حاجة المستهلكين تغري المدلسين

*استغلال الاستهلاك الرمضاني والظروف المعيشية جراء الحصار والعدوان
الثورة / حاشد مزقر
مع قدوم شهر رمضان من كل عام تنتشر السلع المغشوشة بشكل غير طبيعي وتباع على أرصفة الشوارع وفي الأسواق الشعبية ، وتشكل ظاهرة غير طبيعية تفوق بحجمها أضعاف السلع السليمة والتي تباع في أماكن جيدة ، وتلعب الظروف الاقتصادية والمعيشية لغالبية المستهلكين والذين يبحثون ويجرون وراء “الرخيص” دورا كبيرا في انتشارها إضافة لضعف دور الرقابة الشاملة والمستمرة ما أحال الأسواق الشعبية والأرصفة في المدن والأرياف والقرى وفي الأسواق الأسبوعية ،هدفاً لتجار السلع الرديئة والمغشوشة عير إغلاق هذه الأسواق مباشرة وعبر تسويقها بواسطة باعة متجولين بسياراتهم.. كما يتبين في ما يلي:
تعمد تجار إغراق الأسواق في رمضان بسلع رديئة يعد جزءاً من استغلال الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطنين وقد تكون الكثير من هذه السلع منتهية أصلا لعدة عوامل منها طرق التخزين والحفظ والنقل وغيرها ، إضافة إلى دخول هذه السلع السوق المحلية وتبقى لها فترة صلاحية قليلة وهذا يعد مخالفاً لقانون حماية المستهلك رقم 46 لسنة 2008 والذي يمنع دخول أي سلعة البلاد تجاوزت فترة صلاحياتها النصف إلا أن هذا القانون لم يطبق ولم يعمم من وزارة الصناعة والتجارة على الجهات المختصة وعلى النيابات والمحاكم للعمل به.
موسم للغش
كثيرون هم من يتعرضون للتدليس والغش في المواد الغذائية وبصورة أكبر خلال أيام شهر رمضان المبارك..من هؤلاء مثلاً – هشام حميد، قام بشراء علبة تمر كبيرة وبعد أن قام بفتحها وجدها متحجرة ولونها أصبح يدل على أنها منتهية الصلاحية يقول : قمت بقراءة تاريخ الإنتاج ووجدته بتاريخ سبتمبر 2017 والانتهاء بتاريخ سبتمبر2018 أي لايزال هناك ثلاثة أشهر على انتهائها لكنني وجدت المنتج منتهيا أصلا وعند إرجاعي إياها للمحل أكد التاجر أن كل هذه البضائع ليست مضمونه وقد تكون مخزنه منذ وقت طويل وهي سليمة من حيث كتابة تاريخ الإنتاج والانتهاء إلا أنها من البضائع المقاربة على الانتهاء وسعرها أقل بكثير من البضائع الأخرى، وكثير من الشوارع وحتى السوبر ماركت تعرض بضائع ومواد غذائية بأسعار منخفضة وتحديدا قبل أيام الشهر الفضيل.. ويطالب هشام الجهات المسؤولة عن الرقابة على الأسواق بضبط المتلاعبين بسلامة المواطنين.
سيارات متجولة
كذلك محمد صالح، قام بشراء بعض من احتياجات أسرته من المواد الغذائية من أحد السيارات المتجولة التي تبيع بعض المواد الغذائية عبر مكبر الصوت فوجد أن طبق البيض الذي اشتراه فاسد كما أن المكرونة أصبحت غير صالحة للاستخدام الآدمي يقول : عندما قرأت تاريخ الإنتاج والانتهاء وجدت أنها غير منتهية فأبلغت الجهات المختصة ولم يعملوا شيئاً لأنهم وبحسب ردهم يعرفون أن العديد من السيارات المتجولة تبيع بعض المواد الغذائية في الحارات وبأسعار منخفضة عن السلع الأصلية والمعروفة وكثير من الناس يشترون منها وكون البلاد تتعرض للحصار الاقتصادي وظروف الناس أصبحت صعبة فإنهم يبحثون عن ما يناسبهم من حيث الأسعار.
غياب القانون
ماجد الرفاعي موظف في وزارة البيئة يرى أن اغلب المستهلكين لايطلعون على تاريخ السلعة قبل شرائها لكنه يؤكد أن المشكلة لا تكمن هنا فقط، ويقول :ليست المشكلة هنا إنما في تجاهل القانون وعدم تنفيذه والذي يلزم التجار بعدم بيع السلع التي تجاوز تاريخ إنتاجها أكثر من النصف وأعتقد بل وأجزم أن هناك بضائع يتم تزوير تاريخ إنتاجها وتزوير بلد المنشأ، كم سمعنا وقرأنا عن شركات تقوم بالتحذير جراء تزوير علامتها وماركتها التجارية فالأمر واضح وأرجو أن تقوم الجهات المعنية بدورها تجاه صحة وسلامة المواطن.
تجار ضحايا!
