الكتاب في ظل العدوان وآليات التصدي للحفاظ عليه

زيد الفقيه
الكتاب ذاكرة الشعوب ، وهو الوعاء الذي يحفظ موروثها الفكري والتاريخي والعلمي، ولما للكتاب من أهمية في حياة الأمم، كان اليمن منارةً يشعُّ منها نور الكتاب إلى كل المناطق المجاورة؛ حيث وجدت فيه أوائل المطابع والمكتبات.. وفي إطار سعينا اليوم إلى إعادة هذا الدور الرائد لليمن كان لا بد من وجود استراتيجية تتضمن سياسات واضحة لتشجيع حركة التأليف والترجمة، ودعم نشر الكتاب وتوزيعه؛ باعتباره الوسيلة الأهم لتثقيف الأجيال، والارتقاء بمستوى الوعي لدى مختلف الشرائح الاجتماعية.
ويقتضي ذلك أيضاً العناية بالمؤلف وحفظ حقوقه الأدبية والمادية لتعزيز العملية الثقافية والإبداعية؛ إضافةً إلى تنمية القراءة والاطلاع في مختلف الأوساط الاجتماعية ابتداءً بالمدارس والجامعات والنوادي والمؤسسات المجتمعية؛ مما يتطلب وضع رؤى وأفكار واضحة في هذا الجانب ، لذا فإن وزارة الثقافة قد سعت ـ في وقت سابق ـ لعمل مؤتمر السياسات الثقافية الذي خرج بتوصياتٍ محددة لتعزيز حركة التأليف والنشر، وحفظ حقوق المؤلف، وتشجيع وصول الكتاب إلى أوسع نطاق من جمهور المتلقين، وتتمثل هذه التوصيات فيما يلي:-
1) التأكيد على هوية وزارة الثقافة ومؤسساتها كهيئات تدعيم وإشراف للمنتج الثقافي.
2) العمل على توفير مواد صناعة الكتاب داخل اليمن بدءا بالمطابع وانتهاءً بالأحبار.
3) إيجاد آلية تشترك فيها وزارات (الثقافة، والإعلام، والتربية والتعليم، والأوقاف والإرشاد، والتعليم العالي والبحث العلمي، والشباب والرياضة) ومنظمات المجتمع المدني لخلق مواطن قارئ.
4) إلغاء الرسوم الضريبية والجمركية وأي رسوم أخرى على الكتاب.
5) تعزيز دور الناشرين اليمنيين للقيام بمهامه في دعم وحماية وصناعة الكتاب اليمني.
6) منح الجوائز التقديرية بشكل دوري للمؤلفين والناشرين في مختلف المجالات الثقافية والإبداعية.
7) إنشاء المكتبات المدرسية في جميع المدارس وتجهيزها بالكتب المناسبة وتشجيع القراءة في المدارس، بتخصيص حصة أسبوعية للقراءة ضمن جدول الحصص الأسبوعية ومنح جوائز للطلاب المبرزين في القراءة والمناقشة.
8) إقامة حملة وطنية منتظمة من أجل القراءة تقودها وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب والنشر والتوزيع، واتحاد الناشرين اليمنيين تشمل إقامة فعاليات خاصة لتنمية القراءة مثل أسابيع القراءة، وإشراك وسائل الإعلام والوسائط السمعية والبصرية في إنجاحها.
9) الاهتمام بتحسين أوضاع المؤلفين وحماية حقوقهم الفكرية، ووضع التشريعات الخاصة بالتفرغ للعمل الفكري والإبداعي.
10) إقامة المؤتمرات والندوات حول الإنتاج الأدبي والفكري.
11) الترويج للكتاب ووضع برامج إعلامية لعرض الكتُب ومناقشة محتوياتها.
12) إضفاء الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي للمكتبة الوطنية؛ وتدار من مجلس أمناء يتمتع بالاستقلالية الكاملة لاتخاذ القرار.
13) تدعيم مشاركة الكتاب اليمني في المعارض الدولية.
14) إيجاد آلية لنشر وتوزيع الكتاب، تغني المؤلف عن البيع بأسعار تشجيعية.
15) إقامة نوادي وجمعيات القراءة، ودعمها بالكتب والبرامج.
16) تطوير مناهج التدريس والاهتمام بتنمية القراءة، وتشجيع الفكر النقدي المستقل واختيار نصوص القراءة والأدب بصورة جاذبة ومحفزة للمطالعة.
17) التأكيد على مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص المعني بالشأن الثقافي، ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالشأن الثقافي.
18) توحيد جهات الإشراف على عمل المؤسسات الثقافية، منعاً للازدواجية .
19) تهيئة البيئة والمحفزات لتشجيع القطاع الخاص على تبني المشاريع الثقافية.
20) إعفاء مدخلات صناعة الكتاب من الضريبة والرسوم الجمركية، وأي رسوم أخرى بناءً على آلية تربط ما يتم استيراده من مدخلات، وما يطبع من كتب.
