أسرى الحرب أمانة وانتهاكها جريمة وخيانة

عبدالرحمن الزبيب
القانون الدولي الإنساني يسعى لحماية الإنسان أثناء الحروب ويحد من قتل الانسان لذلك وسع الفئات المحمية الذي يستوجب حمايتهم أثناء الحروب فلم تتوقف الحماية فقط للمدنيين بل شملت أيضاً العسكريين من أطراف الحروب باعتبارهم ايضاً إنساناً وأهم عناصر الحروب هم المقاتلون لأنهم إذا تمت معاملتهم بشكل إنساني سيؤثر ذلك على تصرفاتهم في الميدان والعكس صحيح.
لذلك تعتبر أهم عناصر أنسنة الحروب والحد من كوارثها وضحاياها هي في التعامل الإنساني نحو المقاتلين أطراف الحرب.
ولأهمية ذلك يلاحظ أن أهم مكونات القانون الدولي الإنساني ( قانون الحرب ) هي اتفاقيات جنيف الأربع خصصت اتفاقية واحدة فقط لحماية المدنيين وهي الاتفاقية الرابعة والثلاث الاتفاقيات الأخرى تم تخصيصها لحماية المقاتلين والتعامل الإنساني معهم عند اصابتهم اثناء القتال أو احتجازهم من قبل الطرف الآخر أو لأي سبب آخر فعند توقف المقاتل عن القتال فهو فئة محكمية وفقاً للقانون الدولي الإنساني والاعتداء عليه جريمة حرب ضد الإنسانية يساءل ويعاقب مرتكبها ولا تسقط بالتقادم لأن ذلك الاعتداء يجر الحرب نحو اللاإنسانية ونحو طاحونة الانتقام والانتقام المقابل.
لذلك يتدخل القانون الدولي الإنساني ليبعث روح الحياة ويضع مداميك راسخة لإحلال السلام وإيقاف الحرب بقوته الناعمة جداً وهو التعامل الإنساني مع الجميع سواء المشاركين في القتال أو من لا يشارك فالجميع انسان وللجميع قلوب وعقول ومشاعر فياضة بالحب والإنسانية بالفطرة لا يوغر تلك القلوب إلا الانتهاك والتعامل اللاإنساني الذي يحول الإنسان إلى وحش كاسر وجاء القانون الدولي الإنساني ليوقف صناعة التوحش بالحد من الانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء الحروب.
الحروب تندلع بين دول ومهما كانت الدول المشاركة في الحرب فهي تنحصر في محورين أساسيين وجميع العناصر المكونة لها والجيوش المختلفة تصطف في جبهتين متقابلتين للقتال كل جبهة ضد الأخرى.
جميع المقاتلين المشاركين في الحرب لم يقوموا بالمشاركة فيها بشكل مزاجي أو لانتقامات شخصية بل بقرار تصدره القيادات العليا لتبدأ الحرب بالاندلاع وتتوقف ايضاً بقرار من نفس القيادات الذي اشعلت الحرب لذلك فجميع المشاركين في تلك الحرب هم منفذون لقرارات ويشاركون في الحرب على انه قرار وواجب وطني.
ويفترض أن أطراف الحروب تدخل الحروب لتحقيق اهداف ومصالح ولا يكون الهدف فقط القتل بل السيطرة على الطرف الآخر فإنه عند تحقيق ذلك الهدف يكون استمرار القتل عبثاً وانتهاكاً لا مبرر له.
وكذلك أسرى الحرب هم جنود وضباط ومقاتلون تابعون لأحد الأطراف انخرطوا في القتال بقرار من القيادات العليا وفجأة يصابون بجراح أو مرض أو يحاصرون ويتم القبض عليهم من قبل العدو وبذلك يتوقفون عن المشاركة في القتال ويتحقق في ذلك هدف الطرف القابض عليهم ويستوجب معاملتهم بطريقة إنسانية كونهم إنساناً ومشاركتهم في الحرب لاتجردهم من اصلهم الإنساني ويعتبرون أمانة على عاتق الطرف الآخر يستوجب الحفاظ عليها وعدم خيانة الأمانة والإضرار بالأسرى.
وبالعودة الى اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12 أغسطس 1949م اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام من قبل المؤتمر الدبلوماسي لوضع اتفاقيات دولية لحماية ضحايا الحروب
المعقود في جنيف خلال الفترة من 21 أبريل إلي 12 أغسطس 1949والذي بدأ نفاذها من تاريخ: 21 أكتوبر 1950 وفقا لأحكام المادة 138يلاحظ أنها مكونة من ( 143) مادة وخمسة ملاحق أوضحت في ثناياها كل ما يتعلق بأسرى الحرب من تعريفهم وحتى آليات التعامل معهم وحتى الإفراج الوجوبي عنهم اما بتبادل اسرى الحرب بين أطرافها أثناء الحرب أو الإفراج الوجوبي لجميع اسرى الحرب عقب انتهاء الحرب مباشرة دون تأخير.
ولتوضيح ذلك نوجزه في المحاور التالية :
أولاً : تعريف اسير الحرب
عرفت المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة اسرى الحرب وفصلت فئاتهم في التالي :
أسرى الحرب بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية هم الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية، ويقعون في قبضة العدو:

  1. أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءا من هذه القوات المسلحة.
  2. أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلا، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:
    (أ) أن يقودها شخص مسؤول عن مرؤوسيه،
    (ب) أن تكون لها شارة مميزة ومحددة يمكن تمييزها من بعد،
    (ج) أن تحمل الأسلحة جهرا،
    (د) أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها.
  3. أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة.
  4. الأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءا منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية، والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين، وأفراد وحدات العمال أو الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها.
  5. أفراد الأطقم الملاحية، بمن فيهم القادة والملاحون ومساعدوهم في السفن التجارية وأطقم الطائرات المدنية التابعة لأطراف النزاع، الذين لا ينتفعون بمعاملة أفضل بمقتضى أي أحكام أخرى من القانون الدولي.
  6. سكان الأراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية، شريطة أن يحملوا السلاح جهرا وأن يراعوا قوانين الحرب وعاداتها.
    (ب) يعامل الأشخاص المذكورون فيما يلي بالمثل كأسرى حرب بمقتضى هذه الاتفاقية:
  7. الأشخاص الذين يتبعون أو كانوا تابعين للقوات المسلحة للبلد المحتل إذا رأت دولة الاحتلال ضرورة اعتقالهم بسبب هذا الانتماء، حتى لو كانت قد تركتهم أحراراً في بادئ الأمر أثناء سير الأعمال الحربية خارج الأراضي التي تحتلها، وعلى الأخص في حالة قيام هؤلاء الأشخاص بمحاولة فاشلة للانضمام إلى القوات المسلحة التي يتبعونها والمشتركة في القتال، أو في حالة عدم امتثالهم لإنذار يوجه إليهم بقصد الاعتقال.
  8. الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات المبينة في هذه المادة، الذين تستقبلهم دولة محايدة أو غير محاربة في إقليمها وتلتزم باعتقالهم بمقتضى القانون الدولي، مع مراعاة أية معاملة أكثر ملائمة قد ترى هذه الدول من المناسب منحها لهم وباستثناء أحكام المواد 8 و 1 و 15، والفقرة الخامسة من المادة 30، والمواد 58-67 و 92 و 126، والأحكام المتعلقة بالدولة الحامية عندما تكون هناك علاقات سياسية بين أطراف النزاع والدولة المحايدة أو غير المحاربة المعنية. أما في حالة وجود هذه العلاقات السياسية، فإنه يسمح لأطراف النزاع التي ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص بممارسة المهام التي تقوم بها الدولة الحامية إزاءهم بمقتضى هذه الاتفاقية، دون الإخلال بالواجبات طبقا للأعراف والمعاهدات السياسية والقنصلية.
