من لا يعرف الماضي لا يفهم الحاضر ولن يستشرف المستقبل

*الباحث والمفكر العربي والإسلامي د. عرفات الرميمة لـ”الثورة”:
حاوره / محمد محمد ابراهيم
في توصيف مختزل لمسار العلاقات اليمنية السعودية عبر محطات التاريخ الحديث أكد رئيس مركز البيان للدراسات والبحوث الدكتور عرفات الرميمة ان العدوان السعودي على اليمن لم يبدأ فجر 26مارس 2015م ، فحسب، بل بدأ مع نشأة الدولة السعودية الأولى (1745م ـ 1818م) حيث أرادت السعودية خلال مراحل تكوينها السيطرة على اليمن بالقوة العسكرية لعدد من الأسباب الضرورية في تصور نظامها التوسعي..
وأوضح الرميمة – الباحث المتخصص في مضمار الفكر السياسي العربي الإسلامي- في حوار صحفي لـ “الثورة” ان من لا يعرف الماضي لا يفهم الحاضر ولن يستشرف المستقبل.. ولن يدرك الصمود الأسطوري، هو نتيجة تراكم تاريخي يختزل كل الاعتداءات السعودية على اليمن منذ نشأة دولتها الأولى…. متطرقا في الحوار الى جملة من الملفات المتصلة بالمشهد السياسي اليمني المناهض للعدوان.. والبعد السياسي لقضية المغتربين اليمنيين وقضايا الصراع الدولي على اليمن ومياه البحر الاحمر والصراع العربي الاسرائيلي.. وغيرها من القضايا ..الى التفاصيل:

والشعب اليمني يشارف على العام الرابع على التوالي تحت العدوان والحصار.. ماذا يعني هذا الصمود لمحاطات التدخلات السعودية في اليمن.. من زاوية تاريخية..؟!
– من لا يعرف الماضي لا يفهم ما يحصل في الحاضر من أحداث، ولن يستشرف المستقبل.. وهذا هو حال كل يمني لا يعرف ماضي العلاقات السعودية اليمنية، وكل ظنونه المعرفية تفيد بأن العدوان السعودي على اليمن بدأ فجر 26 مارس 2015م، وعذره أنه لا يعرف أن العدوان السعودي على اليمن بدأ مع نشأة الدولة السعودية الأولى (1745م ـ 1818م) لأن السعودية أرادت خلال مراحل تكوينها السيطرة على اليمن بالقوة العسكرية للعديد من الأسباب الضرورية في تصور نظامها التوسعي، وعندما فشلت في ذلك استخدمت القوى الناعمة في مرحلةِ لاحقة اسلوباً للسيطرة على القرار السيادي، و لم تستطع الحكومات المتوالية بعد الثورة السبتمبرية 1962م في اليمن، التخلص من الهيمنة السعودية.. وظل الشعب اليمني خلال الفترات الماضية يئن من ثقل تلك الضغوط، من جراء استخدام المال كوسيلة ضغط وابتزاز لانتهاك السيادة وفرض أجندة الرياض على صنعاء وتصويره امراً واقعاً أو كقضاء وقدر لا مفر لليمن منه.
غير ان التحول المفصلي جاء مع بزوغ فجر 21 سبتمبر 2014م، كثورة غيرت معادلة العلاقة القائمة على استلاب السيادة والاستقلالية اليمنية، سواء بالقوة العسكرية أو القوة الناعمة.. ما جعل السعودية تبدأ عدونا وشاملا وحصارا ظالما على اليمن وفق تصور خاطئ بمحورية الحسم السريع.. لتمر ثلاث سنوات ولم تجن السعودية في اليمن سوى الهزائم والخزي والانكسار.. ورغم انها تحالفت مع 17 دولة عربية وغربية وشرق أوسطية للتدخل العسكري في اليمن طيلة ثلاث سنوات، مارس فيها ذلك العدوان البربري أبشع أنواع الجرائم بحق المدنيين واستخدم فيها التجويع والحرب الاقتصادية كسلاح في سابقة لم يعهد لها التاريخ مثيلاً.
وأنت أستاذ في الفكر العربي الإسلامي.. ما توصيفكم لما يرتكبه من يدعون انهم عرب ومسلمين بحق الشعب اليمني..؟! وما توصيفكم للصمود المقابل..؟
– بصراحة لا يوجد توصيف يعادل ما ارتكبه ويرتكبه العدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني طيلة ثلاث سنوات، ولا يزال مستمراً حتى اللحظة، تعجز اللغة أن تجد مفردات معبرة عن الوصف المناسب لذلك الاجرام والتدمير الوحشي والعهر السياسي والافتراء والكذب الذي رافق ذلك العدوان، هو عدوان على اللغة حتى عجزت عن التعبير وعلى التراث والحضارة وعلى الإنسانية والقيم والشرائع والاخلاق وعلى كل ما هو إنساني في هذا العالم.. فالعدوان السعودي الامريكي سوف يحدث قطيعة معرفية وعسكرية لما قبله وما بعده، لأن كم الغارات التي شُنت على اليمن وكيفها والأسلحة المستخدمة والجرائم الوحشية والعمل الاستخباري واللوجستي الذي استخدم في هذا العدوان من قبل أمريكا وبريطانيا وأدواتهما كالسعودية وأخواتها في الإجرام ، لم ولن يحدث في أي منطقة في العالم حتى في الحروب العالمية وحروب الخليج الأولى والثانية والتاريخ سوف يدون ذلك..
أما الصمود فيمكن توصيفه بأنه رد فعل يمني مساو في القوة لهمجية العدوان، كما انه نتيجة حتمية لتراكم تاريخي يختزل كل الاعتداءات السعودية على اليمن منذ نشأة الدولة السعودية الاولى وحتى اليوم..
من منظور فكري عقائدي.. برأيكم من أين أتت هذه الوحشية..؟ ومن أين أتى هذا الصمود..؟!
– هذه الوحشية في الإجرام والفجور في الخصومة اختراع وهابي بدوي فيه من صحراء نجد كل القساوة والإفراط في القتل والتفريط بكل القيم الإنسانية، ومتى كانت الصحراء تفكر وتعقل؟ ومتى كان البدوي يعرف حدود الله في تشريع القتل والقتال..؟ ألم يقل الله في وصفهم: “ الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ “ سورة التوبة..
أما الصمود والبسالة وكم التحدي الذي أظهره الشعب اليمني طيلة سنوات العدوان، ليس بمستغرب على الشعب اليمني الذي يحمل في جيناته الوراثية صفات الجبال التي يعيش عليها، فالجبال لا يقدر عليها سوى خالقها، واليمني كذلك لا يقدرعلى هزيمته سوى الله سبحانه وتعالى الذي امتدح بسالة وقوة وحكمة رجالها ونسائها في محكم كتابه في قصة الملكة اليمنية بلقيس: “قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ/ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ” سورة النمل
فذلك الإجرام قابلة صمود يوازيه، بل ويتفوق عليه، ومن لا يعرف صمود وبسالة رجال الله في اليمن عليه أن يٌعيد قراءة التاريخ ليعرف ما حصل مع المعتدين سابقاً، من برتغاليين واتراك ومصريين، وعلى سبيل المثال ماقاله ضابط مصري كان متواجداً في اليمن وهو القائد صلاح الدين المحرزي الذي نصح وحذّر القيادة المصرية ـ في خريف عام ١٩٦٣م ـ من مغبة التدخل العسكري وخوض حرب برية في اليمن قائلاً لهم : خذوا العبرة من التأريخ ، فاليمن قد قضت على أربعة ألوية عسكرية تركية في القرن التاسع عشر ولم يعد أحد منهم الى بلاده ، ولا توجد أي قوة على مدى التاريخ كانت كافية لاحتلال اليمن. وفي بداية الحرب التي خاضتها مصر في اليمن لمحاربة القوات الملكية أرسل الرئيس الثاني في الجمهورية التركية عصمت اونونو – كان قائداً لسرية