العدوان سبب رئيسي في توقف الكثير من أعمالنا الإنسانية

مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل الدكتور عصام مهيوب ل”الثورة”:
نستخدم أحدث الأجهزة في عمليات الفحص والتحليل وحققنا نتائج مرضية رغم الحصار
إمدادات الأدوية تشمل المحافظات ولدينا ما يكفي حتى منتصف هذا العام
13000 حالة سل تسجل سنوياً في اليمن ونسعى للحد منها
لقاء/
حاشد مزقر
يعتبر السل من الأمراض المعدية الخطيرة والتي ما تزال مستوطنة في اليمن وهو مرض ناتج عن الإصابة بجراثيم (بكتيريا) السل وينتقل من الشخص المريض إلى الشخص السليم غالباً عن طريق الرذاذ المتطاير من فم المريض عند العطس أو السعال وتظهر أعراض مرض السل تدريجياً وقد لا يلاحظها المريض إلا بعد عدة أسابيع أو أشهر ولكن يمكن أن يكتشف المصاب المرض عند الإصابة ببعض الأعراض كالسعال لأكثر من أسبوعين والحمى التي يصاحبها تعرق في الليل بالإضافة إلى البصاق المتكرر الذي قد يكون مدمراً و يصاحب ذلك فقدان الشهية ونقص الوزن.. ولمعرفة المزيد عن خطورة هذا المرض وطرق مكافحته أجرينا اللقاء الصحفي التالي مع الدكتور عصام محمد مهيوب, مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل, في اليمن:
أطلعنا على البدايات الأولى لمرض السل..؟
– عرف مرض السل منذ قديم الزمن حيث وجد في بعض مومياوات قدماء المصريين وقد ذكره التاريخ عبر العصور ووصفه بالمرض المميت حيث كان يتم التعامل مع المصاب بالسل بأن يُعزل ويُحبس حتى يموت ثم وجد أن بعض مرضى السل تماثلوا للشـــــــــفاء عند تعرضهم للهواء الطلق أو أشعة الشمس المباشرة لذا استخدمت مصحات لعزل مرضى السل معرضة للتهوية التامة أو تحت الهواء الطلق يقضي فيها المرضى حياتهم حتى يتم شفاؤهم أو وفاتهم..ومرض السل اكتشفه العالم الألماني روبرت كوخ في 24 مــــارس عام 1882 م حيث اكتشف البكتيريا المسببة لمرض الســــل بعد أن تسبب هذا المرض في قتل المــــــلاييـــن ومنذ ذلك اليوم ظهرت ادوية السل وبدأ العالم في مكافحة المرض..لذا يعتبر 24 مارس من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة السل يتم فيه احياء هذه الذكرى بعمل انشطة توعوية للمجتمع وتنبيه متخذي القرار في البلدان بمخاطر هذا المرضى وضرورة مكافحته.
متى تأسس البرنامج الوطني لمكافحة السل في اليمن.؟
– اليمن كغيرها من دول العالم نفذت كثيراً وما زالت تنفذ أنشطة توعوية بدعم من الصندوق العالمي وبالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية وهذه الأنشطة تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي لمكافحة هذا المرض وإيصال رسالة لقادة البلد ومتخذي القرار بأهمية دعم جهود مكافحة السل..وقد تم تأسيس البرنامج الوطني لمكافحة السل في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وكان يقدم خدماته فقط في بعض عواصم المحافظات الكبيرة مثل صنعاء – تعز –الحديدة وكان المرضى يتكبدون عناء السفر من الأرياف والمناطق البعيدة ليصلوا إلى المناطق التي تتوفر فيها تلك الخدمات طلبا للتشخيص والعلاج وبدء البرنامج بالتوسع تدريجيا في نشر خدماته بدعم من دولة اليابان الصديقة و منظمة الصحة العالمية حتى وصل الى تغطية كل المحافظات والمديريات حيث تتوفر الخدمات حاليا في كل المحافظات.
