شرعية الفطرة السليمة !

 

*إلى أحرار تهامة وأبطالها وإلى أبطال الجيش واللجان الشعبية
عبدالعزيز البغدادي
يبقى الدفاع عن الوطن في كل زمان ومكان دفاعاً عن الوطن والارتزاق يظل ارتزاقاً ما بقي الليل والنهار ، ومن المستحيل أن يسعى أعتى نظام ملكي في التاريخ لدعم نظام جمهوري مجاور ولو مجرد جمهورية شكلية كان رئيسها السابق لحلم 11/فبراير 2011م بالثورة على وشك توريث الرئاسة بعد أن أمضى في الحكم أكثر من 33 عاماً !! ، ولا يمكن بأي حال وفِي أي وقت أن تصبح خيانة الأوطان والمتاجرة بالسياسة والتفريط بالسيادة مسألة قابلة للنقاش حول إعادة تسميتها إكرامًا للرموز المتاجِرة أو المستعدة للمتاجَرَة بأي شيء ، ومن المستحيل كذلك أن يكون أي إنسان سوي نفسياً أو أخلاقياً أودينياً وصاحب فطرة سليمة مستعداً للاستعانة بدولة أو تحالف دولي أو إقليمي لشن عدوان على وطنه باسم دعم الشرعية، فالشرعية في أي وطن هي للوطن ، للإنسان الذي ينغرس في وطنه كنخلة أو كحجر ترمى وتنتقل من مكان لآخر ويتخذها المقاوم سلاحاً يمكن أن يكون له وقع السلاح النووي الرادع وليس الخادع ولا تقبل المساومة ؛
الوطن قيمة إنسانية ودينية لا يعرفها حق المعرفة إلا من يعرف معنى أن تقاوم من يغزوك ويحاول تهديد وجودك واحتلال أرضك لا لأنه يحب الأرض بل لأنه يكره الإنسان بمعناه المتسامي والنبيل ،
والوطن قيمة غير قابلة للتفكيك وإن كانت قابلة للامتداد في أفق أرحب بالمعنى الإنساني وليس التجاري !،
حين تجد الإنسان البسيط الآتي من الريف يُقْبِل على الاستشهاد في سبيل وطنه على هذا النحو الذي يملأك إعجاباً ودهشة في آن في مشهد أصبح جزءاً من حياة اليمانيين اليومية لوطنٍ اسمه اليمن هذا البلد الذي استعاد عظمته في أحلك الظروف التي يمرُّ بها جراء عدوان استهلك قبحه وفداحته كل العبارات التي يمكن أن يوصف بها والمستمر بكل هذا العنف منذ ثلاثة أعوام وأشهر وأنت تعايش هذا الحال يغمرك إحساس عميق عصي على الوصف لفطرة هذا الإنسان اليمني التي فطره الله عليها وأصالته ، هذا الإنسان الذي لم تنجح عقود الإفساد الممنهج والمبرمج الذي رعته وغذته بقوَّة قوى الإفساد المحلية والإقليمية والعالمية لم تنجح في إضعاف فطرته السليمة ، في حين نجحت في تحويل مساحة عريضة من رموز ما يسمى بالنخب السياسية لتكون رهن إشارتها أياً كانت الإشارة !،
وحين يتدافع الشرفاء من بسطاء هذا الوطن الأصيل للدفاع عن وطنهم على هذا النحو الذي نشهده ولا تزيدهم مواكب التشييع لقوافل الشهداء إلا إصراراً وعزيمة على مواصلة الصمود والمواجهة دفاعاً عن الوطن ،
وحين يعي هؤلاء البسطاء ببصيرتهم الفطرية مستوى انحطاط النظام المعولم الذي يحلو لبعض مستحلي الارتزاق إطلاق صفة المجتمع الدولي عليه للتلويح بعصاه الغليظة ضدهم ، ضد الوطن الذي لا يريد أكثر من أن يكون وطناً للأحرار متناسين أو متغافلين مواقف هذا المجتمع المتخاذلة أو الصامتة بل والمشاركة بشكل أو بآخر في العدوان وفي ذات الوقت نجد بعض المحسوبين على العلم والثقافة ومنهم حملة شهادات عليا يبررون للعدوان ويفلسفون له ما يرتكب من فظائع، مستخدمين كل طاقتهم التي اكتسبوها بالتلقين الذي انتزع منهم أصالتهم وأكسبهم ما نشاهده على ملامحهم من مهانة ونَكَالْ وضعة ، يظهرونها بكل وقاحة على شاشات أكثر محطات التلفزة احتقاراً لعقل الإنسان وضميره ك (الحدث ) ، والعربية التي يطلق عليها شعبيا (العبرية)، وغيرهما من المحطات المعبِّرة عن مستوى الانحطاط السياسي والأخلاقي الذي يعجز أي لسان عن وصفه ؛
ومن يقارن بين هذا البسيط المتفاني في الاندفاع نحو الاستشهاد دفاعاً عن وطنه ضد الغزاة بالأصالة أو بالوكالة وبين ذلك الدكتور وأستاذ الجامعة والناشط الحقوقي والسياسي والخبير العسكري والاستراتيجي والوزير ورئيس الوزراء ونوابه وقائد دبلوماسية الركوع المقال أو المحال على المعاش الشرعي الذي يميزهم عن بقية موظفي الدولة اليمنية المتجذرين في وطنهم رغم بؤس الحال الذي أوصلهم إليه العدوان !!، وكل أصحاب المعالي والسيادة في نادي العراة المبتهلين لطويل العمر وسمو الأمير حماة الجمهورية الشرعية ورعاة الديمقراطية التي أنجبت نخبة ليس لها مثيل في تاريخ الحكومات المحترمة !!!،
