إخوان السودان واليمن تماثل النهج والعمل 2-2

 

محمد ناجي أحمد
وكما ضُخَّت الأموال من الخليج لجماعة الإخوان المسلمين في السودان ضُخَّت للجماعة في اليمن ،ولذات الظروف الدولية التي كانت تخشى من سيطرة الروس على البحر الأحمر .
ساعدت فترة الحرب الباردة على انتشار حركة الإخوان المسلمين ضمن حلف محاربة الإلحاد . فمنذ عام 1977م وفقا لمتطلبات الصراع والحرب الباردة بين الغرب والسوفيت كان التنظيم الدولي للإخوان في حركة دائبة تنظيما وماليا وفكريا ، من بنك فيصل الإسلامي والبنوك الإسلامية ،ودور النشر ،وماكينة إعلام …كل شيء يتحرك من أموال ومؤسسات ومراكز إسلامية بشكل مرسوم وغايات محددة .
في الحرب الباردة أصبح للسوفيت والكوبيين حضور في أثيوبيا واليمن الجنوبي وليبيا ،فشكل ذلك قلقا للغرب ، ليحركوا مصر والسعودية والسودان من أجل خلق اضطرابات داخل ليبيا ،تلك كانت خطة إدارة ريغان ،فكان أن عمل النميري على التعاون مع الإخوان المسلمين لعمل معسكر للمعارضة الليبية في منطقة جبل الأولياء جنوب الخرطوم . وقد دخل الإخوان في السودان كطرف في التخطيط لغدارة المقاومة الليبية من خلال مكتب العلاقات الخارجية للإخوان الذي يديره الدكتور التيجاني أبو جديري المعروف بعلاقاته الوطيدة مع المخابرات الأمريكية والغربية بحكم مسؤوليته داخل جماعة الإخوان وبحكم أنه ارتبط بتلك الأجهزة طوال السنوات العشر التي قضاها في الولايات المتحدة . ص71حيدر طه.
برر إخوان اليمن والسودان مشاركتهم الحكم مع أنظمة موسومة بالطغيان والفساد بما قاله الترابي ” أيا كانت التفسيرات والتبريرات التي كانت تسوقها الجماعة لمشاركتها في نظام حكم غير شرعي ولا مرضٍ ،فإنما دخلت في الحقيقة إلى تلك المشاركة مهتدية باستراتيجية خاصة لا تعول على الوعد الإسلامي للنظام ولا على الأمل في إصلاحه بقدر ما تبتغي اقتسام فرجة حرية بفضل الموادعة وتتوخى فرصة سانحة بفضل المشاركة “ص53-المرجع السابق.
عناصر انتشار الإخوان هي الطلبة والاقتصاد والجيش والنشر ، وكان للمال السعودي والخليجي الدور الجوهري في نمو الحركة وانتشار مطبوعاتها ، وكان للأمير محمد الفيصل دوره الرئيسي في نهوض الحركة اقتصاديا من خلال بنك فيصل الإسلامي ومؤسسة التنمية الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية وشركات توظيف الأموال ،إلخ .
انتشر إخوان اليمن والسودان في الجيش مع أواخر السبعينيات وتمكنوا فيه مع عقد الثمانينات ،فغيروا عقيدته القتالية بحيث يكون جيشا جهاديا وفقا لمتطلبات حركتهم وأهدافهم .ثم كان انتشارهم في النقابات ،وخاصة نقابتي المعلمين والصحفيين .
واجهوا انتفاضات الشعب بقوة في فترة شراكتهم مع أنظمة فاسدة . ففي السودان ضربت انتفاضة يناير 1982م التي خرجت للشوارع وقتل فيها 58 مواطنا في مختلف الأقاليم التي عمتها الانتفاضة ، وكان دور وزير الداخلية الإخواني متشددا في وأدها . وفي اليمن تم قمع انتفاضة 9و10و11ديسمبر 1992م التي عمت العديد من المدن اليمنية وفي مقدمتها تعز وصنعاء ،وقتل فيها العشرات من المواطنين برصاص الفرقة الأولى مدرع وألويتها في المحافظات ،والفرقة يقودها الإخوان المسلمون في اليمن .
تتماثل حركة الإخوان في اليمن والسودان في خطوات التمكن من الحكم ،فمشاركة الإخوان لنظام جعفر نميري وعلي عبد الله صالح ساعدهم على التغلغل والانتشار كمقدمة للقضاء على الشراكة ،ومن ثم السيطرة التامة ،ومن أجل ذلك شجعوا النظام على التخلص من الخصوم السياسيين في مختلف المؤسسات والأجهزة ،إما بالإبعاد أو بالتصفية الجسدية ، ومن ذلك التخلص من قادة اليسار والناصريين في اليمن ،والتخلص من الشيوعيين ومن الشيخ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري في السودان ، وكذلك ” وضع الإخوان بعض عناصرهم في خدمة جهاز أمن الدولة بهدف الحصول على معلومات وإكسابهم خبرة ولاختراق الجهاز من الداخل.
-إضعاف التيارات المناوئة لحركة الإخوان المسلمين داخل المؤسسات والأجهزة السياسية والأمنية …” ص63 حيدرطه .

لم تكن (المسيرات المليونية ) من مبتكرات ما سمي بالربيع العربي ،فلقد نظم إخوان السودان بقيادة حسن الترابي مسيرات من عشرات الآلاف بداية عام 1985م وأطلقوا عليها اسم ( المسيرة المليونية ) تأييدا لنظام جعفر محمد نميري ولتطبيق قوانين سبتمبر التي سميت بتطبيق الشريعة الإسلامية .
ما ذكره حيدر طه في كتابه آنف الذكر عن سقوط جعفر نميري عام 1985م بعد أشهر قليلة من (المسيرة المليونية ) التي سيرها الإخوان تأييدا له –ينطبق على سقوط علي عبد الله صالح اثر انتفاضة 11 فبراير 2011م حين قال واصفا إسدال الستار على حكم النميري ” وبهذا الميلاد أسدل ستار كثيف وداكن على فصل طويل استمر ستة عشر عاما اختلط فيها العبث واللامعقول في دراما سياسية مرهقة مزقت عصب الدولة وأبكت شعبها ،ليرتفع الستار عن فصل آخر تحول فيه أفراد الجوقة إلى أبطال في مأساة سياسية محزنة ” ص112.
الإخوان واستئصال الآخر:
يذكر صاحب كتاب (رياح الجنوب ) نجيب رياض الريس أن التجمع اليمني للإصلاح طالب الرئيس صالح بعيد حرب 1994م باستئصال كوادر الحزب الاشتراكي في المؤسسات العسكرية والمدنية . بما يماثل ما حدث مؤخرا في تركيا بعد إحباط عملية انقلابية على حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان ،فكانت النتيجة استئصال واسع لعشرات الآلاف وفصلهم من المؤسسات المدنية والعسكرية . وفي السودان بعيد انقلاب 30يونيو 1989م الذي قادته الجبهة الإسلامية قام نظام عمر البشير بفصل 1800 ضابط من مختلف الرتب بما يقارب نصف الضباط في الجيش ،وتصفية الخدمة المدنية من معظم الكوادر الفنية والإدارية وإحلال عناصر الجبهة الإسلامية بدلا عنهم ،وإقالة أعداد كبيرة من القضاة ،وفصل أكثر من 50% من أساتذة الجامعات ،وإلغاء الصحافة المعارضة والنقابات والاتحادات ،وإعدام عشرات الضباط وإخفاء جثامينهم ،كما حدث مع “شهداء أبريل ” .

قد يعجبك ايضا