الحرب الناعمة وخطورتها على قيم الأمة

 

أمة الملك الخاشب

تتعدد أساليب الحرب الناعمة وطرقها وأهدافها من منطقة الى أخرى بحسب البيئة المستهدفة وبحسب ثقافات الشعوب فقبل استهداف أي شعب بمختلف مكوناته رجالاً ونساءً تتم دراسة ذلك المجتمع دراسة تفصيلية والتركيز على نقاط الضعف والقوة فيه والتركيز على استهداف الشعب في قيمه الطيبة وعاداته وتقاليده التي تميزه عن غيره من الشعوب.
موضوع الحرب الناعمة وخطرها على تغيير قيم المجتمع وثقافته موضوع طويل ومتعدد الفروع والأبواب لكنني في هذا المقال المصغر سأحاول التركيز على دور المرأة في مواجهة هذه الحرب الناعمة التي تعتبر فيها المرأة ركيزة أساسية ووسيلة مهمة بالنسبة للأعداء لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية في ضرب واستهداف المجتمع وضرب قيمه وأخلاقه وثقافته وهويته دون أن يشعر المجتمع أنه ينسلخ عن هويته بالتدريج وهنا تكمن الخطورة، فلماذا يتم استهداف المرأة بالذات ؟ هل لأنها عاطفية فيستغلون تلك العاطفة ويستثيرونها ويحولون طاقتها الكامنة في داخلها لتحقيق أغراضهم وأهدافهم ؟ ولماذا يعتبرون المرأة هدف سهل لهم ويحاولون اقناعها بأن الاسلام ما جاء إلا ليضطهدها ويستنقص من حقوقها ؟ وما الذي يريدونه منها ومن العناوين البراقة التي ينشرونها عبر وسائل إعلامهم مثل مصطلح المساواة بين النوعين ومصطلح حقوق المرأة وحريتها وغيره من العناوين والمصطلحات؟ وما واجب المرأة المسلمة الواعية تجاه ما يدور حولها من حرب ناعمة وحرب نفسية وحرب تستهدف كل ماهو محافظ وجميل وكل ما يصون كرامة المرأة المسلمة ويحافظ على عزتها وعفتها وطهارتها وتميزها عن المرأة غير المسلمة.
فأعداء الانسانية وأعداء المثل والقيم يعملون على سلب الاخلاق والقيم دون أن يشعر الشخص المستهدف سواء كان رجلاً أم امرأة فعلى سبيل المثال المسلسلات التركية والكورية والهندية الهدامة التي تجعل من أبطال المسلسل قدوة لمن يتابع الحلقة ويتعلق بشخصياتهم رغم أنهم يظهرون في المسلسل وهم يرتكبون أخطاء خادشة للحياء ومخالفة لقيم المجتمع وتقاليده ومع هذا يتم التعاطف معهم وحبهم وتقليدهم واتخاذهم مثالاً لشبابنا في حياتهم ولبناتنا في طرق لبسهن وطرق تعاملهن مع الآخرين وغياب القدوات وأعلام الهدى من حياة أفراد المجتمع الذين يشعرون بتيه وبعد عن كل شيء وفقدان الثقة في النفس وفي الشريعة الاسلامية والتشكيك بكل الأمور ما يخلق حالات صراع نفسي وداخلي في داخل الفرد نفسه أو بينه وبين من حوله ممن يختلفون معه فكريا، فالقوة الناعمة تركز على أساليب الجذب من دون أن يلتفت لها أحد ولا تترك وراءها أي بصمات وهي تستهدف الجميع وبوسائل يستخدمها أغلب الناس.
دور المرأة في تغيير المجتمع
لا شك أن المرأة هي الركيزة الأساسية التي ترتكز عليها الأسرة والتي تعد اللبنة الأساسية لبناء المجتمع ولا شك أن صلاح المرأة هو صلاح للأسرة وصلاح للمجتمع وفساد المرأة وانحرافها عن القيم والعادات الحميدة يعتبر انحرافاً للأسرة وبالتالي انحراف واستهداف للمجتمع ككل.
ومن هذه المنطلق تحرك أعداء الله لاستهداف المرأة وأهم وسيلة عصرية وضعوها في عصرنا هذا هي وسائل التواصل الاجتماعي فكان الهدف الرئيسي من هذه الوسائل هو اختراق المرأة والوصول الى خصوصياتها وقياس نفسيتها بعد أن كان ذلك شبه مستحيل عليهم.
