المساس بخدمات الاتصالات .. حرب إجرامية ضد اليمنيين

 

* النوافذ المفتوحة .. مهددة بالإغلاق بعد ان كانت المتنفس الوحيد للمدنيين
* تدمير منظومة الاتصالات الوطنية ومنشآتها المدنية .. جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان

الثورة / مصطفى المنتصر

أصدرت اللجنة الوطنية للدفاع عن خدمات الاتصالات تقريراً مهنياً ، ناقشت فيه أشكال الاستهداف التي تتعرض لها البنية التحتية لقطاع الاتصالات والبريد ، التقرير الذي التزم المهنية والموضوعية تناول الأبعاد والحيثيات التي تقف خلف تدشين ما سمي بـ “شركة عدن نت” .
ورغم أن التقرير أشار إلى أشكال الاستهداف الذي يطال قطاع الاتصالات إلا أنه ركز على تداعيات إنشاء ما سمي «شركة عدن نت« باعتباره أخطر التهديدات التي يتعرض لها قطاع الاتصالات والبريد على حد سواء.
خلال السنوات الأربع من زمن العدوان والحصار المفروض على بلادنا تعرضت البينة التحتية لشبكة الاتصالات الوطنية ومنشآتها المدنية لآثار تدميرية نتيجة الهجمات العدوانية ، والاعتداءات المختلفة ، وتشديد الحصار على واردات القطاع الذي أثر وبشكل مباشر على مختلف خدمات الاتصالات والانترنت .
وأبرز الأشكال العدائية التي يتعرض لها قطاع الاتصالات الحيوي تتركز في الآتي:
– تدمير أبراج ومحطات ومواقع الاتصالات ومنشآتها المدنية ، نتيجة الغارات الجوية الموجهة من قبل طيران التحالف العدواني بقيادة السعودية والإمارات.
– تشديد الحصار وفرض حظر شامل يمنع دخول تجهيزات ومحطات الاتصالات ومستلزمات الصيانة والتشغيل وإدراجها ضمن قوائم الممنوعات التي تم حضر وارداتها إلى اليمن.
– أعمال نهب وسلب وتخريب ممنهجة تطال الكابلات النحاسية بهدف الإضرار المباشر وتعطيل الشبكة الوطنية للاتصالات والإنترنت .
– استقدام شركات اتصالات أجنبية بهدف ابتزاز وضرب المؤسسات والشركات الوطنية المشغلة للهاتف والإنترنت.
– نقل بوابة الاتصالات الدولية وبوابة الإنترنت ، وفق إجراءات اعتباطية ومخططات تدميرية وتوجهات تشطيرية واضحة .
ووفقاً لمعايير الرصد والتحقق الدولي فإن تدمير منظومة الاتصالات الوطنية ومنشآتها المدنية .. تعد جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.
إجراءات تصعيدية
تحول المشروع الذي افتتحه هادي وحكومته بمدينة عدن منتصف يونيو الماضي تحت ما سمي “شركة عدن نت” إلى منصة للتصعيد والابتزاز السياسي والاقتصادي ، فقد تم إطلاق “شركة عدن نت” بذريعة تحرير الاتصالات والإنترنت من سيطرة سلطة صنعاء حد زعمهم ، وهو المبرر الذي عملت حكومة هادي ووسائل إعلام العدوان الذي تقوده السعودية والإمارات على تكثيف الترويج له ، وليس في الحقيقة إلا واحداً من المشاريع التي تسعى لتنفيذها حكومة هادي بدعم من التحالف بهدف تضييق الخناق على المدنيين دون اعتبار للمصير الذي ينتظر المدنيين أو الخدمات الإنسانية والطبية والتعليمية التي تعتمد في تشغيلها على وسائل وخدمات الاتصال، إذ تم التأكيد صراحة مصادر تابعة لحكومة الارتزاق ووسائل الإعلام التابعة لدول العدوان بأن مشروع ما سمي “شركة عدن نت” خطوة تصعيدية من جانبهم لتجفيف مصادر التمويل التي تتلقاها حكومة الإنقاذ بصنعاء ، ما يفسر اعتماد حكومة الارتزاق والتحالف السعودي الإماراتي على المشروع المسمى “شركة عدن نت” ضمن حربها التصعيدية وتحويل هذه الشركة إلى أحد استخدامات الحرب الاقتصادية ، استكمالاً لما بدأته من فرض حصار تدريجي كامل على الموانئ الجوية والبرية والبحرية ، ونقل البنك المركزي ، وجعلها أداة من أدوات الحرب بطريقة تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان وحق المدنيين الخاضعين لحالات الحرب ، وهذه الخطوة تهدف للانتقام من الشعب اليمني الصامد ، دون أدنى اعتبار للضحايا المدنيين والمصير الذي ينتظر أكثر من 25 مليون يمني يعيشون في المحافظات الخاضعة لسلطة صنعاء ويمثلون ما يزيد عن 75 % من سكان الجمهورية اليمنية .
