“الشائعات” حرب مكتملة.. كيف نواجهها؟

*أدواتها ضحاياها وأسلحتها غير تقليدية
*المشافهة ومواقع التواصل الاجتماعي أهم وسائل تدمير الروح المعنوية

الثورة/ جمال الظاهري

تعتمد الشائعات، على قاعدة أساسية، تقول: «إن الناس مستعدون لتصديق الكذب، مهما بدا زيفه، إذا ما صادف هواهم، وتكذيب الصدق، مهما بلغ وضوحه، إذا ما خالف هواهم».
وهي خبر كاذب يحتوي على معلومات مضللة, ومع هذا فلا بد من التنبيه إلى أنه لا يوجد تعريف متطابق لأي نشاط إنساني مع إمكانية أن يلتقي التعارف في المضمون أو جزء منه, وفي نفس السياق قد يكون هناك توافق إلى حد ما في ما يجب عمله للتصدي لها رغم اختلاف الثقافات.
القضية التي سنعرضها عبر هذه النافذة هي (الإشاعات) وخطرها ووسائلها وكيفية التصدي لها مستعينين بخلاصة تجارب شعوب عاشوا نفس تجربتنا, وما لخصه قادة وكتاب كان لهم الأثر الكبير في حدود دولهم ومحيطها الإقليمي وعلى المستوى العالمي, وخطر ما تحمله من معلومات مضللة على معتقدات وقناعات وأمزجة الأشخاص الذين يتعرضون لها.

بالنسبة لليمن فإن مراكز الدراسات والبحوث محدودة جداً ولا تلبي الحاجة المتزايدة في العلوم الإنسانية, بالإضافة إلى ذلك، لا تتعلق المشكلة فقط بالندرة للمراكز البحثية ولكنها تتعداها إلى شحة مخصصات البحث والرؤية القاصرة لأهمية البحوث لدى السلطات والمجتمع, وعليه فإن ما قد نحصل عليه من نتائج لأي دراسة أو بحث لا يلبي حاجتنا لافتقاره إلى المعلومة الوافية أو لمحدودية مساحة البحث.
هذا الواقع يفرض نفسه على مجمل النشاط التوعوي والتثقيفي والإعلامي, وبحكم الضرورة وأهمية الحدث نضطر أحيانا إلى الاجتهاد في تقييم المشهد, فنضطر إلى طرق كل الأبواب القريب منها وتلك التي فيها نسبة من التشابه مع واقعنا مستعينين بالنتائج أو الإرشادات التي خرج بها من تعرضوا لواقع يتطابق أو يتشابه مع الحالة التي نعيشها.
الإشاعة إحدى أهم أدوات الحرب النفسية إلا أنها تجمع في مضمونها أغلب خصائص الحرب النفسية, التي منها الوسيلة (الإنسان) والغاية (الروح المعنوية للخصم), ومع هذا فإن الإشاعة تظل إحدى أدوات الحرب النفسية.
تشن حرب الشائعات في أوقات السلم والحرب وتلعب فيها الكلمة الشفهية دوراً هاماً في التأثير على المزاج والاتجاهات النفسية للإنسان, التي منها روحه المعنوية, كما أنها تتقارب إلى حد كبير مع الدعاية السياسية في موضوع الإثارة للعقول والعواطف, وأيضاً في الوسيلة والأسلوب (النشر) بهدف التأثير في الآخرين دون اللجوء للعنف وتتجاوز (المنطق) الفهم من قبل المتلقي.
الشائعات لعبة قديمة، عمرها بعمر الحروب نفسها, وقد استخدمها الفراعنة، وانتهجها البربر، وبرع فيها التتار، الذين كانت تسبقهم الشائعات التي تبالغ في قوتهم وبأسهم وجبروتهم وعددهم, وقد نجح في استخدامها الألمان ضد الشعب الروسي، إبان الحرب العالمية الأولى، وأشعلوا ثورة كان على رأس مطالبها الانسحاب من الحرب.
راجت الشائعات وانتقلت إلى مرحلة متقدمة في الحرب العالمية الثانية، على أيدي الألمان وأنشأوا ربما لأول مرة، وزارة (البروباجاندا)، أو الدعاية، والتي رأسها (جوزيف جوبلز)، أحد مؤسسي علم الشائعات، المعروف الآن.
الجاسوسية والتمويه
الشائعات فن من فنون عالم الجاسوسية، ولكل شائعة مهمة، وغاية، وهدف، وتعمل وفق رؤية علمية، ويختار زمانها وهدفها وفق رؤية علمية وبعناية فائقة, ومن أهدافها جمع معلومات استخباراتية عن الخصم, عن طريق إجباره على التعامل معها.
تعد الشائعات من أهم الأدوات التي تعتمدها الحرب النفسية من اجل تحقيق أهدافها، التي منها تحطيم معنويات الأعداء، وتحطيم الثقة بمصادره الإخبارية، وتستخدم كطعم لمعرفة ردود الفعل ومعرفة معنويات المجتمع وقواته العسكرية.
للشائعات عدة أساليب فقد تأتي مموهة (مقنعة) لا ينتبه الناس العاديون إلى أهدافها، ولا يحتاطون لها، وتتسلل إلى النفوس ودون أن يشعروا بها, وهي وسيلة فعالة لافتعال الفتن والأزمات والحروب بين الشركاء, وقد تتسبب في هزيمة جيش بأكمله.
وهي حرب شاملة تستهدف المدنيين والعسكريين على حد سواء وتزدهر في الأوساط المجتمعية الأقل تعليماً والأكبر سناً, ومن غاياتها إضعاف إيمان الشعب بعقيدته وأفكاره ومبادئه القومية والوطنية، وإثارة الشك في شرعية قضيته ومسارها، وزعزعة الأمل في النصر.
الخوف والرغبة
تركز الإشاعات في أيام الحرب على عاملين نفسيين -الخوف والرغبة-, الخوف ويعتمد التشكيك في القدرات والتهويل من الخطر ما يزعزع ثقة الشخص بالنصر ويحل مكانها نظرة انهزامية والرغبة لتغذي التفاؤل الساذج, الذي يؤدى إلى تقليص الطموح والرضا بالواقع وإن كان سيئاً.
تكثر الإشاعات في الأزمات والحروب ويغلب على مروجيها أنهم مهزوزون في انتمائهم، وثقافتهم سطحية، ويكرهون ذاتهم والآخرين, وميدانها واسع وتتنوع حسب الوسط المستهدف – الفئات المثقفة والشعبية على السواء-، ومحتواها هدام، و يترجم أماني مروجها.
وأيضاً تستخدم للترويج لبعض القضايا والأمور التي تنفع في التنمية وبما يشجع المجتمع على الاتجاه والمساهمة في النشاط الذي فيه خدمة للبلاد.
المنهج العلمي وغياب الحقيقة
الإشاعة إحدى أهم ركائز الحرب النفسية التي لا تعرف حدود الزمان والمكان، فهي تمارس قبل الحرب للتمهيد، وأثناء الحرب لرفع الحالة القتالية وزيادة الاعتقاد في عدالة القضية التي يحارب من أجلها، وبعد الحرب لتدعيم مكاسبها وترسيخها.
ولها دور بارز في الحرب الدعائية الحديثة ولا تمارس في المجال العسكري فقط فميدانها واسع وتتغلغل في كافة مجالات الحياة العصرية – السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية أو الفكرية أو العقائدية والإيديولوجية.
ولنجاحها لابد من اعتمادها على المنهج العلمي، ومن ذلك دراسة اتجاهات وظروف المجتمع الذي توجه إليه، ومعرفة الأوساط المناسبة لنموها, وتزيد فرص تقبلها إذا كان فيها ما يشبع حاجات الناس, ويتأتى هذا حين تندر المعلومة وتغيب الحقيقة, بمعنى رواجها في المجتمعات التي يسود فيها جو من الغموض والتعتيم الإعلامي واحتكار المعلومة.
تزداد فرص نجاحها إذا راعى مروجها المستوى العقلي، والثقافي، والتعليمي لمن توجه إليه، وإذا استخدمت وسائل متطورة لجذب الانتباه، وداومت على التكرار غير الممل وعلى التشويق، وإذا كان مصدرها أكثر ثقة وشهرة عند الجمهور المستهدف, ولا يقتصر دورها على الهجوم لأنه يمكن استخدامها للتصدي والرد وبيان زيف الدعاية المعادية.
ماهية الشائعة
عرفها (البورت) و(بوستمان) في كتابهما “سيكولوجية الشائعة” بأنها “اصطلاح يطلق على موضوع ما ذي أهمية وينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الكلمة الشفهية، دون أن يتطلب ذلك البرهان والدليل”.