فانتشر الفساد الأخلاقي عبر وسائل التواصل وبدأت الأمور التي كانت محظورة وغير لائقة أصبحت وكأنها أمور معتادة وطبيعية وأصبحت الفتاة الصغيرة التي لا تقبل صداقات عبر وسائل التواصل مع أشخاص غرباء أصبح يطلق عليها معقدة.
ومع كل هذه الهجمة الشرسة والحرب الشعواء التي استهدفت المرأة العربية المسلمة بشكل عام لكن ظلت المرأة اليمنية متميزة عن غيرها بتمسكها بالطابع التقليدي العام لهوية وثقافة المجتمع اليمني المحافظ.
فكان للمرأة دور فعّال في مواجهة العدوان الغاشم على بلادنا وفي مواجهة الهجمة الاعلامية الشرسة والحرب الناعمة بمختلف اساليبها وطرقها وأثبت شعب اليمن بشكل عام والمرأة بشكل خاص أن شعب الايمان لا زال متمسكاً بهويته ومحتفظاً بمآثره وإن كان هناك بعض الشوائب والنتائج الطبيعية لما يواجهه المجتمع من هجمة اعلامية شرسة مضادة.
دور الكيان الصهيوني في استهداف المرأة
اشتغل الكيان الصهيوني بشكل واضح وغير خفي على المرأة المسلمة وبدأ باستهدافها في أهم ما تملك وهو حجابها الذي هو رمز عفتها وبدأت تنتشر بين النساء أشكال وألوان من أنواع الحجابات المبهرجة وكثيرة الزينة تحت عدة مبررات وتحت عدة مسميات وعملوا على جذب المرأة وتغيير ثقافتها وحرف نظرها عن كل واجباتها وتحويلها لسلعة فارغة الأهداف والمضمون كي تخدم أهداف هذا الكيان الغاصب في افساد المجتمع وجره للرذيلة لينغمس في مستنقع الرذيلة والانحلال كي يسهل استعباده واذلاله والتحكم فيه ولن يجدوا أنسب من المرأة لتحقيق أهدافهم.
ولكن رغم كل ما بذلوه ولا يزالون يبذلونه من مجهود وطاقة وأموال لاستهداف المرأة المسلمة بمختلف أنواع الحروب ومنها الحرب الناعمة لكن النتيجة لم تكن مثلما خططوا له ومثلما كانوا يريدونه وظلت المرأة المسلمة المتبعة لأهل البيت عليهم السلام في زمن الصحوة الإسلامية هي النموذج الحي لمواجهة هجماتهم الناعمة وغير الناعمة.
حملت المرأة على عاتقها قضايا أمتها وتحركت من منطلق تحمل المسؤولية ومن منطلق تكامل الأدوار بينها وبين شقيقها الرجل فجسدت قوله تعالى “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ”ومع تجدد الفكر الإسلامي الأصيل عادت قيم الإسلام الأصيلة بعد أن تم تغييبها لفترة بسبب الثقافات الوهابية التي تخدم أعداء الإسلام وعادت القدوة المثلى للنساء وهي سيدة نساء العالمين عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها أفضل الصلاة والتسليم والسيدة زينب الحوراء الجاهرة بكلمة الحق بين العتاولة والطغاة بعد أن تم تغييبها لفترة من الزمان.
فقدمت المرأة في عصرنا هذا نماذج راقية ومزلزلة للأعداء ومفاجئة لهم في مواقف دفاعها عن الكرامة والأرض والدين والعرض وأكثر ما يؤكد صحة كلامي وما لفت نظري وجعلني أتأكد أن المرأة المسلمة فعلا مؤثرة وتحركاتها توجع العدو هي تغريدة أفيحاي أدرعي الناطق الإسرائيلي باسم جيش الكيان الصهيوني باللغة العربية فقد كتب في تغريدته على حسابه بتويتر في يوم العودة للأرض العام الماضي بأنه يجب على المرأة الشريفة المسلمة حسب تعبيره (أن تهتم بالبيت والأولاد وأن لا تخرج من بيتها لأن الإسلام يأمرها بهذا وأن لا تخرج للتظاهر وأن لا تحمل السكين ولا ترشقهم بالحجارة لأن هذا مخالف للإسلام, كما يزعم شيخ الإسلام افيحاي أدرعي) وكأن الناعق الاسرائيلي تحول لفقيه مثقف يتكلم عن ما يجب وما لا يجب من أمور الدين،
متناسياً هذا الناعق أن أكثر من نصف جيشهم الاسرائيلي مجندات نساء .. وطبعا لهذا الناطق الاسرائيلي تغريدات كثيرة يخاطب فيها النساء خاصة واستغرب من كثر متابعيه رغم أنهم يعرفون أنه ما ينشر إلا لخدمة ومصلحة الكيان الصهيوني…
مواجهة المرأة للحرب الناعمة
كلما زاد وعي المرأة وثقافتها المنبثقة من ثقافة القرآن الكريم كان لها دور بارز ومهم في مواجهة القوى الناعمة بمختلف أساليبها فكلما زاد الوعي والبصيرة كلما تحطمت آمال العدو في تحقيق أهدافه الشيطانية.
