إنجازات سياسية تواكب الانتصارات الميدانية

صارم الدين مفضل
بعد مرور أكثر من عام ونصف على العدوان السعودي الأمريكي وفشله في تحقيق أي إنجاز حقيقي على الأرض، وتكبده لخسائر مادية مهولة وصلت لمئات المليارات من الدولارات، وتمريغ أنوف جنوده ومرتزقته في التراب إثر تلقيهم للكثير من الضربات الخاطفة التي حصدت المئات من ضباط وجنود وقادة الصفوة في الجيش السعودي والإماراتي ومرتزقة البلاك ووتر وغيرهم من سودانيين وسنغال وحتى إسرائيليين.
وبعد الإعلان عن فشل مفاوضات الكويت، جاء الاتفاق السياسي الموقع بين المكونات الوطنية المناوئة للعدوان نهاية يوليو الماضي، ومباركة وتأييد أبناء الشعب اليمني له؛ لينعكس إيجابا على الروح المعنوية لأفراد الجيش واللجان الشعبية ويضاعف من عزيمتهم وقوة أدائهم وضرب الجنود السعوديين في معاقلهم والسيطرة على مواقع ونقاط جديدة فيما وراء الحدود.
القوة الصاروخية من جهتها عززت هي الأخرى من فاعليتها وأثبتت قدرتها على الوصول بصواريخها المطورة محليا إلى مدى أبعد مما كانت قد وصلت إليه في السابق، وكانت محطتها -غير الأخيرة كما يبدو- في مطار أبها الاقليمي بمنطقة عسير الذي ضربه صاروخ باليستي من نوع زلزال3.
في الاتجاه المقابل زادت الاتفاقات والقرارات السياسية الأخيرة التي اتخذها اليمنيون من حدة التوتر والإرباك والخلاف داخل دول تحالف العدوان، خصوصا بعد كل الانكسارات والهزائم العسكرية التي تلقوها في ميادين المواجهة بمختلف الجبهات، فكان التراجع الأمريكي واضحا لصالح ادوار أخرى ولاعبين جدد في مقدمتهم العراق وروسيا وقريبا إيران وعمان والجزائر ودول أخرى.
مصر العربية هي الأخرى أرسلت بالأمس -بصورة أو بأخرى- برقية سياسية عاجلة مفادها لم يعد التدخل العسكري في اليمن مجديا لأحد! وقبل ذلك نشرت وسائل الإعلام العربية خبرا هاما يتضمن اعتراض دولة المغرب على استمرار استهداف المدنيين في موقف يهدف للتنصل من المسؤولية عنها باعتبارها مشاركة في تحالف العدوان، وهذه المواقف المعلنة لكل من مصر والمغرب هي إشارة على استحياء بالانسحاب من تحالف العدوان على اليمن.
بالعودة للحراك الذي تلعبه القوى الوطنية المناوئة للعدوان، تمكن أنصار الله من التنسيق مع الحكومة العراقية لتحقيق انجاز سياسي ودبلوماسي مهم، مستغلين تواجد الوفد الوطني بسلطنة عمان للتحرك على أكثر من مسار سياسي ودبلوماسي وإعلامي ومع أكثر من طرف في المنطقة والعالم.
وهنا يمكن باختصار وضع أهم المكتسبات التي حققتها زيارة الوفد الوطني إلى دول العراق الشقيق:
1- كسر الإقامة الجبرية على أعضاء الوفد الوطني المفاوض التي اراد تحالف العدوان فرضها من خلال قراره بمنع عودة الوفد إلى صنعاء وإبقائهم في سلطنة عمان حتى إشعار آخر. وهذه ضربة سياسية تلقاها التحالف، حيث لم يكن الوفد ليقوم بهذه الخطوة (زيارة العراق) فيما لو كان قد عاد للعاصمة صنعاء.
2- اعتراف جمهورية العراق بالمجلس السياسي الأعلى كممثل للشعب اليمني، وعلى أعلى مستوى. وهو أول اعتراف من نوعه يحظى به المجلس السياسي الأعلى من دولة عضو بجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، في خطوة شكلت ضربة قاصمة لتحالف العدوان والمملكة السعودية تحديدا، وستشجع دولا أخرى على الاعتراف بالمجلس الأعلى في اليمن ولو من قبيل التعبير عن تضامنها مع مظلومية الشعب اليمني التي طالت كثيرا وقد يعرضها للإحراج مستقبلا بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب ضد الإنسانية التي ترتكبها طائرات وصواريخ التحالف حتى اليوم بحق المدنيين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء.
3- توظيف الإنجازات الميدانية وتصعيد أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهة الحدود على وجه الخصوص وما صاحبها من تراجع وإرباك في الموقف الأمريكي باتجاه قطف ثمرة تلك الإنجازات على المستوى الخارجي، فجاء التحرك لزيارة العراق والتواصل مع دول أخرى لتحقيق هذه الغاية التي توفرت أرضيتها وتم التنبه لها بالوقت المناسب في غفلة من تحالف العدوان الذي غرق في بحر من الهزائم والخسائر في الجنود والمعدات العسكرية ، وافقدته السيطرة على الأرض! .
من جانب آخر، اتصور أن حزب المؤتمر الشعبي العام استطاع تحقيق إنجاز آخر لا يقل أهمية من خلال قدرته على التواصل والتنسيق لاستقدام بعثة إعلامية روسية إلى اليمن محققا بذلك:
1- كسر الحصار الجوي عنوة عن تحالف العدوان بوصول طائرة روسية وهبوطها بمطار صنعاء.
2- مقابلة زعيم حزب المؤتمر وبث اللقاء في القنوات الروسية الرسمية، في خرق مهم للحظر الإعلامي على الزعيم من جانب وعلى جرائم العدوان بحق اليمنيين من جانب آخر.
3- كسب تعاطف الحكومة الروسية وبالتالي إمكانية انحيازها في مجلس الأمن لصالح الشعب اليمني.. مع أن علاقتها باليمن حتى الآن انحصرت بفصيل سياسي فيه وهو المؤتمر الشعبي العام، ولم تعترف حتى الآن رسميا بالمجلس السياسي لاعتبارات خاصة بها وليس تحفظا عليه، وربما أنها تتحضر لإعلان اعترافها به قريبا، وتحديدا في اقرب فرصة يمكن أن تخدم مصالحها هي بالدرجة الأولى!.
ومع قناعتي بأن هذه التحركات جاءت كثمرة للاتفاق السياسي فيما بين المؤتمر وأنصار الله، وما نتج عنها من مكاسب تصب في مجملها لصالح اليمن والشعب اليمني في مواجهة تحالف العدوان، إلا أن الإنجاز الدبلوماسي الذي حققه أنصار الله هو الأهم حتى الآن من الناحية القانونية والسياسية لحصوله على اعتراف دولة عربية فاعلة ومؤثرة، وتقع في ذات النطاق الجغرافي لليمن متمثلا بشبه الجزيرة العربية، وهذا بالطبع إنجاز يعود بالفائدة على اليمن واليمنيين جميعا وليس على طرف واحد فيه كما يحاول بعض قاصري التفكير أن يروجوا له إعلاميا، وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال اعترافا بالفضل لأهله من الطرفين، وليس من قبيل الكيد السياسي لطرف على حساب آخر.

قد يعجبك ايضا