ويعرفها جان مازونوف في كتابه “علم النفس الاجتماعي” بقوله: “الشائعة هي ضغط اجتماعي مجهول المصدر يكتنفه عموما الغموض والإبهام ويحظى عادة باهتمام قطاعات عريضة من المجتمع”.
أما الدكتور محمد عبد القادر حاتم فيقول عنها ” بأنها فكرة خاصة يعمل رجل الدعاية على أن يؤمن بها الناس كما يعمل على أن ينقلها كل شخص إلى الآخر حتى تذيع بين الجماهير جميعها”.
وفي كتابه بعنوان (الإشاعة والحرب النفسية (Rumours and Psychological War) يعرفها الدكتور/ كمال الأسطل – مدير عام مركز السلام للتدريب المجتمعي والأبحاث- خان يونس – أستاذ مشارك في العلوم السياسية- جامعة الأزهر- بغزة- بأنها ((خبر ينتقل من فم مجهول إلى فم مجهول للمصدر يتحرك بين الأفراد ولا يحمل معه دليلا على صحتها ويفتقر إلى المسؤولية وتتغير بعض تفاصيله من فرد لآخر)).
صيغ الإشاعة:
ومن أجل التمييز بين الخبر (المعلومة) والإشاعة يجب ملاحظة وسيلة انتقالها (المشافهة) المباشرة, وجهل مصدرها, ومن ثم الصيغة التي ترد بها فالإشاعة تبدأ بـ ( قالوا – سمعت – ذكر مصدر مطلع – علمت مصادرنا- علم من مصادر موثوقة.. الخ).
كما أن للغموض وعدم الإعلام الكافي بالنسبة للواقعة أو الخبر موضع التعليق أهميته, كذلك ما تمثله الواقعة أو الشخص أو الصفة موضع الإشاعة بالنسبة للمتلقين من أهمية, وأخيراً من المهم المعرفة بأن الإشاعة تعبير عن حالة كبت معينة فرضتها ظروف استثنائية.
قوانين الإشاعة:
التغيير والتشويه – التضخيم أو المبالغة – التنسيق – قانون شدة انتشار الإشاعة = الغموض × الأهمية
تصنيف الشائعات
اليائسة: وتتلخص في التخويف والكراهية وتحويل الولاءات ودق الأسافين …. الخ.
الشائعة الزاحفة: ووسيلتها الاتصال والنقل الشفوي ومصدرها مجهول, و تروج ببطء ويتناقلها الناس همسا وبطريقة سرية تنتهي في آخر الأمر إلى أن يعرفها الجميع.
الشائعة العنيفة: تتصف بالعنف، وتنتشر انتشار النار في الهشيم، وهذا النوع من الشائعات يغطي جماعة كبيرة جدا في وقت بالغ القصر, ومن نمط هذا النوع تلك التي تروج عن الحوادث والكوارث أو عن الانتصارات الباهرة أو الهزيمة في زمن الحرب.
الشائعات الغائصة: وهي التي تروج في أول الأمر ثم تغوص تحت السطح لتظهر مرة أخرى عندما تتهيأ لها الظروف، ويكثر هذا النوع من الشائعات في القصص المماثلة التي تعاود الظهور في كل حرب كتلك التي تدور حول تسميم قوات العدو لمياه الشرب، أو التي تصف وحشية العدو وقسوته مع الأطفال والنساء, وبحسب الخبراء فإنها تلعب دورا كبيرا في التأثير على معنويات الشعب وإن اختلفت درجة تأثيرها تبعا لنوعها والدوافع التي تكمن خلفها، (فشائعات الخوف) – من شأنها أن تشيع عدم الثقة في جدوى الجهود العسكرية، وهذا يؤدي بدوره إلى إشاعة الروح الانهزامية نتيجة لإثارة الذعر والرعب بين المواطنين.
الوردية: ويمثلها (شائعات الأماني) – فهي تؤدي إلى هدوء الناس والتخفيف من توترهم لما فيها من وعود وتفاؤل, ومن أمثلتها الأكاذيب التي نشرتها الولايات المتحدة الأمريكية قبيل احتلال العراق وأفغانستان.
