وثائق 11 سبتمبر.. هل توتر العلاقات الأمريكية السعودية؟

كشفت قناة “سي بي أس” الأمريكية، ما اعتبرته وثائق هامة توضح الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، وذلك من خلال تقرير عرضته في برنامج” 60 دقيقة”، والذي تناول ما يعرف بوثائق الـ”28 صفحة”، وهي وثائق سرية لم يُكشف عنها تتعلق بالتحقيقات التي جرت بعد وقوع الحدث عام 2001م.
وقال تقرير القناة الأمريكية،: إن مسؤولين في المخابرات الأمريكية يدرسون إمكانية الكشف عن أكثر الوثائق سرية في البلد والمعروف بـ28 صفحة، الذي يكشف عن أحداث ?? سبتمبر، بجانب احتمال وجود شبكة دعم سعودية للمختطفين أثناء تواجدهم في الولايات المتحدة، حيث تعتبر هذه الوثائق جزء من تقرير أعدته ونشرته لجنة من الحزبين الديمقراطيي الجمهوري عام 2003م، تحت عنوان “البحث والمناقشة والسرد فيما يتعلق بمسائل أمن قومي حساسة بعينها”، ويبلغ عددها 800 صفحة، وقد تم كشف تلك الصفحات فيما عدا الجزء الأخير والمكون من 28 صفحة، فقد بقي سريًا لأسباب أمنية لم يعرفها إلا القليل الذين كانوا مطلعين على أسرار التحقيقات، ففي عام 2002م، أزالت إدارة الرئيس السابق جورج بوش هذه الصفحات من تقرير تحقيق الكونجرس، وقال بوش حينها، :إن نشر هذا الجزء من التقرير سيضر بعمليات المخابرات الأمريكية وسيكشف عن مصادر وأساليب ستجعل انتصارنا في الحرب على الإرهاب أصعب.
يشير التقرير إلى تفاصيل دقيقة عن الذين ساعدوا المواطنين السعوديين في التعلم والتدرب على قيادة الطائرات، ومن ثم الاستيلاء على الطائرات وتوجيهها إلى مباني مركز التجارة العالمي والبنتاجون، حيث يقول التقرير إن الوثائق تؤكد على أن منفذي الهجمات سعوديان، وهما خالد المحضار، ونواف الحازمي، كما ذكر التقرير أن المواطنون السعوديون عندما وصلوا إلى الولايات المتحدة، لم تكن لديهم خبرة في الطيران، ولكن بفضل مساعدة ممثل السلطات السعودية، عمر البيومي، تم تزوديهم بالمال وتسجيلهم في مدرسة تعليم الطيران.
وتطرقت القناة الأمريكية إلى الوثائق التي ظلت قيد السرية، من خلال مقابلة عدد ممن تسنى لهم الإطلاع عليها، وكان في مقدمتهم السيناتور الأمريكي السابق، بوب غراهام، باعتباره قد تولى رئاسة لجنة التحقيق في الاستخبارات الأمريكية، كما أنه كان رئيس شريك في لجنة التحقيق الثنائية المشتركة لمجلس الشيوخ، حول الفشل الاستخباراتي أثناء أحداث ?? سبتمبر.
ورغم أن “غراهام” لم يفصح عن المعلومات السرية التي تحويها الـ28 صفحة، إلا أنه تحدث عن شبكة أشخاص يعتقد أنهم دعموا المختطفين أثناء إقامتهم في الولايات المتحدة، قائلاً: لا يُصدق بأن ?? شخصًا أغلبهم لم يتكلموا اللغة الإنجليزية قط، ولم يذهبوا إلى الولايات المتحدة من قبل، ولم يحصلوا على تعليم ثانوي، استطاعوا تنفيذ مهمة معقدة كهذه من دون بعض الدعم من داخل الولايات المتحدة، وردًا على سؤال “أتعتقد أن الدعم أتى من المملكة السعودية؟”، أجاب السيناتور الأمريكي دون تردد: أجل، هناك دعم جوهري، مشيرا إلى أن الدعم لم يأتِ من جهة محددة بل شاركت به الحكومة السعودية، بجانب ممولين وجمعيات تعمل تحت الغطاء الخيري، واستطرد غراهام أنّ الدور السعودي تم التعتيم عليه من أجل حماية العلاقة الحساسة مع تلك المملكة التي يعشعش الحاكمين والملوكيين والثروات والدين بعمق في مؤسساتها.
وفي ذات الإطار، كان العضو الديمقراطي السابق في مجلس الشيوخ والسفير الأمريكي إلى الهند، تيم رومير، أحد أبرز الشخصيات التي اطلعت على الوثائق أكثر من مرة، في البداية بصفته عضوًا في لجنة التحقيق المشتركة، ولاحقًا كعضو في لجنة 11 سبتمبر التي كان من شأنها إكمال ما تركه تحقيق مجلس الشيوخ.
وكشف “رومير” أن التقرير ذكر احتمال الدعم السعودي الرسمي لإثنين من المختطفين الذين أقاموا في ولاية كاليفورنيا الجنوبية، وقد تم تسليم تلك المعلومات إلى لجنة ?? سبتمبر للتحقيق، مضيفا أن المعلومات التي يحتويها تقرير الـ28 صفحة ستفاجئ الجميع، قائلاً: ستتفاجئون من بعض الأجوبة التي تكمن في تقرير لجنة ?? سبتمبر حول ما حصل في سان دييغو ولوس أنجيلوس والتورط السعودي بهما”.
وكان السيناتور الأمريكي السابق، بوب كيري، أيضًا من بين الأعضاء العشرة من لجنة 11 سبتمبر، الذين قرؤوا الثماني والعشرين صفحة، حيث قال كيري في إشارة إلى المملكة: لا يمكنك تقديم المال للإرهابيين ثم تقول: لا علاقة لي بأعمالهم، ورأى كيري ضرورة نشر هذه الوثائق.
واعتبر الأمين العام لبحرية الولايات المتحدة الأمريكية، جون ليمان، أيضًا أنه لم تكن صدفة أن 15 من أصل 19 من المختطفين سعوديين، وإرتادوا مدارس سعودية وتعلموا منذ أول يوم ذهبوا فيه إلى المدرسة عن هذا المذهب المتعصب من الإسلام، وتحدث “ليمان” عن الوهابية بصفتها الشكل المحافظ المتشدد من الإسلام المتجذر هنا، ويخترق كلّ ملامح المجتمع هناك، ومن بعد النفط، تعتبر الوهابية إحدى أكبر صادرات المملكة.
ويأتي التقرير الأمريكي الذي نشرته قناة “سي بي أس”، في الوقت الذي يحضر فيه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى زيارة للمملكة في 21 أبريل الجاري، الأمر الذي دفع البعض إلى القول إنه من الضروري رفع السرية عن هذه الوثائق قبل زيارة أوباما إلى السعودية؛ لكي يستطيع الرئيس أن يناقش مع الجانب السعودي القضايا التي جاءت في التقرير.
وتعتبر هذه الوثائق صفحة جديدة في ملف الأزمة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي ظهرت جليًا خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد أن انتقد الرئيس الأمريكي في حديثه مع صحيفة “ذا اتلانتك”، نظام المملكة واتهمها بخوض حروب بالوكالة في المنطقة وتأجيج الصراع الطائفي.
*نقلا عن البديل المصري

قد يعجبك ايضا