فنزويلا والغطرسة الأمريكية

عبدالفتاح علي البنوس

تثبت أمريكا من حين لآخر أنها عبارة عن كتلة من الغطرسة والتعالي والصلف والإجرام والعنجهية ، حيث تواصل الإدارة الأمريكية تمرير سياستها العدائية والاستفزازية والاستعمارية ، وإقحام نفسها بالقوة في شؤون الدول والأنظمة الداخلية مستقوية بالفيتو الذي جعلت منه سلاحاً يحصنها من أي ملاحقات دولية ، لتؤكد للجميع أنها الشيطان الأكبر ، وأنها العدو اللدود لكافة الأنظمة والحركات الحرة المناهضة لسياستها ومشروعها التوسعي الاستيطاني.
أمريكا التي عبثت بأفغانستان وقامت باحتلالها وقتل أبناء شعبها وزرع الفتنة فيها ، مضت في عبثيتها قدماً نحو العراق الذي ارتكبت فيه جرائم وحشية ممنهجة استهدفت العقول العراقية النيرة من العلماء والباحثين والسياسيين والنخب الأكاديمية والعلمية والثقافية التي كانت تمثل ثروة بحد ذاتها للعراق ، ومن ثم إبحارها نحو سوريا والتحالف مع الكيان الصهيوني وبعران الخليج من أجل تدميرها والقضاء على صلابة وقوة الجيش العربي السوري وضرب الحاضنة الآمنة لحركات المقاومة الإسلامية ، من أجل تأمين الكيان الصهيوني وتمكينه من التمدد والتوسع في المنطقة ونشر خبثه وتنفيذ أجندته وأهدافه الاستعمارية ، وصولا إلى بلادنا فأعطت الضوء الأخضر للعجل السعودي لشن عدوانه الإجرامي وفرض حصاره الهمجي على دولة مستقلة ذات سيادة وشعب مسالم لا ذنب له سوى أنه قال “لا للتبعية والوصاية السعودية ، ولا لمشروع الهيمنة والغطرسة الأمريكوصهيونية” ، وما تزال اليد الأمريكية ممدودة بقوة في الداخل اليمني ، ولا تتوقف عن ممارسة العبث والإجرام ، ونشر الفوضى وارتكاب المزيد من الجرائم والمذابح في حق أبناء شعبنا من الرجال والنساء والأطفال ، ولولا التدخل الأمريكي لما أقدمت السعودية والإمارات على ارتكاب حماقتها في بلادنا بكل هذا الصلف والإجرام والوحشية.
واليوم أمريكا وبكل وقاحة تحشر أنفها في فنزويلا بهدف تركيع قيادتها ، والسيطرة على ثرواتها النفطية والمادية ، وتحويلها إلى مستعمرة أمريكية خاضعة لسلطة البيت الأبيض.. أمريكا تريد القفز على إرادة ما يقارب 65% من أبناء الشعب الفنزويلي الذين انتخبوا الرئيس مادورو رئيسا للبلاد في انتخابات ديمقراطية شفافة ، وذهبت مع أوروبا للاعتراف بزعيم المعارضة رئيسا انتقاليا لفنزويلا ، في انتهاك صارخ وسافر للقانون والمواثيق الدولية ، لأن مادورو لم يخنع ولم يخضع للبيت الأبيض ، ولم يقبل بولاية ترامب ، ولم يتخل عن سياسة الرئيس الراحل شافيز الذي ظل مناهضا للغطرسة الأمريكية ، ورافضا لسياستها الرعناء ، وتدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية للدول في تعد وتطاول وانتهاك صارخ للقوانين الدولية ، لذا قرروا الانقلاب عليه ، وإشعال الفوضى داخل فنزويلا ، ووصلت بهم الجرأة للتلويح بالتدخل العسكري لفرض زعيم المعارضة رئيسا ، وإقصاء الرئيس الشرعي المنتخب من قبل الغالبية الفنزويلية وسط صمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكأن أمريكا لا سلطة عليها ، ومن حقها احتلال دول و تغيير أنظمة بما يتماشى مع مصالحها وأهدافها ؟!
بالمختصر المفيد.. فنزويلا غير الخاضعة لسياسة الغطرسة والاستكبار الأمريكية تتعرض لمؤامرة أمريكية قذرة تستهدف الشرعية الفنزويلية، وهذا منطق أخرق.. في فنزويلا وسوريا تقف أمريكا ضد الشرعية الحقيقية المنتخبة من الشعبين الفنزويلي والسوري، وفي اليمن تقف أمريكا مع الدنبوع هادي الذي ترى فيه الشرعية المزعومة، رغم أنها تؤمن بأنه لا شرعية له على الإطلاق.. أمريكا تريد شرعية على طريقتها، ومن أجل ذلك تستهدف الأنظمة التي تقف ضدها وضد شرعيتها المزعومة للوصول إلى أنظمة تسبِّح بحمدها وتسخِّر لها ثروات ومقدرات شعوبها وبلدانها، أنظمة متأمركة متصهينة تبيع وتتاجر بكل شيء في سبيل البقاء على سدة الحكم.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

قد يعجبك ايضا