كما يعدًّ خلق وصناعة ترويج الشائعات على وجه الخصوص من الظواهر المنتشرة بشكل غريب وقد ساهمت فيها الصحافة الصفراء والمواقع الإخبارية بالإضافة إلي مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الشائعات تلاحق الكبير والصغير ولا تستثني أحداً علي الإطلاق، بل طالت قديما وحديثا العديد من مشاهير السياسة ومازالت إلى وقتنا الحاضر.
التصدي للشائعات
يجب على جميع أفراد المجتمع التصدي لهذا العدو المتخفي والتغلب على أسلحته غير التقليدية, لأن حرب اليوم ليست حرب دبابات و مدافع.. بل حرب ثقافية ونفسية واجتماعية، يراد منها التأثير على العقول والأمزجة واستبدال الثقافات وصولاً إلى السيطرة على الشعوب والبلدان.
يؤدي المضمون الفكري النفسي الموجه إلى الشحن العاطفي والتوتر النفسي أو الإقناع الفكري ، وتكون من نتائج ذلك تشويه التتابع المنطقي عند الفرد (تلاعب بالعواطف) فتتغير الاستجابة لموقف معين (قبول ، رفض ، تفضيل ، كره.
ولكن كيف نميز بين الدعاية والحقيقة ؟! يقول بعض العلماء أن الجواب بسيط : فإنك إذا وافقت على ما يقال (ترى أو تقرأ أو تسمع ) فإنه حقيقة ! وإذا لم توافق عليه فإنه دعاية ! وما يجعل الخبر دعاية السؤال لمن جاءت ولماذا ومتى …؟! وعليه فإن تحليل الدعاية يشمل تحليل ما تحاوله جهة ما من جعل الناس تفكر, بينما تحليل الرأي يشمل تحليل ما يفكر به الناس
مقاومة الإشاعة:
الإشاعة وإن أقتصر دورها على الكلمة والحالة والمستهدف إلا أن أثرها عميق وخطير ولذا كان لا بد من الاستعداد واخذ التدابير الاحترازية منها وفق أسس علمية نستعرض منها الآتي:
أولا: البحث الدائم عنها وتحطيمها أو التقليل من تفشيها
ثانيا: الإشاعة تستهدف الفئات ولا تستطيع أن تجتاز الحواجز الاجتماعية
ثالثا: تفنيدها باستهداف المساحات الغامضة فيها وتوضيحه.
رابعا: القضاء على الإشاعات بالمعلومات.
خامسا: تكذيب الإشاعة. (زاوية أكاذيب العدو في الصحف مثلا).
سادسا: تشكيل لجان متخصصة لفحصها بهدف معرفة غاياتها ومن تستهدف ليسهل القضاء عليها.
سابعا: عمل الملصقات والأشكال البيانية التي تصور الشائعات على أنها تخدم العدو.
ثامنا: مطبوعات الدعاية التي تراعي الدقة في نقل الأخبار والتحذير من الشائعات.
تاسعا: برامج الإذاعة التي تذيع الحقائق وتدحض الأكاذيب.
عاشرا: تشكيل جماعة من الخبراء لتعقب الإشاعات وشرح الأغراض منها.
حادي عشر: إقامة جهاز وقائي لحماية المعنوية – أناس يجمعون الشائعات لعمل برامج لمحاربتها.
ثاني عشر: تثقيف الناس وعمل فلاشات وعرض أفلام تشرح آثار الشائعات في الروح المعنوية.
ثالث عشر: الاستعانة بالصحف وتخصيص عمود في كل صحيفة يعنى بالرد على الشائعات, الإذاعات والتلفاز/ السينما والمسرح.. في مقاومة الشائعات.
مختارات:
يقول المفكر الاستراتيجي كلوزفيتز أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل مختلفة وأن الدعاية لا تعمل في فراغ منفصل من الحقائق الاجتماعية أو السياسية، وأنها وسيلة أساسية يحاول القادة بواسطتها أن يكسبوا تأييد الجمهور لسياساتهم، أو أن يتجنبوا بها المعارضة لتلك السياسات، ويتوقف نجاحهم أو فشلها على مهارتهم في استغلال فن الدعاية.
وقول المفكر الروسي (بليخانوف) (أن رجل الدعاية يقدم آراء كثيرة لفرد واحد أو لعدد قليل من الأفراد، ولكن مثير الفتن يعرض رأياً واحداً أو آراء قليلة لجمع غفير من الناس).