عدن نت” ومزاعم تحسين الخدمة
أفصحت الوثائق والتصريحات الصادرة عن قوى الإرتزاق ووسائل إعلام دول التحالف أن شركة “عدن نت” ليست مجرد خيار منافس بل جزء من أدوات الصراع واستخدامات الحرب ، حيث أكدت الإعلانات والتقارير الرسمية أن مشاريع عدن نت تتكون من الآتي :
ـ بوابة عدن الدولية .
ـ شبكة عدن للتراسل الضوئي الدولي.
ـ مشروع خدمة الإنترنت “عدن نت”
ــ مشروع عدن للإنترنت اللاسلكي.
ـ مركز عدن للسيطرة والتحكم.
ـ سنترال عدن للوسائط المتعددة .
ـ شبكة عدن للجيل الرابع.
ـ شبكة عدن لتراسل المعطيات.
ـ الكابل البحري الدولي.
والذي تم تنفيذه حسب زعمها بقيمة إجمالية : “93.512.00” دولار أمريكي.
ومن خلال التحقق في هوية المشاريع ونوعيتها ، يتأكد أنها مشاريع بنية تحتية تشطيرية تدميرية لا تدخل ضمن مشاريع التطوير وتحسين الخدمات ، وإنما تم تصميمها لتشطير شبكة التراسل الوطنية ، وضرب وتدمير البنية التحتية لشبكة الاتصالات الوطنية العاملة حالياً ، بينما يتم السير فيها بشكل اعتباطي وعدائي لا يراعي مستويات الأمن القومي والوطني وغيرها من الاعتبارات المشروطة محلياً ودولياً.
سياسات العقاب الجماعي
يخضع المدنيون في اليمن لحصار خانق ومميت لازالت دائرته تضيق وتنعدم معها الفرص التي يمكنها إنقاذ حياتهم المعرضة للخطر ، نتيجة لفرض قيود واسعة وغير شرعية من قبل إدارة العدوان الوحشي الذي يديره “التحالف السعودي الإماراتي وحكومة الفنادق ” ، فإلى جانب فرض حضر شامل على الموانئ الجوية والبرية والبحرية ، يستمر العدوان في تشديد القيود واعتماد سياسات الحصار والحرب الاقتصادية الأوسع والأكثر إضراراً بالمدنيين ، والتي يتم اتخاذها تحت ذرائع ومبررات لا يمكن القبول بها ، كما أن قوات العدوان ومعها حكومة الفار هادي ترفض الاستجابة للتحذيرات الدولية والأممية بشأن رفع القيود التي تنتهك القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان ، وتمضي قوات العدوان في تجاهلها لدعوات تجنيب إلحاق الأذى بالمدنيين والامتثال لمبادئ التمييز .
