المؤامرة.. عرب الخليج يحققون أحلام بن غوريون

*تصدير النفط والغاز العربي سيمر عبر اسرائيل والسيادة السعودية على تيران وصنافير خطوة أولى لاستهداف مصر
*مصر الخاسر الأكبر والأمـن الـقـومـي الـعـربـي فـي خـطـر..!!
*دول الخليج حولت العدو الإسرائيلي إلى حليف سياسي وشريك اقتصادي وجغرافي
*قنوات البحار.. حلم إسرائيلي تجتهد السعودية من أجل تحقيقه
قراءة وتحليل/ عادل عبدالإله العصار

(رؤية أولى)
قبل عدة أشهر أعلنت مصر الانتهاء من صنع معجزة جديدة وإنجاز آخر يضاف إلى قائمة الإنجازات التي حققها الشعب المصري قديماً وحديثا .. الإعلان تمثل في افتتاح قناة السويس الثانية الموازية للقناة الأولى التي تربط البحرين الأحمر والمتوسط.
لكن ورغم أن مشروع القناة الجديدة سيمكن مصر من حل الكثير من المشاكل والصعوبات التي كانت تواجه العملية الملاحية في قناة السويس وتسعى من خلال هذا المشروع لإنهاء الحلم الإسرائيلي في شق قناة ملاحية أخرى عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة تربط البحر الأحمر (خليج العقبة) بالبحر الأبيض لتنافس قناة السويس المصرية, إلا أن مثل هذه الافتراضات التي تأمل الحكومة المصرية من ورائها إطفاء جذوة الحلم الإسرائيلي لا تبدو مجدية حتى وإن ذهبت الحكومة المصرية لشق قناة بعرض مئات الأمتار وبعمق البحر الأحمر ليس لشيء وإنما لأن استهداف مصر لم يعد هدفاً إسرائيلياً، وحلمها القديم لم تعد تملكه إسرائيل وحدها..
سيناريوهات إسرائيل في استهداف مصر والأمة العربية -بشكل عام- أصبحت تتقاسمه اليوم مع دول عربية، تتشارك معها الكثير من المصالح والتي بلغت حد مشاركة إسرائيل حلمها في شق قناة إسرائيل البديلة لقناة السويس..
قد يتساءل البعض عن عدم إقدام إسرائيل على تنفيذ مشروعها المتمثل في شق قناة تربط البحر الأبيض بخليج العقبة عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة ولماذا لم تقم بتنفيذه منذ سنوات طويلة؟
هل عجزت إسرائيل عن توفير التمويل اللازم لمثل هذا المشروع؟!
وهل فشلت في إيجاد شركاء دوليين؟! أم أنها تخشى ردة الفعل المصري والعربي تجاه مثل هذا المشروع الذي سيكون بمثابة إعلان الحرب على مصر والقومية العربية…؟
قد تبدو مثل هذه التساؤلات منطقية لحد ما, إلا أنها تظل بعيدة كل البعد عن الحقيقة ولم تكن ولن تكون سبباً يحول دون تحقيق الحلم الإسرائيلي على الإطلاق لأن اسرائيل تدرك أن قيامها بتنفيذ المشروع سواءً منفردة أو مع شركاء دوليين لن يحقق الجدوى الاقتصادية والسياسية من المشروع للأسباب التالية:
– تنفيذ المشروع مع شركاء عالميين من خارج المنطقة سيؤدي إلى فشل المشروع ويحوله إلى مشروع معادٍ للمنطقة أي مشروع إسرائيلي..
– يعتبر النفط شريان الاقتصاد العالمي وباعتبار النفط العربي أهم سلعة تمر عبر البحر الأحمر فإن تنفيذ المشروع إسرائيلياً وبدون شركاء عرب سيؤدي إلى مقاطعة عربية ضد ممر إسرائيل المائي والذي سينظر إليه العرب كخطر يهدد الأمن القومي العربي.
ولهذه الأسباب وغيرها اجتهدت اسرائيل وسعت من خلال هذا المشروع لإيجاد شركاء من المنطقة العربية وخاصة الدول المنتجة للنفط، وهو ما تحقق لها بالفعل، وبحصولها على هذا النوع من الشركاء ستتمكن من انتزاع اعتراف عربي بوجودها في المنطقة ككيان سياسي وشريك اقتصادي وجار جغرافي لا يمكن الاستغناء عنه، وهنا يمكننا القول أنها نجحت في ما أرادته وتمكنت من تأسيس علاقات اقتصادية في ما بينها وبين بعض الدول العربية المنتجة للنفط وحققت ما لم تستطع تحقيقه على طاولة المفاوضات السياسية.
القناة العبرو خليجية
بعد إعلان مصر البدء بتدشين مشروعها الجديد المتمثل بشق قناة السويس الثانية أعلنت إسرائيل والأردن تدشين المرحلة الأولى لقناة البحرين والمتمثلة بشق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميت لكن وبعيداً عن الأسباب والمبررات التي تقف وراء شق القناة والتي قيل أنها لتغذية البحر الميت بالمياه المالحة وإنقاذه من خطر الجفاف تبرز الكثير من التساؤلات الجوهرية:
– كيف ستتمكن دولة كالأردن -يعتمد اقتصادها على المساعدات- تمويل حصتها في المشروع الذي تبلغ تكلفته الأولية عشرة مليارات دولار؟.
– ما هو العائد الاقتصادي الذي يدفع بلد, يفتقر للموارد المالية كالأردن للمشاركة في مثل هذا المشروع الذي سيكلفها المليارات؟ وهل يوجد خطر يتهدد البحر الميت يستدعي شق قناة لإنقاذه وإنقاذ الأردن؟
– ما هي الدوافع الحقيقية التي دفعت الأردن لخوض مثل هذه المغامرة الاقتصادية التي قد تؤدي إلى انهيار ومعاناة اقتصادها لعشرات السنين؟
– أما السؤال الأهم والأخطر فهو: لماذا تم استبعاد السلطة الفلسطينية ولم يتم إشراكها في التوقيع على المشروع..؟؟
إذا ما توقفنا للإجابة على هذه التساؤلات سنكتشف الكثير من الحقائق التي تجتهد إسرائيل وشركاؤها العرب في إخفائها، فإذا ما راجعنا واقع ما تعيشه المنطقة من تداعيات سياسية واقتصادية يمكننا التوصل لبعض الحقائق التي تفيد بأن الأردن ليست سوى مندوبا وشريكا صورياً يمثل اقتصاديات كبيرة هي الشريك الحقيقي لإسرائيل في المشروع بل والممول الأبرز، إن لم نقل أنها هي الممول الكلي للمشروع والذي تسعى من خلاله لتحقيق الكثير من المكاسب السياسية والاقتصادية، وهذه الاقتصاديات هي الاقتصاديات الخليجية ممثلة في السعودية وقطر والإمارات…
وبمراجعة المواقف والأحداث السياسية لهذه الدول سنكتشف أن اسرائيل لم تعد كياناً صهيونياً غاصباً في المفهوم السياسي والاقتصادي للكثير من الدول العربية سواءً دول الطوق كالأردن أو دول الخليج أو بعض الدول العربية الأخرى والتي أصبحت تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية بلغت حد الشراكة مع إسرائيل.
اتفاقيات سرية..
وباستثناء اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واتفاقية وادي عربة بين الأردن واسرائيل كاتفاقيتين فرضتهما ظروف الواقع السياسي والعسكري، إلا أننا سنكتشف أن دولاً عربية أخرى قامت بإبرام اتفاقيات سياسية واقتصادية معلنة وسرية مع إسرائيل، أدت في مجملها إلى بناء علاقات اقتصادية وتقارب سياسي كبير، وأبرز هذه العلاقات علاقات دولة قطر بإسرائيل والتي انتهت بفتح مكتب تمثيل تجاري لاسرائيل في الدوحة.
وباعتبار قطر إحدى دول منظومة مجلس التعاون الخليجي فإن دولة قطر لا تمثل نفسها فقط في أي تقارب مع إسرائيل وإنما تمثل كل دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي ما يزال وجود الحرمين الشريفين في أراضيها يشكل لها حرجاً كبيراً أمام العالم الإسلامي ويحول بينها وبين الإعلان عن اتفاقياتها السرية مع اسرائيل وإخراجها إلى العلن وهو الإحراج الذي لم تشعر به الحكومة الاسرائيلية التي أكدت بعد الإعلان عن تشكيل تحالف عربي للعدوان على اليمن دعمها لهذا التحالف -الذي اعتبرته تحالفا ضد إيران- وأكدت كذلك أن هذا التحالف لا يشكل تهديداً لأمن إسرائيل وأن مصالحها مع السعودية قوية ومتينة وتاريخية..
….ومن كل ذلك يتضح لنا جليا أن دول الخليج العربي هي الشريك الرئيسي وغير المعلن لإسرائيل والممول لمشروعها الاقتصادي الكبير المتمثل في قنوات البحار أو القنوات العبر وعربية التي وقعت مع الأردن اتقافية تدشين أولاها والمتمثلة بربط البحر الأحمر مع البحر الميت كمرحلة أولى..
قد يطرح البعض تساؤلاً مفاده:
لماذا تفعل دول الخليج ذلك؟ وما هو المردود الاقتصادي لها من وراء هذا المشروع..؟
الإجابة على هذا التساؤل يمكن معرفتها عندما تبدأ المرحلة الثانية من المشروع والتي تتمثل في شق القناة الثانية لربط البحر الميت بالبحر الأبيض عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة (أراضي الكيان الصهيوني الغاصب) والتي سيترافق مع شقها بناء موانئ لتصدير النفط والغاز العربي في البحر الميت بعد أن يتم ربطه مع آبار الإنتاج الخليجية بأنابيب عبر الأراضي السعودية والأردنية.
قناة البحار.. المرحلة الثانية
المرحلة الثانية من المشروع العبر وعربي أو العبر وخليجي تتمثل في الآتي:
1 – شق قناة ثانية تربط البحر الميت بالبحر الأبيض عبر أراضي الضفة الغربية في فلسطين المحتلة..
2 – شق قناة ثالثة تربط البحر الميت بالبحر الأبيض عبر صحراء النقب وبمحاذاة قطاع غزة.. 3 – بناء الموانئ والصهاريج وتأهيل شواطئ البحر الميت لاستقبال النفط والغاز العربي ليصبح البحر الميت أكبر وأضخم موانئ تصدير النفط والغاز في العالم..
4 – ربط البحر الميت بأكبر شبكة أنابيب مع آبار الإنتاج في الخليج لنقل النفط والغاز الذي تنتجه دول الخليج العربي.
الهروب من إيران
إذن , ما هي الدوافع التي تدعو دول الخليج لفعل كل هذا؟
الإجابة بسيطة جداً..الهروب من إيران.. وباعتبار دول الخليج المنتج والمزود الأول لاحتياجات العالم من النفط والغاز وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فإن ظهور إيران كقوة عسكرية واقتصادية في منطقة الخليج أصبحت تشكل تهديداً لمستقبل الطاقة كما تتوهم دول الخليج -أو كما أرادوا لها أن تتوهم- وباعتماد دول الخليج على موانئها في الخليج العربي فإن نشوب أي صراع مع إيران ستكون نتائجه كارثية على الاقتصاد الخليجي والعالمي خاصة وأن إيران تمتلك اليد الطولي في الخليج العربي وتسيطر على مضيق هرمز كبوابة وحيدة لمياه الخليج ويصعب تجاوزها وهذا هو السبب الأول كما أرادت اسرائيل والغرب إقناع دول الخليج..
أما السبب الثاني, وهو الأهم فيتمثل في اختصار المسافة والوقت وخفض تكاليف نقل النفط والغاز، وبدلاً من أن يقطع النفط آلاف الكيلومترات عبر مياه الخليج ثم البحر العربي ثم البحر الأحمر على ظهر الناقلات العملاقة سيتم نقله عبر الأراضي السعودية من خلال الأنابيب وفي مدة ومسافة قصيرتين وتكاليف زهيدة.
الخلاصة
من خلال هذه الرؤية الأولى يمكننا الخروج بالحصيلة التالية..
1 – قناة البحرين الإسرائيلية قناة عبر وعربية..
2 – دول الخليج العربية الشريك والممول الأكبر للقناة.
3 – تصدير النفط العربي سيتم عبر اسرائيل.
4 – مصر الخاسر الأكبر من مشروع قنوات البحار والقصور السياسي للحكومة المصرية يؤكد أن مصر تشارك دول الخليج في تدمير اقتصاد مصر..
5 – استبعاد السلطة الفلسطينية من المشروع يؤكد انعدام الوجود السياسي للدولة الفلسطينية في المستقبل..
6- لإنشاء مثل هذا المشروع وإخراجه إلى حيز الوجود كان لا بد من ربيع عربي للقضاء على دول الممانعة وإسقاط الجيوش العربية..
7- الحرب التي تديرها وتمولها دول الخليج ضد سوريا تستهدف إسقاط النظام والجيش السوري الذي سيشكل تهديدا لمشروع البحر الميت وقنوات البحار العبروخليجية..
8- مساعي السعودية للاستيلاء على جزيرتي تيران وصنافير خطوة استباقية للسيطرة على مضيق تيران “انتربرايز“ وكبح جماح مصر وشل يدها في مدخل خليج العقبة والساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء بشكل عام…
في الرؤية الثانية, سنتناول الكثير من النقاط المتعلقة بالمؤامرة التي تحرص السعودية وملحقاتها في الخليج على تمريرها وتجتهد من خلالها لتحقيق أحلام بن غوريون وأحلام إسرائيل بشكل عام..

قد يعجبك ايضا