هل هناك استراتيجية وطنية لمكافحة السل في بلادنا..؟
– نعم البرنامج لديه خطة استراتيجية وطنية قمنا بوضعها بالتعاون مع خبراء من منظمة الصحة العالمية وهي مزمنة لمدة خمس سنوات تبدأ من العام 2017 وحتى العام 2021 م وتهدف الى تخفيض معدل الوفيات بسبب السل بمقدار 30 % حتى العام 2020م  مقارنة بالعام 2015 ورفع معدل التبليغ إلى اكثر من 10 الاف حالة في العام 2017 وما بعده والحفاظ على معدل نجاح معالجة سنويا على الأقل 90 % وكذا معالجة حوالي 45 % من حالات السل المقاوم للأدوية ابتداء من 2017 حتى الوصول إلى 70 % من الحالات المقدرة في العام 2020م وتحسين وتعزيز قدرات البرنامج فنيا بالإضافة إلى الحفاظ على الخدمات الوقائية  والرعاية لمرضى السل في المناطق التي تشهد صراعات وحروباً ..بيد أن تلك الاستراتيجية لم تنفذ كاملة لأسباب عدة أهمها الظروف الأمنية والعدوان السعودي على اليمن وعدم وجود التمويل للميزانية لكن سيتم البدء بتنفيذ الخطة عندما تتحسن أوضاع البلاد ووجود التمويل المناسب لها من قبل الحكومة والمانحين وخصوصا الصندوق العالمي.
ما أهم الخدمات التي يقدمها البرنامج لمكافحة المرض؟
– بالنسبة لمستوى الخدمات فالبرنامج يعمل على المستوى المركزي والوسطي والمديريات الطرفية في 23 محافظة ويوجد لدينا ايضا اربعة مراكز مكافحة سل رئيسية في كل من (صنعاء، عدن، الحديدة ، تعز) تقدم الخدمات التشخيصية والعلاجية كذلك تقدم خدمات مكافحة السل سواء التشخيصية او العلاجية عبر شبكة خدمات الرعاية الصحية الاولية في 333 مديرية حيث تم تدريب منسقين للمديريات وكذلك فني مختبرات يعملون في270 مختبراً في اطار شبكة الرعاية وقام البرنامج أيضا بتدريب عمال الرعاية في2551 وحدة رعاية صحية أولية..والبرنامج واصل اكتشاف ومعالجة حالات السل المقاوم للأدوية وهو أحد انواع السل والذي تكون فيه بكتيريا السل مقاومة للأدوية المضادة للسل من الخط الاول وبدأ ظهور هذا النوع من السل في العالم كنتيجة للممارسات الخاطئة في استخدام أدوية السل من الخط الاول وبالتالي اكتسبت البكتيريا مقاومة لهذه الأدوية وقد زاد اهتمام العالم مؤخرا بهذا النوع من مرض السل بسبب انتشاره وخطورته وكلفته العالية في العلاج حيث يقدر ان المريض الواحد يكلف علاجه حوالي اكثر من 3000 دولار امريكي.
هل يتواجد هذا النوع من مرض السل في اليمن..؟
– إن اليمن كغيرها من البلدان يوجد فيها هذا النوع من المرض حيث بينت الدراسات ان معدل الانتشار لهذا المرض بين حالات السل الجديدة 1.14 % بينما الحالات القديمة حوالي 14.14 % واذا لم يتم مكافحة هذا النوع من المرض فسوف يكون مشكلة كبيرة في المستقبل تؤثر على البلاد اقتصاديا واجتماعيا لذا قامت ادارة البرنامج بتأسيس قسم خاص في معالجة وادارة السل المقاوم للأدوية في العام 2013 وبالتالي بدأ القسم بتأسيس 4 عيادات سل مقاوم لأدوية في كل من معهد السل في الامانة – مركز الدرن الحديدة – مركز الدرن في تعز بالإضافة الى المركز الاقليمي عدن و منذ العام 2013 استطاعت وحدات مكافحة السل المقاوم للأدوية في البرنامج من اكتشاف وعلاج 158 حالة حتى نهاية 2017 وقد بلغ معدل نجاح المعالجة بين هذه الحالات حوالي 68 % كما يقدم البرنامج لهذه الفئة من المرضى الدعم الغذائي ودفع تكاليف المواصلات لهم ومرافقيهم من محل اقامتهم الى وحدات المعالجة بالمحافظات المذكورة بالإضافة الى العلاج المجاني والمكلف جدا.
ما مدى انتشار وباء السل في اليمن؟ وكم معدل الوفيات والحالات المصابة بهذا الداء؟
-بحسب إحصائيات البرنامج الوطني وتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 13000 حالة سل جديدة في اليمن تحدث سنويا بينما معدل الانتشار حوالي 63 حالة لكل 100 ألف نسمة في حين يصل معدل الوفيات إلى 4.1 وفاة بسبب السل لكل مائة ألف نسمة..و قد بلغ عدد حالات السل المكتشفة في العام الماضي تسعة آلاف و 693 حالة من جميع أنواع السل غير أن معدل الحدوث السنوي ومعدل الانتشار ومعدل الوفيات انخفضت 3 مرات و4.5 مرة و 7 مرات على التوالي في العام حتى العام 2015 مقارنه بالعام 1990.