إقحام الاتصالات والانترنت على هذا النحو يفسر انتهاج العدوان السعودي الإماراتي لأكثر السياسات خطراً على حياة المدنيين الذين لا علاقة لهم بحسابات الحرب ، إذ أن سياسة العقاب الجماعي تمثل منهجية قوى العدوان وسلوكها في إداراتها لحربها الوحشية الظالمة ، الذي يأتي على حساب حياة ومستقبل أكثر من 25 مليون يمني ، ودون اعتبار للتبعات الكارثية والإنسانية والتي قد تلحق بهم ، كما تسعى حكومة الارتزاق المسنودة بقوات العدوان حالياً عبر عملية نقل بوابة الاتصالات الدولية وبوابة الإنترنت إلى مدينة عدن والتي يجري العمل عليها تحت يافطة “شركة عدن نت” بهدف استكمال حلقات الحرب الاقتصادية الابتزازية التي يتحمل المدنيون كلفتها الباهظة ، علاوة على استنزافها للبنية التحتية المدنية بشكل متعمد عبر الاستمرار في تفتيت وتمزيق شبكتها بلا هوادة .
ورغم المخاطر والتهديدات المتوقعة اتجهت حكومة الفار هادي المسنودة بقوات التحالف السعودي أمريكي إماراتي لاستخدام منظومة الاتصالات والإنترنت واللعب بها ضمن أوراق الحرب ، وهو تصعيد خطير يتم العمل عليه في الوقت الذي ارتفع فيه مستوى التحذيرات الدولية والأممية بشأن استمرار انهيار الخدمات الأساسية في اليمن بشكل متسارع.
النوافذ المفتوحة مهددة بالإغلاق
لن يكون المدنيون في اليمن بمنأى عن قرار عملية نقل بوابة الاتصالات الدولية وبوابة الإنترنت إلى مدينة عدن ، باعتبارها خطوة تصعيدية تدخل في حسابات العدو ، كون المساومة بخدمات الاتصالات والانترنت يمثل تهديداً إضافياً لملايين البشر الذين يتعرضوت للعدوان والحصار داخل حدود اليمن ، وقد يتسبب هذا الإجراء بتعطيل وانقطاع قنوات الاتصال المنقذة لعدد لا يحصى من الجرحى والمحتاجين للدواء والغذاء والإمدادات الإنسانية ، وبالنسبة للمدنيين فإن خدمات الاتصالات والانترنت باتت النوافذ المفتوحة الوحيدة التي يتنفس منها الأبرياء عبق الحياة ، والقناة التي تصلهم بالعالم الخارجي ويخاطبون من خلالها المجتمع الدولي ، وعبرها يكسرون عزلة العدوان والحصار ويتصلون ببعضهم البعض بعد أن قطعت الحرب أواصل التواصل والتراحم بين أبناء البلد الواحد في ظل حصار وحرب يدفعون ثمنها دون تمييز ، وبدون تدخل دولي وأممي وإنساني عاجل وجاد يعمل على إيقاف عاجل للتوجهات التي تقوم بها قوى الارتزاق المتمثلة بحكومة الفار هادي المسنودة بالتحالف ، فإن تلك المشاريع ستتسبب حتماً بإغلاق ما تبقى لليمنيين من نوافذ مفتوحة .
انهيار خدمات الاتصالات والإنترنت
وفقاً لتكرار التجارب الفاشلة لإدارة العدوان المشترك “التحالف السعودي الإماراتي ، حكومة هادي” فإن المشاريع المنفذة تحت ما سمي “شركة عدن نت” تمثل تهديداً واضحاً لمنظومة شبكة الاتصالات المدنية ، كون ارتفاع مستوى التوقع بانهيارها وتوقف خدمات الاتصالات والانترنت عن معظم مناطق ومدن الجمهورية اليمنية ، صارت فرضية محتملة بالنظر إلى فشل حكومة هادي في إدارة عمليات البنك المركزي المالية والتجارية ، والتأثير السلبي على المدنيين بإخفاقها في تسيير وإدارة الموانئ الجوية والبرية والبحرية ، علاوة على عجزها في تأمين أبسط المقومات الأساسية في المناطق الخاضعة لسلطتها في ظل غياب أي مؤشر جدي لإدارة قوى الارتزاق في الإيفاء بالتزاماتها تجاه اليمنيين الذين خسروا الكثير من حاجياتهم الأساسية والحيوية .
