أردوغان يفشل في استعادة ثقة العرب به

إسطنبول /
كشفت كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال القمة الإسلامية عن أن الرجل ما يزال بعيدا جدا عن استعادة ثقة الدول العربية به وبسياساته تجاه المنطقة، وأن تركيا لم تقدم بالفعل ما يمكن ان يجعلها جديرة أن تكون حليفا موثوقا بدوره ضد الأخطار الإقليمية والدولية الهائلة التي تحيط بالمنطقة.
وبينما دعا أردوغان امس الاول خلال كلمته في افتتاح القمة الإسلامية، قادة الدول والحكومات المشاركين في قمة منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول إلى إنهاء الانقسامات المذهبية لمحاربة الإرهاب، وصف مراقبون ما جاء في خطابه بأنه يكشف عن ازدواجية مفضوحة لدى حاكم تركيا الأوحد، إذ بدا وكأنه “يتحدث إلى عالم آخر لا يعرف الأدوار التي تلعبها تركيا تحت إمرة ‘السلطان’ العثماني”.
وقال المراقبون إن تركيا وبتوجيه صارم من اردوغان تلعب دورا رئيسيا في تغذية عامل الفرقة بين دول المنطقة، وقد كان من الأجدى أن تبدأ بنفسها لتغيير سلوكها الذي ساهم في تغذية الإرهاب في المنطقة قبل أن تطالب بإنهاء هذه الانقسامات “دون أن تقدم نقدا ذاتيا وتتعهد بوقف خططها في سوريا وليبيا، وعدائها لمصر الدولة المحورية في المنظمة الإسلامية”.
وقال الرئيس التركي: “أعتقد أن أكبر تحد يتعين تجاوزه هو المذهبية. ديانتي ليست السنة والشيعة.. ديانتي هي الإسلام”.
وأضاف: “يجب أن نتحد.. في النزاعات وفي الطغيان، المسلمون فقط يعانون”، آملا أن تكون “نقطة تحول” لكافة العالم الإسلامي.
لكن المحللين أكدوا أنه “لو كانت القيادة التركية جادة في تنقية الأجواء من جانبها لكانت استغلت فرصة الحديث عن وساطة سعودية بينها وبين مصر وأطلقت تصريحات لتهدئة الخواطر، فضلا عن إجراءات عملية تظهر أنها جادة في رأب الصدع بين الدول الإسلامية المركزية”.
وتجاهل وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري الرئيس التركي في كلمته أثناء الجلسة ا?فتتاحية للقمة. وقال شكري، في ختام كلمته: “تتوجه مصر بالشكر إلى كل الدول التي ساندتها خلال رئاستها للدورة الـ12 للقمة ا?سلامية، وا?ن أعلن انتقال القمة إلى الرئاسة التركية”، متجنبا ذكر اسم أردوغان.
وظهرت علامات الغضب على وجه أردوغان خلال كلمة شكري.
ويطالب المصريون بأن يثبت أردوغان جديته لإنهاء التوتر مع القاهرة عبر خطوات أولية بينها وقف الحملات الإعلامية التي تستهدف مصر وقيادتها السياسية، وهي حملات يقودها أردوغان بنفسه، فضلا عن فتح قنوات تلفزيونية ليهاجم فيها مصريون هاربون من العدالة في بلادهم ويحرضون على أمنها القومي.
ويقول المحللون إن أخطر وجه من وجوه الفتنة التي تعصف بالمنطقة هي تلك يؤججها استثمار تركيا بتوجيه مباشر من اردوغان، في الإسلام السياسي للبحث عن مواقع نفوذ جديدة وتنفيذا لحلم “استعادة الهيمنة التي كانت تفرضها الدولة العثمانية على العرب”.
واستغلت تركيا الفوضى التي عصفت بعدد من الدول العربية والتي أججها ما كان يسمى بالربيع العربي منذ العام 2011م، لتوسع دعمها لجماعات الإسلام السياسي وخاصة الإخوان المسلمين.
وكان الهدف الاستراتيجي لأنقرة من هذا الدعم السيطرة على الحكم في عدد من العواصم العربية بينها تونس ومصر.
وخرج الدعم التركي من بعده الدبلوماسي والمالي لإخوان مصر وتونس إلى بعد أكثر شمولا، حيث كشفت تقارير مختلفة، بعضها تركي، أن أنقرة مورطة في دعم جماعات متشددة في سوريا وليبيا، وأنها ساهمت بشكل واضح في تعقيد أزمة سوريا خاصة بعد التصريحات العنيفة للرئيس التركي التي استهدف فيها نظيره السوري بشار الأسد.
وأشار مراقبون إلى أنه طالما أن أردوغان لا ينظر إلى دور بلاده في سوريا وليبيا على أنه تعميق للفتنة ومساعدة على توسيع دائرة الإرهاب، فلا يمكنه أن يقنع القادة المشاركين بأن يتفاعلوا مع دعوته لإقامة “منظمة لتعزيز التعاون في الحرب ضد الإرهاب”.
وهاجم أردوغان داعش وجماعة بوكو حرام في نيجيريا بوصفهما بـ”تنظيمين إرهابيين يخدمان الأهداف الشريرة ذاتها”.
واعتبر أن “الإرهابيين الذين يقتلون الناس لا يمكن أن يمثلوا الإسلام، وأن تنظيم داعش لا يستطيع أن يتحمل وزر أولئك الذين يقتلون”.
ويقول محللون إن تبرؤ أنقرة من أي علاقة بالإرهاب، لن يعفيها من تبعات الاتهامات المتكررة للقادة الأتراك بأنهم يدعمون المجموعات المتشددة في سوريا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحا جدا في توجيه مثل هذا الاتهام عندما قال امس الاول إن “القيادة الحالية في تركيا تتعاون مع الإرهابيين”.
وقال المراقبون إن الرئيس التركي فشل في استثمار الحضور الكبير والمهم لقيادات دول إسلامية مؤثرة ليكسب ثقتهم من جديد.
ويضيف هؤلاء إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز على سبيل المثال كان ينتظر أن يحسم أردوغان موقفه بالتعبير عن استعداده إصلاح العلاقة مع مصر الدولة العربية المهمة في المنطقة ووقف التحامل الإعلامي ضد قيادتها إضافة إلى حسم تردده في علاقة تركيا بإيران، بدعوتها بشكل واضح ولا لبس فيها إلى “الكف عن إثارة الأزمات الطائفية في المنطقة”، غير أنه آثر الاستمرار بأسلوبه المعروف وهو اللعب على أكثر من حبل واحد في نفس الوقت.
ويقول محللون لشؤون العلاقات الالعربية التركية إن “غموض مواقف الرئيس التركي سيجعله يفقد المزيد من ثقة القادة العرب، ويجعل بلاده تخسر فرصا كثيرة للخروج من أزمتها الاقتصادية”.

قد يعجبك ايضا