حربية في اليمن – بنصيحة الى الرئيس عبدالناصر – مع أحد أعضاء الوفد المصري الذي زار تركيا – واصفاً فيها شدة بأس اليمنيين بالقول 🙁 حاربت جميع الدول : الإنجليز والصرب واليونان والروس وحاربت في اليمن ولم أشاهد في حياتي مثل اليمنيين محاربين أشداء ،هم لا يحتاجون معدات حربية متطورة ، هم يملكون الجبال التي تحارب معهم ويحاربون بها والرصاصة في بندقية المحارب اليمني لا تذهب سدى ،لا بد ان تقتل احدا وهم محاربون يكتفون بالقليل ). وعلى مدى خمس سنوات أرسلت مصر سبعين الف جندي الى اليمن ، قتل منهم حوالي عشرة آلاف وأهدرت مصر عشرات المليارات دون أن تحقق ولو هدفا واضحا لحملتها العسكرية. أدرك عبدالناصر نصيحة الرئيس التركي بعد فوات الأوان ، وقد عبّر عن ذلك للسفير الأمريكي بالقاهرة في ربيع عام ١٩٦٧م بقوله : أرسلت بسرية لليمن وانتهت الأمور بإرسال سبعين ألفا لتعزيزها ، إن حرب اليمن أصبحت فيتنام مصر. لقد كانت اليمن فعلاً فيتنام للقوات المصرية وسوف تكون فيتنام أخرى على قوات التحالف السعودي الأمريكي ومستنقعاً لن يخرجوا منه أبدا..
بعد تدمير بنية اليمن التحتية ومواردها الاقتصادية.. اطلق ابن سلمان قراره بترحيل المغتربين اليمنيين.. تحت شعار السعودة… كيف تقرأون هذه القرارات..؟!
– يمكن قراءة ذلك في مسارين الأول من خلال الأحداث المتسارعة التي تعيشها مملكة الشر ووصولها إلى هاوية الإفلاس بفعل السياسات المتسرعة والطائشة لبن سلمان، ويمكن قراءتها باعتبارها وسيلة من وسائل الضغط التي تمارسها السعودية على الشعب اليمن ، ومعروف أن السعودية هي الدولة الهشة حسب توصيف الصحفي الأمريكي (كارين إليوت هاوس) عنواناً لكتابه ـ الصادر عام2012م في واشنطن ـ عن حال مملكة الرمال، يتنبأ فيه بالسقوط الحتمي للسعودية لأن عوامل بقائها على قيد الخريطة الدولية بدأت تتآكل من الداخل. والسعودية هي مملكة الكراهية ـ بحسب توصيف ( دور غولد ) في كتابه الذي يحمل نفس العنوان ـ التي نشرت الفكر الإرهابي الوهابي ودعمت الإرهابيين خصوصاً في هجمات 11سبتمبر 2001م.
ومثّل إنهيار أسعار النفط ـ طيلة الأعوام الماضية ـ عاملاً محفزاً يعجل من السقوط الوشيك للسعودية، والسبب في ذلك هو اكتشاف النفط الصخري ـ خصوصاً في أمريكا التي ستصبح المنتج الرئيسي له بحلول 2020م ـ وقد تم الإعلان بداية هذا العام أن الإنتاج الأمريكي من النفط سيتجاوز السعودية وروسيا وهو اكثر من 10 ملايين برميل يومياً. ويؤكد الخبير الاقتصادي (جيري روبسون) على أن السعودية تحتاج إلى سعر (105) دولارات لبرميل النفط إذا أرادت مواجهة الانهيار الاقتصادي، كما أن نفاد الاحتياطات النقدية لديها سيكون أسرع مما هو متوقع ( نهاية 2018م أو بداية 2019م) ، فتجارة النفط التي كانت سبباً في ازدهار السعودية وعلو مكانتها وسوف تكون كذلك سبباً في انتكاستها وسقوطها. وقد بدا ذلك واضحاً من العجز الذي تسجله الميزانية السعودية للسنة الثالثة على التوالي وتآكل الاحتياطي النقدي، ولجوء المملكة لطلب قرض من البنوك العالمية بداية هذا العام ـ للسنة الثانية على التوالي ـ بقيمة 16مليار دولار لتدعيم الصناديق السيادية..
ماذا عن القرار بالنسبة لمسار العدوان على اليمن..؟ أو ما هي التداعيات التي ستترتب على ذلك..؟!
