مآسي “الروهنجيا ” الانسانية والكذب الدولي

الثورة نت/ وكالات

أن تداعيات الإنتهاك الممنهج والواسع للحقوق الأساسية لمسلمي الروهنجيا وحرمانهم من منحهم حق الجنسية والمواطنة في المجتمع الذي ينتمون إليه لقرون، وكذلك إرغامهم على ترك بيوتهم، يمكن أن يترك تداعيات ونتائج غير مرجوة على السلام والإستقرار في ميانمار وكذلك البلدان الجارة وفي المنطقة.

ففي رسالة لوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوترش ، “نحن قلقون من تفاقم أوضاع مسلمي الروهينجا في ميانمار، ونطالب بتدخلكم للوقف العاجل حقوق هؤلاء المسلمين وايصال المساعدات الإنسانية إلي المناطق المنكوبة من دون أي عائق”.

وأضاف ظريف أن تداعيات الإنتهاك الممنهج والواسع للحقوق الأساسية لمسلمي الروهينجا وحرمانهم من منحهم حق الجنسية والمواطنة في المجتمع الذي ينتمون إليه لقرون، وكذلك إرغامهم على ترك بيوتهم، يمكن أن يترك تداعيات ونتائج غير مرجوة على السلام والإستقرار في ميانمار وكذلك البلدان الجارة وفي المنطقة.

من جهة اخرى أعلنت الأمم المتحدة، أن مبعوثتها لحقوق الإنسان في ميانمار يانغهي لي، ستحقق في تصاعد العنف هناك بما في ذلك في القمع العسكري ضد أقلية الروهينغا المسلمة.

وذكرت الأمم المتحدة أن المقررة الأممية الخاصة يانغهي لي ستبدأ الاثنين المقبل زيارة إلى بورما لمدة 12 يوما تتوجه خلالها إلى ولاية كاشين حيث تجري مواجهات بين المتمردين والجيش أدت الى تشريد الآلاف.

وتشكك الاشتباكات العنيفة بين الجيش البورمي والأقليات الإثنية بصحة وعود رئيسة الحكومة اونغ سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بإحلال السلام في البلاد في أعقاب وصول حزبها إلى الحكومة في مارس / آذار الماضي.

وتواجه سو تشي كذلك انتقادات دولية قوية لإخفاقها في وقف حملة القمع العسكري المستمرة منذ أشهر ضد الروهينغا في ولاية راخين الشمالية.

وفر منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 50 ألف مسلم من الروهينغا من ولاية راخين إلى بنغلادش مع تقدم الجيش البورمي الذي نفذ عملية في شمال شرق البلاد ردا على مهاجمة مجموعات مسلحة مراكز حدودية.

وبعد وصولهم إلى بنغلادش تحدث اللاجئون عن تجاوزات ارتكبها الجيش تتضمن أعمال اغتصاب جماعية وقتل وتعذيب.

وأدانت السيدة لي، الحملة ووصفتها بانها “غير مقبولة” ودعت إلى التحقيق في التجاوزات بحق المدنيين على الرغم من نفي الجيش لذلك بشدة.

وقالت المبعوثة الدولية: “لقد اثبتت الأشهر القليلة الماضية أنه يجب على المجتمع الدولي أن يبقى يقظا في مراقبة وضع حقوق الإنسان هناك”.

ولكن ممثلة الأمم المتحدة تعرضت خلال زياراتها السابقة لتظاهرات وتهديدات بسبب انتقاداتها لمعاملة أقلية الروهينغا في ميانمار حيث غالبية السكان من البوذيين- على سبيل المثال وصفها الراهب البوذي المتشدد ويراثو” بالمومس” لانتقادها قوانين تبخس حقوق الأقليات والنساء.

وتشهد بورما تصاعدا في التشدد الديني البوذي، واضطهادا لاقلية الروهينغا التي تعتبرها الأمم المتحدة الأقلية الاكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. وتعتبر سلطات ميانمار، مسلمي الروهينغا، بمثابة الأجانب وتفرض عليهم القيود في التنقل ولا يمكنهم الحصول على الرعاية الصحية والتعليم.

وفي تكرار لمشهد الطفل السوري “إيلان الكردي” نشرت شبكة “سي.إن.إن” الأمريكية صورة لطفل من طائفة “الروهينجا” المسلمة في ميانمار بعد أن لقي حتفه غرقاً خلال محاولة عائلته الفرار من الاضطهاد في بلادهم.

