فلسطين في 2018.. المقاومة تتوهج والتهويد يتمدد والمصالحة في جمود

 

شكل العام 2018 انطلاقة متجددة للمقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة. المقاومة في الضفة نجحت باستعادة عافيتها، ونفذ رجالها عشرات العمليات كان أبرزها ما قام به المقاوم الشهيد أشرف نعالوة والمقاوم صالح البرغوثي، فضلاً عن سلسلة من عمليات إطلاق نار وطعن امتدت على أشهر العام.
وبحسب التقارير، شهد عام 2018 أكثر من 4367 عملاً مقاوماً أوقع 11 قتيلاً إسرائيلياً وأصاب أكثر من 159 آخرين.
غزة.. تنتفض
وفي غزة، خاضت المقاومة الفلسطينية جولات عديدة من المواجهة العسكرية والأمنية مع الاحتلال الصهيوني كان أبرزها ما جرى عقب فشل عملية “حد السيف” الاسرائيلية في خانيونس واستهداف المقاومة للاحتلال بالصواريخ والعبوات مثل استهداف الحافلة أو حتى كمين العلم، وهي الأمور التي أدت الى استقالة وزير الحرب الصهيوني افيغدور ليبرمان من منصبه.
وتمكن الوفد الأمني المصري من تثبيت الهدوء ومنع الحرب قبل اندلاعها فيما فشلت جهود مصر في تحريك الجمود في ملف المصالحة الفلسطينية خاصة بعد الانفجار الذي أصاب موكب رئيس حكومة الوفاق في غزة واستمرار رئيس السلطة في فرض إجراءات عقابية على غزة إضافة الى حل المجلس التشريعي الفلسطيني الذي ادخل النظام الفلسطيني في أزمة جديدة.
وشهد العام الفان وثمانية عشر تصدعا في جدار الحصار.. فقد فتح معبر رفح بشكل شبه دائم، وسمحت “اسرائيل” بإدخال الوقود ومواد البناء عبر بوابة الامم المتحدة وبتمويل قطري لرواتب الموظفين في القطاع.
السفارة الأمريكية إلى القدس
كما شهد العام تأزما في العلاقة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الامريكية بعد اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب القدس الشريف عاصمة للكيان الاسرائيلي، وقرار نقل السفارة الى القدس ما أدى الى اغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وتوقف المساهمات الامريكية عن الاونروا بشكل كامل والتي تقدر بـ 350 مليون دولار.
الاستيطان
وفى أعقاب القرار الأمريكي، صادقت بلدية القدس على بناء 700 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة راموت بالقدس الشرقية. وتأتي هذه الوحدات السكنية الجديدة ضمن مخطط “القدس 2000” وفيها سيتم توسعة الحي الاستيطاني “رمات شلوم” باتجاه الشمال فيما ستتم توسعة الحي الاستيطاني “راموت” باتجاه السفوح الشمالية الشرقية من الحي. وإلى جانب الوحدات السكنية، من المقرر إنشاء مبان عامة ومؤسسات دينية وإقامة تجمعات تجارية وساحات عامة مفتوحة.
إلى جانب السياسة الاستيطانية التوسعية لحكومة الاحتلال الصهيوني، قمعت “تل أبيب” المظاهرات الفلسطينية الرافضة للقرار الأمريكي مما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى ومصابين فلسطينيين، فبلغ عدد الشهداء نحو 345 شهيدا في مختلف أنحاء المناطق الفلسطينية، منهم 61 طفلا و6 من ذوي الاحتياجات الخاصة.
مسيرات العودة
وفي الثلاثين من مارس الماضي، خاض الفلسطينيون معركة مسيرات العودة وكسر الحصار البحري مع جيش الاحتلال على حدود غزة ومياهها الإقليمية مقدمين 244 شهيدا وأكثر من 25 ألف جريح.
وانتهز المستوطنون القرار لانتهاك حرمات المسجد الأقصى المبارك من خلال تنظيم اقتحامات منظمة لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من جهة باب المغاربة يقودهم وزراء في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء متطرفون في الكنيست.
وبحسب التقارير هناك ازدياد في أعداد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى، وبلغ العدد ذروته في شهر سبتمبر حيث وصل إلى 5200 مستوطن، بينهم عناصر في جيش الاحتلال بلباسهم العسكري، ومن يسمون بطلاب الهيكل المزعوم.
ولم يكتفِ الاحتلال بالسماح للمستوطنين باقتحام الأقصى فحسب، إنما سمح لهم باستباحة ساحات الأقصى عبر تنظيم ما يسمى بجماعات الهيكل مهرجاناً تهويدياً صاخباً جنوب المسجد الأقصى، أدوا فيه طقوس تلمودية، وأدخلوا الخمر إليه. بالإضافة إلى ذلك استمرت سياسة الملاحقة للمقدسيين وإبعادهم عن الأقصى واعتقال آخرين دون تهمة سوى محاولة عرقلة اقتحامات المستوطنين.
ويشير مراقبون إلى أن هذا العدد الكبير من المقتحمين قد يصل لحوالي 50 ألفا حتى نهاية العام الحالي يعني زيادة بنسبة 200 % بالمقارنة مع العام 2017، وزيادة 900 % بالمقارنة مع العام 2009، بمعنى أن خطة التقسيم الزماني للمسجد تسير في خطوات ثابتة نحو هدفها عقب إعلان ترامب المشؤوم.
