غايتنا.. الحكيم الحليم 

جميل مفرح



جميل مفرح

جميل مفرöح

الحكمة والحلم صفتان لا بد من حضورهما وتوافرهما في القائد ليكون ناجحا وبارعا وبحجم المسؤولية الكبيرة التي يتجشم عناء حملها.. وهذا أمر ليس بالجديد ولا هو بالمبتكر بل متعارف عليه في مختلف الثقافات والمجتمعات الإنسانية.. ولم يغب عن أي موروث وتراث إنساني ولقد نسجت في إطاره الكثير والكثير جدا من الحكايات والروايات فكم من الشخصيات القيادية في التاريخ وفي ما يحكى من الأحداث والروايات التاريخية بل والأساطير والعبر ومختلف أشكال التراث المحكي والمكتوب خلدت وتناقلت أخبارها عبر الأمصار والتواريخ بسبب ما اتصفت به من حكمة وحلم ضمن صفات أخرى كالعدل والتواضع والكرم والشجاعة وما إلى ذلك من صفات كانت وما تزال تلازم القائد الفذ والمحنك وكانت في أولويات صفات من نجح وفتح وقاد شعبه إلى الرخاء كمبرر رئيسي لذلك النجاح.. فهل تراهما أو ترى مجمل هذه الصفات ما تزال اليوم في مكانتها من الأهمية في تكوين الشخصية القيادية¿

ما يجب التأكيد عليه هنا وبما ينعكس مباشرة على الأوضاع السياسية المعاشة الآن في الساحة اليمنية أن الأحداث التي شهدتها الساحة خلال ما عشناه وكابدناه من تأزم كاد يقد الوطن ويذهب به مذاهب لا ولن تحمد عواقبها كشفت لنا عن الضرورة الملحة لكون الشخصية القيادية متميزة عن سواها في كثير من الصفات والتأكيد على أن شخصية القائد يجب أن تكون موسومة بصفات الحكمة والحلم والتواضع والتنازل حتى وإن لم تتوافق هذه الصفات مع من يؤيده ويتشيع له.. وفي حالة التأزم التي وصل إليها الشارع اليمني مؤخرا والتي كانت تومئ بإشارات اللارجوع نظرا للاحتقان والتنازع وارتفاع مستوى اللا اتفاق على حساب التفاهم والاتفاق وتشتيت الإرادات بل وتواجهها واختصامها على حساب توحيد الصف والبحث عن نقاط الالتقاء والتفاهم والحوار إجمالا أكدت هذه الحالة ومستوى ما وصلت إليه من تنافر ابتدأ بين السياسيين ثم سرعان ما انقض على المجتمع برمته حد اختصام الإخوة في البيت الواحد والأقارب في القرية الواحدة والأصدقاء والزملاء والجيران في مختلف العلائق والأماكن والتجمعات حتى تحول الجميع إلى فرقاء وفي الطريق إلى أن يكونوا أعداء أكد ذلك كله أن القائد في الأول والأخير هو المسئول الأول والأخير وأن في يديه كما يقال مربط الفرس.. وأن هذه الأزمة كما أفرزت أو أنتجت أو كشفت عن شخصيات منفعلة ومفتعلة كان لها اليد الطولى في تأجيج أوار الأحداث وتجسيد الأزمة وإحداث الفرقة والاعتماد على الاقتسام والتنافر من أجل تصعيد الأزمة ووصولها إلى نقطة اللا رجوع ربما لحسابات بعينها سياسية وشخصية وانتقامية وما إلى ذلك فقد كان هناك في الجانب الآخر شخصيات اعتمدت على التعقل والهدوء والصبر والحكمة من أجل الوصول بالوطن إلى بر الأمان وهذه الشخصيات ليست محسوبة على اتجاه بعينه دون سواه ولا على طرف دون آخر ومع ذلك لا نستطيع إلا أن نرفع لها قبعاتنا وننحني لها شكرا وتقديرا لأنها بالفعل جعلت الوطن في مقدمة الأولويات بل وحصرت عليه المصلحة والحساب متناسية ومتجاهلة تماما أية حسابات دون ذلك.

إن مثل هذه الشخصيات في النموذج الثاني هي بالفعل من يركن إليها ومن يعتمد عليها كشخصية قيادية نفخر بها حاليا وسنظل نفخر بها ما عشنا واستطعنا لأن ما بدر من فعل ورد فعل وتعامل مع الأحداث من هذه الشخصيات يدل بالفعل على أن القيادة ليست بالأمر الهين والمستسهل وأن الصبر والحكمة والحلم صفات إن لم تتواجد في القائد في أي زمان ومكان فمن الصعوبة بمكان أن يدوم ذلك القائد قائدا وإن دام فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحقق نجاحا يذكر.. لا بد من الاعتراف بصعوبة ما نحن والوطن مقدمون عليه خلال الفترة الزمنية القادمة ولكن عزاءنا ومربط ثقتنا أنه ما يزال في الوطن من يستطيع أن يحفظه في عيونه وفي قلبه وأن هناك من يؤمن عن قناعة وبشكل فعلي مجسد بأسبقية الوطن على كل اهتمام ومصلحة ومكتسب.. نحيي كل الشرفاء الأوفياء ونظل نؤكد على دوام احترامنا لهم وثقتنا فيهم ما داموا بيننا قادة حماة لأوطاننا لأنهم بالفعل حماتنا الحقيقيون وعليهم ينعقد الأمل المنشود في انكشاف الضر عنا وعن وطننا.. والله من وراء المقصد والمبتغى.

gamofarreh@gmail.com

قد يعجبك ايضا