أمريكا و ” التفاحة الفاسدة ” في اليمن ( ٣-٤)

عباس السيد
سقطرى تغرق في طوفان ” اللعاب الأميركي “!

وصية الأدميرال ماهان :
من يتسيد على المجرى الملاحي في المحيط الهندي يصبح اللاعب الأبرز في المشهد الدولي .. المحيط الهندي هو المفتاح لسبعة بحور ومحيطات . في القرن الحادي والعشرين سيتحدد مصير العالم من هذه المياه”.
الأدميرال الأميركي الفريد ماهان ” ١٨٤٠- ١٩١٤ “

كانت العلاقة بين الولايات المتحدة والمنظمات الإرهابية ، هي محور الحلقة الثالثة من موضوع : أميركا و” التفاحة الفاسدة ” في اليمن . وخلال إعدادي للحلقة . كانت سقطرى تطل بمأساتها بإلحاح بين الوقت والآخر في أكثر من مصدر، وبدت كمن يستغيث من الغرق .
سقطرى التي تعتبر جزءا هاما من التفاحة اليمنية ، لا تخشى الغرق في مياه المحيط ، بل من الغرق في لعاب الأميركيين الذي يتدفق حولها كالطوفان .
ونظرا لحجم المأساة ، فقد اضطررت إلى إعادة النظر في ترتيب الحلقات وعددها ، بعد أن فرضت سقطرى مأساتها كموضوع لـ ” الحلقة الثالثة ” وتأجيل محور ” علاقة أميركا بالجماعات الإرهابية ” إلى الحلقة الرابعة .
على مدى عقود طويلة سعى الأميركيون حثيثا لتحقيق وصية الأدميرال ماهان في السيطرة على المحيط الهندي ، لكن سيادتهم ظلت ناقصة ـ حتى بعد سيطرتهم على جزيرة ” دييجو جارسيا ” مطلع السبعينات ـ وبقت أعينهم مصوبة نحو الجزيرة اليمنية سقطرى ، وهي الجزء الأكثر أهمية في ” النصف الجنوبي للتفاحة اليمنية ” التي أصبحت ـ بعد عقود من المعالجة ـ سليمة وجاهزة للاستهلاك الأميركيي .
وخلال السنوات الست الأخيرة ، تسرب لعاب الأميركيين بغزارة ، وجرف معه بعضا من خطواتهم ومخططاتهم السرية للاستحواذ على سقطرى إلى وسائل الإعلام الدولية والمحلية.
بعد قرن من وصية الأدميرال ماهان ، يبدو الأميركيون أقرب إلى تتويج حلمهم بالسيطرة على طرق الملاحة في المحيط الهندي بعد أن صارت جزيرة سقطرى اليمنية في متناول أيديهم .
البداية من ” كذبة عيد الميلاد ”
وكعادة الأميركيين في خلق الذرائع كتمهيد للانقضاض على الضحية . أتخذ الأميركيون من المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة الركاب في مطار ديترويت عشية عيد الميلاد ـ في الـ 25 من ديسمبر 2009 ـ ذريعة لإيجاد موطئ قدم لهم في جزيرة سقطرى .
بعد أقل من أسبوع على إعلان إحباط محاولة تفجير الطائرة الأمريكية ، وصل ” بابا نويل الأميركي ” إلى صنعاء لبدأ مخطط سرقة الهدية التي منحها الله لليمنيين ” جزيرة سقطرى ” .
التقى الرئيس علي عبدالله صالح والجنرال الأميركي ديفيد بترايوس ، قائد المنطقة العسكرية الوسطى في 2 يناير 2010، وعقدا إجتماعا هاما خلف الأبواب المغلقة – بحسب وصف البروفيسور ميشيل تشوسودفيسكي ، في مقال نشره موقع ” Global Reasearch ، ابحاث دولية ” في ٧ فبراير ٢٠١٠ *.