وبحسب تقرير “سي.إن.إن” فإن الطفل الذي يدعى “محمد شوهيت” يبلغ من العمر 16 شهراً، وقد حاولت أسرته الفرار من منزلهم بولاية “راخين” إلى بنغلاديش هرباً من الاضطهاد.

وقال زافور علام والد “محمد شوهيت” الذي لقي حتفه غرقاً مع أمه وأخيه وعمه وهم يحاولون عبور نهر “ناف” عندما غرق القارب الذي كان يقلهم: “عندما رأيت الصورة شعرت أنني أريد الموت بدلاً منه.. لا رغبة لدي للعيش في هذا العالم”.

وناشد والد الطفل الرضيع الذي عُثر عليه ميتاً وملقى على وجهه في الطين، العالم بالنظر إلى محنتهم والمأزق الذي يواجهونه.

وقال علام: “في قريتنا، كانت طائرات الهليكوبتر تطلق الرصاص علينا، وجنود ميانمار يفتحون النار علينا، وجدي وجدتي حرقا أحياء، كما أُحرقت قريتنا بأكملها على يد الجيش، ولم يبق أي شيء”.

وأضاف: “أريد لكل العالم أن يعرف، لا ينبغي أن تُمهل حكومة ميانمار إلى مزيد من الوقت، إن استغرقتم الوقت لفعل شيء سيقتلون جميع أبناء الروهينجا”.

وصورة الطفل الذي جرفته المياه إلى ضفة النهر ملقياً على الوجه أعادت إلى الأذهان صورة الطفل السوري “إيلان” الذي لقي حتفه غرقاً مع أمه وأخيه قبالة السواحل التركية في أيلول/سبتمبر 2015 خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى أوروبا للفرار من النزاع في سوريا.

ورغم اختلاف نوع الصراعات التي تودي بحياة أولئك الأطفال، إلاّ أن الحقيقة واحدة وهو أن العنف يزهق أرواح بريئة ويدفع عائلات آمنة للمخاطرة بحياتها.

وقد حوصر أكثر من 120 ألفاً من “الروهينجا” في معسكرات المهجرين البائسة منذ اندلاع العنف عام 2012 في ولاية راخين، حيث يحرمون من حقوق المواطنة والرعاية الصحية والتعليم، إلى جانب ما يتعرضون له من حرق للممتلكات والاعتقال غير القانوني والاغتصاب والتعذيب والتي تصل إلى التطهير العرقي وتعد جرائم ضد الإنسانية.

وعلى الرغم من مئات الدعوات الدولية لوقف المجازر بحق المسلمين في ميانمار إلا أن حكومة هذا البلد لاتعبأ بدعوات الأمم المتحدة وباقي المنظمات الدولية.

وفي الأسبوع المنصرم عرض فيديو لشرطة ميانمار وهم يضربون المدنيين من الروهينجا في ولاية “راخين”. ويظهر الفيديو جزءاً بسيطاً مما يتعرض له المسلمون على يد الشرطة في ميانمار. ونتيجة الانتشار الواسع الذي حظي به هذا الفيديو اضطرت حكومة ميانمار إلى الإعلان عن فتح تحقيق بهذا الشأن.

وتؤكد تقارير عديدة وقوع انتهاكات ضد “الروهينجا”، فيما يرى الكثير من المراقبين بأن تصرفات الدولة تجاههم تصل إلى حد التطهير العرقي. كما تتهم العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية جيش ميانمار بتنفيذ عمليات قتل جماعي ونهب واغتصاب بحق هذه الطائفة.

وميانمار التي تعرف أيضاً بـ “بورما” هي إحدى دول جنوب شرق آسيا. و”الروهينجا” هم الطائفة الثانية بعد “البورمان”، ويمثلون 4% من سكان بورما البالغ عددهم أكثر من 50 مليون نسمة. ويُعدّ المسلمون من أفقر الجاليات في هذا البلد.

جدير بالذكر أن ميانمار أصبحت مستعمرة بريطانية في أواخر القرن الـ19 ولكنها استعادت استقلالها وسيادتها في الـ4 من يناير عام 1948.

قد يعجبك ايضا