– القرار يعكس خيبة الأمل في الحسم السريع فالعدوان السعودي على اليمن ـ الذي حسبته المملكة نزهة واستعراضاً لعضلاتها الواهية وكشف عن نار حقدها وغلها على الشعب اليمني- أصبح الآن بالنسبة لها مستنقعاً يستهلك جبال الأسلحة التي تشتريها من أمريكا وبريطانيا ويفاقم عجز الميزانية وظهرت الحالة الاقتصادية المتردية التي جعلت الدولة تفرض ضريبة الدخل على كل السلع والخدمات وترفع أسعار الوقود وخدمات الماء والكهرباء.. وتبعا لذلك صار تفكيرها مزدوجا في التخلص من البطالة بالسعودة من ناحية، وفي مفاقمة الأوضاع الإنسانية في اليمن بترحيل أكثر من مليون مغترب.. الى بيئة عمل وموارد اقتصادية مدمرة..
طبعاً التداعيات سوف تكون مهولة بالتأكيد ، لكنها لن تكون بمرارة ما حدث بعد احتلال العراق للكويت في الثاني من أغسطس عام 1990م ، فكان القشة التي قصمت ظهر العلاقات بين اليمن وكل دول الخليج ، لأن اليمن حينها كان ممثلاً للمجموعة العربية في مجلس الأمن الدولي وكان موقفه رافضاً للاحتلال العراقي للكويت ورافضاً كذلك لتدخل قوات التحالف الدولية التي كونتها الولايات المتحدة التي دخلت لتحرير الكويت في 18 يناير 1991م، وأمتنع عن التصويت على معظم قرارات مجلس الأمن الداعمة لقرار الحرب ضد العراق فاعتبرت دول الخليج ذلك الموقف وقوفاً من صنعاء ضد تحرير الكويت ،وبات اليمن مضطراً لدفع ثمن باهظ لعلاقته بالعراق وعضويته في مجلس التعاون العربي ، فتم اخراج أكثر من مليون مغترب يمني من السعودية ومن بقية دول الخليج وإعادتهم إلى اليمن من دون الحصول على حقوقهم ، وقد شكّل ذلك عبئاً على اليمن تجاوزته بصعوبة ، وسوف تتجاوز آثار هذا العدوان وتتعافى منه بإذن الله لأن الله قد وصف اليمن بأنها “ بلدة طيبة ورب غفور “ كذلك هناك إرادة التحدي التي يتميز بها الشعب اليمني ، كل ذلك سوف يكون عاملاً إضافياً في سبيل التغلب على كل المشاكل والعراقيل التي وضعها العدوان.
ما هي الرسالة التي يجب ان يفهمها اليمنيون من هذا القرار؟
– الرسالة التي يجب أن يفهمها المخدوعون أن السعودية تتعامل معهم ومع الشعب اليمني باعتبارهم أدوات يتم الاستعانة بها حال الطلب وعندما تؤدي دورها يتم التخلص منها، والعلاقة بينهم وبين السعودية ليست علاقة ندّية وتساو وإنما هي علاقة تابع ومتبوع وما يربط الجميع ببعض هي المصلحة التي ستنتهي يوماً ما، وهي تشبه علاقة الجزار بخرافه التي يسمنها ويطعمها ليس حباً فيها وصداقة لها وإنما يربيها لوقت الحاجة والطلب وسوف تذبح متى ما جاء دورها.
سياسيا… ما هي قراءتكم للمشهد السياسي اليمني بعد ثلاثة أعوام من العدوان والحصار..؟! وهل ثمة مفاوضات تلوح في الأفق..؟
– المشهد السياسي الحالي بعد مرور ثلاثة أعوام على العدوان في أحسن حالاته لأن الوقت في صالح اليمن وليس في صالح العدو الذي راهن على ان عملياته في اليمن سوف تكون نزهة بالنسبة له، ولن تستغرق أسبوعين أو شهر في أحسن حالاتها، لكنهم بعد ثلاث سنوات لم يحققوا فيها أهدافهم وحقق فيها الشعب اليمني أهدافه وهي الوقوف في وجه العدوان وامتصاص الصدمة واخذ زمام المبادرة وأصبح الجيش واللجان الشعبية هم من يهاجمون اليوم العدو ويقتحمون مواقعه ويكبدونه الخسائر الفادحة، كلما مر يوم يتقزم العدو ويكبر فيها الشعب اليمني ويبدو أكثر صلابة في تحدي العدوان وأكثر إدراكاً لضرورة الصمود لأنه بات يدرك أن النصر أنما يأتي مع الصبر والثبات والتحمل.
