الحصار الاقتصادي مكن اليمنيين من الاعتماد على ثروتهم الحيوانية في تزويدهم باللحوم

استطلاع /صلاح الشامي
تعتبر أسواق اللحوم من المؤشرات المهمة لدراسة حركة السوق، ومتغيراته، على المستوى العام.. ومقياساً عملياً لمستوى القدرة الشرائية لدى المجتمع، مع وجود خصوصية تتعلق بأسواق اللحوم، حيث تستهدف شريحة معينة من المستهلكين، وفق مستويات الدخل بالنسبة للفرد..
وفي ظل العدوان الجائر، والحصار الخانق، الذي تتعرض له بلادنا اليمن من قبل التحالف بقيادة السعودية ، لابد من وجود متغيرات كبيرة وعنيفة، أثرت على مستوى إقبال المواطن اليمني على هذه السلعة بالذات.. حيث تعتمد السوق اليمنية للحوم على المواشي المحلية، بالإضافة إلى ما يتم استيراده من القرن الأفريقي، الأمر الذي يساهم إيجاباً في تلبية حاجة المستهلك، وفق مستوى معين من القدرة الشرائية.. بالإضافة إلى الحفاظ على النوع المحلي من زيادة الاستهلاك، مقابل عدم وجود توجه رسمي لتنمية هذا القطاع، فاللحوم المحلية تمثل مذاقاً خاصاً، ونكهة بطبيعة الطبيعة اليمنية والتربة اليمنية المعطاءة ،لكن أسعارها ارتفعت قليلا خلال الشهور الماضية فما هي الأسباب؟.