تشريع الجرائم والانتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين
أخطر ما شهده العام 2018م تشريع الجرائم والانتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين وتجريم نضالهم المشروع في إطار سعي العدو لتشويه مشروعية كفاح الشعب الفلسطيني الأمر الذي أدى إلى توسيع الجريمة وارتفاع وتيرة الانتهاكات في تحدٍّ سافر ومعلن لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومن القوانين التي أقرها الاحتلال الصهيوني خلال عام 2018 قانون إعدام الأسرى، وقانون حسم الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى من اموال الضرائب (المقاصة)، وقانون منع زيارات أسرى ينتمون لتنظيمات تحتجز إسرائيليين، وقانون عدم تمويل علاج الأسرى، وقانون إبعاد عائلات منفذي العمليات، وقانون يسمح باحتجاز جثامين الشهداء وقانون منع تقصير مدة الحكم للأسرى.
الضفة تقود زمام المواجهة
وعلى صعيد مواز، شهد عام 2018م منذ بدايته وحتى تاريخ آخر عملية في 13 ديسمبر الجاري، أكثر من 4 آلاف و367 عملا مقاوما، أوقعت 14 قتيلاً إسرائيلياً وأصابت أكثر من 170 آخرين، في الضفة الغربية والقدس المحتلتين
بحسب “مركز القدس للدراسات”، ووسائل إعلام عبرية.
وشملت هذه الأعمال 42 عملية إطلاق نار، و34 عملية طعن ومحاولة طعن، و15 عملية دهس ومحاولة دهس، و53 عملية إلقاء أو زرع عبوات ناسفة، و262 عملية إلقاء زجاجات حارقة صوب آليات ومواقع الاحتلال العسكرية وصوب مستوطنيه.
ووقعت أحدث هذه العمليات في 13 ديسمبر الجاري، حيث قتل 3 جنود إسرائيليين بعدما أطلق فلسطيني النار صوبهم قرب مدينة رام الله، عقب إعلان جيش الاحتلال اغتيال الشهيدين “صالح عمر البرغوثي” و”أشرف نعالوة” منفذي عمليتي عوفرا وبركان.
تهدئة بدأت في 2018.. هل تستمر في 2019؟
أخطر محطة في 2018 بين المقاومة والاحتلال كانت في نوفمبر ، والذي شهد عملية توغل لعناصر من الاحتلال في خان يونس، بقطاع غزة المحاصر، أسفرت عن اغتيال 6 مقاومين، وردت المقاومة باستهداف حافلة تبعها عمليات قصف متبادل، لمدة يومين، ما لبثت أن انتهت بهدنة مؤقتة، وبدء محادثات هدنة طويلة الأمد بين الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، تهدف إلى إنهاء الحصار، بوساطة مصرية.
وإثر كشف عملية التوغل، وما اعتبر فشلا استخباراتيا، حيث تمكنت حركة “حماس” من تحديد هوية المتسللين، اضطر وزير دفاع جيش الاحتلال، اليميني المتشدد “أفغيدور ليبرمان” إلى تقديم استقالته، كما أبدى اعتراضه على مباحثات التهدئة الدائمة، والتي ضمت كذلك حركة “الجهاد الإسلامي”، وليس “حماس” وحدها.
وفي ظل الدعوة لانتخابات مبكرة في أبريل المقبل، فإن الوضع الإسرائيلي الداخلي يجعل إتمام التهدئة هو الأقرب للتحقق، بحسب مراقبين.
مصالحة بعيدة المنال
أبرز الأحداث السياسية في 2018، كانت قرار الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” حل المجلس التشريعي، الأمر الذي ينبئ بتضرر الحياة السياسية مع تواصل الانقسام، حيث أكدت حركة “حماس” في بيان رسمي، أن المجلس التشريعي سيّد نفسه، فيما اعتبرت فصائل فلسطينية أخرى، بأن القرار سيعرقل جهود المصالحة التي تقوم بها مصر.
وأشار القيادي في الحركة “خليل الحية” إلى أن “عباس” اتخذ “خطوات تعصف بالحالة الوطنية، وتدمر كل المؤسسات الشرعية”.
ووصف النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني “قيس أبو ليلى”، قرار حل المجلس، بأنه “مخالف لنص القانون الأساسي، وضربة لاتفاق المصالحة، الذي ينص على ضرورة تفعيل المجلس، لا حله”.
ويتكون المجلس التشريعي من 132 مقعدا حازت حركة “حماس” 76 مقعدا منها مقابل 43 مقعدا لحركة “فتح” و13 مقعدا لأحزاب اليسار والمستقلين.‎
وتعطل عمل التشريعي بعد أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، عندما سيطرت “حماس” على قطاع غزة، بعد حالة من الانفلات الأمني، قادتها قوى أمنية مرتبطة بحركة “فتح” في القطاع، عقب فوز “حماس” باكتساح لانتخابات يناير 2006.
إلا أن الانقسام الذي بدأ قبل نحو 11 عاما، وشهد عدة محاولات لرأب صدعه، من بينها حكومة التوافق الوطني، التي وافقت “حماس” مؤخرا على تسليمها مقاليد الأمور في القطاع، لتوحيد الضفة وغزة تحت إدارة حكومة واحدة، يبدو أنه قد يستمر كذلك خلال 2019، بل وربما يتفاقم في ظل مصالحة باتت بعيدة المنال.

قد يعجبك ايضا