عملية انتقال بوابة الاتصالات الدولية وبوابة الإنترنت إلى مدينة عدن ، تمثل أحد إجراءات الحرب الابتزازية المنظمة والتي تستنزف البنية التحتية المدنية وتستمر في تفتيتها والإضرار بها بلا هوادة .
إدارة الحرب لا تخوض مواجهة عسكرية فقط
أربعة أعوام من الحرب على اليمن أثبتت أن إدارة الحرب المشتركة “التحالف السعودي الإماراتي وحكومة هادي” لا تخوض مواجهة عسكرية فقط ، كون الفرضيات والمعطيات التي تحكيها موازين الحرب تؤكد أن إدارة الحرب تخوض حرباً واسعة متعددة الأوجه ، جعلت أكثر من 75 % من المدنيين اليمنيين فريسة لغاراتها الجوية الإجرامية ولقرارات الحصار الجائر ولمختلف الإجراءات التعسفية التي يترتب علها تفاقم أشكال المعاناة ، وهذه النقطة يعيها المجتمع الدولي ، ويفهم جيداً أن القيود التي يفرضها التحالف السعودي الإماراتي ودفعه لحكومة هادي لإقحام الخدمات الأساسية ضمن مخططها في خضم الصراع الدائر أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين اليمنيين في ظل كارثة إنسانية تواصل مؤشرات انحدارها على نحو مخيف.
حرب ضد المدنيين
تتعاظم خطورة المساس بخدمات الاتصالات والانترنت واستخدامها ضمن العدوان والحصار في ظل تعرضها لاستهداف واسع ومتعدد جرى الترتيب لها ضمن مسار الحرب الاقتصادية لمنع تطبيع الحياة وإعاقة الحركة اليومية وتجميد التبادل التجاري والحركة الاقتصادية المتبقية بين المدن والمحافظات التي يتكتل فيها أكثر من 75% من سكان الجمهورية اليمنية ، ما يفسر اعتماد التحالف الاجرامي “التحالف السعودي الإماراتي ، المرتزقة” على ممارسة الضغط كسياسة مؤثرة تواصل تطبيقها عبر الاستهداف المباشر بالغارات الجوية للبنية التحتية لشبكة الاتصالات في جميع أنحاء اليمن وترتب عليها آثار مدمرة ، أو بإغراق منشآتها المدنية بالأزمات المميتة وتشديد القيود على وارداتها ومنع دخول أجهزتها اللازمة للتشغيل والصيانة خصوصاً في ظل اعتماد مؤسسات وشركات الاتصالات القائمة على المهنية في تقديم خدماتها وإيصالها للمواطنين اليمنيين في مختلف المحافظات بوتيرة اعتيادية ودون تمييز، غير أن حكومة هادي المسنودة بقوات التحالف ماضية في استهلاك إطار الشرعية واستغلالها كمظلة للعمل على تجريد تلك المنشآت من كياناتها المدنية وتعطيل دورة الحياة فيها ، بذريعة فرض هيمنتها على مؤسسات الدولة التي تقع في المدن والمناطق الخارجة عن سيطرتها ، وهو الضرر الكبير الذي يلحق باليمنيين ومنشآتهم المدنية ولا يتناسب مع أي ميزة عسكرية يسعى العدوان السعودي الإماراتي لتحقيقها بصورة مباشرة ، كون المساس بخدمات الاتصالات هي في الحقيقة حرب ضد المدنيين ، إذ يمثل استخدامها ضمن أدوات الصراع والإضرار بالمدنيين بشكل مباشر جريمة حرب تتجاوز الالتزامات الدولية وتنتهك مواثيق حقوق الإنسان والقوانين الدولية .

قد يعجبك ايضا