هذا ما يريده السوريون

هشام الهبيشان
في الوقت الذي كثر فيه الحديث والتأويلات والتكهنات خلال الأيام والساعات الماضية عن مصير التفاهمات الروسية – التركية   التي تمت على وقع ما جرى بالميدان السوري وخصوصاً بحلب المدينة ،والتدخل التركي الأخير ببلدة “الباب” في ريف حلب الشمالي الشرقي،يقرأ البعض أن التفاهمات الروسية– التركية حول رسم معالم نهاية الحرب على سوريا لم تصل الآن لدرجة التفاهم المشترك بين غالبية القوى المنخرطة بالحرب على الدولة السورية ،بينما يقرأ البعض الآخر أنها قد نضجت إلى حد ما ،وتنتظر موافقة القوى الدولية والإقليمية والمحلية عليها،لخروجها إلى العلن ،لترى النور ،ليصار إلى تطبيق مضامينها على أرض الواقع ،لتكسب المصداقية والواقعية.
وتزامن هذا الحديث مع مجموعة من التاؤيلات والتكهنات والأحاديث عن مستقبل الرئيس الأسد ،مع العلم أن “الأسد هو الرئيس الشرعي لسوريا لغاية انتهاء ولايته عام 2021م? فالشعب هو من منحه الشرعية في 3حزيران 2014م، والشعب هو الوحيد الذي بمقدوره ان يسحب هذه الشرعية “،وبخصوص ما تسرب حول هذه التفاهمات الروسية – التركية بشقها السياسي فبرز واضحا أنها تسعى لتشكيل حكومة تمثل أطيافاً واسعة من القوى الوطنية السورية،والاستعداد لإجراء بعض الإصلاحات الدستورية والسياسية بالداخل السوري، مع علم الأمريكان واطلاعهم على معظم هذه التفاهمات .
وهنا يجدر التنويه ان التفاهمات الروسية – التركية مازالت حبيسة الأدراج والمناقشات والمشاورات والتي لم يظهر للعلن بعد أنه تم التوافق عليها من جميع الأطراف والقوى المعنية بهذه التفاهمات .
الدولة السورية بدورها لغاية الآن لم تدل بأي تصريح حول طبيعة التفاهمات الروسية – التركية ،والسبب في ذلك ان التفاهمات حولها  لازالت قيد البحث ولم يتم تفعيلها والتوافق عليها ،ولذلك فالدولة السورية وبالشراكة مع بعض حلفائها تسعى بقدر الممكن والمتاح للتصدي لمسارات وفصول هذه الحرب التي تستهدفها منذ ما يزيد على خمسة أعوام ،ولذلك بدأت العمل على مسار متكامل مع شركائها وحلفائها لوضع حد لمسارات هذه الحرب، وبما أن الحرب اعتمدت منذ بدايتها على مسار العسكرة والضغط الميداني،فلا حل لها إلا بالميدان ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة الإرهابية والمتحالف معهما من باقي المجاميع المسلحة،هكذا يجمع معظم السوريين وحلفاء سوريا.
وعند الحديث عن الميدان السوري ،يمكن القول ،إن قراءة المشهد الميداني ،ينبئ مستقبلا بقلب كامل المعادلة العسكرية والميدانية على الأرض السورية لصالح الجيش العربي السوري ،وبعيدا عن التفاهمات الروسية – التركية،يمكن القول إن سوريا اليوم وبالشراكة مع بعض حلفائها تنتظر إعلان ساعة الصفر،لانطلاق مشروع سوريا الأكبر لتحرير سوريا، كل سوريا من جميع مظاهر التمرد المسلح،وإيقاف عجلة الفوضى التي بدأت تتمدد داخل الدولة السورية ،ومع علمنا أن هذه المعركة طويلة وتحتاج لتضحيات كبيرة نوعا ما ،ولكن لا بد منها،هكذا يجمع معظم السوريين ،فهي الخلاص لتحرير وطنهم ،والانتصار في هذه الحرب التي تستهدف سوريا، كل سوريا .
ختاماً، إنّ صمود سوريا اليوم عسكرياً، ودعم حلفائها لها عسكريآ واقتصادياً ، وتوسّع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء في الهجمة الأخيرة على سوريا، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا وبعيدا عن مضامين التفاهمات الروسية- التركية،  ليس أمام الحلف المعادي للدولة السورية اليوم، ومهما طالت معركتهم وحربهم على سوريا، إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سوريا، والمطلوب منهم اليوم الاستعداد والتحضير لتحمّل كلّ تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلاً.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن  .
hesham.habeshan@yahoo.com

قد يعجبك ايضا