وفي هذا يقول (هتلر) ( إن أسلحتنا الاضطراب الذهني وتناقض المشاعر والحيرة والتردد والرعب الذي ندخله في قلوب الأعداء.
ونختم بتفسير للحالة العربية على لسان الدكتور/ مصطفى الفقي : ( إننا غالباً ما نعجز عن الحصول على حقوقنا أو الوصول لأهدافنا لسبب مباشر هو قصورنا في التعبير عن وجهة نظرنا حتى لو كانت الفرصة متاحة لنا، بحيث أصبح كافياً لدينا أن نقنع أنفسنا بدلاً من أن نركز جهدنا في إقناع الغير، وتلك في ظني هي جريمة العقل العربي الكبرى وخطيئته التي لا تغتفر).
خلاصة:
بعد استعراضنا لأكثر من اجتهاد وتعريف للإشاعة والأهداف التي تركز عليها, وأثرها النفسي على المستهدف ومكانتها في سلم الحرب النفسية لدى أكثر من مدرسة – غربية – أسيوية – شيوعية – نازية وعربية- مروراً بما دونه المتخصصون والباحثون والقادة والزعماء المعتبرون الذين كان لهم دور ومنهجية في هذا المضمار, فإننا ومن خلال هذه المساهمة نحاول أن نزيح الغبار ونكشف الغطاء عن معارك وحروب من نوع أخر لا تسلط عليها الأضواء رغم خطورتها وأثرها الذي قد يكون أكثر فداحة من ما تخلفه الحروب العسكرية وخرجنا بهذه النتيجة:
أولاً: هناك إجماع على أهمية وخطورة الإشاعة سواء في أوقات السلم أو الحرب, وأن الحرب النفسية أو الناعمة أو حرب العقول أياً كانت التسمية من أخطر أنواع الحروب الشاملة وأقلها كلفة وأكثرها مردوداً على من نجح في استخدامها, وأنها من أهم الأدوات التي تستخدم في الحروب النفسية.
ثانيا: ونحن في خضم حرب عدوانية شاملة يستخدم فيها العدو كل فنون الحرب ومنها النفسية بكافة أدواتها وأساليبها التي منها (الشائعات), فإن علينا أن نتنبه لخطورة هذا السلاح غير التقليدي الذي بدأ العدو يكثف من استخدامه مؤخراً كي يعوض عن فشله في المواجهات العسكرية- والجميع معني باستشعار خطرها وبضرورة الارتقاء بالوعي لمواجهتها.
ثالثاً: يجب على القيادة والسلطات السياسية أن توفر مقومات وركائز العمل العلمي والمنظم – متخخصون – مراكز وباحثون استراتيجيون لهم علاقة بميدان الحرب النفسية بكل تفرعاتها, وأن يكون العمل وفق تخصيص دقيق وضوابط موضوعية وعلمية, ويجب تشكيل جهاز للرصد والمراقبة والبحث والتخطيط ورسم الاستراتيجيات, وأن يوفر له كل الإمكانيات التي تساعد كادره على الابتكار والإبداع في تصديهم للحملات والشائعات, وفي نفس الوقت يكون لديهم القدرة على شن الهجمات المضادة بنفس أدواته وأسلحته.
رابعاً: يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دوراً رئيسياً ومحورياً في هذه المواجهة, جمع المعلومات وتفنيدها وطرحها على المجتمع بشفافية مع شرح مراميها وغاياتها وكيفية مجابهتها, وتفند الأكاذيب التي تبث من كل وسائل إعلام العدو بهدف تسميم الجانب الذهني والمعنوي وهز ثقة الشعب بقيادته, أو توجيه المزاج والسلوك الشعبي بما يخدم العدوان, وعليها أن تتحلى بشيء من الشجاعة وتنقل الواقع كما هو إلى مصادر القرار.
المراجع :
– الإشاعة والحروب المعنوية محمود أيوب
– حرب الشائعات عماد رجب
– خطورة الشائعات (أقوى أسلحة الحرب النفسية) د. عــلاء فرغلي
– سيكولوجيــة الشائعــة أ.د. محمــد أحمــد النابلســي
– د. سمير محمود قديح – باحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية
– د. كمال الاسطل .. مدير مركز السلام للتدريب المجتمعي والأبحاث – خان يونس – أستاذ مشارك في العلوم السياسية – جامعة الأزهر بغزة.

قد يعجبك ايضا