21) تخفيض أسعار البريد والشحن لتسهيل تصدير الكتب اليمني.
22) إنشاء شركة مساهمة (قطاع مختلط) لتوزيع الكتاب داخل اليمن وخارجه، وتؤسس لمنافذ توزيع ثابتة ودائمة في المدن الرئيسية، في اليمن ومعارض متنقلة في المديريات وتكون لها الشخصية الاعتبارية المستقلة والاستقلال المالي والإداري كمشروع استثماري استراتيجي بعيد المدى.
23) منح مساحة مجانية في معارض الكتاب التي تقام في اليمن للكتاب اليمني الذي يتم إنتاجه خلال دورتي المعرض؛ تخصص لعرض الكتاب اليمني، المؤلف والمطبوع داخل اليمن.
24) الاشتراك بجناح للجمهورية اليمنية في معارض الكتاب الخارجية بحيث تتحمل الدولة تكاليف إيجار جناح المشاركة ويتحمل الناشرون تكاليف النقل الجوي أو البري أو البحري لنقل الكتب.
25) الإسراع في إنشاء الهيئة الوطنية لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة؛ تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة وتضم في عضويتها ممثلين عن أصحاب الحقوق.
26) تنفيذ مشروع الحملة الوطنية للتوعية بحق المؤلف والحقوق المجاورة بمشاركة الجهات ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني.
27) تخصيص مساحات زمنية في ساعات البث التلفزيوني والإذاعي للكتابات الإبداعية اليمنية، والتعريف بالكتاب اليمني.
28) تخصيص الساحة المقابلة لوزارة الثقافة للفعاليات الثقافية والكتاب وبشكلٍ دائم.
29) العمل على إقرار بدل مخاطر للعاملين في المكتبات .
الكتاب في ظل العدوان
العدوان على اليمن لم يقتصر ضرره على البنية التحتية للمنشآت بل وصل إلى أبعد مدى من الهمجية والغطرسة ، فقد نال الكتاب من ويلات هذه الحرب قسطاً كبيرا من الضرر إذ هدم العدوان عدداً من المكتبات في كثير من المحافظات منها ما كان الضرر كلياً مثل مكتبة حجة ، وعتمة ، ومنها ما كان جزئياً مثل مكتبة باديب ومكتبة أبين وذمار وصعدة، والحديدة ، وذمار، ولحج وبيت الثقافة بالحديدة ،والمكتبة السلطانية بالمكلا، ومكتبة الطفل بالمكلا، وبنسبٍ متفاوتة. وهذه الأضرار أدت إلى إغلاق المكتبات لفترات ليست بالقصيرة ، هروباً من ذعر الحرب، وألماً من أثر العدوان الغاشم على مقدرات شعبنا اليمني العظيم، وفي كل الحالات فقد تضرر الكتاب من هذه الحرب تضرراً مباشراً وغير مباشر ، أما التضرر المباشر فقد تمثل بهدم مباني المكتبات أو تحطم شبابيكها ، وتشقق مبانيها نتيجة القصف المباشر والقريب منها ، وأما غير المباشر وهو الأكثر ألماً والأنكى من سابقه ويتمثل بإصابة القارئ للكتاب في مصدر عيشه، وشغله في أمور يومية تعد مقومات حياته وهي في الوقت الراهن أهم من اهتمامه بالكتاب ، والقراءة والاعتناء بأمور الثقافة والتثقِّف ، إذ عزف الكثير من الدارسين عن مواصلة دراساتهم الأكاديمية ، وتراجعت القراءة إلى حدودها الدنيا، أما بسبب الحالة النفسية السيئة التي تركتها الحرب في نفوس الناس ، أو بسبب الحالة المادية التي لم تعد قادرة على مواجهة تكاليف الدراسات الأكاديمية بعامة ، والدراسات العليا بخاصة، التي لم تعد الجامعات منذ 2011م قادرة على دفع التزاماتها المقررة في العرف الأكاديمي ، ولا حتى الجهات الحكومية غير قادرة على دفع تلك الرسوم لمنتسبيها ،وأصبح الطالب هو الذي يتحمل كل تلك المصاريف على حسابه الشخصي ومن راتبه، وهو عبء إضافي عليه إلى جانب المتطلبات الدراسية .
ومن كوارث الحرب على الكتاب تعطيل كل الأنشطة التي تروج للكتاب وتحتفي به ومنها معارض الكتاب الدولية والمحلية ، فقد مُنع الكتاب اليمني من المشاركة في معارض الكتاب الدولي في البلدان التي نظمته خلال الأعوام المنصرمة من الحرب ، وكذلك عدم استطاعة اليمن على تنظيم المعرض الدولي للكتاب ، وكذلك المعرض المحلية التي كانت تنظم بشكل مستمر في كثير من أشهر العام الواحد في العاصمة والمحافظات .
* تصوير/ حامد فؤاد

قد يعجبك ايضا