مستقبل الحرب على الإرهاب

عبدالله علي صبري
* منذ الانعطافة الأكبر في الحرب على الإرهاب التي قادتها أمريكا بعيد أحداث 11 سبتمبر، واستغلتها فأرهبت العالم هي الأخرى، وسطت على ثروات عدد من الدول واحتلت بعضا منها، لا يزال الإرهاب شبحاً يتهدد الأمن والسلم الدوليين.
وإذ تعيش كثير من دول العالم حالة استنفار مع احتفالات أعياد الميلاد، فالمؤسف أن الإجراءات الاحترازية تنصب حول المسلمين في الدول الغربية وبالأخص في أوساط النازحين، الذين فروا من جحيم يستعر في أوطانهم، فوجدوا أنفسهم ملاحقين بالكراهية بسبب الربط بين الإرهاب والإسلام والجماعات (الإسلامية).
لم تنجح الجهود التي حاولت أن تفك الارتباط بين المجرم وهويته الدينية، ذلك لأن غالبية الأعمال الإرهابية تأتي متبوعة ببيان ينسب لتنظيمات ترفع الراية الإسلامية، فيما الإسلام منها براء.
القاعدة ثم داعش كلاهما تنظيمان أفسدا التدين، وحملا للعالم مشاريع ظلامية هي على الضد تماما من رحمة الإسلام وعالميته، ومع ذلك يحظيان بجمهور عريض في عالمنا العربي والإسلامي وفي أوساط الشباب الذين تلوثت أدمغتهم بأفكار دينية متطرفة لا ترى في العالم سوى فسطاطين، يجب أن يستأصل احدهما الآخر بزعم أن فسطاط الحق لا يمكن أن يتعايش مع فسطاط الباطل.
ومع أن الأيادي المخابراتية هي من تقف خلف مثل هذه الجماعات، إلا أن البذور الفكرية لأصحابها وعناصرها، تجعل من العالم كله وبكل فئاته، مسرحا لما يسمونه بـ (الإدارة المتوحشة )، مع مفارقة عجيبة تضع علامة سؤال كبيرة حول موقف هذه الجماعات من إسرائيل، وكيف أنها لم تستهدف الكيان الصهيوني بأية عملية انتحارية!!!
استخدمت أمريكا هذه المجاميع في الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتي، ثم سرعان ما أصبحت أمريكا نفسها هدفا لتنظيم القاعدة. واستخدمت تركيا داعش في الحرب على سوريا، لكنها هي الأخرى تتعرض منذ فتره لضربات إرهابية متوالية.
في اليمن وتحديدا في الجنوب استخدمت السعودية ومرتزقتها القاعدة ومكنت عناصرها من محافظة حضرموت مع الأيام الأولى للعدوان على اليمن، غير أن عدن ظلت مسرحاً لتفجيرات إرهابية متصلة بالقاعدة وداعش.. وما تزال الأيام حبلى بما هو أنكى، نظرا للحالة الأمنية والتدخلات الخارجية في اليمن.
في الشق الإيجابي نستطيع القول أن اللجان الشعبية وضعت حدا كبيرا لنشاط التنظيمات الإرهابية وخاصة في المحافظات التي لم تسمح للمرتزقة بإدارتها، وفي عز نشاط الجماعات الإرهابية شهدت العاصمة صنعاء فعاليات حاشدة وسط حس أمني كبير وضع حدا للتفجيرات والاغتيالات. وهو ما يؤكد أن عناصر هذه التنظيمات ليست عصية على الانكسار والتلاشي، ولعل النجاح في اليمن كان ملهما لكل من العراق وسوريا، فانتصرت حلب ضد الإرهاب، وقريبا تنتصر الموصل.
لكن بكل القراءات، فإن الحرب على الإرهاب لا تزال في بدايتها، وما يزال العنصر الحاسم فيها مغيبا، فالإرهاب يستند في الأصل إلى فكر ديني متطرف يتدثر بعباءة الإسلام، وهذا الفكر متصل على نحو وثيق بالدعوة الوهابية وبالنظام السعودي، ولا يمكن دحره إلا بالفكر المستنير والمعتدل، الذى جرى تغييبه ردحا من الزمن.
لتكن معركتنا مع الإرهاب فكرية بالمقام الأول، إن شئنا دوام الأمن والاستقرار لنا وللعالم، وبدون ذلك فإن لعبة الحرب على الإرهاب ستستمر لخدمة أجندة الدول الكبرى ، وسيبقى العالم العربي المسرح الكبير لهذه اللعبة الدامية والوقحة.
Abdullah.sabry@gmail.com

قد يعجبك ايضا