وأضاف تشوسودفيسكي : ” ظهر اللقاء في وسائل الإعلام وكأنه استجابة لحادث ديترويت والتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب التي يمثلها تنظيم القاعدة في اليمن “. التنظيم الذي تدرب لديه الشاب النيجيري ” عمر الفاروق ” المتهم بمحاولة تفجير الطائرة الأمريكية عشية عيد الميلاد ـ بحسب الإعلام الغربي ـ .
بروباجندا مصاحبة
اجتماع صالح ـ بترايوس ، تزامن مع أخبار عن إرسال تعزيزات عسكرية وأمنية يمنية إلى محافظات آبين والبيضاء وشبوة لمحاربة تنظيم القاعدة ، كما جاء في وكالة سبأ .
وكان الجنرال بترايوس أعلن في مؤتمر صحفي عقد في بغداد ، قبل يوم واحد من اجتماعه بصالح ، أن المساعدات العسكرية الأمريكية لليمن ستزيد أكثر من الضعف ، من ٧٠ مليون إلى ١٥٠ مليون دولار ، وأن هذه المساعدات قد تضاعفت ١٤ مرة منذ العام ٢٠٠٥ .

لندن ودور القواد
في ٣يناير ٢٠١٠ أعلن رئيس الوزراء الوزراء البريطاني السابق جوردون براون ، أن بريطانيا وأميريكا قررتا تعزيز تحركهما في مجال مكافحة الإرهاب في اليمن والصومال ، ودعا براون إلى اجتماع دولي حول اليمن وحول مكافحة الإرهاب يعقد في لندن في ٢٨ يناير ٢٠١٠ ، وهو ما رحبت به صنعاء ـ كما جاء في وكالة الصحافة الفرنسية ـ .
مبادرة براون ، أتت في إطار الدور البريطاني في دعم المخططات الأمريكية حول العالم ، وهو يشبه دور القواد الذي يمارسه العجوز بعد عقود من حياة البلطجة والمجون . وهي الآن تسخر كل خبراتها الإستعمارية لخدمة المستعمرالجديد . فقد كان البريطانيون شركاء للأميركيين في احتلال جزيرة ” دييجو جارسيا * ” مطلع السبعينيات من القرن الماضي ، تم تشريد سكان الجزيرة التي أنشأ عليها واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية . ولا يستبعد أن يكون البريطانيون ينظرون لجزيرة سقطرى كجزء من ” ميراثهم الضائع ” وأن الأميركيين أحق بهذا الميراث
في ١٨ يناير ٢٠١٠ نقلت ” نيوزويك ” عن مسؤول يمني لم تسمه . أن اتفاقا بين صالح وبترايوس سيمكن القوات الجوية للولايات المتحدة من استخدام الأراضي اليمنية ، ولم يقدم المسؤول اليمني تفاصيل أكثر ، ورجح أن يكون ذلك التعاون في مجال استخدام طائرات الدرونز .
ونقلت الصحيفة في نفس الخبر عن الجنرال بترايوس قوله ، إن جزيرة سقطري ستشهد تطورا من مهبط صغير للطائرات يديره الجيش اليمني ، إلى قاعدة للتزود بالوقود لدعم الاحتياجات الكبيرة لبرامج مكافحة القرصنة . ووعد بترايوس بتقديم المزيد من الدعم للجيش اليمني، يشمل الأجهزة والمعدات والمروحيات .
وفي 19 يناير 2010م ، نشرت وكالة فارس خبرا قالت فيه إن صالح تنازل عن سقطرى للأميركيين الذين يعتزمون إنشاء قاعدة عسكرية لمكافحة ” القاعدة والقراصنة ” .
ثمن ” الفيزا ” !
أواخر ٢٠١١م ، رفضت الإدارة الأمريكية منح الرئيس صالح تأشيرة دخول لتلقي العلاج الذي كان بدأه في السعودية بعد حادث جامع الرئاسة في 3 يونيو 2011م .
لم يتقبل صالح القرار الأميركي ، فقد كان ذلك بمثابة ” إهانة لشخصه ونكرانا لعقود من العلاقات المتميزة ” . وعلاوة على ذلك ، تلقف خصوم صالح المحليين خبر عدم منحه التأشيرة ، بمثابة إعلان وفاة سياسية لصالح الذي كان يعد نفسه لجولات أخرى من المواجهة معهم .
لم يجد الرئيس صالح ـ المعروف بعناده الشديد في مواجهة خصومة الداخل ـ سوى سقطرى ، يلوي بها ذراع الأميركيين على طريقته ، فقد كان يعرف أهمية الجزيرة بالنسبة لهم .
وضع صالح ” الفيزا ” كشرط للسماح بإنزال قوات أميركية ” إضافية ” في جزيرة سقطرى ـ بحسب تقرير مطول نشره موقع ” ديبكا فايل ، Debka File ” الإسرائيلي في 27 يناير 2012 .
آنذاك كان صالح رئيسا شكليا بعد تسليم صلاحياته لنائبه عبد ربه منصور هادي بموجب المبادرة الخليجية . لكن تراجع الأميركيين ، ومنحه تأشيرة دخول للعلاج ، يشير إلى أن صالح كان لا يزال قادرا على التأثير في المشهد السياسي والعسكري اليمني .
وجاء في تقرير موقع ” ديبكا فايل ” أن مفاوضات أميركية مع صالح ” خارج السلطة ” للوصول إلى اتفاق جديد حول سقطرى . ليس معلوما تفاصيل الاتفاقات التي أبرمها صالح مع الأميركيين حول الجزيرة سواء تلك التي تمت قبل أو بعد خروجه من السلطة . كما لا يمكن الجزم بمدى حاجة الرئيس صالح للعلاج في الولايات المتحدة – بعد ثلاثة أشهر من الرعاية الطبية الخاصة في الرياض . وما إذا كانت رغبته في مواصلة العلاج بالولايات المتحدة كانت قرارا شخصيا له ، ام عبر فخ جاء على هيئة نصيحة طبية بهدف إبتزازه واستغلاله حتى اللحظات الأخيرة .
قواعد عسكرية ضخمة
محادثات الأميركيين مع صالح ” خارج السلطة ” التي وردت في سياق تقرير الموقع الإخباري الإسرائيلي ، الذي حمل عنوان : أميركا تبني قواعد عسكرية ضخمة في جزيرتي سقطرى والمسيرة ” العمانية ” وذكر الموقع : منذ 2010م ، تعمل الولايات المتحدة بهدوء لبناء قواعد عسكرية ضخمة للقوات الجوية وأخرى للبحرية تحتوي على مرافق للغواصات ومراكز قيادة الاستخبارات ومنصات لإقلاع الطائرات بدون طيار ، كجزء من منظومة عسكرية استراتيجية مترابطة في المحيط الهندي والخليج الفارسي .
ونقل الموقع عن مصادر عسكرية غربية مطلعة قولها : ” لا يمكن ذكر أرقام دقيقة ، لكن الحشود الأمريكية هي الأكبر في المنطقة منذ غزو العراق في 2003م . وقدرت تلك المصادر عدد الجنود الأميركيين في جزيرتي سقطرى اليمنية ، والمسيرة العمانية بخمسين ألف جندي ، وتوقعت أن يتضاعف العدد في غضون شهر “. وأكدت المصادر استقدام البحرية الأمريكية لأعداد من العمال الآسيويين للعمل في إنشاء تلك القواعد .
قد يكون لتلك ” الحشود ” علاقة بالتوتر بين الغرب وإيران ـ قبل التوصل للإتفاق حول الملف النووي الإيراني ـ أي أنها كانت ظرفية وغير دائمة ، لكن إنشاء القواعد الجوية والبحرية في سقطرى ـ بالنسبة للأميركيين ـ هو حاجة استراتيجية وليست تكتيكا مرحليا .
