المخلوع قبل الولاية

عباس الديلمي
لا يستطيع أحد أن ينافسه في المكانة والشراكة مع بني سعود، ليس بعد أن صار الرجل الأول في بلده – ولا منازع – بل ومنذ كان الرجل الثاني، فهو والمشهود له يتمزيق علاقة بلاده مع دول عربية على رأسها سوريا والعراق واليمن ومصر، وهو من كان له اليد الطولى لا في الوصول إلى ضرع وجيوب وخزائن المملكة السعودية وحسب، بل وفي تنفيذ مآربها في إشعال الحرائق في سوريا والعراق، وهو من لا يمكن إغفال دوره في تحالف العدوان الذي شكلته وتزعمته المملكة إياها لشن هذا العدوان الهمجي على اليمن.
إنه كما عرفتم من ذكر بعض أعماله وممارساته الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من نسينا أن نشير إلى بلائه ( الحسن) مع بني سعود ومؤسستهم الدينية في سبيل تقسيم العرب أولاً والمسلمين ثانياً إلى فرق متناحرة باسم أو تحت شعار : شيعة وسنة، أما لماذا يفعل ابن (طيب أفندي) كل ذلك، فمن أجل تحقيق طمعه في البيعة كخليفة للمسلمين (بكرافتة) الخلافة العثمانية لا بطربوش سلاطينها الأول، وإن في بعض الدول الإسلامية التي وصلت إليها الجيوش العثمانية خاصة في العالم العربي.
إن جنون العظمة لديه لم ينحصر على ما يفعله داخل تركيا، بل اتسع إلى خارجها بدافع التوق إلى كرسي خلافة المسلمين، وهذا ما جعله يستغل اندفاع المملكة السعودية وتهورها في تنفيذ الدور الموكل إليها والاستعانة بثرواتها النفطية، وتبنيها ما تصفه بالإسلام السني، وأن يشاركها جرائمها، حتى تأتيه الخلافة منقادة ومعها المملكة الحلوب، كونها كما وصفها الرئيس الأمريكي مملكة لا تمتلك غير المال، وهي الباحثة منذ نشأتها عمن يحميها والتواقة إلى من يصحبها في الدخول العلني من البوابة الصهيوإسرائيلية.
كل ذلك يفعله أردوغان أو ابن (الطيب) ولكنه اليوم يبدو كمن ضيع اللبن في الصيف – كما يقال – فهاهو بن سلمان، الحاكم الفعلي لمملكة بني سعود والمسند إليه تأسيس ما أسمي بـ”الناتو الإسلامي السني” وتزعم واجهته نيابة عن أمريكا وإسرائيل، وهذا ما يذكرنا بما كتبه المفكر فهمي هويدي في بداية الحديث عن التحالف تحت عنوان “إسرائيل السنية” واعتقد البعض أنه يمزح أو يسخر، المهم نعود ونقول ها هو بن سلمان ينقلب على أردوغان ويخلعه من الخلافة قبل التربع على عرشها ويحشد ما استطاع من قادة وزعماء الدول الإسلامية القابضة والتي تخشى من توجيه سهام داعش نحوها، فلبوا دعوته للقاء بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعقد البيعة له لحماية الإسلام السني من مخاطر الإسلام الشيعي.. وهذا أيضاً ليس نكته..
من بعد هذا اللقاء وشد الرحال إلى أرض الحرمين للقاء ترامب (السني) وعقد البيعة غير المعلنة وفقاً للموروث الإسلامي، ما على رجب بن طيب أردوغان إلا التسليم بالأمر الواقع، والتراجع عن طموح الخلافة، وإن خلال فترة ولاية دونالد ترامب، والعودة إلى طلب الدعاء من أمه التي قال أحد قيادات الإخوان أن طاعة رجب لها وزياراته لمنزلها هو ما يكمن وراء نجاحه وتفوقه على خصومه.
خلاصة القول أنه وبعد هذه البيعة لترامب ما على أردوغان إلا أن يتقبل انقلاب بن سلمان، حتى وإن قالت له أمه عند زيارته لها:”إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً.. لم تحافظ عليه مثل الرجال”.
ختاماً: أنصح بالعودة إلى قصيدة (أبو تمام وعروبة اليوم) لشاعرنا الكبير عبدالله البردوني.

قد يعجبك ايضا