عودة الجامعة العربية إلى سوريا

 

د. احمد عبدالله الصعدي
أصبح خبر ((عودة سوريا إلى الجامعة العربية)) كثير التداول في الإعلام العربي حيث يدلي مسؤولو دول عربية بدلوهم في هذا الشأن . والمقصود بالخبر إبطال قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية الذي اتخذه مجلس الجامعة في 16/11/2011 بموافقة 18 دولة ومعارضة دولتين هما لبنان واليمن وامتناع دولة العراق عن التصويت ، وأعلنه وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر . وكان القرار يتضمن استمرار التجميد حتى رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم .
الملفت للنظر أن العرب الذين يهرولون فرادى إلى دمشق ، وينسقون معها أمنيا سرا وعلنا على أعلى المستويات يتحفظون على عودة الدولة السورية لشغل مقعدها في الجامعة متعللين بلزوم صدور قرار من الجامعة ومبدين احتراما لقرار مقاطعة سوريا الذي يذكرنا بقرارات مقاطعة الكيان الصهيوني التي اتخذتها الجامعة وطواها النسيان . أما وزير خارجية مصر سامح شكري فلم يتأكد بعد من انعطافة شيوخ النفط نحو سوريا ويخشى – كما يبدو – إغضابهم لذا يرى أن دمشق تحتاج إلى ((إعادة تأهيل)) لتعود إلى الجامعة العربية وذلك بأن تنفذ قرار مجلس الأمن رقم 2245 ، ولا نعرف كيف أصبح هذا القرار الذي اتخذ في 18/ديسمبر/2015 أساسا لقرار الجامعة العربية بمقاطعة سوريا الذي اتخذ في 16/11/2011 ، علما أن قرار مجلس الأمن المذكور يتحدث عن عملية سياسية في سوريا وانتخابات سيستغرق إنجازها مدة طويلة .
في الواقع بدلا من الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية ينبغي على الجامعة العربية أن تعود إلى سوريا ، وأن تستعيد بعض عافيتها بعد أن اختطفتها مشيخات الخليج وتحكمت بقرارتها على الرغم من وجود مقر الجامعة في مصر التي كانت أقوى أعمدة العروبة . كان قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أحد القرارات المخزية التي اتخذتها الجامعة في أسوأ مرحلة من تاريخها ومن موقعها في القاهرة وتحت قيادة صورية لدبلوماسيين مصريين وقيادة فعلية للمال الخليجي . الم تصرح هذه الجامعة لحلف الأطلسي بتدمير ليبيا وتناشده مراعاة الشدة والحدة في إبادة الجيش الليبي ؟ الم يذهب أمينها العام إلى مجلس الأمن ليطلب وضع بلد عربي هو سوريا تحت الفصل السابع واستخدام القوة الغربية الأطلسية لتدميره وبعثرته دولة وشعبا لولا الفيتو الروسي الصيني ؟ الم تجمع أصحاب الجلالة والفخامة والسمو في قمتهم العربية يومي 28-29/مارس/2015 ليؤدوا رقصة سلخ الشعب اليمني بحماس منقطع النظير من خلال تأييدهم ومباركتهم عاصفة العدوان ؟
فعلت الجامعة العربية أفعالها الفضائحية ضد الدول والشعوب العربية عندما أجرت نفسها لمشيخات الخليج وهاجرت لتعمل في ممالك النفط بنظام الكفيل بينما بقيت سوريا ومعها حلفاؤها تقاتل من أجل حفظ البقاء ضد جبهة عريضة من الأعداء كان في طليعتهم دول عربية وجامعة عربية مختطفة ، ولم تتخل عن نهجها القومي وعن قضية العرب المركزية فلسطين المحتلة . لذا على جامعة الدول العربية أن تعود إلى سوريا وليس العكس علها تجد في المواقف السورية من القضايا العربية ما يمنحها قدرا ولو ضئيلا من الحيوية ومن الاعتبار لدى الجماهير العربية المتمسكة بقضاياها المصيرية ولدى الخصوم على السواء .

قد يعجبك ايضا