    وبذلك تكون جميع تلك الفئات المذكورة سالفاً محمية بالقانون الدولي الإنساني ويتم معاملتهم كاسرى حرب ولايجوز التأويل الخاطىء لاستبعاد أي شخص من صفة اسير الحرب كون الموضوع التزاماً لا اختياراً.
    ثانياً : حماية أسرى الحرب والمعاملة الإنسانية لهم
    نصت اتفاقيات جنيف الأربع على حقوق إنسانية لجميع الأشخاص أثناء الحروب واعتبرتها حدوداً دنيا لا يجوز الانتقاص منها بأي حال من الأحوال باعتبارها مادة مشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع وهي المادة الثالثة المشتركة والتي نصت على المعاملة الإنسانية واحترام الكرامة الإنسانية لجميع الأشخاص اثناء الحروب ولتفصيل ذلك نورد نص المادة كالتالي :
    في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:
  9. الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة، أو أي معيار مماثل آخر.
    ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن:
    (أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب،
    (ب) أخذ الرهائن،
    (ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والمحاطة بالكرامة،
    (د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا. وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
  10. يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم.
    يجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع.
    وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك، عن طريق اتفاقات خاصة، على تنفيذ كل الأحكام الأخرى من هذه الاتفاقية أو بعضها.
    وليس في تطبيق الأحكام المتقدمة ما يؤثر على الوضع القانوني لأطراف النزاع)
    هنا توضح المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع الحقوق الإنسانية الدنيا الواجب احترامها وعدم انتهاكها أثناء الحروب ويعتبر أي انتهاك أو تجاوز لتلك الحروب جريمة حرب ضد الإنسانية.
    ثالثاً : آليات التعامل مع أسرى الحرب
    أوضحت اتفاقية جنيف الثالثة آليات التعامل مع أسرى الحرب أثناء الاحتجاز منذ إلقاء القبض على الأسير وحتى الإفراج عنه وتتمحور اهم تلك الآليات في النقاط التالية :
  11. وجوبية إنشاء إدارة استعلامات عن أسرى الحرب لدى الأطراف المتحاربة ووكالة مركزية في دولة محايدة يكون عملها جمع البيانات والمعلومات عن جميع أسرى الحرب في قاعدة بيانات مركزية بحيث لايتم احتجاز أي شخص وأسره إلا ويتم مباشرة إرسال جميع المعلومات الشخصية عن الأسير وتغذية مركز الاتعلامات بها والذي بدورها ترفعها للوكالة المركزية.
  12. وجوبية إبلاغ الطرف الآخر وعائلة الأسير بوقوعه في الأسر
    نص القانون الدولي الإنساني على أنه من الواجب على الطرف الذي يقبض على أسرى لديه من الطرف الآخر سرعة ابلاغ الطرف الآخر وكذلك عائلة الأسير عن القبض على الأسير وحالته الصحية أثناء الأسر خلال اقرب فترة ممكنه ولا تتجاوز الأسبوع.
  13. حق التواصل
    وقوع الشخص في الأسر ليس معناه الحبس هو فقط تحفظ عليه لفترة مؤقتة حتى يتم عقد صفقات تبادل مع الطرف الآخر اثناء الحرب أو حتى تتوقف الحرب ليتم اطلاق جميع اسرى الحرب.
    والتحفظ على أسير الحرب لا يحرمه من حقه في التواصل المستمر مع عائلته للاطمئنان عليهم ويطمئنون عليه برسائل.
  14. ابلاغ عائلة الأسير بأي مستجدات عن وضع الأسير لديها
    من حق الأسير ان يتم ابلاغ عائلته بأي مستجدات عن حالة الأسير الصحية والنفسية أولاً بأول وإذا حصل عارض صحي أو إصابة يستوجب التحقيق النزيه في ذلك ورفع ذلك التحقيق الى عائلته ليطمئنوا عليه وإذا مات الأسير أثناء التحفظ عليه يستوجب ان يتم ابلاغ عائلته بذلك وأسباب الوفاة وإمكانية إرسال الجثة لدفنها أو يتم دفنها بمراسيم تحترم الإنسان في حياته وأيضاً بعد وفاته.
  15. مسؤولية حماية الأسير
    عند وقوع المقاتل في قبضة العدو يكون أمانة وفي عهدة ومسؤولية الدولة أو الجهة الحاجزة ويستوجب تسليم الأسير للجهة المختصة فوراً دون تباطؤ ولا يوجد ما يبرر أن تقوم الكتيبة العسكرية باحتجاز أسرى لديها وعدم تسليمهم للجهات المختصة بذلك حتى لا يتعرض الأسرى للانتهاك لحقوقهم الإنسانية وأي انتهاك لحقوق الأسرى الإنسانية يتحملها الطرف الحاجز كدولة ولا يجوز لها التنصل من مسؤوليتها بمبرر عدم تسليم الأسير للجهات المختصة باعتبار ذلك خللاً إدارياً لديها تتحمل بموجبه المسؤولية القانونية عن كل ما يتعرض له الأسير من انتهاكات.
  16. نقل الأسير وحمايته
    بعد القبض على الأسير يستوجب ان يتم نقله الى منطقة آمنة وعدم استخدام الأسير كدرع بشري بل يستوجب نقله الى منطقة آمنة بعيداً عن ميدان القتال للحفاظ على حياته.
    كما يستلزم أن يتم التحفظ على الأسير في مكان بعيد عن ميدان القتال وفي مبانٍ صحية فوق الأرض بمعنى انه يمنع ان يتم التحفظ على الأسرى تحت الأرض أو في أماكن غير صحية لكي لاتتعرض حياتهم للخطر كما يستوجب أن يتم نقلهم بطريقة وبوسائل إنسانية تحافظ على كرامته الإنسانية وتحميه من أي تعرض أو اعتداء.
  17. رعاية أسرى الحرب اثناء التحفظ عليهم
    يستوجب أن يتم رعاية أسرى الحرب أثناء التحفظ عليهم بمعنى يستوجب توفير كافة احتياجاتهم الإنسانية من غذاء وماء وصرف صحي وملابس وبطانيات وفرش وغيرها من الاحتياجات الإنسانية.
  18. الرعاية الصحية
    يستوجب أيضاً الرعاية الصحية لأسرى الحرب منذ وقوعهم في الأسر وأثناء التحفظ عليهم وحتى الإفراج عنهم حيث يستوجب أن يتم تقديم الرعاية الطبية العاجلة لهم إذا كانوا مصابين وبذل الجهود الممكنة للحفاظ على حياتهم ثم يستوجب بعدها إخضاع أسرى الحرب للفحص الطبي لتحديد الأمراض الذي يعانون منها وتقديم الأدوية والرعاية الطبية اللازمة لهم دون تأخير.
  19. عدم إعادة أسرى الحرب إلى جبهات القتال بعد إطلاقهم
    اسير الحرب نتيجة وقوعه في قبضة العدو يعاني من حرمانه من عائلته ويمر بحالات صعبة أثناء الأسر ويستوجب أن يخضع الأسير بعد إطلاق سراحة لعلاج ودعم نفسي وراحة نفسية بعيداً عن رائحة البارود الخانقة لذلك أوجب القانون الدولي الإنساني بأن لا يتم إعادة أسير الحرب بعد إطلاقه الى جبهات القتال وأيضاً لعدم استفزاز الطرف الآخر بإلقاء القبض على الأسير مرة أخرى بعد إطلاقه.
