الأم والصوت القادم من بعيد

 

شايف أبو حاتم

في مسرح الجريمة بسوق ضحيان في صعدة – اليمن التي بطلها طيار تحالف عدوان بني سعود، تبحث أم يمنية عن وحيدها “طفلها” وتمشي بين رؤوس بلا جثث وجثث بلا رؤوس، تدور وتلف ولكن دون جدوى.
رَق قلب أحد الحضور لحالها وقال لها بشفقة: قد يكون ابنك من الجرحى وربما ستجدينه في المشفى.
تستمر في البحث وما من نتيجة تذكر، تيأس وتذهب نحو المشفى غير أنها مازالت تسمع أنين ولدها يجرها من خلفها ومن أمامها يناديها.
تحتار وصعب أن تختار: فهل تعود لمسرح الجريمة من جديد أم تلحَق وراء ذلك النداء القادم من بعيد؟!
تتبع النداء-وقلبها هو من دلَّها- فتصل المشفى وتشاهد ما لا يقوى الإنسان على مشاهدته وتنظر ما لا تستطيع العين رؤيته!
أجساد صُبغت بالدماء.. قوائم بلا أقدام.. أذرُع بدون أكتاف.. جرحى ينازعون الموت.. لهو منظر مهول حقا.
في الواقع من بينهم ولدها ينتظرها ويتوجّع وهو لم يمت بعد.. غير أنها لم تجده بعد.
تدخل غرفة وتخرج من غرفة محاولة معرفته ومساعدته أو إلقاء نظرة عليه قبل وفاته.
فجأة تراه ممدّدا على سرير قد وُضع على نهاية أحد الممرات ورأسه يتحرك يمنة ويسرة من شدة الوجع تارة وباحثا عن أمه تارة أخرى.
ولدي!!ولدي!!.. تدوي صيحة من حنجرتها جعلت كل الحضور يتسمّرون في أماكنهم.. يلتفت إليها وتسعى باتجاهه فتقترب منه وتسرع أكثر وأكثر وتوشك على الوصول إلا انه كان هناك من هو أسرع منها.. نعم النزيف من رأسه وأطرافه وجوفه-الناتج عن شظايا أولاد نهيان وشَرَر بني سعود- كان هو الأسرع بالموت.. أماته نزيفه قبل أن تمسكه أمه وتداويه وتجلس بجانبه وتواسيه.
تعود إلى بيتها مسلّمة لربها ولكنها في منتصف الطريق سقطت وانعطفت كعود.
فيا جبار يا منتقم يا ودود! ويا أنصار الله الأسود ! يا من جعلتم أنفسكم لله جنوداً! إثأروا لها ولأمثالها وجاهدوا ورابطوا واشفوا كل صدر حار وبجوفه وقود.

قد يعجبك ايضا