جهات معنية ومواطنون لـ”الثورة”: باصات النقل تستهلك حصة من الغاز المنزلي.. ومتنفذون يعبثون بالباقي

استطلاع/ محمد النظاري
يعتبر الغاز المنزلي من أهم الأولويات اليومية للمواطن .. ولقلة المعروض منه يستهلك البحث عنه جهدا كبيرا قد يستغرق أياماً بل أسابيع دون جدوى.. فالمواطن أضناه التعب وحياته اليومية سلسلة معاناة في حلقة مفرغة ليس لها آخر.. يجد نفسه لاهثاً- منذ أن يفتح عينيه- وراء الحصول على دبة ماء أو اسطوانة غاز أو دبة بترول.. إلخ فالقائمة طويلة حد الوجع القاتل.
هذا كله في ظل انقطاع الرواتب وارتفاع الأسعار وأضحى المواطن كمن نفسه ينتزع لقمته من فم السبع.. أو الضبع.. فإلى متى هذا العناء المتواصل؟ .. أما آن لهذا الإنسان أن يحس بآدميته؟
“صحيفة الثورة” استطلعت آراء عدد من المواطنين والجهات المعنية في محاولة لتسليط الضوء على عدد من إشكاليات الغاز المنزلي التي لا تتوقف.. فإلى الحصيلة:
البداية كانت مع المتحدث الرسمي لشركة الغاز الأستاذ علي معصار الذي تحدث قائلاً: تقوم الشركة بعملية الإشراف ومتابعة دخول المقطورات ووصولها إلى المحطات المركزية بالأمانة وبقية المحافظات وبعد تفريغ المقطورات لكميات الغاز الواصلة من صافر في أمانة العاصمة يتم رفع كشوفات من المجالس المحلية بالمديريات بأسماء الأحياء والحارات التي سيتم إنزال الغاز إليها حيث تتم تعبئة اسطوانات الغاز في المحطات المركزية ومن ثم تحميل الشاحنات.. فيما يقوم مندوب الشركة بإيصال الشاحنات إلى الحارة وتسليم عاقل الحارة الكمية المقررة واستلام كشف بالمستفيدين من أبناء الحي.
حيث يتم يومياً توزيع 180 ـــ 200 شاحنة وكل شاحنة تحمل 200 اسطوانة وهذا كله يعتمد على الكميات التي دخلت من صافر.. كما تقوم الشركة بالتوزيع المباشر للمطاعم والبوفيات في أمانة العاصمة مباشرة إلي المطاعم..وبسعر 3 آلاف ريال للأسطوانة الواحدة.
غياب
وعن موضوع الرقابة على التسعيرة أوضح معصار أنه وفي حالة تم ضبط أية مخالفات يتم إبلاغ عمليات الشركة وأمانة العاصمة لضبط المخالفين حيث أن هناك تنسيقاً بين الشركة والجهات الأمنية وأمانة العاصمة التي تشرف على المجالس المحلية بالمديريات وعقال الحارات.
وبين معصار أن من أبرز الإشكاليات التي تضاعف أزمة الغاز المنزلي وتقف الشركة أمامها عاجزة قلة الكميات التي تصل من صافر مع وزيادة الطلب على الغاز في ظل ارتفاع المشتقات النفطية وظهور مستخدمين جدد للغاز المنزلي مثل السيارات والباصات والمصانع ومزارع الدواجن مما يسبب ضغطاً كبيراً على الشركة في حين أن الكميات التي تصلنا من صافر هي في الأصل مخصصة للاستخدام المنزلي فقط، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب استيراد شحنات إضافية من الغاز لحل مشكلة السيارات وباصات النقل.
وأكد أن الشركة تسعى جاهدة لإيجاد حلول من خلال طلب استيراد شحنات من الغاز حتى تواجه هذا الطلب المتزايد.
وفي ختام حديثه وجه معصار رسالة للمواطنين قال فيها: لا داعي للهلع فالشركة تبذل كل جهدها من أجل توفير احتياج المواطن من مادة الغاز ونأمل تعاون الجميع معنا حتى نتمكن من تحقيق استقرار الوضع التمويني في البلد.
البلد
وعلى صعيد آخر يقول محمد الهبل مندوب شركة الغاز في صنعاء القديمة: ألاحظ أن الملامة تلقى في كثير من الأحيان على عقال الحارات عندما ينقطع الغاز أو تقل الكميات المتوفرة منه.. بينما أن التوزيع يتم عن طريق أمانة العاصمة.
