على بعد ذئب

من قصائد الشاعر/محمد حسين هيثم

كلنا عابرٌ في القصيدةِ
لكننا لا نقيم بها،
ونقيم القيامات فيها
نشاورُ أحجارها أو نساير أشجارها
أو نحاورها
أو نسير حفاةً على الجمر بين الكنايات
نهمسُ
أنَّ كمائن أعشابها قطرة من مجاز
وأنَّ السياسة بيت القصيدْ

كلنا عابر في البياض
نؤلف مجداً،
ونطفح موتاً،
وندعو القصيدة أن تحتفي بالبعيدْ

كلنا عابرٌ في القصيدة
نسأل عن قربنا
من مشانق مجدولة من حبال
السياسة
أو من خيوط الوعيدْ

كلنا عابر قربهم
فالغزاة هنا،
كلهم داخل،
والبداوة فينا،
فمن جمرتين
نقيم الممالك مملكة إثر أخرى،
وننثرها في حقول البروق وبين
الجبال قلاعاً
ونرضع من ذئبة
ثم نهوي إلى قصعة من ثريد
كلنا عابر قربهم
لانراهم
ولكنهم من سماء ملونة
يبدؤون الحكاية
أو يبدؤون على بعد ذئب
يبلل أيامنا بالجنودْ

كلنا عابرٌ
حيث لا ظل يبقى
إذا أيقن الساقطون على مائنا
أنهم يرشفون الثمالة من
حدسنا
يسرقون من الغيم زهو الرعودْ

كلنا حجر يرتضي
أن يكون الفتى
أو فتى ليته حجراً
أو فتى حجر ليته في صعودْ

كلنا في الصبا آية،
جعد هندية،
رنة تتراقص من وقعها ساق جارية
كأن بخلخالها جن أسئلة،
وكأن بإيقاعها دندنات الحشودْ

كلنا في المرايا
عبور الوعول إلى هاجس
من نساء وليل مديدْ

كلنا عابر في رصيف سيعدو
وثمة ما سوف نتركه
ها هنا أو هنالك
من أزل الكلمات ومن خيلها،
من فوارس ترفع أسيافها للطواحين
أو تقتل الغول في غفلة السرد،
أو تسرد الغول في برهة للشرودْ

كلنا سوف يعرف أن القصيدة
تبدأ منا وتبدأ فينا
وترسل في أول العشق سهم
الصدود
كلنا سوف يسأل:
كيف تقود القصيدة هذا الذي لا
يُقاد
وكيف تسوس قطيع البداهة
كيف تروض جيش الحذاقة،
كيف تهدهدهم في المهودْ

كلنا عابر
والغزاة سيأتون،
من ثغرة سوف يأتون،
تهوي سيولهمو من أعالي الخرافة،
لكننا سوف نجمع ما سوف يطفو
هنالك من جثث
ثم نجثو نلملم ما سوف يبقى
على صفحة السيل:
بعض حنين،
ودمعاً قديماً
وشيئاً من القلب
نعصره ثم نفرده ننشره في الهواء
ونتركه يابساً في النشيد
كلنا عابر في القصيدة
من غيبها
لا نعودْ

قد يعجبك ايضا