رسائل الحب والسلام في السبعين

أحمد يحيى الديلمي

بالأمس القريب وفي المشهد الأسطوري للصمود اليمني ، مثلت الحشود الملايينيه في ميدان السبعين شكلاً ناصعاً للتحدي وقالت للعالم كله ” إن إرادة الشعب اليمني هي التي ستنتصر لأنها إرادة شعب مظلوم يدافع عن كرامته وعرضه وأرضه ” إذاً فهي من إرادة الله سبحانه وتعالى وهو الذي سيمدها بالنصر .
من وسط الحشود الهادرة خاطب الرئيس صالح الصماد المرتزقة والعملاء بكلام واضح علهم يفيقون من الغيبوبة ويدركون أن أعداء الوطن إنما يستخدمونهم لفرض مستوياتهم المتدنية في الغايات والأغراض الدنيئة المليئة بالحقد والدماء ورغبات الانتقام . من السبعين كان لدماء الشهداء والجرحى صوت هادر قال للعالم أن دماءنا التي روت أرض الوطن لن تذهب هدراً طالما وأن شعبنا يقاوم وقادر على التحدي .
قد تكون لحظات السعادة في الغالب قصيرة لا تعود مرة أخرى ، لذا لابد أن يعيشها الإنسان بكامل معانيها ويحفظها في الذاكرة ، واللحظات المميزة لا تقتصر على كونها لحظات سعادة فقط بل في أكثر الأحيان تكون لحظات فخر وعز وعظمة ، وهذا ما حدث في ميدان السبعين ، فالكلمات تظل عاجزة عن وصف ذلك المشهد العظيم وما جرى فيه من تلاحم وصدق في الشعارات والأهداف وحتى الرايات كلها كانت رايات الوطن ترفرف عالياً و تعلن أن هذا هو اليمن وهذا هو الشعب الذي سيصنع النصر في نهاية المطاف إن شاء الله .
المشهد سيظل محفوراً في الذاكرة وهناك أشياءً صغيرة حدثت في نفس المشهد لم يدركها الكثيرون لأنها شبه مألوفة ، إلا أنها لم تحدث بمثل هذا المستوى من التآلف والمحبة في حالات سابقة بل لقد كانت في الماضي العلاقة بين الجيش والشعب متنافرة جداً لأن الجيش كان يعتبر نفسه في مواجهة مع الشعب ، أما اليوم فلقد توحدت الإرادة بين الجانبين وانمحت إلى الأبد من الذاكرة الشعبية تلك الصورة غير الحقيقية عن العلاقة المتوترة بينهما .
في ميدان السبعين تشكلت ملاحم الاصطفاف والتكامل وتبادل الجانبان رسائل عنوانها الحب والإخاء والألفة وأعلنت للجميع أن التاريخ الأسود المليء بالمآسي والتنكيل والتآمر ولىّ إلى غير رجعة ، وجاء زمن جديد محفوفاً بعنفوان التحدي وآيات الصمود ، من رأى المشهد لاشك أنه كان سيقرأ هذه الصورة بكل معانيها ، كان الجندي والمواطن كلاهما يطمئن للآخر ، حالة من التآلف والود فريدة ، فالجنود يرسلون رسائل مقتضبة بأعينهم يقولون نحن فداؤكم والمواطنون يردون برسائل أخرى لا تختلف بدفئها ومعانيها مفادها إننا نحفظ الجميل ولن نستسلم لأي وقيعة بعد اليوم ، لن نبيع تضحياتكم بالرخيص لأنكم فخورون بنا وبحبنا وأنتم تضحون من أجلنا بدون كلل أو ملل ، ثم يُحيون الجندي وهو يقوم بمهمته في تفتيش الداخلين للميدان بأدب وإجلال وعظمة ، تعلو شفاههم الابتسامة رغم أنهم مرهقون ومتعبون من كثرة الجهود والمواطنون يلوحون لهم بفرح ، كادت عيني تدمع وأنا أرى فرحة حقيقية في عيون شعبٌ طالما تعرض للظلم ويبحث عن رسالة أمان ، شعب يحفظ الجميل ، شعب يرى أن الجيش واللجان يفدونه بأرواحهم ، ولذلك يلوحون له بالفرح ومن لم يفتش يعود إلى الجندي من تلقاء نفسه وكأنه لا يطمئن إلى نفسه بل يطمئن لذلك الجندي الواقف ، لأنه يأتمنه على روحه كيف لا وهو يضحي من أجله ويبذل الغالي والرخيص في سبيله ، هذه هي رسائل الحب والسلام التي جسدها مشهد السبعين يوماً.. ومن نصر إلى نصر بإذن الله .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا