسكري بإنجاز الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، بالمقابل ما يبعث الاعتزاز والثقة بالنفس أن كل المؤامرات والأسلحة الفتاكة ومئات المليارات التي تم انفاقها سقطت تحت أقدام الحفاة العراة من الأبطال الميامين وان كل المبررات التي سوقها المعتدون بما رافقها من الارجاف والتهويل تلاشت وتصحرت بعد أربع سنوات من القصف والدمار والقتل والتشريد للملايين من أبناء شعبنا اليمني العظيم.
لنا أن نفخر بالصناديد من أبناء هذا الشعب فهم صمام الأمان ومحور رهان الشعب على مواجهة العدوان الهمجي السافر المعزز بإرادة كونية وأسلحة فتاكة من أكثر دول العالم منتجة للسلاح ، وهذا يدفعنا أن نقول للأمراء في الرياض وأبو ظبي عليهم أن يعودوا إلى التاريخ ليدركوا أن هذا الشعب صلب الإرادة قوي الشكيمة صادق الإيمان بالخالق سبحانه وتعالى ومنه يستمد الثبات والعون والقدرة على صناعة النصر ودحر المعتدين إن شاء الله .
والله من وراء القصد ،،،،

قد يعجبك ايضا