السياسة (العقلانية) .. فن الممكن ونهج الدولة المدنية الحديثة

ثوابتها التوافق والأخلاق
لقاءات/ رضي القعود

اعتماد أسلوب السياسة (العقلانية) وتطبيقها سواء كان ذلك على المستويين الداخلي أو الخارجي دائماً ما تكون نتائجه ناجحة وبناءة ، والأهم من ذلك قدرته على تذليل الصعاب وحل الإشكالات التي قد تشهدها أي بلد ، والسبب أن أسلوب السياسة العقلانية يقوم على أسس ومبادئ منطقية يضع نصب أعينه أولا وأخيرا مصلحة الوطن العليا . حول هذا الموضوع تحدث عدد من الساسة والكتاب وخرجنا بالحصيلة التالية إلى التفاصيل :

قواعد أخلاقية
في البداية يقول الكاتب والمحلل السياسي، علي جاحز إن السياسة هي فن الممكن .. لكن في المقابل لا يوجب هذا التعريف أن يجعل السياسة هي فن التنازلات للأقوى مقابل البقاء و الاستمرار في العمل السياسي ، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول أن أهم قواعد وأساسيات السياسة العقلانية هي المصلحة العليا والثوابت الوطنية وأهمها الاستقلال والسيادة والاستقرار الوطني ، وتحت سقف هده الثوبت بالإمكان أن تلعب المكونات لعبتها السياسية بحيث لا تخرج عن الثوابت والأسس التي يفترض أن تكون أرضية للجميع وسقفاً على رأس الجميع .
وقال جاحز إن السياسة العقلانية ترتكز أيضا على مرتكزات أخلاقية أهمها احترام الآخر وحقه في الوجود وفي المكسب والمشاركة ، ومن هذا المنطلق بإمكان المكونات كلها أن تلعب في الساحة السياسية بأدوات سلمية وتنافس شريف عبر مشاريع تسعى لمصلحة الوطن ومصلحتها أيضا في المكسب السياسي ..
التوافق الشامل
من جانبه يقول السياسي والناشط الإعلامي / أحمد عايض أن جوهر السياسة في الاسلام هي تغليب العقل على قواعد المادة ، كما أن السياسة العقلانية ميزان يقيس نجاح و فاعلية النشاط السياسي .
وأما القواعد والشروط فإنه يكون في التوافق السياسي الحزبي إن وجد مع رؤية الشعب السياسية .. التوافق الشامل بمعنى التوافق في الأفكار والرؤى والخطط التي تركز على نهضىة البلاد اقتصاديا .
وأكد عايض أن التوافق إذا توفر أصبحت العقلانية السياسية نهج قادة الوطن في تلبية احتياجات المواطن والحفاظ على حقوق المواطن وترسيخ اللحمة الوطنية وتحقيق رخاء اقتصادي كبير وتعزيز السلطة القضائية والأمنية بشكل شمول ولن يتم ذلك إلا بعقلانية سياسية توافقية عامة يدعمها الشعب .
والعقلانية السياسية تضمن في النهاية درجات عالية من العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية .‏
قال الله سبحانه وتعالى «وأمرهم شورى بينهم». الشورى ترتكز على التوافق بين النخبة الوطنية القيادية أولاً والتي ستحظى بدعم شعبي كامل بشكل تلقائي .. ومن جانب آخر وفق الشريعة الإسلامية أن نجاح التوافق يعتمد على المشاركة المجتمعية والنخبوية في نهضة البلاد بكافة المجالات والمشروطة بالقدرة والكفاءة .
واختتم حديثه بالقول: إن اليمن بيئة توافقية إذا وجدت الإرادة الحرة التي تغلب مصلحة الوطن على مصالح أخرى . فاليمن ليس بلداً عرقياً أو مناطقياً أو مذهبياً أو قومياً متعدداً وهذه نعمة الأهبة ، ومشكلة اليمن التاريخية التي تهز سفينة التوافق هي مشكلة سياسية فقط . فإذا حدث التوافق السياسي النخبوي ستولد سياسة عقلانية تدفع بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة في وقت قصير .
مطلب للجميع
بدوره يقول الناشط الإعلامي/ وليد فاضل إن السياسة العقلانية لبلد مثل اليمن لا يمكن أن تنجح إلا بالشراكة بين مختلف الأطراف وإزاجه الفوارق وحل المشاكل بلغة الحوار .. فالدولة المدنية الحديثة هي مطلب الجميع ولا يمكن أن تأتي إلا وفق رؤية ثاقبة تولد من رحم سياسة الأحزاب لكيفية ممارسة العمل الحزبي وفصله عن العمل المؤسسي وكذلك نظرة الأحزاب من خلال إدارة الدولة وفق رؤية وطنية بعيدة عن المصالح الحزبية .
وقال إن السياسه العقلانيه تقوم من منطلق احترام الأنظمة والقوانين وتفعيل دور المجتمع بالمشاركة في صنع القرار وحكم الشعب نفسه بنفسه بالطريقة المباشرة وغير المباشرة .
وهناك الكثير من الخطوات لكن أرى أن تلك هي نقطه البدايه . فالمعول عليه الآن أن نبدأ خطوة خطوة لأن نجاح السياسة مرتبطة بعدة محطات ويجب أن تسهم كل القوى الخيرة في ذلك بداية من دور الإعلام في توعية المجتمع بأهميه المشاركة والعمل كفريق واحد ليعود ذلك بالنفع على الصالح العام ولو اختلفت الاتجاهات الحزبية .. لكن لابد أن تتوحد الرؤية العامة بشأن بناء الدولة ونجاح سياسة البلد بشكل عام .. ويستعرض في ذلك نماذج من الدول المتقدمة إضافة إلى أنه لا مانع من تعديل بعض التشريعات التي قد تعيق نجاح أي سياسة للبلد في حدود الأطر المشروعة .. ومتى تولد ذلك في أوساط المجتمع سيسهم إسهاماً مباشراً في تغيير ثقافة الأحزاب ورؤية أعضائها مما يخدم المجتمع بشكل عام ، وينعكس بدوره على سياسة البلد وهذا ما أراه من بدايات مهمة حتى تقوم الدول وفق أسس وقواعد عقلانية بعيدة عن الولاءات القبلية والحزبية والمذهبية والمحسوبية .

قد يعجبك ايضا