الفئران والجرس

 

العلامة/سهل إبراهيم بن عقيل

اجتمع الفئران في بهو أحد المطابخ برئاسة كبير الفئران, وظلوا يتناقشون في لغط وصياح, كل يضع رأيه على كبير الفئران, يشكون إليه عمل القط “مسعد” الذي كان في السابق يقنع بفأر واحد في اليوم, ومع مرور الأيام – وصحته تتجدد-, فرض على الفئران فأرين في اليوم وتحسنت صحته وقوي عظمه, وزادت شهيته, فقال للفئران بفصيح العبارة: أنا لا أقنع في اليوم إلا بخمسة فئران فإن الفأرين لا يُشبعان.
* انزعج برلمان الفئران من هذا الطلب وكان لزوماً أن ينفذوه وإلا فإن القط “مسعد” سيدخل المعمعة وسيقتل أكثر من خمسة فئران في اليوم, وهناك رأى برلمان الفئران أن معركتهم مع مسعد خاسرة, فلبوا له طلبه, ونظروا إلى المستقبل بعين الإحباط, لأن مسعد كل يوم يكبر وتتفتح شهيتهُ لأكل الفئران خاصة السمان فأفزعهم ذلك.
استدعى الفئران كبيرا لهم, وكان قد عايش كثيراً من أمثال “مسعد” حتى هرب هو نفسه من المكان الذي يتواجد فيه أمثال “مسعد”, والتجأ إلى هذا المطبخ, تحت حراسة إخوانه .. فأحب إخوان الفأر الكبير سيدهم وجعلوه, مقرراً يُؤخذ برأيه حسب تجاربه السابقة مع الكثير من أمثال “مسعد”.
وهنا اخذ الكبير يفكر في عمق لساعات, حتى كاد أعضاء برلمان الفئران ان يناموا .. وفجأة صاح الفأر الكبير: “وجدتها, وجدتها, عندي رأي”, فاستيقظ من كان نائماً من الفئران ليسمع الرأي الحكيم.. تهيأ الكبير للخطابة بينهم يحرضهم على الوقوف بعنف, وأن يصمدوا ويتخذوا كافة الأسلحة لقتل “مسعد”, وقال لهم: إن أحسن رأي عندي ان نشتري أو نجد “جرسا” نعلقه على رقبة القط “مسعد”.
استحسن الفئران هذا الرأي لأنه إذا تحرك مسعد حرَّك الجرس, وهنا يتفرق الفئران ويأخذون حذرهم.
استأذن أحد الفئران بالكلام فأذن له, وبعد أن ألقى قصيدة شعرية قال لهم : لا تخافوا, أنا سأكفيكم “مسعد” وأمثاله, فلدي جرس .. فصفق الجميع ورحب بالهدية .. وأخذ فأر آخر يعلن بافتخار: أنا عندي سلس ذهبي أخذته من دولاب أحد الساكنين, وهو سيدخل في حلقة الجرس بلا شك، وأحضر الجميع كل ما عندهم ليعلقوا الجرس في رقبة “مسعد” والآن ننظر من الفدائي الذي سيعلق الجرس في رقبة القط “مسعد”, فتبرم الجميع من هذا العمل, ولم يتقدم إليه أحد, وهنا صاح فأر صغير من آخر المجلس, وقال: يا كبيرنا وسيدنا وصاحب الرأي السَّديد, فإني أرى أن تقوم أنت بهذا العمل, لأنه قد طال عمرك, وما أظنه هو أنك لو أقدمت على هذا العمل, انه سيكتفي بأكلك عن الخمسة فئران, وهنا ضجت القاعة بالتصفيق والهتاف لكبير الفئران, وكلهم مر بجانبه ليهنئه بالشهادة والتضحية, فلا داعي لبقائه, فهو “يأكل ما يكفي ثلث المجتمعين” وكل يوم يزداد عدد الفئران , وان التخلص من الكبير فيه الخير الكثير.
الله يخلصنا من كبير الفئران وينصر مسعد القط على كل فئران العالم,
الثلث مقابل الحماية..
وهذا حسب رأي ” ابن المقفعّ” الذي ترجم “كليلة ودمنة”
*مفتي محافظة تعز

قد يعجبك ايضا