التوسع الدلالي في المفردة القرآنية.. الموت

محمد الهاملي

قال أصدق القائلين: (ُكل نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ( آل عمران: 185). وقال عز من قائل (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ( البقرة: 180) ، استشهد بهذه الآية القرطبي على أن حضور الموت يعني أسبابه ، ومتى حضر السبب كنت به العرب عن المسبب ، وهذا من باب توسع دلالة اللفظة وتطورها قال الشاعر:
وقل لهم بادرة بالعذر والتمسوا قولاً يبرئكم إن بانا الموت.
من معاني الموت ( حقيقاً ومجازياً) فاظ ، فاض ، غطس ، فوز ، هلك ، عطس ، درج ، طفا ، خمد ، عبر ، سافر ، فاز ( فوز) ، قضى نحبه ، غص ، خفت الرجل ، قعر ، فوت ، سكن ، نام ، برد ، جمد ، ضل ، مضى ، زهق ، قرض ، زهق .
حقيقة الموت: قال العلامة سيد قطب في ( ظلال القرآن ) عند تفسير قوله تعالى (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) (البقرة: 258) قال: نحن البشر لا نعرف شيئاً عن حقيقة الموت وحقيقة الحياة ولكنا ندرك مظاهرهما في الأحياء ، ولم تصل البحوث العلمية إلى شيء ذي قيمة في ماهية الحياة ، وأيضا لم تصل إلى شيء أصلاً عن مصدرها ، ولكن فقط تسجل خصائص الجسم التي عرفت كالغذاء والنمو والحركة . وفي الخلق الكامل: ( عدم معرفة حقيقة الموت ) ليس الموت بشيء أكثر من ترك النفس تستعمل آلاتها ، وهي الأعضاء التي يسمّى مجموعها بدناً كما يترك الصانع استعمال الآلة .
قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم -: [ اذكروا الموت فإنه هدام اللذات ومنغص الشهوات ] . قال سبحانه وتعالى: (إلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) ( المائدة:48) وعد الله حقاً إنه يبدأ الخلق ثم يعيده: قال الشاعر:
هو الموت لا منجى من الموت والذي نحاذر بعد الموت أدهى وأفظع.
وقال آخر: من لم يمت غبطة يمت هرماً الموت كأس والمرء ذائقها.
وقال آخر : وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع.
فالموت سبيل الماضي والغابرين ومورد الخلائق وفي أنبياء الله وسلف أوليائه أفضل العبرة ، وأحسن الأسوة.
قال الله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ( القصص: 88) ، وقال تعالى : (كل نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ( العنكبوت: 57) ، والذوق يكون بحاسة اللسان ، حتى لكأن سائر الحواس تتناوب في وظائفها ، أطال الله أعمارنا في عافية امين .
* دعاء: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر.

قد يعجبك ايضا