كيف يتم معالجة المرضى المصابين بوباء السل؟
– يتبع البرنامج نظامين علاجيين (النظام الاول و النظام الثاني ) حيث يوصف لكل مريض ما يناسبه من نظام علاجي بحسب تاريخه المرضى وما اذا كان قد استخدم أدوية السل من قبل أم لا.
النظام العلاجي الأول: مدته 6 أشهر ويوصف للحالات الجديدة .
النظام الثاني : مدته 8 اشهر ويوصف لحالات السل إعادة معالجة مثل(انتكاسة – فشل – بعد تخلف ).
وهناك أيضا نظام علاجي خاص لمعالجة السل المقاوم للأدوية وهو يتكون من ادوية الخط الثاني وقد بلغت (158) حالة تحت العلاج في (الأمانة – الحديدة – تعز -عدن)..و بالتالي يتم إجراء التحاليل للمرضى بأحدث الأجهزة الموجودة  في العالم هو جهاز الجين اكسبرت حيث يعمل هذا الجهاز على اكتشاف بكتيريا السل من خلال الجينات ويوجد في اليمن (4) أجهزه تم شراءها من منحة الصندوق العالمي لمكافحة السل والايدز والملاريا حيث تم فحص (1522) حالة بهذه الأجهزة المتوفرة في مركز الدرن في صنعاء وواحد في الحديدة وواحد في عدن .و جهاز الجين اكسبرتGeneXpert لا يستخدم فقط لاكتشاف بكتيريا السل في العينات بل يكتشف ايضا ما اذا كانت البكتيريا مقاومة لأهم أدوية السل وهو(الريفامبيسين).
ما الذي حققه البرنامج من أنشطة والذي ساهم في الحد من انتشار وباء السل.؟
– الاكتشاف المبكر لحالات السل الرئوي الإيجابي المعدي من خلال شبكة مختبرات السل البالغة 270 مختبراً والمنتشرة في عموم المحافظات ووضع تلك الحالات تحت العلاج ادى الى تخفيض انتشار المرض في المجتمع.. ايضا الاهتمام بالفئات الاكثر عرضة للإصابة بالسل حيث نقوم بتحري السل بين المختلطين والمساجين بالإضافة إلى تعزيز خدمات السل للأطفال واليافعين والنساء واللاجئين والنازحين.. كذلك يقوم البرنامج بتوفير الادوية المضادة للسل ذات الجودة العالية لجميع مرضى السل على احدث انظمة علاجية متبعة في العالم وبحسب المعايير الدولية ومنظمة الصحة العالمية حيث يتم توزيعها مجانا في جميع وحدات مكافحة السل المنتشرة في معظم المديريات دون التأثر بالعوامل السياسية والصرعات التي تدور في البلاد حيث قامت ادارة البرنامج في شراء الادوية وتوزيعها الى جميع وحدات السل من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب بالإضافة الى توفير مخزون من هذه الادوية حتى نهاية العام 2019 ..أضف إلى ذلك أننا بدأنا بتنفيذ الأنشطة في الوحدة المركزية وفي المحافظات والمتابعة المستمرة لتنفيذ جميع الأنشطة في الخطة المعتمدة للبرنامج مع المنظمة الدولية للھجرة.
ما أبرز المشكلات والمعوقات التي يواجهها البرنامج عند تنفيذ مهامه في مكافحة جائحة السل.؟
– من أبرز المشكلات اعتماد البرنامج على الدعم الخارجي لتمويل أنشطته والظروف الأمنية والعدوان على البلاد كذلك تسرب جزء من كادر البرنامج في الوحدة المركزية وفي المحافظات والمديريات..
ايضا توقف المرتبات للكوادر الصحية في كل المستويات مما جعلهم غير متعاونين بشكل كاف عند القيام بمهامهم وتجاهل الخطة الإستراتيجية لبرنامج السل من قبل الصندوق العالمي ووضع خطة طوارئ بديلة وحذف العديد من الأنشطة أو تقليصها بسبب الوضع الحالي في اليمن ..ومن المشكلات الكبيرة نهب و تدمير بعض مراكز السل أو توقفها بسبب العدوان بالإضافة إلى عدم كفاية الدعم المقدم من الصندوق العالمي لتغطية أنشطة البرنامج الأساسية.

قد يعجبك ايضا