المستبد والاحتماء بالمقدس “طاغية السودان مثالاً “

عبدالله الأحمدي

وضعت جماهير السودان بحراكها السلمي نظام العسكور عمر البشير في ورطة، فلم يدر ما يقول سوى اللجوء إلى المقدس ليردد وبكل سماجة التكبيرات والتهليل وليخطب في بقايا نظامه : ( إن الصحابة أكلوا أوراق الأشجار.. ) هكذا هو الحاكم المستبد آخر ملجأ له هو الدين بعد أن استهلك الوطن والوطنية، ودمر كل شيء.

استخدام الدين ليس جديدا على الحاكم المستبد، فقد سبق الطاغية البشير في هذا الاستخدام طغاة كثر قبله، وطابور من الأوغاذ.

عمرو بن العاص قائد جيش يزيد رفع المصاحف في وجه جيش الإمام علي بن ابي طالب في معركة اليرموك عندما شعر بالهزيمة.  كثير من طغاة المسلمين رفعوا المصاحف في وجه معارضيهم، واستخدموا الدين ورقة من أجل الانتصار على معارضيهم والبقاء في الحكم، حتى وصلنا إلى العصر الحديث ومازالت نفس الممارسات والأساليب قائمة.

طاغوت اليمن الهالك عفاش رفع المصحف في وجه شباب ثورة 11 فبراير 2011 م رفع المصحف في وجه قوى التغيير حق يراد به باطل.  التستر خلف الجملة الدينية استمرأه الطغاة منذ أن وجد الاستبداد، والمؤسف وجود علماء دين أوغاد ايضا يبررون للحاكم المستبد جرائمه وأفعاله، ويصدرون الفتاوى لصالحه.

بليت الأمة بالاستبداد، وعلماء السلطان؛  ملوك وأمراء مستبدون أذاقوا الأمة صنوف العذاب،  وعطلوا مسار نهوضها وتطورها،  وجاء من بعدهم عسكر الدكتاتورية الذين صنعهم المستعمر،  ومنهم هذا الطاغية العسكور البشير في السودان الذي عيش السودان في حروب اجتاحت ثلثي مساحة السودان من الشرق إلى الغرب،  وعطل الإنتاج الاقتصادي،  وسمح للطفيلية الإخوانية بالاستيلاء على المنشآت الاقتصادية في القطاع العام، تحت مسمى الخصخصة،  ونقل البلاد من أزمة إلى أخرى،  وأجر جنود الجيش السوداني كمرتزقة، وظل يرقص بعد كل كارثة يجرعها شعب السودان.

14 ألف من الجنجويد منهم 5 آلاف طفل جندتهم مملكة الإرهاب السعودي برضا البشير للحرب في اليمن.

نظام البشير واحد من الأنظمة التي ارتهنت لأمريكا وإسرائيل والغرب الاستعماري، ولم ترض عنه اليهود ولا النصارى ومازال موضوعا في قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ويخضع للعقوبات الأمريكية، ومطلوب للعدالة الدولية.

جماهير السودان فقدت الثقة بنظام العسكور البشير فخرجت تطالب بالتغيير، لكن عسكر البشير واجهوا سلمية الجماهير بالرصاص.  واعتقد – ومعي كثيرون – ان ذلك ليس حلا لمشكلة السودان، واستمرار مواجهة الجماهير بالعنف يعني تآكلا للنظام واسس الدولة والذهاب إلى تشظي ما بقي من وحدة السودان.

إسقاط حكم البشير تأخر كثيرا وكان من المفترض أن يسقط عندما باع الجنوب،  وعندما ارتكب جرائم الإبادة الجماعية للناس في دارفور، ولكن عاقبة الصبر على عسكر الفساد تبدو وخيمة.

ويبدو أن عسكر الفساد هم مدرسة واحدة في المنطقة العربية من شرقها الى الغرب، فمؤتمر البشير في الخرطوم لا يختلف عن مؤتمر عفاش في صنعاء في مواجهة مطالب الجماهير بالعنف، لكن النتيجة واحدة وهي السقوط وبأثمان باهظة.

الجبهة الوطنية للتغيير والمكونة من 23 حزبا ومعها حزب الأمة، وكثير من النقابات تداعت إلى تأييد الانتفاضة الجماهيرية وقدمت مشروعا للإنقاذ تمثل في رحيل النظام وتشكيل مجلس سيادة، وحل الحكومة والبرلمان القومي ومجالس الولايات، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني للخروج بالسودان من أزماته التي صنعها حكم البشير وأعوانه، لكن البشير ومؤتمره أخذته العزة بالإثم، وأصر على استمرار حكم الباطل والفساد.

(جبهة الإصلاح الآن) والتي يرأسها غازي صلاح الدين ومكونات أخرى ضمن ترويكة الحكم أعلنوا الانسحاب من مكونات المجالس والحكومة.

وزراء أعلنوا استقالاتهم من الحكومة والتحقوا بالانتفاضة، ومازال البشير يمارس الكذب على شعبه.

ويبدو أن الحاكم الجيفة لن يخرج من السلطة إلاّ على الدماء والأشلاء، وربما أنه ينتظر انقلاباً عسكرياً.

والحاصل أن الطغاة لا يقرأون التاريخ،  وتظل عنجهيتهم هي المسيطرة عليهم،  وتتقاصر نظراتهم إلى المستقبل،  ويسترخصون دماء الجماهير، وتأخذهم العزة بالإثم.

ايها الحاكم الطاغوت كم أنت قبيح، وكم هي أفعالك دميمة، فارحل غير مأسوف عليك،  فلن ينفعك رفع المصاحف،  ولا اعتساف النصوص المقدسة،  فتلك وسائل مفضوحة جربها طغاة قبلك ولم يفلحوا.

 

قد يعجبك ايضا