العقول في الجيوب ..

 

أحمد يحيى الديلمي
أفضل تعليق على تصريحات و مواقف الرئيس الأمريكي “ترامب” المتسمة بالعنجهية والانتهازية والتناقض سمعته من يمني أمي قال بتلقائية وبساطة (عقله في جيبه) المثل معروف يوصف به كل شخص بلا مؤهلات ولا صفات يستحسنها الناس يفرض احترامه و قوة حضوره بالمال ، سلاحه الوحيد للظفر بالمستوى الذي يتطلع إليه لذلك ينفق المال بجنون وتبذير وفي مواضع غير محموده لا تتجاوز أصحاب الشعارات الهتّيفة المتزلفين من يسبحون بحمده ويخفون عن الناس العيوب والمثالب والهفوات الحاكمة لسلوكه .
المضمون واسع يصعب اختزاله في هذه المساحة لكنه يتجاوز الرئيس “ترامب” ويمثل وصفا دقيقا للحقبة الزمنية الراهنة بما تمثله من تكالب وصراعات وتوترات ظاهرة وخفية بين دول التأثير والفاعلية لغرض الهيمنة والتحكم في القرار الدولي بما ترتب على التوجه من تداعيات خطيرة جردت المال من وظيفته الإنسانية كمصدر لتحقيق النماء و التطور وكل ما يسهم في الارتقاء بحياة البشر إلى وسيلة لإنتاج الأسلحة الفتاكة وآليات الفتك والدمار وتمويل الحروب والصراعات وصولاً إلى تفخيخ علاقات الدول ببعضها وإسقاط كل القيم والمبادئ والضوابط الأخلاقية للسلوك في مزبلة المصالح الذاتية والمال بأفقه الانتهازي المخيف الذي يبرر الانزلاق إلى أوكار الفساد والإفساد مقابل تدني الأخلاق والشرف والشفافية والنزاهة وإشاعة العبث بمقدرات الشعوب المغلوبة على أمرها بمسميات مختلفة أشاعت الفوضى والظلم في ظل التغييب القسري للعدالة .
يتجسد المثل السابق أكثر في تصرفات الرئيس الأمريكي الجنونية وإصراره على إدارة النزاعات في العالم بنفس الأفق الضيق للمصلحة وبريق المال كما تعبر عن ذلك صفقات الأسلحة للدول المنتجة للنفط ودول الخليج على وجه الخصوص بما يوحي أن عقول قادة هذه الدول انحدرت إلى جيوبهم رغماً عنهم مما أوقعهم في التناقضات الصارخة نتيجة اتساع نطاق الاختلالات البنيوية وتأثيرها السلبي على مستويات معيشة المواطن في هذه الدول ، فلقد أصيب بالإحباط وتحطمت معنوياته عند المقارنة بين الفتات الذي يحصل عليه من الثروة وبين آلاف المليارات التي تنفق على التسلح وأبواق الدعاية والإعلام وجماعات الضغط في العديد من الدول .
كل هذه الشواهد المتفلتة من الضوابط والسياسات غير المستقرة لا تؤكد ما ذهب إليه ذلك المواطن البسيط لكنها رهنت عقول القادة وتعدت الجيوب واستقرت في أدراج صدئه فرضت الارتهان إلى خيارات صعبة دلت على قبح المسعى وأقرت شرعية الفحش في القول لإثبات الهيمنة وفرض قوة الحضور وإنْ على حساب أي شيء. الصورة بشعة جداً تبشر بمخاض حاسم واقتراب الخلاص ” وليس ذلك على الله ببعيد ” والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا