المقشي والحوصلي نجمان من الزمن الجميل

عبدالسلام فارع

كثيرون هم أولئك المتميزون الأفذاذ في كرة القدم اليمنية، ممن ملأوا كل الآفاق شهرة ونجومية بعد أن استحوذوا على كل القلوب بإبداعاتهم الخالدة، وألعابهم الساحرة في مجمل الملاعب المستطيلة الترابية والمعشبة، سواء من خلال الأندية التي لعبوا لها أو عبر المنتخبات الوطنية التي مثلوها خير تمثيل على المستويين العربي والقاري.
وإنصافاً للتاريخ ولعطاءاتهم الخالدة، فإننا نستطيع القول أن الكثير من أولئك النجوم الذين سلبوا القلوب والألباب بمهاراتهم وإمكاناتهم الفنية سيظلون يتربعون على عروش القلوب المحبة لعطاءاتهم والمفتونة بإبداعاتهم على مر السنين، ليس فقط لأنهم قامات كبيرة في رياضتنا اليمنية، أو لأنهم أسهموا بالجهد والعرق والولاء في وضع اللبنات الأولى لمداميكها، وتسويع مساحة الانتشار لمجمل مواجهاتها، وجذب الكثير من المناصرين والمتيمين بأسرارها وفنونها.
فهم أي أولئك النجوم وحسب الكثير من عشاقهم والعاشقين لعصرهم الذهبي لن يتكرروا في ملاعبنا المستطيلة أياً كانت الحوافز والمغريات، ومن أولئك النجوم.. نجما هذه الإطلالة المختلفة عن سابقاتها، وهما النجم الكروي الأسبق في وحدة صنعاء والمنتخبات الوطنية النجم الأسطوري الكبير العميد محمد حسين ناصر المقشي، ونجم نادي الصقر والمنتخبات الوطنية أحمد ناصر الحوصلي، وكلاهما أي المقشي والحوصلي جمعتهما الظروف والأقدار في ملعب الظرافي بعد غياب طويل في مطلع شهر يونيو المنصرم، وسط أجواء مفعمة بالود الصادق، والذكريات الجميلة، يومها كنت مع كل من عبدالله محمد ناجي، حاشد القطاع، أنيس غانم شهود عيان على حرارة ذلك اللقاء الذي أعادنا جميعاً إلى ذلكم العصر الذهبي لكرة القدم اليمنية، وأعاد في الوقت ذاته كل من المقشي والحوصلي إلى أجواء العلاقة الأسرية والنسب الذي كان يجمعهما معاً، يوم أن كان نجمنا الأسطوري أبا شيزر ومحمد مقترناً بشقيقة النجم الكبير أبي منيف، ويومها لم يكن أحد منا يتوقع بأن ذلك اللقاء سوف يكون الأخير بينهما بعد أن غيب الموت نجمنا الكبير أحمد ناصر في اليوم الأخير من شهر التوبة والغفران، وذلك بعد صراع مرير مع التهاب الكبد الفيروسي، في ظل جحود وتنكر ملحوظين لكل عطاءاته الرياضية الزاخرة من قبل القنوات الرياضية المسؤولة وناديه الصقر.. تغمد الله الحوصلي أحمد بن ناصر بواسع الرحمة والمغفرة، وألهم كل ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

نجمنا الكبير محمد المقشي
وللوقف عند تلك المسيرة الرياضية الحافلة لنجمنا الأسطوري الكبير محمد المقشي والذي يعد واحداً من أفضل نجوم كرة القدم اليمنية في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، يوم أن كان يذود عن الخطوط الخلفية للأندية التي لعب لها كسد منيع يصعب على عديد المهاجمين اختراقها وتجاوزها.
والمقشي الذي عرف بالأداء الرجولي، وبصلابته الدفاعية في كل من نادي الوحدة بصنعاء، والصحة بتعز، إضافة إلى أهلي الحديدة والجيل، بقدر ما كان نجماً بارزاً ومخلصاً للأندية المذكورة، بقدر ما كان فارساً في الملاعب المستطيلة كان فارساً بنفس القدر في مجاله الوظيفي من خلال عمله في الجهاز الأمني، وعبر تخصصاته المختلفة، باعتباره من أوائل ضباط الدفعة الأولى من متخرجي كلية الشرطة.
وقد أتيحت لنجمنا المقشي أبا شيزر فرص التعزيز لدراسته الشرطوية وآخرها شهادة الأكاديمية العليا للشرطة من قاهرة المعز بمصر العربية عبر عديد المواقع التي شغلها بنجاح جم وتميز نادر، إذن المقشي أبا محمد لم يختلف بريقه الأمني عن بريقه الرياضي، فأبو العزوز كما كان يعرف أسهم مع زملائه في المنتخب بالتغلب على منتخب العراق بهدفين نظيفين في بطولة الجيوش العربية لتذهب البطولة للمنتخب السوري، يومها كرم الرئيس السوري حافظ الأسد المنتخب اليمني، ووصف حارسه يحيى الظرافي بمفخرة اليمن، ويوم أن كان المقشي يقف ويمشي على الكرة كان قد أسهم مع زميله محمد مقبل في نادي الوحدة في تعطيل قدرات النجم اليمني الكبير علي محسن المريسي يوم أن كان يلعب لشعب صنعاء.

أحمد ناصر الحوصلي
أما نجمنا الكبير والراحل أبا منيف أحمد ناصر الحوصلي، فقد كان واحداً من ألمع نجوم خط الوسط في ناديه الصقر والمنتخب الوطني، وحسب الراحل أحمد ناصر الذي شكل ثنائياً مع رفيق دربه منيف عبدالعزيز يوم أن كانا معاً يخطفان كل الأبصار، ويسلبان كل العقول بأدائهما السمفوني، فإنه قد استفاد من عديد المدربين في صقل مواهبه الكروية، ومن ضمنهم زوج شقيقته النجم الأسطوري محمد المقشي، والذي كان يدربه حتى داخل البيت، ويزوده بكل خبراته المتراكمة، وأحمد بن ناصر الحوصلي الذي كان يشار إليه بالبنان كضابط لإيقاعات الصقور، ومهندساً لسمفونياتهم.. كان يتميز إلى حد كبير بتمريراته الدقيقة والمحكمة، ومهاراته الفنية العالية، واختراقاته الناجحة، إضافة إلى تصويباته المباغتة على المرمى، والتي كان تسفر عن أهداف مفصلية لناديه الصقر الذي بذل من أجله خلاصة الجهد والعرق، وبعد كل ذلك البذل والعطاء، والألق والتميز لم يلق الحوصلي من ناديه غير النسيان، حيث ترك وحيداً في مرضه إلى أن غيبه الموت بعد أن غابت معايير الوفاء عند من تعشم فيهم خيراً فخذلوه، وخذلوا كل محبيه.

قد يعجبك ايضا