ابتسامة المغفلين وقهقهة المتحذلقين

 

الدكتور/ اسماعيل محمد المحاقري

اعتدنا أن نسمع أصواتا عديدة تحملنا مسؤولية استمرار الحرب، فهي ترى أن ﻻ طريق إلى إيقاف الحرب وإيقاف مآسيها سوى إعلان الهزيمة من جانبنا والتخلي عن القيم والمعاني الإنسانية التي تميزنا بها عن بقية الحيوانات فلسان حالهم يقول عيشوا كما يعيش الآخرون وانشغلوا بشؤونكم اليومية ودعوا الأمريكيين والعربان يرسمون لنا شكل الحياة التي يجب أن نعيشها ويختارون لنا أصدقاءنا وأعداءنا ويحددون لنا طريقة موتنا إزاء ذلك المنطق نقول لهم أن المشكلة أنكم تحاجوننا بمنطق العبيد التي فقدت معاني اﻻحساس بالكرامة والعزة والحرية … لذلك ليس من الغريب أننا عندما نبرر لكم أن موقفنا وصمودنا بمثابة الدفاع عن تلك المعاني الجوهرية في حياتنا نجدكم تبتسمون ابتسامة الساخر المغفل ومهما استرجعنا لكم التاريخ منذ بدايته لتعرفوا عما تعنيه الأوطان والعقائد والحق والعدل ….الخ من أهمية في حياة الشعوب وكيف أن الكثير من الشعوب قدمت اكبر التضحيات من اجل الدفاع عن تلك المعاني فإنكم أيضا تقابلون ذلك برسم تلك الابتسامة القبيحة على وجوهكم .
لأنه من الصعب عليكم أن تفهموا تلك المعاني وتدركوا أهميتها كشرط لاستمرار الحياة واستقامتها”ولوﻻ دفع الله الناس بعضهم ببعض…الخ. “آيه رقم من سورة البقرة.
ومن المؤلم أيضا أنكم ترسمون نفس الابتسامة بل وفي حالات كثيرة تصدرون قهقهة ملؤها الفخر والاعتزاز عندما ننعتكم بالكذب والخداع ونشر الشائعات..لأنكم ترون في تلك اﻻعمال القبيحة صفات تشهد لكم بالتفوق في تضليل وعي الناس وخداعهم .
إنني استشعر ان الجدال معكم أمر عقيم مهما كانت الحجة ساطعة كالشمس لقد استذكرت قصة حصلت بين الذئب والحمار فهذا اﻻخير قال أن العشب احمر فعارضه الذئب مؤكدا أن لون العشب اخضر وظل الحمار متمسكا برئيه فتحاكموا إلى اﻷسد الذي اصدر حكمه ضد الذئب بحبسه وتغريمه وكانت أسباب الحكم أن الذئب مذنبا ﻻنه جادل الحمار في أمر ﻻمجال فيه للاختلاف.
ومع ذلك فأنا عازم على الاستمرار في جدالكم لأني في اﻻخير لا أجادل حميرا وإنما إخوة لنا لهم عقول أمثالنا وإنما تم التشويش عليها بفعل النوازع الدنيوية والأهواء المجنونة ولهذا أقول لكم أن المشكلة ﻻتتوقف على ما ذكرت من القيم ذات العلاقة بالعزة والحرية المشكلة أيضا أن العدو قد قرر التخلص مني نزوﻻ عند غروره وجبروته وهوايته في قتل اﻻبرياء وقد اختارني لأني جاره القريب الذي يستشعر مع وجوده النقص بما تميزت عنه بالأصالة والتاريخ العريق اختارني ﻻنه بدأ يشعر أن وسائله السابقة بقتلي عن طريق الصراعات واﻻمراض والجهل والفقر التي فرضها علي بدأت تفقد تأثيرها بفعل الوعي المتنامي.
فهل من المعقول والمنطق أن تلومني لأني اخترت الطريقة المثلى لاستشهادي وجعلت استشهادي أكثر صعوبة وكلفة على العدو -وهذا على فرض مجاراتكم بعدم وجود فرصة للحياة مع أن الحقيقة ليست كذلك “فعاد بعد الحرائب عافيه “حتى وان كانت لأجيال – كما انه لو أن الشعوب عاشت نفسيتكم وفلسفتكم للحياة لتأبد الظلم والطغيان وتأبدت المظلومية ولما تحققت تلك الانتصارات التي صنعها المستضعفون في مواجهة أعتى إمبراطوريات الظلم والطغيان، لذلك يا أيها المدثر بأغطية التيه والخذلان ساتركك بما أنت عليه من الهوان والذل والخنوع تموت بالأمراض التي ينشرها العدو وبالحرائق التي يشعلها وبالصراعات التي والثارات التي يغذيها وبالحاجة والعوز التي جعلك تعاني منها أو أتركك تموت بالوسائل اﻻكثر حداثة -التفجيرات والاغتيالات والذبح بالسكاكين والسحل والسلخ والطائرات بدون طيار…الخ- أما أنا فقد اخترت أن أموت بالطريقة التي اخترتها أنا حال كوني شامخا عزيزا كريما الطريقة التي ترضي الله والتي اختارها الصماد ورفاقه كالملصي والقوبري والحمزي والعزي والمداني وغيرهم من اﻻبطال في ميادين النزال الطريقة التي تكلف العدو اكبر الخسائر المادية والمعنوية ويكون لها ارتداداتها المزلزلة عليه على كل الأصعدة القانونية والسياسية والأخلاقية وسيكون لها ارتداداتها على الأجيال القادمة في إشعال جذوة الحماس والثار لديهم .
وأخيرا أقول لك خذ الدرس من الشهيد الصماد لقد اختار أعظم الطرق وأشرفها لاستشهاده فقد نال ما كان يرجوه بعد أن سطر بأقواله وأفعاله أروع الملاحم البطولية في مواجهة العدوان وكسر غروره وبعد أن علم العالم ماذا تعنيه العزة والكرامة وماذا تعنيه الأوطان في حياة الأحرار وثقافتهم وبعد أن ألهب حماس الأمة وأشعل فيها روح الصمود والتحدي في مواجهة المستكبرين وقد رأيت كيف أن العالم انحنى إجلاﻻ وإكبارا لمواقف هذا البطل المغوار.

قد يعجبك ايضا