الحمزة وصاروخ نانا

 

أحمد يحيى الديلمي

عاد الطفل الحمزة الصغير ابن الثلاثين شهرا يجر اذيال الخيبة، آثار الحزن والأسى تكسو ملامحه ، كان قد فارق المنزل في قمة النشوة والفرح عندما رأى أبواب دكان موزع الآيسكريم نانا مفتوحاً لم يتمالك نفسه استبد به فرحاً غامراً، انطلق نحو الشارع في ثوانٍ قطع المسافة بين المنزل ودكان الآيسكريم ، داهمة إحساس مريب مشوب بالحزن بعد سماع صاحب الدكان يقول لا يوجد آيسكريم، تحالف العدوان السعودي ضرب المصنع في الحديدة بصاروخ ، انفجر الطفل الصغير بالبكاء وبلكنة طفولية صرخ “الدودي الكلب” ظل يصرخ بنفس العبارة والدموع تنهمر بغزارة من عينيه، هي نفس العبارة التي يرددها كلما سمع صوت طائرات الاعداء تحلق في سماء العاصمة ، يندفع بسرعة يلوذ بوالدته وهو يصرخ “الدودي الكلب” جاء ، لتضمه الام بحنان وتربت على كتفه ، تردد عبارات تطيب خاطره وتخفف لوعته إلا أنها فشلت هذه المرة ، الطفل يبكي بمرارة وحرقة وإحساس بالغبن والظلم ، لأن هذا العدو الغادر الغارق في الفجور والتطرف انتزع أحد حقوقه المشروعة ، المشهد بدا مؤثراً، آثار مشاعر الحقد والكراهية لهذا النظام الماجن بسلوكياته الشاذة ورغباته المدمرة وأعماله القذرة المنافية لأبسط القيم الانسانية ، حالة الرعب المشوبة بالحزن والمرارة اختزلت مأساة ملايين الاطفال اليمنيين الذين قضوا تحت انقاض المنازل التي دمرها المعتدون على رؤوس ساكنيها ، أو الذين جف لبن امهاتهم بفعل نقص الغذاء أو حالات النزوح والتشرد للبحث عن مأوى بديل عن المساكن التي دمرها المعتدون كذلك انعدام البديل من الألبان الصناعية بعد استهداف المعتدين لمخازن حليب النيدو التابعة لشركة شهاب وهو النوع الأكثر شهرة والمفضلة من قبل الأمهات بعد انقضاء الخمسة الاشهر الأولى من عمر الطفل ، كما طالت صواريخ المعتدين مخازن ومصانع أخرى للألبان والأغذية في كل المدن اليمنية .
ناهيك عن الاطفال الذين فارقوا الحياة بفعل الأمراض الفتاكة نتيجة انعدام الادوية بفعل الحصار الجائر الذي يفرضه تحالف العدوان ، أما آخر ضحايا الأطفال فقد فارقوا الحياة بفعل الجوع وانعدام ابسط المقومات اللازمة لاستدامة الحياة ، ومازال مئات الآلاف من اطفال اليمن يعانون من صلف وغطرسة هذا النظام ، لهذا استطاعت صرخات الحمزة ان تلفت الانظار خاصة انه سدد الى وجوه الحاضرين نظرات عتاب غاضبة نطقت بالسخرية والتساؤل عن دور المنظمات والهيئات التي تتباكى على حقوق الطفل ، لماذا نترك أطفال اليمن نهباً للنزوات العابثة والرغبات المجنونة؟!! أي عقل وأي منطق يقر هذا التوحش وحرب الإبادة الشاملة التي كان اكثر ضحاياها من الأطفال؟.
هذه الصرخات البسيطة لاشك أنها صعدت إلى سماء الكون وستظل محلقة تقبح وجه التاريخ حتى تجد آذاناً صاغية تعيد لهذا الطفل المنكوب أبسط مقومات استدامة الحياة، فهل يسمع العالم هذه الصرخة؟ ايها العالم العامه في الغي، ترك اطفال اليمن نهباً للنزوات الشيطانية ينذر بكارثة .. انقذوا اطفال اليمن قبل أن يتعاظم الحقد ويتحولوا الى قنابل موقوتة تقلق سكينة واستقرار العالم !!؟ اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا