وضوح الرؤية وضبابيتها

 

حاتم شراح

تتمثل المرحلة الراهنة في فئتين: فئة تتخذ من الصراع السياسي والعسكري أداة للتكسب والثراء، وفئة تتخذ من الصراع وسيلة لنيل العزة والكرامة، وأن ينال الشعبُ عزَّتَه وكرامته، ويستخرج خيراتِه، ويتخلص من الفئة التي كانت عِبئا عليه، تثرى وتتخم بطونها من خلال الفساد بدعم من العدو، وهنا يجب على الشعب أن يفهم ما الذي يدور في الساحة هناك صراع بين الحق المحض والباطل المحض والطفل الذي لم يبلغ الفطام يستطيع أن يحكم، هناك تعصب نعم، هناك أحكام تستند إلى المصالح نعم، وهذه هي من تستند إليها تلك النفوس المريضة التي تفتقد إلى الموضوعية والعقلانية في إصدار الأحكام.
إن المبالغة في تضخيم بعض الأخطاء، والتعامي عن الإيجابيات هو ما يسود اليوم، الإدارة التي تحكم اليوم تستند إلى اقتصاد الطوارئ، والإمكانيات والموارد في ظل الحرب التي من المفترض أن تأكل الأخضر واليابس، يتناساها الكثيرون ممن لا عقل له ولا وطنية ولا تفكير عقلاني يزن الأمور، ما يحدث في اليمن هو إرادة شيطانية لا ترحم أحدا، هو انتحار اخلاقي وإفلاس انساني بما تحويه الكلمة من معنى.
هناك ارتزاق يستند إلى نذالة شديدة لا تحسب حسابا لأخلاق أو عقل إطلاقا، هناك استفادة من العدو لذلك الشحن الطائفي والمذهبي الذي تم انفاق المليارات عليه ولكنه بدأ يتآكل ويستنفد وأصبح عبئا على العدو لن يلبث أن يستغني عنه في أقرب فرصة، وللأسف الشديد أن هناك ممن يخدم العدوان مجانا، وهؤلاء سوف يسقطون أخلاقيا من خلال تصرفاتهم في المجتمع حيث سيظهر تأثير نذالتهم من خلال تصرفاتهم الدنيئة التي لا تقل نذالة عن مواقفهم المخزية.
إن العظمة التي يتمتع بها اليمني اليوم في أصقاع العالم لا يشعر بها الأنذال الذين يمثلون النفاق بأوضح صوره، فهم يتمنون أن ينهزم اليمن، وأن يستسلم اليمنيون، ولا يرون في الانتصارات إلا شيئا يُنَغِّص عليهم معيشتهم، وهؤلاء سوف تنتهي الحرب، ويشعرون بحقارتهم، من خلال نفاقهم كما كان يفعل المنافقون في عهد رسول الله، ومن هذا المنطلق سنرى أناسا نتيجة لمواقفهم سيحتقرون أنفسهم قبل أن يحتقرهم الآخرون، لأنهم فقدوا وطنيتهم وفقدوا عقولهم للأسف الشديد، إن الصمت لا يعتبر حكمة في مثل هذه الظروف أبدا، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
أما الحق ـ الذي منعت نفسية هؤلاء رؤيته ومعرفته ـ فهو واضح كالشمس في وضح النهار عرفه من عرف، وتعامى عن معرفته من تعامى، والنظرة النقدية التي تستند إلى العقل والدين والأخلاق كفيلة بأن تجعل الإنسان يرى الحق، ولا يستطيع أن يعيقه عن ذلك أحد.
وفي الأخير سيعلم ويرى الجميع أن السياسة القذرة التي ينتهجها المنهزم أخلاقيا تزيده انهزاما، وتعيقه عن تلافي الأخطاء التي وقع فيها متعمدا؛ نتيجة لنفسيته الخبيثة.

قد يعجبك ايضا