هناك مفاوضات تلوح في الأفق هذا شيء مؤكد وكل المؤشرات تقول ذلك خصوصا أن الدول الداعمة للعدوان ـ أمريكا وبريطانيا ـ أصبحت تبحث لها ولأدواتها عن مخرج مشرّف وعن سلم مناسب تستطيع النزول به عن شجرة أوهامها العالية خصوصا بعد الكلفة الإنسانية والأخلاقية والحرج الشديد الذي وقعوا فيه ولم يحسبوا له بدقة، سوف تكون المفاوضات طوق نجاة بالنسبة للعدوان وليس للشعب اليمني الذي لم يعد لديه ما يخسره.
ما تقييمكم لأداء الأحزاب الوطنية المناهضة للعدوان..؟!
– الأحزاب الوطنية لم تؤدِ دورها بالشكل المطلوب ولم يكن دورها موازياً لحجم العدوان أو حتى مساوياً لما قدمه الإنسان البسيط العادي الذي حمل السلاح وجهز القوافل، القبيلة اليمنية أثبتت أنها الحزب الوطني الاول بامتياز، وأثبت العدوان أن الكثير من الأحزاب ما هي سوى تكملة عدد وأرقام موجودة على لائحة الدعم الحكومي فقط وأنها ليست سوى ظاهرة صوتية، أما بالنسبة لقادة الأحزاب العريقة فأنهم وقفوا مع ذهب العدوان وماله ضد كل تنظيراتهم الجوفاء ودافعوا عن العدو باعتباره الوطن الذي وفر لهم المال.
بالتزامن مع العدوان على اليمن.. بدا التواصل السعودي الإسرائيلي يزداد علنا.. ما تفسيركم لهذا التقارب..؟!
– التقارب السعودي الصهيوني ليس وليد اللحظة وإنما هو تحالف استراتيجي بنيوي، فهما فردتا حذاء في قدم المشروع الغربي، وهذا التقارب سبب وجودهما في المنطقة خصوصا في الاماكن المقدسة بالنسبة للمسلمين والدليل على ذلك هي الرسالة السرية المسربة – كشفها ضابط المخابرات البريطاني هارولد ادوارد الشهير بجون فيلبي بعد هروبه الى الاتحاد السوفيتي في ستينيات القرن الماضي – من تشرشل – رئيس وزراء إنجلترا في الأربعينيات من القرن الماضي – الى الرئيس الأمريكي أيزنهاور قال فيها: ان السعودية مشروع فكرنا ببنائه قبل تفكيرنا في بناء إسرائيل.. ومعلوم لمن يقرأ التاريخ أن ثمّة دولتان تم زرعهما في جسد الأمة العربية – بناء على ما رسمته اتفاقية سايس بيكو عام ١٩١٦وخططت له المخابرات البريطانية – لتنفيذ أجندة تخدم المصالح الاستعمارية الغربية والإمبريالية العالمية مستقبلاً في السيطرة غير المباشرة على القرار السياسي وبسط النفوذ في الشرق الأوسط من بعيد، بدلاً عن الغزو العسكري الذي أثبت أنه مكلف مادياً ولم يعد وسيلة ناجعة كما كان سابقا. تلك الدولتان هما: مملكة الرمال – أو دولة عيال سعود كما يحلو للبعض تسميتها – عام ١٩٣٢وأسرائيل – ارض الميعاد كما توهم اليهود – ١٩٤٨م وقد كانتا مقدمة للواقع السياسي الجديد الذي فرضته اتفاقية سايس بيكو، نتج عنهما – ولأجل نشوئهما – دويلة الأردن بحكم الضرورة – لأنهما قامتا على الأراضي الخاضعة لنفوذ الشريف حسين وكان لابد من تعويضه ظاهريا ولو بثمن بخس لأنه كان أداة من أدوات بريطانيا -وقد شكلت تلك الدول مثلثا يبقى متماسكا بتماسك أضلاعه الثلاثة وسقوط ضلع فيه يؤدي لسقوط المثلث كاملاً ، لقد كانت العلاقة بينهما سرية الآن أصبحت علنية بحكم الضرورة وثورة المعلومات ، ذلك التقارب الآن ليس مستغرباً لمن يقرأ التاريخ ويعرف أن تحرير القدس سوف يمر عبر تحرير الاماكن المقدسة في مكة والمدينة أولاً.