وفي سياق متصل قال الهبل: إن التقطع للقواطر في مارب ومرق الرحبة والسوادية والجوف من أبرز المشكلات التي تفاقم من أزمة الغاز المنزلي القطاع.. مشيراً إلى أنه لا ينكر أن بعض العقال ومسؤولي المديريات يعمدون إلى التلاعب بالكميات وبيعها في السوق السوداء.. وكذلك إحداث تداخل في الأسماء بين الحارات بالإضافة للزيادة في التسعيرة الرسمية فالبعض يبيعها بـ 3200 والبعض الآخر بـ3100 وآخرون بـ 3400.. فيما السعر الرسمي 3000 ريال فقط.
وأضاف: إن هناك واحدة من أخطر المشكلات التي تؤرق المجتمع وتحيط به يحب التحذير منها وهي مشكلة الاسطوانات التالفة أو التي يتسرّب منها الغاز .. فهذه الاسطوانات عبارة عن قنابل موقوتة موجودة في أغلب البيوت.
وقال الهمل: أحب أن أطمئن المواطنين بأن أزمة الغاز ستنفرج قريباً فلا داعي للتهافت والقلق.. فقريباً إن شاء الله سيتم البيع مباشرة للمواطنين عن طريق الشاحنات.. وهذا يعني أن علاقة العقال بموضوع الغاز ستنتهي.
وأكد أن الكثير من المواطنين يتهافتون على الغاز حتى مع عدم احتياجهم له وامتلاك بعضهم لاسطوانتين فأكثر كاحتياط.. ومع هذا يقومون بالاستيلاء على حصص إخوانهم المحتاجين حقاً من خلال استخدام علاقاتهم ببعض العقال ليقومون ببيعها لأصحاب باصات النقل أو حتى لمواطن محتاج بأسعار مرتفعة.. كما ان بعض المواطنين ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها اليوم لمجابهة متطلبات الحياة اليومية التي تزداد صعوبة كل يوم.. يقوم ببيع حصته الرسمية من الغاز لأجل زيادة قد يدفعها له سائق باص.
تنظيم
وقال الهبل: إن شركة الغاز تسعى جاهدة لزيادة الكميات بما يكفي احتياج المواطن.. حتى أنها خصصت كميات للمطاعم بالتنسيق مع نقابة المطاعم حسب المقاييس المحددة .. وحتى لا يكون هناك تلاعب، فالنقابة هي من تحدد احتياج كل مطعم وذلك بالتعاون مع الشركة وأمانة العاصمة لتقوم بتموينه بحصة يومية من الغاز.. فالنقابة كما أوضحنا تقوم برفع كشف باحتياج المطاعم في كل مديريات الأمانة وبالتالي الأمانة ترفع بالكشف لشركة الغاز التي تعد كشفا بالتوزيع المحدد .. وبالطبع هناك مندوبون في كل دينة للمطاعم ومندوب من الأمن السياسي ومندوب من شركة الغاز يشرفون على عملية التوزيع.
واستدرك قائلاً لكن تظل مسألة عدم القدرة على تغطية كل الاحتياج حاضرة بقوة.. لذلك أطالب أمانة العاصمة بمضاعفة وتفعيل نظام الرقابة علي العقال.. والمندوبين من أجل التخفيف من الأزمة ولو بشكل نسبي.. وفي الأخير أحب أن أوجه للعقال رسالة تنبيه بأن يتقوا الله في المواطنين ويراقبوه ويعتمدوا المصداقية فالتلاعب بأقوات الناس والمتاجرة بها جرم كبير وعقابه عند الله شديد.
وعن عملية التوزيع في الحارات أوضح الهبل أن هذا الأمر يعتمد أساساً على المجالس المحلية في المديريات.. فهي من تستلم حصة يومية وهي من يقوم بتوزيعها على العقال.. وبعد تقسيم الحارات إلى مربعات- حتى تسهل عملية التوزيع- ومن ثم كما قلنا يتم عمل كشوفات وإرسالها إلى شركة الغاز لتموينها.. و أمانة العاصمة هي من يقوم بتوزيع الحصص اعتماداً على احتياج كل مديرية.. فالمجالس المحلية في المديريات هي من يقوم بتقسم وتوزيع وتحديد احتياج كل حارة وهي كذلك جهة الرقابة.
وأكد الهبل أنه ومن أجل الحفاظ على حصص المواطنين والتقليل من الفاقد والتلاعب لعدم تكرار الأسماء.. فكل عاقل يقوم بتشكيل فريق عمل خاص به من أبناء حارته الذين يعرفون السكان جيداً للقيام بعملية التوزيع وتتم عملية الصرف بالبطائق الشخصية وذلك بعد مطابقتها مع الكشوفات والكروت وكذلك مطابقة الكشوفات الخاصة بالحارات مع الحارات المجاورة وليكن دور الشركة فقط إيصال الكميات للحارات التي اعتمدتها المجالس المحلية في المديريات وأمانة العاصمة ويسلم مندوب الشركة لعاقل الحارة ويأخذ منه استلاماً رسمياً بالكمية.
