بداية السنة فرصة للتخطيط الشامل

 

 

عبدالرحمن علي علي الزبيب
الفشل والفساد وتفاقمها بسبب عدم التخطيط .

بغياب التخطيط في حياتنا وأعمالنا يتكرر الفشل والإخفاق في مهامنا وأعمالنا وندخل في نفق العشوائية التي تضيع الجهد والوقت والإمكانيات وتضيع الفرص وتزداد مستوى المخاوف والتهديدات.

للأسف الشديد إن التخطيط في مجتمعنا ومؤسساتنا غائب وان حضر فهو فقط ديكور ومكتب شكلي بلا أهمية ولا عمل ولا مضمون اللاتخطيط فيروس خطير يضرب جميع الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى على مستوى الأسرة الواحدة .

نحن الآن نودع العام 2017م ونستقبل العام الجديد 2018م وهي فرصة سانحة لإعادة تقييم أعمالنا للعام الماضي وللتخطيط للعام القادم .ولنطوي صفحة العشوائية واللا تخطيط ونبدأ عامنا بتخطيط جيد لتنفيذ ذي جودة وكفاءة عالية وبفعالية .

نحن الآن مثل الطالب في أي أول يوم دراسي له إذا خطط جيداً واجتهد ونفذ واجباته أولا بأول لن ينتهي العام الدراسي إلا بتفوق دراسي وإذا ما أهمل أول يوم دراسي ولم يخطط جيداً ولم يرتب أوقاته بشكل جيد ستضيع السنة ولن يستطيع استرجاعها وسيكون من الصعب تصحيح مساره لأن مساره انحرف من البداية .

وهكذا جميع الأنظمة من اكبر نظام في المجتمع وهي الدولة إلى اصغر نظام وهو نظام الأسرة.

التخطيط يستلزم أن يطبقها الجميع في نفسه وفي أسرته وفي منطقته لتتحول إلى ثقافة جامعه يستوجب على جميع المؤسسات الالتزام بها وعدم تغييبها .

للأسف الشديد إن جميع أنظمتنا وأعمالنا بلا تخطيط ونقضي أوقاتنا بلا خطة عمل فينتهي بنا العام ونحن لم ننجز كثيراً من المهام والواجبات وأهدرنا وضيعنا الكثير من الموارد والإمكانيات بسبب غياب التخطيط ونعظ أنامل الندم وتكرر كلمة لو ,,, لو ,,, لو بسبب غياب التخطيط .

أعداد خطة العمل لن يستهلك سوى وقت بسيط جداً ولكن ثمرتها كبيرة جداً ومن أهم ثمار التخطيط:

1. الحد من الفساد ومكافحته : بالتخطيط ينحصر الفساد في زاوية ضيقة جداً لأنه يعيش ويتفشى في البيئة العشوائية الخالية من التخطيط فإذا وجدت الخطط في جميع مؤسسات الدولة من اكبر مؤسسة وهي مؤسسة الرئاسة إلى الوزارات والمؤسسات وحتى اصغر وحدة من وحدات الدولة سيتوقف الفساد وإذا وجد سينفضح بسرعة.

2. تعزيز الرقابة الرسمية والشعبية :بالتخطيط ستكون الرقابة على مؤسسات وأجهزة الدولة ابسط وأكثر سهولة لأن المؤسسات الرقابية الرسمية والشعبية ستقيم أداء المؤسسات من خلال خططها الحقيقية وتحدد إخفاقها ونجاحاتها فإذا أخفقت تحاسب ووجوبية التغيير وإذا نجحت تشكر وتستمر.مشكلة اللا تخطيط المتوغلة في جميع مؤسسات الدولة وفي أفضل الحالات خطط خيالية غير حقيقية وخاطئة تصعب بل وتجعل من المستحيل الرقابة الشاملة على أعمالها فتختل وتنهار في صمت لعدم وجود أداة التقييم وهي التخطيط .عند صدور أي تصريح أو معلومات حول فساد شخص أو جهة يدافعون  عن أنفسهم باستماتة كبيرة واكبر مبرر لهم هو عدم وجود خطة حقيقية لتوجه أجهزة الرقابة الرسمية والشعبية أصبع الاتهام نحوها بالفساد والفشل بالرغم من أن عدم وجود خطة حقيقية وشاملة هو إخفاق وفشل وفساد .

3. عدم تكرار الإخفاقات: يلاحظ أن معظم مؤسسات الدولة ترتكب نفس الأخطاء سنوياً وتتكرر تلك الأخطاء بسبب غياب خطط عملها ولو تم تنفيذ خطط شاملة سنوياً سيتم تقييم تلك الأخطاء وتشخيص الخلل وإيجاد المعالجات اللازمة لعدم تكراره.