ماذا يعني هذا التقاربٍ لقضايا مياه البحر الأحمر والأطماع الصهيونية فيها..؟!
– الأطماع الصهيونية في مياه البحر الأحمر ليست جديدة وإنما هي متجددة، فقد أدركت إسرائيل أهمية باب المندب ـ خصوصا بعد اغلاقه في حرب أكتوبر عام 1973م من قِبل القوات المصرية عندما سمحت لها اليمن بالسيطرة على جزيرة ميون ـ وهي تعرف أن أهمية باب المندب يوازي أهمية قناة السويس ولا معنى لوجود الأخيرة بدونه، لذلك حرصت إسرائيل على التواجد في البحر الأحمر عبر قواعدها المتناثرة في ميناء عصب بأرتيريا وفي جزرها المتواجدة في البحر الأحمر.
وماذا يعني هذا التقارب بالنسبة لقضية تيران وصنافير..؟!
– بالنسبة لقضية تيران وصنافير وما أثير عن تنازل مصر عنهما للسعودية يندرج ذلك التنازل ضمن ما يُسمى صفقة القرن والشرق الأوسط الكبير ـ الذي أخبر عنه شيمون بيرز في كتابه الذي يحمل نفس العنوان ـ وسوف يعتمد ـ كما قال بيرز ـ على المال الخليجي والعمالة المصرية والعقل الإسرائيلي، وهي عملية تطبيع اقتصادية المراد منها قبول إسرائيل بشكل طبيعي ضمن الشرق الأوسط الكبير، كل ذلك ثمنه ضمان أمريكي بوصول محمد بن سلمان إلى عرش المملكة، حتى لو حولت العالم العربي إلى مهلكة كبيرة المهم أن تبقى تلك الأسرة جاثمة على صدر الأماكن المقدسة حالها حال إسرائيل.
قضية احتدام التفجيرات والحرب في سيناء..؟!
– ما يتعلق بما يدور في سيناء هي خطة مرسومة بعناية يتداخل فيها الفكر الوهابي التكفيري والموساد الإسرائيلي والعمالة المصرية، من أجل تهيئة سيناء وتصفيتها من سكانها كي تكون جاهزة لتنفيذ أحدى بنود صفقة القرن بأن تكون وطناً بديلاً للمهجرين الفلسطينيين الذين طردهم العدو الإسرائيلي من منازلهم عامي 48 ، 67 ، وإقامة دولة فلسطين في غزة، إذا تعذر إقامتها في الضفة الغربية، والأيام سوف تثبت صحة ذلك.
قضية العرب المحورية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.. واعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل..؟!
– مثلما قلنا بأن تحرير القدس سوف يمر عبر مكة ، نقول أن العكس صحيح أيضاً، بمعنى أن سقوط القدس سوف يكون بدعم وتواطؤ من قِبل حكام مملكة الشر في السعودية، وعندما سُئل المرحوم محمد حسنين هيكل متى ستنقل أمريكا سفارتها إلى القدس قال: عندما توافق السعودية وتسكت مصر، هذا ما هو حاصل الآن عبر الترويج لما يُسمى بصفقة القرن التي سوف يتم فيها مقايضة الملف النووي الإيراني والخروج الأمريكي من الاتفاق مقابل قبول المملكة ومن يدور في فلكها من أعراب النفط على قرار ترامب بنقل سفارته إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لدولة إسرائيل كصفقة ستضمن لهم حماية أمريكية لعروشهم.

قد يعجبك ايضا