اختلال
وفي نفس الإطار قال معين الذماري عاقل حارة “معمر”: برغم التنظيم وكل الآليات المتبعة من قبل الشركة لكن هناك نقص واضح في الكميات وتفاوت كبير بين الاحتياج الفعلي والكميات المتاحة أمام الشركة بحيث لا تتمكن الشركة من تغطية كل الطلبات فتلجأ لاعتماد آلية الصرف المتقطع، فمثلاً تقوم بصرف كمية لهذه الحارة وبعد عشرين يوماً تقوم الشركة بصرف الكمية المتبقية ومن ثم ننتقل للحارات الأخرى، لكن المشكلة تكمن في أنه خلال هذه الفترة يكون من تم الصرف لهم سابقاً قد استهلكوا كمياتهم وهم بحاجة لكميات جديدة.
وعن الاختلال القائم بين الاحتياج و الكميات المتاحة أكد الذماري أنه برغم أن الشركة تقوم بإنزال المندوب التابع لها وهو من يقوم بإيصال الكمية للعاقل وأخذ استلام كنوع من الرقابة على التلاعب المتوقع.. لكن تبقى مشكلة الاسطونات التالفة والمرسبة التي لا نستطيع عمل أي شيء بشأنها، فلا المواطن يقبلها ولا المندوب ولا الشركة، لتبقى مشكلة عالقة تدور بين المواطن والمندوب والشركة في دائرة مغلقة.. فمثلاً أنا قمت قبل يومين بصرف اسطوانات غاز معظمها مسربة بشكل كبير وقد سببت لنا أضراراً مادية مختلفة.. حتى أن يد إحدى النساء في الحارة احترقت بشدة عندما كانت تحاول إغلاق الاسطوانة يدها اشتعلت فيها النار بسبب التسريب.
وأكد الذماري أنه برغم أن هناك متلاعبين من العقال والمندوبين .. لكن- والشهادة لله- فالخير لا ينعدم بين الناس فهناك عقال لديهم مسؤولية وضمير حي حتى أنهم يقومون بتوزيع الكروت بأنفسهم على أبناء حاراتهم ويوصلون الكروت إلى منازلهم وكل شخص لديه حصة ينتظر كرته مطمئناً بأن هناك أيدي أمينة ستوصل إليه حصته.
وبخصوص الأسطوانات التالفة أشار الذماري إلى أن البعض يقومون بعمل عجينة على رأس الأسطوانة التي تسرب لأنهم يعرفون جيداً أنهم إذا قاموا بإرجاعها سيطول انتظارهم.. ومع علمه بأنها قنبلة موقوتة.. لكن للجوع أمره وحكمه.. في حين يقوم بعضهم ببيعها لصاحب باص كونها غير صالحه للمنزل ويجلس منتظراً ما يزيد على الشهر حتى يصل دوره. فشركة الغاز تقول إنها ليست لديها القدرة على معالجة كل هذا الكم الكبير من الأسطوانات التالفة وعلى المواطن تحمل قيمة الإصلاح كاملة من تغيير الرأس أو الكرسي أي قاعدة الدبة لأن سائق الشاحنة يرفض حملها معه إلا بدفع رسوم الإصلاح.
آليات
وعن الكميات التي تصرف للحارات قال الذماري: تصرف الشركة للحارة الواحدة 200 اسطوانة كل عشرين يوماً.. وتقريباً يوجد في كل حارة 800 أسرة، وأنه يتم تقسيم الحارة إلى مربعات فكل مربع ينتظر دوره كل عشرين يوماً كما أسلفنا.. ما يسبب لنا الكثير من الإشكاليات مع المواطنين بسبب تأخير الحصص.
وبالطبع تختلف نسبة الاحتياج من مديرية إلى أخرى لكن حتى إذا قمنا بتقصير المدة إلى أسبوعين لن نتمكن من تغطية الاحتياج.. لزيادة الطلب لتجد كل المربعات تشتكي ولا ندري ما الحل.
وألمح الذماري إلى أننا لو استطعنا العودة للوضع السابق وتمكنا من فتح المحطات او الطرمبات ليقوم المواطنون بالتعبئة بالسعر الذي يستطيعون دفعه ستحل المشكلة.. فهناك من يعبئ اسطوانته من المحطة بـ 500 ريال أو أكثر قليلاً لأنه قد لا يملك سعر الاسطوانة الممتلئة.. لكنه يحل مشكلته ولو بشكل مؤقت ومريح بدون عناء.