وتوجب عليَّ أن أذكر دور أُمّهات وزوجات الشهداء اللاتي تركن بصمات استثنائیة في صناعة الوعي لمن حولهن، فأمهات الشهداء في اليمن ضربن مواقف سيخلدها التاريخ وساهمت على رفع مستوى الوعي بين أفراد المجتمع فعلى سبيل المثال تسجيل الفيديو الذي تم تداوله لوالدة الشهيدين يحيى والحسن والذي لم يفصل بين تاريخ استشهادهما سوى 14 يوماً وهي الأخت المجاهدة الاستاذة فاطمة شرف الدين تلك الأم المثالية المجاهدة والتي كان لموقفها الصادق والمؤثر صدى داخلي وخارجي فكانت تسلم على جثمان ولدها الطاهر وتطلب منه بكل عز وفخر وبكل ثقة بالله أن يبلغ سلامها للأئمة العظماء من أهل البيت ولشقيقه الشهيد الحسن وللشهيد القائد حسين بدر الدين.. إلخ، ذلك الفيديو الذي اعتز ورفع رأسه به وتأثر كل من شاهده بما فيهم السيد القائد والشهيد صالح الصماد وكبار قيادات ومشائخ اليمن ومن غير اليمن كذلك فالتحية للأستاذة فاطمة ولكل أمهات الشهداء العظيمات دون تمييز.
وحتى أكون منصفة يجب أن لا أنسى أيضا بصمات من نوع آخر حققتها المرأة المسلمة بشكل عام في میادین العلم والطب والسیاسة والاجتماع وقدمت بطریقة أو بأخرى إنجازاً على طریق الصحوة بنموذجها الحسن وحجابها وعلمها… والأمثلة کثیرة في عالمنا العربي وبالنتیجة المرأة من أي موقع تشغله یمکن لها أن تکون نقطة تحول مضیئة في مسیرة الصحوة الإسلامية.
وخلاصة الحدیث، إن الوعي والثقافة القرآنية الإسلامية لیست مجرد نظریات وملازم تدرس وحسب وإنما هي مجموعة من المبادئ التي تتبلور من خلال سلوکیات وتصرفات ینطبع المجتمع الإسلامي بها وعليها تتحطم كل طموحات العدو في استهداف أي مجتمع إذا كانت النساء فيه محصنات بالوعي والبصيرة والعفة والعلم والثقافة.
وختاماً
حكى القرآن الكريم عن نماذج كثيرة لنساء عظيمات خالدات وعلى سبيل المثال كيف استطاعت امرأة فرعون أن تواجه بإيمانها أعتى طغاة الأرض فرعون وجنوده وكيف استطاعت التغيير والتأثير في من حولها وكذلك مريم بنت عمران واجهت كل مكائد بني اسرائيل ولم تضعف ولم تهتز ثقتها بالله رغم الهجمة الشرسة التي واجهتها من المجتمع المحيط بها من كثر اللغط والقيل والقال.
ولا يسعني في الأخير إلا القول بما قاله الإمام علي عليه السلام بأن الحق أبلج والباطل لجلج ومن يريد أن يميز ما ينفعه عن ما يضره فما عليه إلا قراءة القرآن الكريم بتدبر ففي كل آياته تبيان وهدى للناس وتحصين لهم من كل أنواع الحروب الخبيثة التي تستهدف النفس والعقل.
وللمرأة المؤمنة أقول محال أن تقعي في شراكهم طالما ومعك مصباح تستضيئين به في أحلك الظلمات وهو مصباح ونور أعلام الهدى وسيدات بيت النبوة عليهم السلام جميعا قال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.

قد يعجبك ايضا