العرض والطلب..
البداية كانت في سوق النوم المتخصصة باللحوم، حي التلفزيون.. حيث التقينا الأخ / خالد علي ناصر النوم، أحد مالكي هذه السوق، الذي سألناه حول مستوى الإقبال على شراء اللحوم، في زمن الحرب الحالية، والحصار الذي يتعرض له الشعب اليمني، مقابل ذلك قبل الحرب، فأجاب قائلاً: الإقبال على شراء اللحوم ما يزال في المستوى المعقول، فلم يتأثر الإقبال بشكل كبير، مقابل هذه الحرب الجائرة..
وحول كمية اللحوم التي يتم عرضها، أفاد أنه لم يعد البيع كما كان عليه قبل العدوان، فلم يعد يبيع سوى ثلثي ما كان يعرضه سابقاً، ما يعني أن العرض انخفض إلى ثلث ما كان عليه، وبالتالي فإن الإقبال على شراء اللحوم انخفض إلى المستوى نفسه..
وحول أسباب ذلك أفاد بأن كمية كبيرة من اللحوم التي يتم بيعها كانت من المواشي المستوردة من القرن الأفريقي، وانقطع الاستيراد بسبب العدوان والحصار، ما أثر على مستوى العرض..
وأضاف : في المقابل هناك تهريب للمواشي المحلية إلى السعودية، وهناك من يشتريها بأسعار مرتفعة وخيالية داخل الأراضي السعودية.. ما يمثل مشكلة أخرى تضاف إلى مشكلة انقطاع الاستيراد.
في سوق الحصبة، التقينا الأخ /زيدان علي، صاحب محل لبيع اللحوم.. الذي أكد تأثر سوق اللحوم بالحرب والحصار على اليمن، قائلاً : تأثر السوق بشكل كبير جداً، بالنسبة لإقبال الناس على شراء اللحوم، فلم نعد نستقبل سوى ما نسبته 25 % فقط من الزبائن، مقارنةً بما كان عليه الإقبال قبل العدوان.. مما أثر على كمية ما نبيعه من اللحوم ..
فانقطاع الواردات من المواشي، التي كانت تأتي من القرن الأفريقي، أثر كثيراً في ذلك، فقد كانت المواشي تصل عبر ميناء المخا، والآن لا تأتي سوى عن طريق ميناء عدن والمكلا، ولا تصل إلينا إلا فيما ندر، وبأسعار مرتفعة.. إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، وكل هذه الأسباب أدت إلى عدم اهتمام شريحة كبيرة من المواطنين باللحوم.
أرقام
تشير الأرقام الإحصائية إلى أن واردات اليمن من الحيوانات الحية من القرن الإفريقي كانت في 2013م بمبلغ 16 مليار ريال خلال عام أما الآن فلم تشر الأرقام إلى أي واردات من هناك ،ويعتقد الخبراء ان الحصار الاقتصادي أفاد اليمن في هذه النقطة حيث مكنت اليمن من الاعتماد على سوقه المحلي وهذا بحد ذاته انتصار ويرون انه تم توفير ما يعادل 30 مليار ريال على الأقل خلال 2015م
في سوق نقم للمواشي واللحوم، وهي السوق الرئيسي الذي يمد كل أسواق العاصمة باللحوم، التقينا الأخ / منصور محمد العوامي، عاقل ومشرف السوق.. الذي أفاد بانخفاض نسبة الإقبال على شراء اللحوم والمواشي بنسبة كبيرة، قد تصل إلى 50 %، مقارنة بما كان عليه الحال قبل العدوان، وبالتالي انخفض مستوى العرض إلى النصف تقريباً على ما كان عليه..
وحول الأسباب لذلك، قال : أهم الأسباب هي انقطاع الواردات من القرن الأفريقي، بسبب الحصار والعدوان، ما أدى إلى مضاعفة مشكلة وفرة المواشي، بالاعتماد على المواشي المحلية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، الأمر الذي أثر سلباً على مستوى إقبال المواطنين على اللحوم.
الأسعار
من المعروف أن أسعار كثير من السلع ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً منذ بداية العدوان، فارتفاع أسعار الوقود من المواد البترولية، أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل.. لكن الأسعار ظلت في مستوىً معقول، ومسيطر عليه، مقارنة بحالة الفوضى التي كان متوقعٌ حدوثها بسبب العدوان.
حول ارتفاع أسعار اللحوم، وأسباب هذا الارتفاع، تحدث إلينا الأخ / خالد على ناصر النوم، أحد مالكي سوق النوم للحوم، بحي التلفزيون، قائلاً: تأثرت الأسعار بشكل كبير، فسعر الكيلوجرام من اللحم البقري المحلي، كان علينا كبائعين بحوالي 800 – 900 ريال، والآن وصل إلى 1700 ريال.. بينما سعر الكيلو الرضيع كان علينا بـ 2200 – 2500 ريال، والآن وصل إلى 2800 – 3000 ريال.. وكذلك سعر الكيلو من اللحم الغنمي المحلي، وأسباب هذا الارتفاع في الأسعار بالتأكيد بسبب العدوان والحصار، الذي أدى إلى انقطاع الواردات من المواشي، مقابل أن هناك تهريب للمواشي المحلية إلى السعودية التي تبنت هذا العدوان والحصار، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، وارتفاع تكاليف النقل، ما أثر في مستوى إقبال الناس على الشراء، الذين هم يعانون في المقابل من انخفاض الدخول.
وعودة إلى سوق الحصبة، تحدث إلينا الأخ زيدان علي، صاحب محل لبيع اللحوم، قائلاً :
بالتأكيد ارتفع سعر اللحوم، لكنه لم يرتفع كثيراً، بسبب ارتفاع الدولار، وانقطاع الواردات من المواشي، التي كانت تأتي من الحبشة والصومال، وذلك بسبب الحصار المرافق للعدوان الجائر على بلادنا اليمن..
وأضاف : نحن نضحي في سبيل الحفاظ على زبائننا، فلو زدنا في رفع الأسعار، طار الزبائن.
الواردات
كانت المواشي التي تأتي من القرن الأفريقي، تمثل متنفساً للمواطن ذي الدخل المحدود، نظراً لانخفاض أسعارها، مقابل السلعة المحلية، التي تشهد طلباً متزايداً بسبب خصوصيتها، ومذاقها الخاص بالنسبة للمواطن اليمني والوافدين أيضاً، وأدى الحصار المرافق للحرب الجائرة على وطننا الحبيب اليمن، إلى انقطاع هذه الواردات، ما سبب ضغطاً على السلعة المحلية، بالنسبة للمواشي.. فارتفعت أسعارها.. وضاعف من ذلك عمليات التهريب للمواشي إلى السعودية، التي تتعمد زيادة الضغط على الشعب اليمني بشتى الوسائل..
كانت هذه الأسباب، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، وأسعار النقل، والمعاناة التي يتعرض لها المواطن اليمني، نتيجة الحصار والعدوان، من ضعف الإمكانات المادية، وانخفاض مستوى الدخل، كل ذلك أدى إلى وجود متغيرات أساسية في مستويات العرض والطلب، بالنسبة لأسواق اللحوم.

قد يعجبك ايضا