معوقات
وفي ذات الإطار قال الشيخ بسام العراسي حارة “حي الحظائر” إن من أكبر المعوقات التي تواجه العقال عند توزيع مادة الغاز تكمن في كثافة سكان الحي وقلة الكمية المرصودة للحي إضافة إلى المدد الزمنية الطويلة بين صرف وآخر التي تصل أحياناً إلى شهر.
إضافة إلى أن نسبة كبيرة تزيد عن خمسه وعشرين في المائة من الكمية المصروفة تكون اسطوانات الغاز فيها تالفة ما يدخلنا في صراع مع المواطنين وفي ذات الوقت تكون هذه الأسطوانات ناقصة التعبئة.
كما أن النزوح الكبير للعاصمة جراء العدوان المستمر على المدن اليمنية فاقم بشكل ملحوظ وضاعف من حجم الاحتياج .. وعلى شركة الغاز أن تعي ذلك من خلال القيام بعملها على أكمل وجه وبما يرضي الله.. وأن تتعامل مع للمواطن على انه بشر ولا تساهم في الحرب التي يعيشها من على أسطوانات الغاز.
والمشكلة أن عاقل الحارة هو من يواجه المواطنين ويتعرض للضغوطات المستمرة و للاتهام بالتقصير وعدم العدالة في التوزيع بينما المشكلة ليست بيد العاقل وإنما بيد شركة الغاز.
ورأى العراسي أن إعادة النظر في آلية التوزيع بحسب الكثافة السكانية في المديريات والأحياء المختلفة وعمل جدول زمني محدد بين الصرف الأول والصرف الذي يليه سوف يساهم في ضبط عملية التوزيع والقضاء على الأزمة أو الحد منها على أقل تقدير.

تلاعب
فيما قال يوسف الحراسي أحد مندوبي الغاز: نحن كمندوبين ليس لنا أي دخل في تحديد الكميات أو الأشخاص والحصص، نحن فقط نتبع الكشوفات المرفوعة من العقال وأمانة العاصمة فنحن لا نتدخل في عملية التسجيل.. ما نقوم به فقط هو توزيع الكميات المحددة حسب الكروت المختومة من العقال وبحسب البطاقة الشخصية أيضاً.. لكن يبدو أن بعض العقال لا يقومون بتوزيع كل الكميات المستلمة على المواطنين بل يذهبون بها للسوق السوداء وبعضها يعطونها كهدايا لمن تربطهم بهم مصالح خاصة في الحارات الأخرى، ليبقى المواطن دون غاز.
المواطن محمد الحميري يوافق الحراسي هذا الرأي ويؤكد أن بعض العقال يبيع ما يزيد عن ثلث الكمية الخاصة بحارته للسوق السوداء.. وأن شارع خولان هو أكبر سوق للغاز المنزلي.. عقال الحارات ضيوف دائمون على هذا السوق .. فهم يسرقون حصة المواطن الغلبان ويبيعونها بأغلى الأثمان.. فقد يتجاوز سعرها الـ 10.000 ريال هذا بالنسبة للأسطوانة السليمة أما الاسطوانة التالفة فيصل سعرها إلى 6.000 ريال. وقد طرح مقترح لحل أزمة الغاز المنزلي بحسب رأيه، حيث رأى أنه لحل مشكلة الغاز على شركة الغاز معالجة موضوع باصات النقل التي تستهلك أكبر قدر من الغاز المنزلي كما أن بعض المواطنين ممن تكون ظروفهم صعبة يقومون ببيع حصصهم لأصحاب الباصات بأسعار مرتفعة من أجل مواجهة أعباء الحياة اليومية.
ويؤكد الحميرى بخصوص مشكلة الأسطوانات التالفة قائلاً: إنه وإضافة إلى أخطار الحرب والحصار والجوع هناك كارثة إضافية نواجهها ممثلة بالقنابل الموقوتة لأسطوانات الغاز التالفة والمسرية.. حتى أن مصادر مختلفة أكدت أن شركة الغاز في صنعاء رصدت هذا الأسبوع عدداً من أسطوانات الغاز ذات المفاتيح التالفة كان قد تم توزيعها للمواطنين من الشاحنات عبر عقال الحارات في عدد من الأحياء.
وقال مواطنون لـ” الثورة”: نحن مجبرون على أخذ أية اسطوانة حتى إذا كانت مسربة.!! لأننا بحاجة ماسة للغاز، وعدم قبول الأسطوانة سيفاقم معاناتنا طيلة 30 يوماً، حتى يأتي التوزيع القادم حسب جداول الشركة التي تخصصها لكل حارة، وأسطوانة واحدة في الشهر لا تكفي .. وهذا ظلم ففي بعض البيوت توجد أسرتان وبعضها ثلاث أسر وأكثر.

قد يعجبك ايضا