سقطرى في عهد هادي
بعد أيام قليلة من تولي هادي السلطة رسميا ـ في انتخابات فرضته مرشحا وحيدا ـ بدأت أخبار التواجد الأمريكي في سقطرى تتداول على نحو واسع في الشارع اليمني . وتناقلها البعض ” كثمرة أولى في عهد الرئيس هادي ” . كان وقع الخبر صادما للكثيرين الذين كانوا يعتقدون أن انتخاب هادي سيطوي مرحلة من المعاناة والأزمات . تأمل البعض في أصابعهم بندم ، فقد كانت آثار الحبر لا تزال عالقة على أصابع الناخبين . وفي ظل غياب مصادر محلية رسمية أو مستقلة ، كانت تلك الأخبار تتلاشى كالفقاعات ، وينصرف الناس إلى متابعة هموم أخرى .
الصحافة اليمنية .. لفتة متأخرة
ومع انتهاء السنة الأولى من عهد الرئيس هادي ، ظهرت قضية التواجد الأميركي في سقطرى بقوة في الصحافة اليمنية ، وانفردت صحيفة ” الشارع ” في عددها الأسبوعي في يناير 2013م ، بتقرير مطول قالت فيه ، أن مخططا أميركيا يجري تنفيذه لبناء ثلاث قواعد عسكرية وألف وحدة سكنية للجنود الأمريكيين في كل من العند وسقطرى وجزيرة ميون في باب المندب.
وكشفت الصحيفة إعلان السفارة الأمريكية بصنعاء لمناقصة ” سرية ” دعت إليها عدداً محدوداً من شركات المقاولات الكبرى في اليمن . وأضافت : خلال الأشهر الثلاثة الماضية شهدت عمليات نقل شحنات كبيرة لأجهزة عسكرية وأسلحة من خلال طائرات الشحن العسكرية الأمريكية إلى قاعدة العند في محافظة لحج . الخبر الذي نشرته صحيفة الشارع ، تم تناقله بشكل واسع في الصحافة العربية والدولية ، بينها الـ ” بي بي سي مونيتورينج ميدل إيست والسياسة الكويتية ” .
سجن في الجنة !
في 11نوفمبر 2014م ، ظهرت سقطرى كغلاف لصحيفة الأولى يحمل عنوانا بالبنط العريض ” جوانتانامو الجديدة ” وأوردت الصحيفة معلومات عن إجراءات يمنية ـ أمريكية لإنشاء سجن في جزيرة سقطرى يكون بديلا لمعتقل جوانتانامو الشهير في كوبا .
وقالت الصحيفة ، أن فكرة بناء سجن في الجزيرة ، جاءت كمقترح تقدم به الرئيس هادي للرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارته للولايات المتحدة ، ليكون بديلا عن سجن جوانتانامو .
صحيفة الإيكونومست البريطانية التي استندت إلى صحيفة الأولى ، نشرت تقريرا حول القضية في 17 نوفمبر 2014م ، بعنوان ” سجن في الجنة ” ، أكدت اعتراف الدكتور أبوبكر القربي ، وزير الخارجية السابق بوجود تنسيق يمني أميركي لإنشاء سجن في الجزيرة ” بهدف إعادة تأهيل السجناء اليمنيين المعتقلين في جوانتامو ” .
الجدير بالذكر ، أن الإدارة الأمريكية لا تزال حتى الأن تبحث خططا لإغلاق معتقل جوانتانامو ، حيث وافق البنتاجون في فبراير شباط الماضي على خطة الكونغرس بنقل المعتقلين إلى سجون عسكرية في عدد من الولايات الأمريكية ، ولا تزال الخطة محل بحث بسبب القوانين الأمريكية التي تمنع نقل سجناء جوانتانامو إلى أراضيها .
وخلال العامين الماضيين ، أرسلت السلطات الأمريكية ثلاث دفعات من السجناء اليمنيين إثنتان منها إلى سلطنة عمان ، والأخيرة إلى السعودية . وهذا يؤكد أن أخبار نقل جوانتانامو إلى سقطرى كانت مجرد تغطية لأنشطة أميركية أخرى في الجزيرة .
سقطرى والقوادون

في فبراير الماضي ، تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية ، خبر تأجير هادي جزيرة سقطرى لدولة الإمارات لمدة 99 عاما . وقد أثار الخبر جدلا واسعا في الشارع اليمني حول حقيقة الاتفاق ، وحول صلاحية هادي كرئيس ” متنازع شرعيته ” وأهليته لتوقيع اتفاقات بهذا الحجم والأهمية في غياب مؤسسات الدولة اليمنية . فالجزيرة بأهميتها وقيمتها تعد ضمن أهم أربع جزر في العالم ، ولا مجال هنا لنعدد مميزاتها وخصائصها الجيوبوليتيكية والاقتصادية والسياحية والبيئية ، سقطرى ليست ” قصعة بخور ” كي يقدمها هادي هدية مجانية للإمارات أو لغيرها.
الكثير من الوسائل العربية والدولية التي تناولت الخبر ، اعتبرت أن الاتفاق يأتي ضمن الثمن الذي وُعدت به أبو ظبي لمشاركتها في الحرب على اليمن ، و قالت إن ظاهر الاتفاق سيكون إنشاء مشاريع اقتصادية استثمارية سياحية ملاحية فيما ستكون الجزيرة تحت ” إشراف أميركي مباشر “.
وفي الحقيقة ، يكشف الاتفاق بما لا يدع مجالا للشك ، أن الطرف الإماراتي مجرد قناع آخر يستخدمه الأميركيون والسعوديون في سقطرى بعد أن نجح استخدامه في احتلالهم للمحافظات الجنوبية . بمعنى أخر، نحن أمام ” قواد ” عربي ، فرط بأهله وأرضه في الخليج الفارسي وراح يقود زبائن آخرين إلى خليج عدن . وهي بحسب الشاعر اليمني العدني كريم الحنكي ” بلد المواخير ” ليس إلا .
سقطرى في مشروع الدستور
في الحلقة الثانية ، تطرقنا للدور الأميركي في مشروع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ، وقد جاء مشروع الدستور لدعم الخطة الأمريكية في التقسيم من خلال كثير من المواد . فالمادة السادسة تمنح الأقاليم ” أو المحافظات ” حق تقرير مصيرها السياسي ـ استنادا إلى وثيقة العهد الدولية للحقوق السياسية والمدنية التي وقعتها اليمن ـ وهذا يعني : حق الإقليم أو المحافظة في الانفصال وتكوين دولته المستقلة . وهذا يفسر قرار هادي بتحويل سقطرى إلى محافظة مستقلة بذاتها . فارتباطها بالمهرة أو حضرموت ، يعرقل عملية ” دستورية ” لتقرير مصيرها .
وفي المادة الثانية من مسودة الدستور الأسود ، تم التأكيد على اهتمام الدولة بـ ” اللغتين السقطرية والمهرية ” وتهدف هذه المادة إلى تأطير سقطرى بالذات ، بهوية إثنية وثقافية خاصة ومختلفة ، تخدم أي مشروع سياسي انفصالي مستقبلي .
اهتمام الإمارات بالجزيرة لم يكن وليد اتفاق الإيجار ، وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية ، فإن الآلاف من أبناء الجزيرة يحملون الجنسية الإماراتية ، كما يعيش في الإمارات 15 ألف أسرة سقطرية . لا تفسير لمثل هذه التسهيلات ، سوى أنها تأتي في إطار خطة لسلخ الجزيرة عن الجغرافيا اليمنية .
صحيفة الأخبار اللبنانية ، نقلت في تقرير لها نشرته بتاريخ 16 فيراير 2016 ، ” عتابا ” من ” شباب الجزيرة ” الذين حملوا الحكومات اليمنية المتعاقبة المسؤولية الكاملة عن تجاهل خصوصية الجزيرة السياحية وأهميتها الاستراتيجية والملاحية. واعتبروا ما تشهده الجزيرة من حضور إماراتي وخليجي ” ناتجاً من غياب الدولة وحضورها بصورة رمزية “. وأكد عدد من أولئك الشباب للصحيفة ، أنّ تمسكهم بـ” يمننة الجزيرة ” لم يقابل باهتمام حكومي، بل قوبل بتهميش كبير طيلة العقود الخمسة.
خسارة للشرق
استيلاء الأميركيين على جزيرة سقطرى ليست خسارة لليمن فحسب ، فهو أيضا يمثل ضربة قوية لروسيا والصين وحلفائهم في العالم . فمن خلالها ـ السيطرة على سقطرى ـ يمكن القول أن الأميركيين أكملوا سيطرتهم على المحيط الهندي ” مفتاح البحار السبعة ” بعد ٤٥عاما من سيطرتهم على جزيرة ” دييجو جارسيا ” التي تبعد ٣آلاف كيلومتر عن سقطرى . وبذلك اصبحت طرق الملاحة الرئيسية من وإلى شرق العالم تحت المراقبة الأمريكية .
معركة الدمى مستمرة
رغم جحم المأساة التي ألحقتها الأنظمة المتعاقبة باليمن واليمنيين ، لا تزال الدمى الأمريكية السعودية تتنازع على كرسي السلطة في اليمن . وهي بذلك ، مستمرة في خلق مناخات مثالية لجلب المزيد من المحن والكوارث وجعل ما تبقى من مقدرات الوطن والشعب لقمة سائغة للطامعين واللصوص .
لقد تجاوز حكامنا وحكوماتنا ونوابنا وأحزابنا كل الحدود في التفريط والإهمال والخيانة . وهو ما يحتم على كل الأحرار في هذا البلد أن يتداعوا في كيان وطني يعمل لإيقاف هذه المهزلة ومعالجة آثارها .ومن العبث أن يرتبط ماضي اليمنيين وحاضرهم ومستقبلهم بمجموعة من اللصوص الأغبياء . لسنا حقل تجارب لهم ولأبنائهم . فما تمر به اليمن حاليا هو نتاج لتلك السياسات التي تعاملت مع الوطن كمزرعة خاصة ضاقت بأطماعهم .
إهمال بلاحدود
تبلغ مساحة سقطرى ٣٦٥٠ كيلومترا مربعا ، ما يعادل ثلاثة أضعاف ونصف مساحة هونج كونغ التي يسكنها سبعة ملايين نسمة ، وإثنا عشر ضعفا مساحة مملكة البحرين .
تبعد الجزيرة نحو ٣٥٠ كم عن الساحل اليمني ، يسكنها نحو ١٠٠ ألف نسمة ، وفي الصحف الإماراتية عددهم 32 ألفا فقط ، بينما تقدرهم الصحف الغربية بأكثر من خمسين ألفا.
تعرضت الجزيرة لإهمال بلا حدود ، من قبل السلطات اليمنية مما جعلها محط أطماع ” الصغار والكبار ” . قد يتذرع البعض بضعفنا أمام قوة الطامعين . ولكن ، ما الذي كان سيفعله الأمريكيون أو السعوديون أو الإماراتيون لو أن سكان الجزيرة مليون يمني ؟. لماذا لم تشهد الجزيرة أي مشروعات إسكانية كالتي أنشأت في المحافظات الأخرى ؟ .

هوامش :
* عنوان مقال البروفيسور ميشيل تشوسودفسكي بالإنجليزية :
Yemenn and Militarization of Strategic Waterways .
عنوان تقرير البي بي سي مونيترنج:
US plans to build three military bases, 1,000 housing units in Yemen
عنوان تقرير موقع ” ديبكا فايل ” :
Massive US Military Buildup on Tow Sttategic Islands : Socotra and Masirah
المسيرة : جزيرة عمانية تقع إلى الجنوب من مدخل مضيق هرمز .

قد يعجبك ايضا