  20. وجوبية إطلاق سراح جميع اسرى الحرب
    اوجب القانون الدولي الإنساني على الأطراف المشاركة في الحرب اطلاق سراح اسرى الحرب إما بصفقات تبادل أسرى الحرب بين طرفيها اثناء الحرب وعند انتهاء الحرب يستوجب إطلاق سراح جميع أسرى الحرب لدى أطرافها.
    وفي الأخير :
    نؤكد على أهمية الالتزام بنصوص القانون الدولي الإنساني أثناء الحروب والذي ينص على التعامل الإنساني مع جميع الأشخاص المتواجدين في ساحات القتال إما كمقاتلين أو مدنيين أو من يتم التحفظ عليهم من اسرى الحرب.
    باعتبار أن الجميع إنسان ولا يتجرد الإنسان من إنسانيته حتى لوكان مشاركاً في قتال فهو إنسان ويستوجب ان يتم معاملته بإنسانية وحماية كرامته الإنسانية كونه أمانة مودعة لدى الجهات الآسرة وتتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أي انتهاك لحقوقه وكرامته الإنسانية.
    نعم الحروب أكبر انتهاك لحقوق الإنسان ولكنها تكون أخطر إذا كانت منفلتة من القيود والضوابط المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني وبخصوص أسرى الحرب يستوجب أن يتم الالتزام بتطبيق نصوص اتفاقية جنيف الثالثة دون أي مخالفة وكذا البروتوكولات الملحقة بها بما يحافظ على إنسانية وكرامة أسير الحرب باعتباره إنساناً له حقوق وكرامة إنسانية لايوجد أي مبرر لانتهاكها وأي انتهاك لها تعتبر جريمة حرب ضد الإنسانية.
    اهتمام القانون الدولي الإنساني بالمقاتلين في الحروب وتخصيص ثلاث اتفاقيات لهم من اربع اتفاقيات لم تأت من فراغ بل جاءت باعتبارهم اهم عناصر الحرب فإذا تمت معاملتهم بشكل انساني سينعكس ذلك ايجاباً في تعاملهم الإنساني نحو الآخرين حيث أن معظم كوارث الحروب جاءت من انتهاكات حقوق الإنسان التي توغر القلوب وتشتعل نيران الحقد والكراهية نحو الطرف الآخر وتصنع التوحش الذي يسعى للانتقام فأسيراً الحرب عند انتهاك حقوقه وكرامته الإنسانية سيعود من الأسر منتقماً ووحشاً كاسراً يحطم كل شيء وهذا خطير ويعتبر إجراءً عكسياً لما يسعى له القانون الدولي الإنساني من أنسنة الحرب تمهيداً لتوقيفها وصناعه السلام.
    يلاحظ في الواقع أن هناك قصوراً كبيراً من قبل الجهات المختصة بتطبيق القانون الدولي الإنساني أثناء الحروب وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر فما زالت جهودها بطيئة جداً خصوصاً فيما يتعلق بأسرى الحرب حيث لم تقم بإنشاء وكالة مركزية لأسرى الحرب ومراكز استعلامات يتم إلزام الأطراف بإنشائها وتغذيتها بالمعلومات عن أسرى الحرب وتحديثها بشكل مستمر وإبلاغ الطرف الآخر وعائلة أسير الحرب بوقوعه في قبضتهم وبما يؤدي الى الحفاظ على حياته وتسهيل إجراءات عقد صفقات تبادل الأسرى الذي تتعرقل بسبب غياب مراكز الاستعلامات وعدم رفع المعلومات عن جميع أسرى الحرب أولاً بأول وحماية حياتهم وكرامتهم الإنسانية من الانتهاك وفقاً لما نص عليه القانون الدولي الإنساني باعتبار أسرى الحرب أمانة وانتهاكها جريمة وخيانة.

  • عضو الهيئة الاستشارية لحقوق الانسان + النيابة العامة

قد يعجبك ايضا