البسطاء رفضوا الذهاب إلى الرياض عاصمة الجمهورية اليمنية لاستلام المرتب الشرعي من الرئيس والحكومة الشرعية ولم يلتفتوا للحملة الإعلامية التي صاحبت كل هذا الحصار الذي يزداد حدة وما تلى تهريب البنك المركزي إلى عدن بحثاً عن حضن الشرعية الدافئ في حين أن رموز الشرعية نائمون هناك في مركز الحضن الدافئ ،
وهؤلاء البسطاء على وعي كامل بأن أدوات الفساد لا تزال لها صولة وجولة لكنهم على يقين بأن المستقبل لابد أن يكون أفضل إذا تضافرت الجهود وركزت على دحر العدوان أولاً مع حصر أدوات الفساد سواءً القديمة منها أو ماتوالد منها من القادرين على ركوب الموجات والتلون واستبدال الجلود !،
من يجري هذه المقارنة يدرك الفرق بين نقاء الفطرة السليمة وما نشاهده ونحسه من زيفٍ مهيمن على الكثير من العقول ،
البسطاء الشرفاء وحدهم أدركوا أن الدفاع عن الوطن فطرة وغريزة فطر الله الإنسان الطبيعي بل والحيوان عليها !،
هذه المقارنة بين ذوي الفطرة السليمة والمنتمين لنادي العراة توجب وبإلحاح على وزارة التربية والتعليم وكل المؤسسات العلمية والتربوية والثقافية ومؤسسات البحث ضرورة دراسة هذه الظاهرة ( ظاهرة تفوق الفطرة السليمة على العلم المزيف )!، وانقلاب الصورة بحيث صار الإنسان الريفي البسيط هو من ينبغي علينا أن نتعلم منه ويتعلم منه المحسوبون على التعليم والثقافة بالذات، هذه الروح الوثابة الطالبة للشهادة دفاعاً عن الوطن وتأكيداً على روح الاستشهاد أشدد فيه دائماً على ضرورة التفريق بين هذه الروح وبين تلك الأرواح الشريرة التي تنميها معسكرات التكفير بمسمياتها المختلفة المقترنه باسم الإسلام زوراً وبهتاناً كداعش والقاعدة وجبهة النصرة وكل ما عرف وما لم يعرف ما مضى وما سيأتي من أسماء هذه المنظمات والحركات المستنسخة والموظفة لتشويه الإسلام والمسلمين والتي تجيد القتل العشوائي والفرار من أي معركة فيها مواجهة ولا تجيد القتال بشرف ! أي وفق أخلاق الفرسان كما يقال التي ليس منها بالتأكيد أخلاق قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء في الأسواق وصالات الأعراس والمساجد والمحلات العامة التي بها تجمعات إلخ من الفظائع التي تؤذي مشاعر الإنسان صاحب الفطرة السليمة والتي تتباهى هذه الجماعات بارتكابها وتتفنن في تصويرها وإنتاج الفيديوهات المرعبة عنها !،
وفِي ذات الوقت نجد هذه الجماعات مسالمة جداً مع الكيان الصهيوني بل وقد برهنت كثير من الأحداث سواء في العدوان على اليمن أو في سوريا أو أفغانستان أو العراق أو غيرها برهنت على وجود تحالف لبعض هذه الجماعات مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وكثير من أنظمة الإرهاب من أعداء الأمة !،
ولأن الدفاع عن الوطن فطرة، فهذا يعني أن هذه الفطرة أو الغريزة هي القاسم المشترك ليس فقط بين البشر بل وكذلك بالاشتراك مع الحيوان كما أشرنا.. فهل يبقى بعد هذا القاسم المشترك من مجال لمن يستخدمون لغة الشحن الطائفي والمناطقي والقبَلَي لتفكيكِ الأمَّة ، الفطرة السليمة توحد ولا تفرق ، تنشر المحبة ولا تؤدلج الكراهية، هناك مؤسسات تؤدلج الكراهية وتستخدم بعض المصطلحات من اجل تفكيك الجبهة الداخلية مثل التوافق والشراكة ووحدة الصف ، فيما يمزق ويضعف أي في الاتجاه المخالف لهذه المصطلحات، في الدفاع عن الوطن لا يكون أمام الشعب الذي يتعرض لعدوان همجي على هذا النحو الذي تقوده الإدارة الأمريكية والصهيونية ويموله الكيان السعودي والإماراتي معنىً لكل المصطلحات السياسية سوى التركيز وتوجيه البوصلة باتجاه واحد موحَّد هو الدفاع عن الوطن ونسيان كل ماسواه من الخلافات حتى دحر العدوان !،
وأبناء تهامة الْيَوْمَ بصمودهم الأسطوري في ظل أقسى الظروف أكدوا بفطرتهم السليمة وعمق انتمائهم وروح إيمانهم بأنهم جزء أصيل وحيوي من الشعب اليمني ومن شرعية فطرته السليمة غير القابلة للبيع والشراء والتي تستمدها من أرض اليمن وبحره وسمائه يترجمون ذلك كل يوم على أرض الواقع بصمودهم واستبسالهم دون التفات لأصوات المرجفين والأمراض ونعيقهم ، وقد برهنوا بالفعل على وعيهم ويقينهم بأن شرعية الفطرة السليمة هي تلك التي يهتدي صاحبها إلى إدراك أن جمال اليمن في تعدده وقوته في وحدته التي تعكس نقاء هذه الفطرة .

قد يعجبك ايضا