4. الشفافية:اكبر أدوات ووسائل تعزيز الشفافية هو وجود خطة شاملة تعرف بموجب هذه الخطة أين تذهب المؤسسة أو الوزارة وماذا ستنجز شهرياً وسنوياً والاحتياجات الحقيقية لانجاز مهام المخطط لها والإيرادات المتوقع جبايتها وكلما كانت الأرقام وتفاصيل الخطة حقيقية كلما كان هامش الخطأ والانحراف اقل وهذا يستوجب أيضا نشر تفاصيل جميع خطط مؤسسات وأجهزة الدولة وإتاحتها للشعب كون الشعب مالك السلطة ومصدرها ومن أبجديات حقوقه الاطلاع على خطط جميع السلطات ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) بشفافية وتفاصيل كاملة ونشر وإعلان تلك الخطط تعزيز ايجابي للشفافية والحد من السرية التي تعتبر من مسببات الفساد.

5. إيقاف إهدار الموارد :معظم الموارد الضائعة والمفقودة والتي تعبث بها لوبيات الفساد يعود أهم سبب لضياعها إلى عدم وجود تخطيط ينظم تلك الموارد وفقاً لخطط مزمنة وواضحة وبالتخطيط يتوقف الإهدار وتنمو الموارد .

6. الفعالية والكفاءة والجودة :المعادلة الذهبية للتخطيط ( جهد اقل + تكاليف اقل = انجاز اكبر ) لأن التخطيط يوزع الجهد والإمكانيات بشكل متوازن ليغطي انجاز المهام والواجبات ولا يؤدي إلى تراكم الجهد في مكان معين وحتى لا تضيع الإمكانيات دون تغطية الاحتياجات بشكل متوازن لتتحقق الفعالية والكفاءة والجودة للمؤسسة .

7. وضوح الهدف والأولويات: كل مؤسسة مهما كانت كبيرة أو صغيرة لها أهداف تحققها والتخطيط يجعل تلك الأهداف واضحة والأنشطة والمهام لتحقيقها أيضا واضحة ويتم بسهولة تحديد أولوياتها فكلما كان النشاط قريباً وهاماً لتحقيق الهدف كان أولوية .وبذلك تتحقق الأهداف وتضبط بوصلة جهد وإمكانيات المؤسسة نحو تحقيق أهدافها بدلاً من ضياعها وتشتيتها في أنشطة لا تحقق الهدف ولا تخدمه .

8. تعزيز الثقة والتطوير: التخطيط يعزز ثقة الأطراف ذات العلاقة بالمؤسسة وأنها فعلاً تنفذ انجازات وفقاً للإمكانيات المخصصة لها وهذه الثقة هامة لرفع مستوى أدائها وتطويرها .لأنه سيجعل المؤسسة تقوم بإعادة تقييم لكافة أنشطتها لتحدد الاختلالات والمعيقات وتقوم بمعالجتها قبل تفاقمها فإذا كان الخلل ضعف التدريب تبدأ مباشرة بتنفيذ خطط تدريب وتأهيل لتطوير أداء كادر المؤسسة وإذا كان الخلل بسبب قلة الإمكانيات فيتم رفعها ومعالجتها بناء على خطط شفافة وواضحة وإذا كان الخلل بسبب معيقات داخلية أو خارجية تتم إزالة ومعالجة تلك المعيقات لتنطلق المؤسسة بلا كوابح سلبية.

9. المعلومات والإحصائيات:أهم عناصر تنفيذ الأعمال بجودة وكفاءة هو توافر المعلومات الكافية والإحصائيات الشاملة وبسبب غياب الخطط لم يكن للمعلومات والإحصائيات أهمية وتم إهمالها ووضعها في الإدراج كون الأعمال كان يتم تنفيذها بعشوائية وعبث لذلك التخطيط سيؤدي إلى إعادة الاهتمام بتوفير المعلومات والإحصائيات الشاملة وبذلك يتم تصحيح مسارات العمل وإيقاف انحرافاتها التي كانت بسبب ضعف المعلومة والإحصائيات وبذلك يتطور أداء المؤسسة لأنها مبنية على أسس ومبادئ قوية مسنودة بمعلومات وأرقام وإحصائيات شاملة .وفي الأخير :نطالب وبإصرار جميع المؤسسات الرسمية بسرعة استكمال إعداد خططها ونشرها بشفافية بتفاصيلها للشعب للحد يمن الفساد والفشل والإخفاق وبما يوقف من العشوائية وتكرار الأخطاء التي تهدر وتضيع الجهد والوقت والمال دون اي جدوى والمستفيد الوحيد من عدم التخطيط هو الفساد .

ونأمل ألا نبدأ عامنا الجديد إلا وجميع المؤسسات بشكل عام من مؤسسة الرئاسة وجميع السلطات ومؤسسات وأجهزة الدولة من هيئات ومؤسسات وحتى اصغر وحدة إدارية تنشر خططها بالتفصيل للشعب في جميع وسائل الإعلام ليتحقق مبدأ الشفافية وبما يؤدي إلى تعزيز الثقة الشعبية ويحد من الفساد ويسهل إجراءات الرقابة الرسمية والشعبية لتصحيح أي انحراف أو إهدار بسبب الفساد والفشل ولتكن بداية السنة فرصة للتخطيط الشامل.عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الإنسان + النيابة العامةlaw771553482@yahoo.com

قد يعجبك ايضا