وفي سياق متصل أشار بدري الحاج تاجر جملة مواد غذائية إلى أن هذا الغش قد يطال التاجر نفسه حيث أن من يقوم بهذه العملية من التدليس والتزوير لا ينفذه إلا في داخل العلبة أو الغطاء الذي يحوي السلعة ومن غير المعقول أن نقوم بفحص جميع السلع.. وفي كل الأحوال فالوازع الديني للتاجر أو المورد أو حتى للجهات الرقابية في المنافذ الحدودية هو الذي يتحمل المسؤولية وعلى مكاتب الصناعة والتجارة تحمل مسؤوليتها الرقابية سواءً في شهر رمضان أو في الأشهر الباقية التاجر بدري مضى يقول: نحن كتجار نحاول أن نكسب سمعة طيبة لكي نحافظ على زبائننا لذا لن نضر أنفسنا وعملاءنا.ونحن لاننكر وجود المواد الغذائية التي أصبحت مقاربة انتهاء الصلاحية أو المنتهية أصلا والكل يعرف بأنها تباع على الأرصفة أو في الأسواق الشعبية وفي مايخص التزوير والغش التجاري فمسؤولية ضبطه على الجهات المختصة وليست مسؤوليتنا وللعلم فإن بعض أصحاب النفوس الضعيفة يستغلون ظروف البلاد الصعبة وماتتعرض له من عدوان وحصار غاشم وبالتالي يقومون بتصريف البضاعة الرديئة ويزجون بها في الأسواق الشعبية وغالبا مايحدث هذا في الأسواق المحيطة بالعاصمة كونها أسواق تضعف الرقابة فيها وتستقبل الكثير من المستهلكين في رمضان وقبل العيد.
توخي الأرباح
يخالفه الرأي عبدالله معيض أحد موظفي المجلس المحلي بأمانة العاصمة حيث يؤكد أنهم ومن خلال طبيعة عملهم لا حظوا بأن العديد من البضائع التي تأتي بها المحلات ومراكز البيع المختلفة لا يركز فيها التجار على الجودة أو قيمتها الغذائية ولكنهم يحاولون الحصول على الأرباح المادية السريعة كونهم يعتبرون شهر رمضان موسما يزداد فيه الاستهلاك مع العلم بأن هؤلاء يعملون بالمثل القائل : (التجارة شطارة).
وأضاف معيض: الدور الرقابي الذي تقوم به المجالس المحلية ومكاتب الصناعة والتجارة وصحة البيئة يكاد يكون معدوما وما نرصده من مخالفات يؤكد لنا بأن الأسواق تعج بالسلع المنتهية وغير الصحية ورغم صعوبة ظروف المواطنين المعيشية إلا أن بعض التجار والمهربين يأكلون أموالهم بالباطل مقابل مواد غذائية رديئة وخطيرة في نفس الوقت على صحتهم.
تزوير محترف
ياسر الصايدي باحث في مجال الإصحاح الغذائي أشار إلى أن الغش التجاري وبالتحديد في المواد الغذائية لا يتم إلا بطرق متقنة من قبل موردي هذه السلع فقد يتم تعديل تاريخ الإنتاج وتزوير الماركة أو القيام بعملية خلط المواد المنتهية مع المواد التي لم تنته فترة صلاحيتها ويتم الزج بها في الأسواق الشعبية أو على البسطات التي تبيع بضائعها في الشوارع حيث تستقطب المستهلكين محدودي الدخل بسبب انخفاض أسعارها وقد تباع هذه المنتجات في بعض المحلات الكبيرة.
وينوه هنا الصايدي باستفحال الأمر، قائلاً: تؤكد بعض التقارير والبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة وكذلك الجمعية اليمنية لحماية المستهلك وجود تلاعب واضح في المواد الغذائية حيث تستغل ظروف الناس الصعبة الناتجة عن العدوان والحصار البربري وسبق خلال الأيام الماضية إتلاف وضبط الكثير من المواد الغذائية المنتهية والتي دخلت بطرق غير مشروعة.
الصايدي تابع محذراً: ونحن نحذر من تزايد دخول البضائع الضارة وجرائم الغش التجاري، كونها تذهب إلى الأسواق في المحافظات، ولاننسى دور مصلحة الجمارك في حماية المستهلك باعتبارها خط الدفاع الأول في المنافذ الجمركية وإحكام السيطرة على كل ما يمر في جميع المنافذ بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة تلافياً لأي سلبيات ستؤثر على صحة وسلامة المستهلك بوجه خاص والوطن بشكل عام.
رسالة أخيرة
المواطنون لا يتحملون الوقوع ضحايا للغش والتدليس،وطالب من التقينا بهم مكاتب الصناعة والتجارة بالمديريات وكذلك صحة البيئة بالقيام بدورها كون المسؤولية تقع على عاتقها بحيث تكون هذه الجهات على دراية كاملة بما يحدث في الأسواق وتحديدا أيام هذا الشهر الفضيل وحماية المواطنين من الخداع وخسارة أموالهم الشحيحة وصحتهم أيضاً وربما أرواحهم.

قد يعجبك ايضا